الطعن رقم 222 سنة 21 ق – جلسة 10 /06 /1954
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 5 – صـ 942
جلسة 10 من يونيه سنة 1954
القضية رقم 222 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة:
سليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي، المستشارين.
( أ ) إعلان. نقض. طعن. تعيين المطعون عليه مكتب أحد المحامين باعتباره محلاً مختاراً
له في ورقة إعلان الحكم. إعلانه بالطعن في هذا المحل. صحة الإعلان. لا يؤثر فيه رفض
المحامي تسلم الإعلان بحجة انتهاء وكالته. علة ذلك. المادتان 13 و380 مرافعات.
(ب) حكم. الخطأ في ذكر أسماء الخصوم. متى يكون مبطلاً للحكم. مثال. المادة 349 مرافعات.
(ج) حكم. تسبيبه. بيع. القضاء ببطلانه لأنه يخفي رهناً. استخلاص قرينة بخس الثمن من
أوراق الدعوى. لا بطلان.
1 – إذا كان المطعون عليه قد بين في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه مكتب أحد المحامين
باعتبار أنه محله المختار فإنه يكون جائزاً إعلانه بالطعن في هذا المحل عملاً بالمادة
380 من قانون المرافعات ولا يؤثر في صحة هذا الإعلان رفض المحامي تسلمه بحجة أن وكالته
قد انتهت بصدور الحكم المطعون فيه إذ في اتخاذ المطعون عليه المكتب المذكور محلاً مختاراً
في ورقة إعلان الحكم ما يفصح عن رغبته في قيام محل محاميه مقام موطنه الأصلي في إعلان
الأوراق الخاصة بالحكم ومنها الطعن بطريق النقض متى كان لم يثبت أنه أخطر الطاعن بتغيير
موطنه المختار في إعلان الحكم قبل إعلان الطعن إليه، فإن امتنع المحامي عن تسلم ورقة
الإعلان صح تسليمها إلى جهة الإدارة وفقاً لنص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة
13 من قانون المرافعات.
2 – إن المادة 349 مرافعات وإن رتبت البطلان جزاءاً على الخطأ في ذكر أسماء الخصوم
وألقابهم وصفاتهم فقد اشترطت لذلك أن يكون الخطأ جسيماً. وإذن فمتى كانت الدعوى قد
رفعت على إحدى الطاعنات بالاسم المقال بوقوع الخطأ فيه وتسلم زوجها إعلان صحيفة الاستئناف
دون أن يعترض وصدر الحكم عليها بهذا الاسم مما تنتفي معه مظنة الخطأ الجسيم في ذكر
اسمها وهو وحده الموجب لبطلانه فإن التمسك ببطلان الحكم استناداً إلى الخطأ في ذكر
اسم أحد الخصوم يكون على غير أساس.
3 – متى كانت المحكمة إذ قضت ببطلان عقد البيع الذي يخفي رهناًً قد استخلصت قرينة بخس
الثمن من أوراق الدعوى التي استندت إليها في تفنيد تقدير الخبير لقيمة الأرض فإنه يكون
غير صحيح النعي على حكمها بالبطلان في الإسناد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحاميين عن الطاعنين والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في
أنه في 19 من سبتمبر سنة 1945 أقام المطعون عليه الأول هو ومورث باقي المطعون عليهم
الدعوى رقم 469 سنة 1945 كلي قنا على الطاعنين وطلبا فيها الحكم باعتبار عقد البيع
المؤرخ في 2 من يناير سنة 1929 والمسجل في 28 منه باطلاً كبيع أو كرهن وبثبوت ملكيتهما
إلى العشرة الأفدنة الموضحة به. وفي 21 من يناير سنة 1947 قضت المحكمة برفض الدعوى،
استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهم برقم 248 سنة
22 ق – وفي 28 من أكتوبر سنة 1948 قضت محكمة الاستئناف تمهيدياً بندب مكتب الخبراء
الحكوميين الزراعيين بقنا لأداء المأمورية المبينة بأسباب حكمها وبعد أن قدم الخبير
تقريره قضت في 25 من مارس سنة 1951 بإلغاء الحكم المستأنف واعتبار العقد باطلاً كبيع
أو كرهن وبتثبيت ملكية المستأنفين إلى الأطيان. فقرر الطاعنون الطعن في هذا الحكم بطريق
النقض.
