الطعن رقم 16 سنة 21 ق – جلسة 11 /02 /1954
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 5 – صـ 507
جلسة 11 من فبراير سنة 1954
القضية رقم 16 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة:
عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وسليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان
المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. ميعاد الطعن. إعلان الحكم تم في ظل قانون المرافعات القديم من جانب
الطاعن إلى المطعون عليه. عدم إعلانه من أحدهما للآخر في ظل القانون الجديد. بقاء باب
الطعن مفتوحاً للطاعن. المادتان 1 و379 مرافعات جديد.
(ب) عمل. التزام رب العمل قبل صدور القانون رقم 41 لسنة 1944. إعطاء العامل شهادة خلو
طرف. هذا الالتزام توجبه قواعد العرف والعدالة. المادة 29 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية.
(ج) عمل. مسئولية. تعويض. حكم. تسبيبه. تقريره أن رب العمل غير ملزم قبل صدور القانون
رقم 41 لسنة 1944 بإعطاء العامل شهادة خلو طرف، وأنه لم يثبت أن ضرراً أصاب العامل
بسبب عدم إعطائه هذه الشهادة. خطأ الحكم في الأساس الأول لا يستوجب نقضه متى صح قيامه
على الأساس الثاني وحده.
1 – لما كانت الفقرة الثانية من المادة 379 من قانون المرافعات قد نصت على أن ميعاد
الطعن يجرى في حق من أعلن الحكم ومن أعلن إليه بخلاف ما كان عليه الحال في ظل القانون
القديم، إذ كانت القاعدة – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الميعاد يجري من تاريخ
إعلان الحكم في حق من أعلن إليه فقط أما من أعلن الحكم فلا يجري بالنسبة إليه إلا من
تاريخ إعلانه من الطرف الآخر اعتبار بأن الشخص لا يسقط حق نفسه بإجراء يباشره من جانبه،
وكانت القوانين المنظمة لطرق الطعن والمعدلة لمواعيده بالنسبة لما صدر من الأحكام في
ظلها مستثناة من سريان قانون المرافعات الجديد عليها وفقاً للفقرتين الثانية والثالثة
من المادة الأولى من القانون المذكور، وكانت المادة 379 المشار إليها إنما تحدد أثر
إعلان الحكم الذي يحصل في ظل القانون الجديد فإنه يبقى خاضعاً للقاعدة التي كان معمولاً
بها من قبل وتبعاً لا يسري عليه حكم المادة 379 من قانون المرافعات الجديد، بل يطبق
عليه القانون الذي أعلن الحكم تحت سلطانه – لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
أعلن من جانب الطاعن إلى المطعون عليه في ظل قانون المرافعات القديم ولم يعلن من أحد
طرفيه للآخر بعد صدور القانون الجديد فإن باب الطعن يبقى مفتوحاً للطاعن ويكون الدفع
بعدم قبوله شكلاً على غير أساس.
2 – جرى قضاء هذه المحكمة – إعمالاً للمادة 29 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية قبل
صدور القانون رقم 41 لسنة 1944 – على أن قواعد العدالة والعرف توجب إلزام رب العمل،
عند انقضاء عقد العمل، إعطاءه شهادة بخلو طرف للعامل تتضمن بيانات معينة تطابق حقيقية
الواقع عن مدة خدمته ونوع العمل الذي كان يقوم به ومقدار أجره عليه، إذ لا يعدو أن
يكون ذلك مما يوجبه حسن النية في تنفيذ عقد العمل.
