الطعن رقم 99 سنة 22 ق – جلسة 25 /03 /1954
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 5 – صـ 666
جلسة 25 من مارس سنة 1954
القضية رقم 99 سنة 22 القضائية
برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة:
عبد العزيز محمد ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
استئناف – ميعاد الاستئناف. الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا تنتهي بها
الخصومة كلها أو بعضها. بدء ميعاد استئنافها. هو من يوم إعلان الحكم الصادر في الموضوع.
فوات ميعاد استئناف الحكم الصادر في الموضوع يترتب عليه فوات ميعاد استئناف الأحكام
الصادرة قبل الفصل في الموضوع. المادتان 378 و404 مرافعات.
يبدأ ميعاد استئناف الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا تنتهي بها الخصومة
كلها أو بعضها وفقاً للمادتين 378 و404 مرافعات من تاريخ واحد هو تاريخ إعلان الحكم
الصادر في الموضوع فإذا فات ميعاد استئناف هذا الحكم فات تبعاً ميعاد استئناف تلك الأحكام
الصادرة قبله ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا حالة صدور حكم برفض الدفع بعدم اختصاص
المحكمة أو بالإحالة إلى محكمة أخرى في نزاع يدخل في النصاب النهائي لمحكمة الدرجة
الأولى فإن هذا الحكم يجوز استئنافه استقلالاً وفقاً للمادة 401/ 2 من قانون المرافعات
وهذا الاستثناء لا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه بل يجب أن يلتزم في تفسيره ما ورد
به صريح نصه، أما القول بأن إعلان الحكم الصادر في الموضوع يعتبر باطلاً إذا لم يشمل
الأحكام السابقة على صدوره فإنه لا سند له من القانون بل يكفي في هذا الخصوص إعلان
الحكم الصادر في الموضوع ليجرى من تاريخ إعلانه ميعاد الطعن في الأحكام الصادرة قبله
والتي لم تنته بها الخصومة كلها أو بعضها وينقضي ميعاد الطعن فيها بانقضاء ميعاد الطعن
في الحكم الصادر في الموضوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن – تتحصل في
أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 666 سنة 1949 تجاري الإسكندرية الابتدائية على الطاعن
بصفته مديراً لشركة جريشام للتأمين وطلب الحكم بإلزامه بصفته بأن يدفع إليه مبلغ 3035
جنيهاً و538 مليماً قيمة بضاعة مؤمن عليها قد سرقت، فدفع الطاعن الدعوى بدفعين أولهما
عدم اختصاص محكمة الإسكندرية استناداً إلى أن عقد التأمين تم بفرع الشركة بالقاهرة
وقد جاء في البند الأول منه أن الوصولات المعتمدة هي التي تصدر من فرع الشركة بالقاهرة
كما جاء في البند التاسع أن تعديل الشروط لا يكون صحيحاً إلا إذا وقعه أحد ممثلي الشركة
المعتمدين بالقاهرة – والدفع الثاني هو عدم قبول الدعوى استناداً إلى البند العاشر
من شروط بوليسة التأمين ومؤداه اتفاق الطرفين على طرح كل نزاع ينشأ عن العقد على محكم
يتفق عليه الطرفان أو محكمين يختار كل واحد من الطرفين أحدهما فإذا اختلف المحكمان
يعرض الأمر على محكم يعينه المحكمان كتابة. وفي 21 من يناير سنة 1950 حكمت المحكمة
برفض الدفعين وحددت لنظر الموضوع جلسة 4 من فبراير سنة 1950 واعتبرت النطق بالحكم إعلاناً
للطرفين. ولم يعلن هذا الحكم وقدم الطاعن مذكرة بدفاعه في الموضوع احتفظ فيها بحقه
في استئناف هذا الحكم. وفي 10 من يوليه سنة 1951 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع
إلى المطعون عليه المبلغ المطلوب. وأعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 17 من يوليو سنة 1951.