ومن حيث إن المطعون عليه الأول دفع ببطلان ورقة إعلان الطعن استناداً إلى أنها أعلنت
إلى مكتب الأستاذ أبادير حكيم المحامي باعتباره المحل المختار للمطعون عليهم وقد رفض
الأستاذ المذكور استلام ورقة الإعلان لأن علاقته بموكليه قد انقطعت بصدور الحكم المطعون
فيه فسلم المحضر الإعلان لشيخ البلد وأنه لما كان الطعن بطريق النقض هو دعوى جديدة
مستقلة عن دعوى الموضوع ولها إجراءات خاصة بها فإنه كان يتعين إعلان تقرير الطعن بالنقض
إلى المطعون عليهم شخصياً أو في محلهم الأصلي وتبعاً يكون باطلاً الإعلان الذي حصل
في المحل المختار في الدعوى الموضوعية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون عليهم قد بينوا في ورقة إعلان
الحكم المطعون فيه مكتب الأستاذ أبادير حكيم المحامي باعتبار أنه محلهم المختار ومن
ثم يكون جائزاً إعلانهم بالطعن في هذا المحل عملاً بالمادة 380 من قانون المرافعات
ولا يؤثر في هذا الإعلان رفض محامي المطعون عليهم تسلمه بحجة أن وكالته قد انتهت بصدور
الحكم المطعون فيه إذ في اتخاذ المطعون عليهم المكتب المذكور محلاً مختاراً في ورقة
إعلان الحكم ما يفصح عن رغبتهم في قيام محل محاميهم مقام موطنهم الأصلي في إعلان الأوراق
الخاصة بالحكم ومنها الطعن فيه بالنقض متى كان لم يثبت أن المطعون عليهم أخبروا الطاعنين
بتغيير موطنهم المختار في الحكم قبل حصول هذا الإعلان فإن امتنع المحامي عن تسلم ورقة
الإعلان كما هو الحال في الدعوى صح تسليم ورقة الإعلان إلى جهة الإدارة وذلك وفقاً
لنص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 13 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً على غير أساس متعين الرفض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على خمسة أسباب حاصل أولها هو بطلان الحكم لمخالفته المادة 349 مرافعات
من وجهين (الأول) خطؤه الجسيم في أسماء الخصوم إذ ذكر به اسم نفيسه محمد أحمد نقد مع
أن حقيقة اسمها نفيسه محمود محمد نقد وكذلك باقي الطاعنين ذكروا في الحكم مسندين إلى
أحمد محمد العيادي والحال أنهم مسندون إلى أحمد محسن العيادي (والوجه الثاني) قصور
أسبابه الواقعية إذ لم يذكر به نص ما قدمه الطاعنون من طلبات وأوجه دفاع ودفوع وبيان
ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في وجهه الأول بأن المادة 349 مرافعات وإن رتبت البطلان
جزاءاً على الخطأ في ذكر أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم فقد اشترطت لذلك أن يكون الخطأ
جسيماً ولما كان يبين من الأوراق أن الدعوى قد رفعت على السيدة نفيسه محمد أحمد نقد
بهذا الاسم وتسلم زوجها إعلان صحيفة الاستئناف في 30 من يوليو سنة 1950 دون أن يعترض
وصدور الحكم عليها بهذا الاسم مما تنتفي معه مظنة الخطأ الجسيم في ذكر اسمها وهو وحده
الموجب لبطلانه وكان ما يعيبه باقي الطاعنين على الحكم من خطأ في ذكر أسمائهم مسندة
إلى أحمد محمد العيادي لا إلى أحمد محسن العيادي ينفيه كذلك ما ورد في الصورة الرسمية
لعقد الوكالة الصادر من محمود شرقاوي وليس إلى محاميهم إذا أسندت أسماؤهم فيه إلى أحمد
محمد العيادي، لا إلى أحمد محسن العيادي كما يدعون – لما كان ذلك فإن الوجه الأول يكون
على غير أساس، ومردود في وجهه الثاني بأن الحكم قد أوفى على الغاية في بيان واقعة الدعوى
ونص ما قدمه خصومها من طلبات وأوجه دفاع ودفوع وما أقيم عليه من أسباب.