3 – متى كان الحكم إذ قضى برفض طلب تعويض العامل لامتناع رب العمل عن إعطائه شهادة
بخلو طرفه أقام قضاءه على سببين مستقل أحدهما عن الآخر: الأول – أن القانون المصري
لم يكن حتى صدور القانون رقم 41 لسنة 1944 يوجب على صاحب العمل إعطاء العامل شهادة
خلو طرف حتى يكون مسئولاً عن تعويض الضرر الذي يصيبه بسبب امتناعه عن إعطائه هذه الشهادة،
والثاني – أنه يشترط لقيام المسئولية وفقاً للمادة 151 من القانون المدني القديم توافر
التقصير أو الخطأ، ووقوع الضرر، وأنه لم يثبت أن ضرراً أصاب العامل من عدم إعطائه شهادة
خلو الطرف، وكان يصح قيام الحكم على الأساس الثاني وحده، فإن خطأه في الأساس الأول
لا يستوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر، ومرافعة
المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة؛
من حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن –
في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 50 سنة 1942 كلي الزقازيق على المطعون عليه، وقال في
عريضتها إنه كان موظفاً طرف المطعون عليه لمدة عشرين عاماً لغاية سنة 1939، وأن الأخير
اتهمه بالسرقة في قضية الجنحة رقم 1477 سنة 1939 عابدين التي حفظت لعدم الجناية وعلى
ذلك يكون مستحقاً لمرتبه من مارس سنة 1939 لغاية نوفمبر سنة 1941 أي 33 شهراً بواقع
12 جنيهاً شهرياً بخلاف ما يستجد، وأنه اقتصر على المطالبة بمرتب شهرين لعدم قدرته
على دفع الرسم، وطلب الحكم له بهذا المبلغ لحين تسليمه شهادة خلو الطرف، وفي 7 من مايو
سنة 1942 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، فاستأنف الطاعن ذلك الحكم بالاستئناف
رقم 685 سنة 59 قضائية مصر، وفي 14 من يناير سنة 1943 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم
المستأنف وباختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى، وأعادت القضية لها للفصل في موضوعها
كما أقام دعوى أخرى أمام محكمة مركز الزقازيق على المطعون عليه قيدت بجدولها العمومي
برقم 2445 سنة 1941 تتلخص وقائعها في الوقائع المنوه عنها بالدعوى الأولى، وطلب في
ختامها إلزام المطعون عليه بأن يدفع إليه مبلغ 74 جنيهاً منها 72 جنيهاً قيمة التعويض
بسبب فصله من عمله في وقت غير لائق وهو ما يعادل مرتب ستة أشهر وجنيهين باقي حساب مع
المصاريف والأتعاب والنفاذ، وفي 27 من إبريل سنة 1943 أحالت محكمة مركز الزقازيق القضية
على محكمة الزقازيق الابتدائية وقيدت بجدولها العمومي برقم 323 سنة 1943 وفي 27 من
مايو سنة 1943 قررت المحكمة ضم القضية الثانية إلى الأولى ثم قضت في 29 من يونيه سنة
1943 تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما دون بأسباب ذلك الحكم فاستأنف
الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 880 سنة 60 ق. وفي 13 من إبريل سنة 1944 قضت محكمة
الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية
إلى محكمة أول درجة للسير فيها على الوجه المبين بأسباب ذلك الحكم. ثم عجل الطاعن الدعوى
أمام محكمة أول درجة. وفي 9 من مايو سنة 1944 قضت المحكمة تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى
التحقيق لإثبات ونفي ما جاء بأسباب ذلك الحكم ونفذ الحكم التمهيدي وسمعت المحكمة أقوال
شهود المطعون عليه. ولم يحضر الطاعن شهوده. وفي 12 من يونيه سنة 1945 قضت المحكمة بإلزام
المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعن مبلغ 72 جنيهاً والمصاريف المناسبة ورفضت ما خالف
ذلك من طلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وقيد برقم 12 سنة 63
قضائية وطلب للأسباب الواردة بعريضته المعلنة في 27 من أكتوبر سنة 1945 الحكم بقبول
الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف في قضائه برفضه طلبات الطاعن وبإلزام
المطعون عليه بأن يدفع إليه: 1 – مبلغ 902 جنيه و800 مليماً بدل مرتب 75 شهراً أو سبعة
أيام من أول مارس سنة 1939 لغاية 7 يونيه سنة 1945 تاريخ تسليمه شهادة خلو طرفه بواقع
12 جنيهاً شهرياً لامتناعه عن إعطائه هذه الشهادة في الفترة السابقة، 2 – مبلغ 253
جنيهاً و960 مليماً بدل علاوة غلاء بواقع 70% من أول ديسمبر سنة 1942 لغاية 7 يونيه
سنة 1945، 3 – الفوائد بواقع 8% سنوياً من آخر كل شهر لغاية الوفاء، 4 – فوائد بواقع
8% سنوياً عن مبلغ الـ 72 جنيهاً المحكوم به من أول مارس سنة 1939 لغاية الوفاء مع
المصاريف وأتعاب الدرجتين، وفي 11 من إبريل سنة 1946 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً
وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المطعون عليه بأن يدفع