فاستأنفه بصحيفة أعلنها إلى المطعون عليه في أول سبتمبر سنة 1951. وقيد استئنافه برقم
297 سنة 7 ق استئناف الإسكندرية فدفع المطعون عليه بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه
بعد الميعاد مستنداً إلى أنه لا يفيد الطاعن أن يكون الحكم الصادر برفض الدفعين لم
يعلن متى كان الطاعن قد فوت ميعاد الاستئناف في الحكم الصادر في أصل الدعوى. وفي 5
من فبراير سنة 1952 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية بقبول الدفع وبعدم قبول الاستئناف
شكلاً لرفعه بعد الميعاد. فقرر الطاعن بصفته بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون
إذ قرر استناداً إلى المادتين 378، 404 من قانون المرافعات بعدم ضرورة إعلان الأحكام
الصادرة قبل الفصل في الموضوع لبدء ميعاد استئنافها ما دام أنها غير قابلة للاستئناف
استقلالاً وما دام أن استئناف الحكم الصادر في الموضوع يشمل استئنافها بحكم القانون
– مع أن الأصل وفقاً للمادة 279 من قانون المرافعات أن مواعيد الطعن تبدأ من تاريخ
إعلان الحكم ما لم ينص القانون على غير ذلك ولم يرد بالقانون نص يخول الإعفاء من إعلان
الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع لبدء ميعاد استئنافها ولا يصح الأخذ في ذلك بطريق
القياس أو الاستنتاج فضلاً عن أن أحكام المادتين 378 و404 من قانون المرافعات اللتين
استند إليهما الحكم لا تؤدي إلى ذلك. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم أخطأ في تطبيق
القانون وشابه القصور إذ لم يعتد بدفاع الطاعن المبني على بطلان إعلان الحكم الصادر
في 10 يونيه سنة 1951 لقصره على هذا الحكم وحده دون الحكم الصادر في الدفعين بمقولة
أن العبرة هي إعلان الحكم الصادر في الموضوع مع أن هذا القول لا يصلح رداً على تمسك
الطاعن بوجوب أن يشمل الإعلان الحكمين معاً وإلا كان باطلاً كما أخطأ في القانون وخرج
على القواعد العامة التي توجب إعلان الحكم لإحاطة الطاعن علماً به وبالأسباب التي بني
عليها. ولتحديد مبدأ ميعاد الطعن فيه. ولا سبيل للخروج عليها بغير نص خاص وهذا النص
غير موجود فضلاً عن أن المادة 404 من قانون المرافعات لا تفيد أن إعلان الحكم الصادر
في الموضوع يغني عن إعلان الأحكام الأخرى الصادرة قبله خصوصاً وأن الطاعن احتفظ في
مذكرته بحقه في استئناف الحكم الصادر في الدفعين.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بما جاء بالحكم المطعون فيه من أن قانون المرافعات
نص في المادة 278 على عدم جواز استئناف جميع الأحكام الصادرة قبل الفصل في الدعوى والتي
لا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات
أو بسير الإجراءات، وأضافت المادة 404 مرافعات أن استئناف الحكم الصادر في الموضوع
يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة
ومن ثم فلا يكون هناك محل لإعلان الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ما دام أنها
غير قابلة للاستئناف أصلاً على حدة، وأن استئناف الحكم الصادر في الموضوع يشمل استئنافها
بقوة القانون، ومن ثم تكون العبرة في ميعاد الاستئناف هي بميعاد استئناف الحكم الأخير
الصادر في الموضوع فإذا فوتت المستأنفة هذا الميعاد فلا سبيل لها إلى استئناف الأحكام
الصادرة قبله بحجة عدم إعلانها إليها". وهذا الذي جاء بالحكم لا خطأ فيه ولا قصور،
ذلك بأن المادة 378 من قانون المرافعات نصت على عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر
قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الحكم الصادر في