ومن حيث إن السببين الثاني والثالث يتحصلان في أن الحكم أخطأ في الإسناد وشابه القصور
في التسبيب ذلك أن المطعون عليهم استندوا في الاستدلال على أن عقد البيع المحرر في
2 من يناير سنة 1929 يخفي رهناً لبخس الثمن – استندوا إلى ثلاثة عقود، بيع بمقتضى الأول
منها ستة قراريط بثمن مقداره 186 جنيهاً، وبيع بالثاني منها ستة قراريط أخرى بثمن مقداره
186 جنيهاً، وبيع بالثالث منها قيراطان بمبلغ 56 جنيهاً – وفي 21 من أكتوبر سنة 1948
ندبت محكمة الاستئناف خبيراً لتقدير قيمة العشرة الأفدنة وقت البيع وباشر الخبير مأموريته
وقدم تقريراً قدر فيه قيمتها بمبلغ 1531 جنيهاً و248 مليماً مستنداً في ذلك إلى أن
الأطيان المبيعة مكونة من ست قطع منها خمس قطع مساحتها 8 أفدنة و5 قراريط و12 سهماً
عبارة عن أرض زراعية محضة أما القطعة السادسة فإنها وإن كانت صالحة للمباني إلا أنها
لا تزال بعيدة عن العمران. وقدر ثمن الفدان منها بمبلغ 400 جنيه – ولم ير محلاً لاتخاذ
العقود التي استند إليها المطعون عليهم أساساً للتقدير للأسباب التي أوردها في تقريره
ومع أن تقرير الخبير قد بني على أسس واضحة – فإن الحكم أهدره ولم يرد على ما تضمنه
من حجج تثبت أن الثمن الوارد بعقد البيع المطعون فيه ليس ثمناً بخساً – كما إنه لم
يرد على ما قاله الحكم الابتدائي في دحض زعم المطعون عليهم بأن الثمن بخس ومنها أن
العقود التي استند إليها المطعون عليهم تناولت مقادير صغيرة وأن تقسيم المساحات الواسعة
إلى أجزاء صغيرة لعرضها للبيع كأراضي معدة للبناء يقتضي إنشاء شوارع فيها مما يضيع
معه أكثر من ثلث المساحة وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على ما أورده الحكم الابتدائي
وأقام عليه قضاءه من أسباب برفض دعوى المطعون عليهم فإنه يكون معيباً مما يبطله.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه – إذ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة واعتبار العقد المؤرخ
في 2 من يناير سنة 1929 باطلاً كبيع أو كرهن – أقام قضاءه على أن محكمة أول درجة قد
أخطأت في تكييف العقدين حيث ذهبت إلى وجوب تحرير ورقة الضد في نفس تاريخ العقد وعلى
هذا الأساس الخاطئ فسرت العقد المحرر في 2 من يناير سنة 1929 بأنه بيع بات منجز لا
يشوبه أي عيب واعتبرت عقد 6 من مايو سنة 1929 بأنه اتفاق جديد قائم بذاته لتحريره بعد
العقد الأول بأربعة أيام ومدلول عبارته تجعله وعداً بالبيع أصبح لاغياً وكأن لم يكن
لفوات الميعاد المحدد فيه للاسترداد – ولا جدال في أن هذا الاتجاه غير محقق للعدالة
ولا يؤدي إلى تفهم ما عناه العاقدون وقت إبرام العقدين وللوصول إلى هذه الغاية يتعين
تفسير العقدين تفسيراً متلازماً باعتبارهما كلاً غير قابل للتجزئة ينم الواحد منهما
عن الآخر لوحدة الموضوع فيهما ولتحريرهما لغرض واحد وفي ظرف واحد (نقض قاعدة 37 جزء
ثان مجموعة عمر ص 101) وعلى هذا الوضع السليم يكون التفسير الصحيح لقصد المتعاقدين
أنهم لم يرموا بتحرير العقد الأول البيع البات في ذاته وإنما أرادوا في الواقع وحقيقة
الأمر الرهن الحيازي ضماناً لوفاء الدين يدل على ذلك، أولاً: ما هو ثابت بورقة الضد