إلى الطاعن مبلغ 72 جنيهاً ومن رفض باقي الطلبات عدا الفوائد وإلغائه فيما قضى به من
رفض طلب الفوائد عن مبلغ 72 جنيهاً وإلزام المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعن فوائد
هذا المبلغ باعتبار 5% سنوياً ابتداء من تاريخ المطالبة الرسمية الواقعة في 13 من مايو
سنة 1941 لغاية الوفاء… الخ. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن التقرير به قد حصل
بعد الميعاد، ذلك أن الطاعن بالرغم من قيامه بإعلان الحكم المطعون فيه إليه في 19 من
مايو سنة 1946 فإنه لم يقم بالطعن فيه إلا في 18 من يناير سنة 1951 أي بعد فوات الميعاد
المحدد له في المادة 428 مرافعات، وأنه لما كان إعلان الحكم يجعل ميعاد الطعن يسري
في حق معلنه كما يسري في حق المعلن إليه عملاً بالمادة 379 من قانون المرافعات الصادر
به القانون رقم 77 سنة 1949 والمعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 فقد كان من المتعين
على الطاعن أن يرفع طعنه في ميعاد ثلاثين يوماً تبدأ من 15 من أكتوبر سنة 1949 لا بعد
أكثر من سنة من تاريخ انقضاء هذا الميعاد.ولأ
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 379 من قانون المرافعات
قد نصت على أن ميعاد الطعن يجري في حق من أعلن الحكم ومن أعلن إليه بخلاف ما كان عليه
الحال في ظل القانون القديم، إذ كانت القاعدة على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الميعاد
يجري من تاريخ إعلان الحكم في حق من أعلن إليه فقط، أما من أعلن الحكم فلا يجري بالنسبة
إليه إلا من تاريخ إعلانه من الطرف الآخر اعتباراً بأن الشخص لا يسقط حق نفسه بإجراء
يباشره من جانبه، وكانت القوانين المنظمة لطرق الطعن والمعدلة لمواعيده مستثناة من
سريان قانون المرافعات الجديد عليها وفقاً للفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى
من القانون المذكور، وكانت المادة 379 المشار إليها إنما تحدد أثر إعلان الحكم الذي
يحصل في ظل القانون الجديد، ومن ثم يبقى إعلان الحكم السابق على تاريخ العمل بقانون
المرافعات الجديد خاضعاً للقاعدة التي كان معمولاً بها من قبل وتبعاً لا يسري عليه
حكم المادة 379 من قانون المرافعات الجديد، بل يطبق عليه القانون الذي أعلن الحكم تحت
سلطانه – لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أعلن من جانب الطاعن إلى المطعون
عليه في ظل قانون المرافعات القديم ولم يعلن من أحد طرفيه بعد صدور القانون الجديد
المعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى يجري ميعاد الطعن فيه بالنسبة إلى كليهما
عملاً بالمادة 379 مرافعات، فإن باب الطعن فيه قد ظل مفتوحاً للطاعن حتى قرر طعنه في
18 من يناير سنة 1951 ومن ثم يكون الدفع بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد لا أساس له.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على أربعة أسباب: حاصل الأول والثالث منها هو أن الحكم المطعون فيه
خالف القانون وعاره بطلان جوهري لمخالفته الثابت بالأوراق من ثلاثة أوجه: الأول – إذ
قضى بتأييد الحكم الابتدائي للأسباب الواردة به بالنسبة لقضائه برفض طلب التعويض عن
امتناع المطعون عليه من تسليم الطاعن شهادة خلو الطرف، تأسيساً على أن الشارع لم ير
حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردي إلزام صاحب العمل
بإعطاء مثل تلك الشهادة كطلب العامل إلزاماً من شأنه جعل رب العمل مسئولاً عن تعويض
الضرر الذي يلحق العامل بسبب الامتناع عن تسليمه هذه الشهادة، وبذلك خالف المادة 29
من لائحة ترتيب المحاكم التي كانت سارية وقت صدور الحكم ذلك أنه مع التسليم بعدم وجود
نص في القانون قبل صدور القانون رقم 41 لسنة 1944 يعالج هذه الحالة فإن في قواعد العدالة
والعرف – وهما من مصادر القانون – ما يسد هذا النقض عملاً بالمادة 29 من لائحة الترتيب،
ومن مقتضى ذلك تقرير حق العامل في اقتضاء شهادة من رب العمل عند انتهاء مدة خدمته تفيد
خلو طرفه بحيث إذا امتنع صاحب العمل عن إعطاء هذه الشهادة يلزم بالتعويض عن إخلاله
بهذا الالتزام، والثاني – إذ قرر الحكم أنه لو سلم فرضاً بأن المطعون عليه قصر في إعطاء
شهادة خلو طرف فإنه يتعين على الأجير (الطاعن) أن يقيم الدليل على توافر ركن الضرر،
وبذلك خالف الحكم قواعد العرف التي توجب إلزام رب العمل إعطاء الأجير عند انتهاء عقد
العمل شهادة بخلو طرفه لكي يتيسر للعامل سبيل الحصول على عمل يرتزق منه وأنه يترتب
على الإخلال بهذا الالتزام مسئولية رب العمل عن التعويض بغض النظر عن توافر ركن الضرر.