الموضوع كما نصت المادة 404 من قانون المرافعات على أن استئناف الحكم الصادر في الموضوع
يستتبع استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحة. ولما
كان المقصود من الأحكام السابق صدورها في هذا المقام هي الأحكام الصادرة قبل الفصل
في الموضوع والتي لم تنته بها الخصومة كلها أو بعضها فإن مقتضى هذه النصوص هو أن الأحكام
المذكورة تتبع مصير الحكم الصادر في الموضوع من جهة قبول الاستئناف وعدمه بحيث إذا
استؤنف هذا الحكم الأخير في الميعاد، فإن استئنافه يستتبع حتماً استئناف ما سبقه من
الأحكام المشار إليها وتنتقل الدعوى بحذافيرها إلى محكمة الدرجة الثانية بما أبدى فيها
من دفوع وأوجه دفاع سواء منها ما فصل فيه بأحكام فرعية أو ما أغفلت محكمة أول درجة
الفصل فيها ويبدأ ميعاد الاستئناف بالنسبة إلى هذه الأحكام جميعاً من تاريخ إعلان الحكم
الصادر في الموضوع، فإذا فات ميعاد استئناف هذا الحكم فات تبعاً ميعاد استئناف تلك
الأحكام الصادرة قبله، ولا يستثنى من هذه القاعدة -أي قاعدة عدم جواز الطعن استقلالاً
في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها
إلا حالة صدور حكم برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة أو بالإحالة إلى محكمة أخرى في نزاع
يدخل في النصاب النهائي لمحكمة الدرجة الأولى، فإن هذا الحكم يجوز استئنافه استقلالاً
وفقاً للمادة 401/ 2 من قانون المرافعات وهذا الاستثناء لا يجوز التوسع فيه ولا القياس
عليه بل يجب أن يلتزم في تفسيره ما ورد به صريح نصه، أما ما يذهب إليه الطاعن من أن
إعلان الحكم الصادر في الموضوع يعتبر باطلاً إذا لم يشمل الأحكام السابقة على صدوره،
فإنه لا سند له من القانون بل يكفي في هذا الخصوص إعلان الحكم الصادر في الموضوع ليجرى
من تاريخ إعلانه ميعاد الطعن في الأحكام الصادرة قبله والتي لم تنته بها الخصومة كلها
أو بعضها، وينقضي ميعاد الطعن فيها بانقضاء ميعاد الطعن في الحكم الصادر في الموضوع.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب،
إذ استند في قضائه إلى ما كانت تقضي به المحاكم في ظل القانون القديم من عدم جواز استئناف
الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إذا كان الحكم الصادر في الموضوع قد حاز قوة
الأمر المقضي، مع أن الحكمين اللذين أشار إليهما صدرا في شأن حكم تمهيدي لا في شأن
حكم قطعي فرعي، كما هو الحال في الدعوى، ومع أن الأحكام القطعية تجري عليها القواعد
العامة من وجوب إعلانها حتى يسري ميعاد الاستئناف بالنسبة إليها، ما دام لم يرد نص
يعفي من ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن ما جاء في الحكم في هذا الخصوص إنما كان استطراداً
في البحث والمقارنة بين أحكام القضاء في ظل قانون المرافعات القديم في شأن الأحكام
التمهيدية من جهة عدم جواز استئنافها إذا كان الحكم الصادر في الموضوع قد حاز قوة الأمر
المقضي، وبين نصوص قانون المرافعات الجديد التي سوّت بين جميع أنواع الأحكام التي تصدر
قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها من جهة عدم جواز الطعن فيها
استقلالاً، سواء أكانت تمهيدية أم قطعية فرعية، ومن جهة أن استئناف الحكم في الموضوع
يستتبع حتماً استئنافها، وانتهى الحكم من هذه المقارنة بأن أجرى عليها جميعاً ما كان
يجريه القضاء السابق على الأحكام التمهيدية من حيث عدم جواز الطعن فيها بعد صيرورة
الحكم الصادر في الموضوع فيها نهائياً وليس في هذا الذي جاء بالحكم فساد في الاستدلال
ولا قصور.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.