من إعطاء البائعين حق استرداد المبيع في مدى خمس سنوات تتجدد لمدة أخرى إذا قاما في
خلال العشر سنوات برد مبلغ الـ 1275 جنيهاً وملحقاته. ولو أراد الطرفين الوعد بالبيع
لما نصا في العقد على تحديد الثمن بأنه هو بذاته المبلغ الوارد بالعقد في حين أن مدة
الاسترداد طويلة (10 سنوات) مما يدعو إلى احتمال تغيير الثمن حسب الزمان. الأمر الذي
يدل على أن هذا التحديد مقصود به رد دين معين مقداره لا يزيد ولا ينقص باعتبار أن غلة
الأرض تقوم مقام الفوائد. ثانياً: الاشتراط في ورقة الضد على أن المشترين ليس لهم الحق
في التصرف في الأطيان بأي تصرف كان في مدة العشر سنوات كما أنه ليس لهم أن يضربوا فيها
الطوب – هذه القيود تتجافى مع العرف وتخالف ما جرى عليه عامة الناس في البيوع إذ أن
تقييد حق التصرف مألوف بين الأقارب وعلى الأخص في البيوع الصادرة للورثة بقصد الخروج
على قواعد الإرث أو تفضيل بعض الورثة، ولكنها غير مقبولة بالنسبة للبيوع التي تحدث
بين الأجانب مما لا يمكن تفسيره إلا بأن القصد ليس تمليك المشترين وتخلي البائعين عما
باعوه وإنما احتفاظ الآخرين بملكهم الذي وضعوه مؤقتاً تحت يد المشترين ضماناً لدينهم.
ثالثاً: ما تبينته المحكمة من عدم وجود تناسب بين الثمن المقدر في عقد 2 يناير سنة
1929 وبين القيمة الحقيقية للعقارات المبيعة، وفي هذا الشأن لا تأخذ بتقرير الخبير
لخطئه وعدم بيان الأسباب المقبولة رداً على دفاع المستأنفين (المطعون عليهم) من أن
الأرض معدة للبناء مما يجب تقديرها على أساس المتر كما لم يبين مقياساً معتدلاً يبرر
به إطراحه وعدم التعويل على ما جاء بالعقود العديدة المقدمة من المستأنفين ولتقديره
ثمن الـ 1 ف و18 ط و12 س على أساس 400 جنيه للفدان مع إقراره بأنها معدة للبناء وعلى
مسافة قريبة جداً من المباني إلى جانب عدم تقديم المستأنف عليهم (الطاعنين) ما ينفي
الثابت بهذه العقود ولم يطعنوا عليها بشيء ما. وتأخذ المحكمة بالتقديرات الواردة بالعقود
المبرمة من المستأنفين باعتبارها تمثل ثمن المثل لأنها تقارب في الزمن تاريخ التعاقد
موضوع هذه الدعوى (ثلاثة عقود في سنة 1930 وعقد في سنة 1931 وعقد في سنة 1933) وفي
نفس الحوض الحاصل فيه البيع محل النزاع حيث أثبت الخبير في تقريره (ص 9 محضر أعمال)
إنه بتطبيق العقدين رقمي 5713 و1990 تبين إنهما يبعدان عن أرض النزاع من الجهة البحرية
92.40 متراً والثابت أن أولهما تحرر في سنة 1930 والثاني في سنة 1931 وقدر فيهما ثمن
الفدان بمبلغ 744 جنيهاً (وباقي العقود كلها مؤيدة لصحة هذا الثمن) والفارق كبير بين
هذا التقدير والثمن الوارد بالعقد موضوع الدعوى وقدره 127 جنيهاً و500 مليماً للفدان
ولا جدال في أن بخس الثمن خلافاً لما ذهبت إليه محكمة أول درجة خطأ من أن – القرائن
التي أوردتها المادة 339 مدني جاءت على التحديد – يعتبر قرينة على أن غرض المتعاقدين
لم يكن البيع الجدي ودفع ما يقابله من الثمن الحقيقي وإنما الاستغلال بما يتفق مع ما
قدراه للدين – ويبين من هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة استخلصت النتيجة التي انتهت
