الطعن رقم 210 سنة 22 ق – جلسة 25 /02 /1954
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 5 – صـ 553
جلسة 25 من فبراير سنة 1954
القضية رقم 210 سنة 22 القضائية
برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة:
عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومحمد نجيب أحمد، ومصطفى فاضل، ومحمود عياد المستشارين.
حراسة. تقدير الخطر المبرر للحراسة. موضوعي.
تقدير المحكمة للخطر المبرر للحراسة من ظاهر مستندات الدعوى هو تقدير موضوعي لا معقب
عليه. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد استعرض وقائع النزاع ومستندات الطرفين وتبين
منها جدية ادعاء المطعون عليها بأنه تجمع لديها من الأسباب ما تخشى منه خطراً عاجلاً
من بقاء الأطيان موضوع النزاع تحت يد الطاعن فإنه إذ قضى بوضع هذه الأطيان تحت الحراسة
لا يكون قد خالف القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون
عليها أقامت الدعوى رقم 174 كلي الفيوم سنة 1951 على الطاعن بصحيفة قالت فيها إن أخاها
عبد العظيم خليل زعزوع المحجوز عليه المشمول بقوامتها ساءت تصرفاته فانتهز الطاعن هذه
الفرصة واستغل حاجة المحجوز عليه إلى المال واستصدر منه عقدي إيجار ثابتي التاريخ في
27 من أكتوبر سنة 1949 أولهما عن 131 فداناً و13 قيراطاً و20 سهماً بإيجار مقداره 400
جنيه في السنة والثاني عن 14 فداناً وقيراطاً و12 سهماً وصحتها كما ورد في صحيفة الدعوى
16 فداناً و14 قيراطاً و6 أسهم بأجرة سنوية مقدارها 68 جنيهاً وكلاهما لمدة ثلاث سنوات
وورد فيهما أن الإيجار كله دفع مقدماً على خلاف الواقع، ولم يكتف الطاعن بذلك بل حصل
من المحجوز عليه على مزايا أخرى فاتفق معه على أن يرفع دعوى بطلب تثبيت ملكيته لأعيان
الوقف بحجته أنه تملكها بمضي المدة الطويلة حتى إذا ما حكم له استصدر منه عقداً ببيعها
إليه كما فعل قبل ذلك، إذ اشترى منه جزءاً من أطيان الوقف وحصل على تنازل منه عن حصته
في مبلغ 3522 جنيهاً قيمة دين للمورث على أخرى بلا مقابل. وحسن إليه السكوت عن إجراءات
نزع ملكية كانت متخذة على أطيان له حتى رسا مزادها على الطاعن مقابل مبلغ 885 جنيهاً
وعد بدفعه إليه ولكنه لم يدفع إليه شيئاً منه، وأنها إزاء ذلك كله طلبت توقيع الحجز
على أخيها عبد العظيم. وفي 6 من يونيه سنة 1951 حكمت محكمة الفيوم الحسبية بتوقيع الحجز
على عبد العظيم خليل زعزوع وإقامة المطعون عليها قيماً عليه مع تكليفها باتخاذ ما يلزم
من الإجراءات نحو إبطال التصرفات السابق صدورها منه في أمواله الموقوفة، وطلبت بصفة
مستعجلة تعيينها حارساً قضائياً على الأطيان الموضحة بالصحيفة لإدارتها وتحصيل ريعها
وإيداع صافيه خزانة المحكمة بعد المصروفات والنفقات ومنها نفقة المحجور عليه حتى يفصل
نهائياً في الموضوع. وفي 28 من نوفمبر سنة 1951 حكمت محكمة الفيوم الابتدائية بصفة
مستعجلة بإقامة المطعون عليها حارساً قضائياً على الأطيان الموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى
لإدارتها واستغلالها ولتحصيل ريعها وإيداع الصافي منه بعد المصروفات والنفقات اللازمة
للإدارة خزانة المحكمة حتى يفصل نهائياً في الموضوع. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد
استئنافه برقم 895 سنة 68 ق استئناف القاهرة. وفي 13 من مايو سنة 1952 حكمت محكمة الاستئناف
بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن
في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم شابه القصور إذ اكتفى بتأييد
الحكم المستأنف لأسبابه دون أن يرد على أوجه الدفاع الجديدة التي تمسك بها الطاعن لدى
محكمة الاستئناف، فقد دفع أولاً: بأن محكمة الدرجة الأولى قضت بالحراسة دون أن يتوافر
شرط واحد من شروطها وقدم على ذلك أسانيد قانونية بينها في مذكرته، ولكن محكمة الاستئناف
لم تعن بتحميص هذا الدفاع والرد عليه، ودفع ثانياً: بأن قضاء محكمة الدرجة الأولى بالحراسة
بناء على الأسباب التي أوردتها في حكمها يعتبر منها قضاء في الموضوع وفصلاً في أصل
الحق، ذلك بأن هدف الدعوى هو الحيلولة بين الطاعن وبين تنفيذ عقدي الإيجار بدعوى بطلان
هذين العقدين لكونهما مشوبين بالغش والاستغلال، وقد قضت محكمة الدرجة الأولى بالحراسة
استناداً إلى الوقائع التي سردتها في حكمها وبنت عليها اقتناعها بتوافر ركن الخطر وذلك
منها تسليم بصحة وقائع الغش والاستغلال المنسوبة إلى الطاعن، فكان لزاماً على محكمة