والثالث – إذ قرر الحكم أن المطعون عليه كان معذوراً في امتناعه عن تسليم شهادة خلو
الطرف بالشروط التي طلبها الطاعن بصحيفة افتتاح الدعوى رقم 158 لسنة 1939 مدني كلي
الزقازيق بحجة أنها شروط تعسفية وأن الطاعن عندما عدل عن البيانات المعترض عليها والتي
كان يريد ذكرها بالشهادة لم يمانع المطعون عليه في تسليمه شهادة رفتية وفق البيانات
المعتادة وقام وكيله بتسليمها إلى وكيل الطاعن بجلسة 7 من يونيه سنة 1945. وبذلك خالف
الحكم الثابت بالأوراق ذلك أن الطاعن سبق له أن طلب شهادة معدلة وفق أحكام قانون العمل
الفردي في سنة 1942 في القضية رقم 50 سنة 1942 كلي الزقازيق – هذا فضلاً عن أن الطاعن
طلب تسليمه تلك الشهادة بإشارة برقية خالية من كل قيد في 17 من مارس سنة 1939.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب التعويض لامتناع
المطعون عليه من تسليم الطاعن شهادة خلو طرفه أقام قضاءه على سببين مستقل أحدهما عن
الآخر: الأول منهما هو أن القانون المصري لم يكن حتى تاريخ صدور القانون رقم 41 لسنة
1944 يوجب على صاحب العمل إعطاء الأجير شهادة خلو طرف حتى يكون مسئولاً عن تعويض الضرر
الذي يصيب العامل بسبب الامتناع عن إعطائه هذه الشهادة، والثاني منهما هو أنه يشترط
لقيام المسئولية المدنية عن فعل أو امتناع أن يتوافر ركنان وفقاً للمادة 151 من القانون
المدني: الأول – التقصير أو الخطأ، والثاني – وقوع الضرر من جراء هذا التقصير أو الخطأ،
وأنه لو سلم فرضاً بصحة ادعاء الطاعن بأن المطعون عليه قصر في التزامه الذي يحتم عليه
تسليم الطاعن شهادة بخلو طرفه فإنه يشترط أن يثبت للمحكمة أن ضرراً أصاب العامل من
جراء ذلك، وانتهت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية وبالأدلة التي أوردتها إلى أنه
لم يعد على الطاعن أي ضرر من امتناع المطعون عليه عن تسليمه هذه الشهادة، فإن كان السبب
الأول هو كما يقول الطاعن مخالف للقانون، لأن قواعد العدالة والعرف توجب إلزام رب العمل
عند انقضاء عقد العمل إعطاء شهادة بخلو طرف العامل تتضمن بيانات معينة تطابق حقيقة
الواقع عن مدة خدمته ونوع العمل الذي كان يقوم به ومقدار أجره عليه، إذ لا يعدو أن
يكون ذلك مما يوجبه حسن النية في تنفيذ عقد العمل كما جرى به قضاء هذه المحكمة إعمالاً
للمادة 29 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية، وإن كان الحكم قد أخطأ كذلك في الإسناد
إذ قرر أن الطاعن لم يعدل طلباته بخصوص ما تتضمنه شهادة خلو الطرف من بيانات إلا في
جلسة 7 من يونيه سنة 1945 مع أن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن طلب هذا التعديل المطابق
للقانون في سنة 1942، إلا أن خطأ الحكم فيما سبق بيانه لا يستوجب نقضه، ذلك أن الأساس
الثاني الذي أقام عليه الحكم قضاءه – وهو عدم توافر ركن الضرر الموجب للمسئولية – يكفي
لحمل قضائه برفض طلب التعويض.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم إذ قرر أن الطاعن لم يقدم دليلاً على أن
امتناع المطعون عليه عن تسليم الطاعن شهادة بخلو طرفه ألحق به ضرراً معيناً عاره بطلان