إليها في تقديرها أن الثمن بخس – استخلصت ذلك من أوراق الدعوى التي استندت إليها في
تفنيد تقدير الخبير لقيمتها ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم من بطلان في الإسناد
غير صحيح أما بقية ما ورد في هذين السببين فلا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل
مما تستقل به محكمة الموضوع.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن محكمة الاستئناف – إذ قررت أن محكمة أول درجة
قد أخطأت في تكييف العقدين حيث ذهبت إلى وجوب تحرير ورقة الضد في نفس تاريخ العقد وعلى
هذا الأساس الخاطئ فسرت العقد المحرر في يناير سنة 1929 بأنه بيع بات منجز لا يشوبه
أي عيب واعتبرت عقد 6 يناير سنة 1929 أنه اتفاق جديد قائم بذاته لتحريره بعد العقد
الأول بأربعة أيام وأن مدلول عباراته تجعله وعداً بالبيع أصبح لاغياً وكأن لم يكن لفوات
الميعاد المحدد فيه للاسترداد – إذ قررت المحكمة ذلك، أخطأت في تحصيل فهم الواقع في
الدعوى ودفاع الخصوم فيها ووجهه نظر محكمة أول درجة – ذلك – أن محكمة أول درجة على
غير ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف ناقشت الدعوى على أساس أن الورقة المؤرخة في 6 من
يناير سنة 1929 تجعل عقد البيع البات عقد بيع وفاء وقالت إنه عقد بيع وفاء حقيقي لعدم
توافر قرينة من القرائن المنصوص عليها في المادة 339 مدني (قديم) وعدم قيام دليل على
بخس الثمن.
ومن حيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه سواء أكان صحيحاً أن الحكم الابتدائي لم يعتبر
اتفاق 6 من يناير سنة 1929 وعداً بالبيع بل اعتبره اتفاقاً جديداً من شأنه تحويل العقد
الأصلي المحرر في 2 من يناير سنة 1929 إلى عقد بيع وفاء – أم اعتبره حسبما استظهره
الحكم المطعون فيه – فإن هذا على كلا الاعتبارين لا يؤثر في النتيجة السليمة التي انتهى
إليها الحكم من اعتبار العقد منذ البداية عقد بيع وفاء يستر رهناً للأسباب السائغة
التي أقيم عليها والسابق بيانها.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من تعهد المشترين برد
الأطيان إذا رد إليهم الثمن المسمى في العقد في الأجل المشروط للاسترداد دليلاً على
أن العقد المقصود به إخفاء رهن بحجة أنه لو أراد – الطرفان الوعد بالبيع لما نص في
العقد على تحديد الثمن بأنه هو بذاته المبلغ الوارد بالعقد في حين أن مدة الاسترداد
طويلة (10 سنوات) مما يدعو إلى احتمال اختلاف الثمن حسب الزمان – أخطأ في تطبيق المادة
344 من القانون المدني القديم – التي تقرر أن ما يجب على البائع وفائياً رده عند استعمال
حق الاسترداد هو الثمن الوارد في العقد وملحقاته.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم إنما استدل بالقرينة المشار إليها على أن ورقة
6 من يناير سنة 1929 لا تعتبر وعداً بالبيع ذلك أن الثمن الوارد بها هو نفس الثمن المبيعة
به العين مع احتمال تغير الظروف الاقتصادية في خلال المدة المتفق عليها في هذه الورقة
على أن يبقى فيها الوعد قائماً – وليس في هذا الاستدلال ما يخالف القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.