الاستئناف أن ترد على هذا الدفاع الجديد، وقدم ثالثًا: إلى محكمة الاستئناف وصولات
تدل على دفعه الأموال الأميرية، وكشفاً من بنك التسليف يفيد أنه يتعامل معه على أساس
أنه عضو في الجمعية التعاونية وأن ما يقترضه أعضاء هذه الجمعية يسألون عنه قبل البنك
بالتضامن، قدم هذه المستندات دفعاً لما قررته المطعون عليها من أن الطاعن لم يدفع الأموال
الأميرية وأنه يقترض من بنك التسليف بضمانة أطيان المحجور عليه، ولكن المحكمة لم تتعرض
لهذه الوقائع الجديدة في أسباب حكمها، ورابعاً: اكتفى الحكم فيما يتعلق بطلب الطاعن
الاحتياطي الخاص بتعيين حارس أجنبي بالقول بأنه لا محل لقبول هذا الطلب لأن المطعون
عليها هي ناظرة الوقف الأمينة عليه وعلى ريع الأطيان المتنازع على إيجارها، وهذا سبب
لا يصح حمل الحكم عليه مع قيام النزاع على ملاءة المطعون عليها.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود أولاً بأن الطاعن لم يبين في تقرير الطعن الأسانيد
القانونية التي يقول إنه تمسك بها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ولم تكن مطروحة من
قبل أمام محكمة الدرجة الأولى حتى تكون محكمة الاستئناف ملزمة بالرد عليها، ومردود
ثانياً – بأنه يبين من الحكم الابتدائي أن المحكمة بعد أن استعرضت وقائع الدعوى وأشارت
إلى المستندات المقدمة فيها من الطرفين ذكرت أنها وهي بسبيل القضاء في طلب الحراسة
لا يسعها أن تأخذ إلا بظاهر المستندات دون التعليق عليها حتى لا تتعرض لأصل الحق موضوع
التداعي وأن لها وفقاً للمواد 729 وما يليها من القانون المدني أن تقدر الظروف التي
تستوجب الحراسة، وأنها ترى أن هذه الظروف تبرر ادعاء المطعون عليها بأنه تجمع لديها
من الأسباب ما تخشى منه خطراً عاجلاً من بقاء الأطيان المؤجرة للطاعن تحت يده، وأن
المحكمة لذلك ترى وجوب اتخاذ الإجراء السريع الحافظ لحقوق الطرفين بوضع هذه الأطيان
تحت الحراسة، وليس في هذا الذي بنى عليه الحكم قضاءه مساس بالحق موضوع التداعي، فلم
تقض المحكمة بوضع الأطيان تحت الحراسة استناداً إلى أنه تبين لها أن عقدي الأطيان مشوبان
بالغش والاستغلال، كما يقول الطاعن ولكنها قضت بذلك استناداً إلى أن ظاهر المستندات
وما تبينته المحكمة من وقائع الدعوى يبرر طلب الحراسة، ومردود ثالثاً بأن محكمة الاستئناف
لم تستند في قضائها بتأييد الحكم المستأنف إلى ما قالته المطعون عليها أمامها من أن
الطاعن لم يدفع الأموال الأميرية وأنه يقترض من بنك التسليف بضمان الأرض المؤجرة، ومن
ثم فهي ليست ملزمة بالإشارة إلى دفاع الطاعن في هذا الشأن، ومردود رابعاً: بأن الحكم
الاستئنافي رد على دفاع الطاعن بشأن تعيين حارس أجنبي بدل المطعون عليها بأنه لا محل
لأجابته، لأن المطعون عليها هي القيمة على ناظر الوقف، وهي أمينة عليه وعلى ريع الأطيان
المتنازع عليها، وهذا الرد كاف في رفض طلب الطاعن الاحتياطي ولا قصور فيه.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم خالف القانون إذ قضى بالحراسة رغم تخلف
جميع شروطها، ذلك بأنه يشترط في النزاع الموجب للحراسة أن يكون أولاً جدياً وعلى أساس
من الصحة تؤكده المستندات، ولم تقدم المطعون عليها دليلاً على جدية النزاع الذي أثارته
بشأن بطلان عقدي الإيجار موضوع الدعوى، وثانياً: ألا تكون صفة طالبة الحراسة وحقها
في الأشياء المطلوب وضعها تحت الحراسة أقل من واضع اليد في طبيعته وقوة ثبوته، بينما
أن المطعون عليها ليس لها أي حق على الأطيان التي حكم بوضعها تحت حراستها سوى قوامتها
على المؤجر وهي لا يتناول أثرها إلا التصرفات اللاحقة على توقيع الحجر، ويشترط ثالثاً:
وجود الخطر العاجل المبرر للحراسة وهذا الخطر ينفيه أن الطاعن من ذوي اليسار وهو محل
ثقة المطعون عليها بدليل ما قدمته من مستندات تدل على أنه يستأجر منها نصيبها في الأطيان
مقابل أقساط شهرية تتقاضاها منه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما سبقت الإشارة إليه في الرد على السبب الأول من أن الحكم
الابتدائي المؤيد لأسبابه استعرض وقائع النزاع ومستندات الطرفين وتبين منها جدية ادعاء
المطعون عليها بأنه تجمع لديها من الأسباب ما تخشى منه خطراً عاجلاً من بقاء الأطيان
تحت يد الطاعن، ومن ثم قضى بالحراسة وهو بهذا القضاء لم يخالف القانون، ذلك بأن تقدير
المحكمة للخطر المبرر للحراسة من ظاهر مستندات الدعوى هو تقدير موضوعي لا معقب عليه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.