جوهري وتناقض في أسبابه من وجهين: الأول – أنه إذ حمل الطاعن عبء إثبات الضرر خالف
مقتضى الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 13 من إبريل سنة 1944 القاضي بإلغاء الحكم
الصادر من محكمة أول درجة في 29 من يونيه سنة 1943 والذي جعل عبء إثبات وقوع الضرر
على عاتق الطاعن ونقل عبء إثبات عدم حصول الضرر إلى عاتق المطعون عليه، والثاني: أن
أسباب حكم محكمة أول درجة التي أقرها الحكم المطعون فيه صريحة في أن الطاعن لم يتمكن
من الالتحاق بعمل مماثل إلا بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ فصله، مما يستفاد منه أن ضرراً
أصاب الطاعن من جراء ذلك، ومما كان يتعين معه على الحكم ألا ينفي ركن الضرر، إذ هذا
النفي يتعارض مع ما سبق أن قرره الحكم الابتدائي واعتمده الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في وجهه الأول: بأن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض
طلب التعويض على انتفاء ركن الضرر، فقد استخلص ذلك من أقوال شهود المطعون عليه الذي
كلفه الحكم التمهيدي الصادر من محكمة الاستئناف في 13 من إبريل سنة 1944 إثبات أن الطاعن
لم يصبه ضرر من امتناعه عن تسليمه هذه الشهادة، إذ قرر هؤلاء الشهود أن الطاعن كان
يؤدي بعد فصله أعمالاً تجارية لبعض الأفراد ويتكسب من ذلك، ولم ينف الطاعن أقوال هؤلاء
الشهود بأي دليل، ومن ثم لا يكون الحكم قد خالف مقتضى الحكم التمهيدي السابقة الإشارة
إليه، ومردود في وجهه الثاني بأن ما قرره الحكم من أن الطاعن لم يلتحق بعمل مماثل إلا
بعد مضي ثلاث سنوات إنما كان في خصوص قضائه للطاعن بالتعويض عن فصله في وقت غير لائق،
وهذا التقرير لا يتناقض مع ما قرره الحكم في خصوص نفي توافر الضرر المترتب على الامتناع
عن تسليم شهادة خلو الطرف استناداً إلى أن الطاعن كان يباشر أعمالاً تجارية يتكسب منها
قبل أن يسلمه المطعون عليه شهادة خلو الطرف، إذ العبرة هي بحصول الضرر، وقد أقام الحكم
قضاءه على أنه لم يثبت أن الطاعن قد أصابه ضرر من عدم التحاقه بعمل مماثل طرف الغير،
إذ ثبت للمحكمة أنه كان يباشر أعمالاً تجارية يتكسب منها قبل تسلمه شهادة خلو الطرف.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم إذ قرر أن الطاعن لم يقدم دليلاً على أن
عدم تسليمه شهادة خلو الطرف ألحق به ضرراً، إذ لم يذكر في دفاعه أية واقعة يؤخذ منها
أن عدم حصوله على تلك الشهادة كان مانعاً من استخدامه في محلات تجارية ولم يقل إنه
طرق أبواب محلات تجارية أو أفراداً ذكر أسماءهم فرفضوا قبول استخدامه لأنه ليس لديه
هذه الشهادة – إذ قرر الحكم ذلك، مع أن هذه الوقائع لم تكن محل تحقيق ولم تسأل المحكمة
الطاعن في شأنها حتى يوضح لها حقيقتها، فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لم يكن ثمة ما يحول دون قيام الطاعن بنفي ما قرره
شهود المطعون عليه الذين أقام الحكم قضاءه على ما استخلصه من أقوالهم، وإذا كان الطاعن
قد قصر في نفي ما أثبته المطعون عليه، فلا يلومن إلا نفسه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
