الطعن رقم 2276 لسنة 32 ق – جلسة 11 /02 /1990
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة
1990) – صـ 1036
جلسة 11 من فبراير سنة 1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد محمود الدكروري وعادل لطفي عثمان ومحمد عزت السيد إبراهيم والسيد محمد السيد الطحان – المستشارين.
الطعن رقم 2276 لسنة 32 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة – طوائف خاصة من العاملين – العاملون بوزارة الأوقاف – قواعد النقل إلى المساجد التي بها صناديق للنذور. (أوقاف) (مساجد) مناط الاختيار للنقل إلى المساجد والأضرحة التي بها صناديق للنذور هو الأقدمية المطلقة – عبارة "الأقدمية المطلقة" الواردة بقرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 في شأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور تنصرف إلى أقدمية الدرجة – القول بقصرها على أقدمية الوظيفة أو وظيفة بذاتها من شأنه تعطيل دلالة النص وصرفه عن المعنى المستفاد من سياقه والقعود به عن إنتاج صحيح أثره قانوناً – تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 26/ 5/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ محافظ
القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2276 لسنة 32 القضائية
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 3552 لسنة
38 القضائية المقامة من السيد/ محمود محمد معوض ضد السادة وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة
ومدير عام مديرية أوقاف القاهرة والذي قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة
بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثالث وبقبولها شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الثاني وفي
الموضوع بإلغاء القرار رقم 55 لسنة 1983 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في
النقل إلى وظيفة مقيم شعائر بأحد المساجد الثلاثة الكبرى (الإمام الحسين – السيدة زينب،
السيدة نفيسة) وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة حتى يفصل
في موضوع الطعن وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى
وإلزام المدعي المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 27/ 11/ 1989 إحالته إلى
المحكمة الإدارية العليا التي نظرته بجلسة 24/ 12/ 1989 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة
اليوم وقد صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه. وحيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل على ما يبين من الأوراق
في أنه بتاريخ 26/ 6/ 1983 أقام محمود محمد معوض الدعوى رقم 66 لسنة 30 القضائية أمام
المحكمة الإدارية لوزارات الأوقاف والصحة وشئون الأزهر طالباً الحكم (أولاً) وبصفة
مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 55 لسنة 1983. الصادر بتاريخ 20/ 2/ 1983 بنقله إلى
مسجد السيدة سكينة.
(ثانياً) إلغاء ذلك القرار واعتباره كأن لم يكن ووضعه على وظيفة مقيم شعائر بأحد المساجد
الكبرى الثلاثة الإمام الحسين – السيدة زينب – السيدة نفيسة مع حفظ حقه في أن يستأدي
مستحقاته في صندوق النذور في إحدى هذه المساجد وفقاً لأقدميته من تاريخ صدور القرار
المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي بياناً لدعواه إنه يعمل في وظيفة مقيم الشعائر بمسجد السلطان الحنفي بوزارة
الأوقاف بالدرجة الثالثة بتفتيش ثالث بمديرية أوقاف القاهرة وقد فوجئ بصدور القرار
المطعون فيه بنقله إلى مسجد السيدة سكينة رغم أحقيته في النقل لأحد المساجد الثلاثة
الكبرى آنفة البيان وقد جاء هذا القرار مجحفاً بحقوقه ومشوباً بعيب مخالفة القانون
لأسباب حاصلها (أولاً) أنه لم يقم سبب يبرر تخطيه في النقل لأحد هذه المساجد الكبرى
(ثانياً) لم يصدر منه ثمة خطأ أو تقصير يستوجب مجازاته (ثالثاً) أنه أكبر سناً من زملائه
المشايخ الذين أسند إليهم العمل في تلك المساجد إذ أنه من مواليد سنة 1926 في حين أن
الأول والثالث من مواليد سنة 1934 والثاني من مواليد سنة 1930 فضلاً عن إنه يحمل شهادة
إجازة التجويد وعالية القراءة وتخصص القراءة كما يحمل مؤهل فوق المتوسط بينما زملاءه
المذكورين من حملة الابتدائية (رابعاً) أن الوزارة ردت على تظلمه بأنها لم تعتد إلا
بالمدة التي قضاها في وظيفة مقيم شعائر دون تلك التي قضاها في وظيفة مؤذن وبالتالي
يكون المطعون ضدهم أحق منه بالعمل في تلك المساجد بحسبانهم أقدم منه في وظيفة مقيم
شعائر.
وبجلسة 10/ 3/ 1984 قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى بشقيها وأمرت بإحالتها
لمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات حيث قيدت الدعوى
برقم 3552 لسنة 38 القضائية بمحكمة القضاء الإداري وقدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها
أمام تلك المحكمة جاء بها أن سبب تخطي المدعي في النقل لأحد المساجد الكبرى المشار
إليها أنها في صدد مقارنته بأقدم زملائه المطعون ضدهم جرى الاعتداد بمدة خدمته في وظيفة
مقيم شعائر دون تقيد بأقدميته في الدرجة وأنه شغل وظيفة مؤذن اعتباراً من 18/ 11/ 1954
ثم وظيفة مقيم شعائر من 19/ 11/ 1964 وأنه نقل من مسجد الحنفي إلى مسجد السيدة سكينة
وهو من مساجد النذور وأن زملاءه المذكورين أقدم منه في وظيفة مقيم شعائر وهي التي اعتد
بها في النقل عند تطبيق قرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 بشأن اللائحة التنفيذية
لصناديق النذور التي ترد للمساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف.
وبجلسة 27/ 3/ 1986 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى
عليهما الأول والثالث وبقبولها شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الثاني وفي الموضوع بإلغاء
القرار المطعون فيه رقم 55 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطي المدعي في النقل إلى وظيفة
مقيم شعائر بأحد المساجد الثلاثة الكبرى (الإمام الحسين، السيدة زينب، السيدة نفيسة)
وما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها في الموضوع على أن المادة السادسة من قرار وزير الأوقاف رقم
22 لسنة 1971 بشأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور التي تحدد للأضرحة والمساجد التابعة
لوزارة الأوقاف أن يراعى في اختيار العاملين بالمساجد والأضرحة التي بها صناديق للنذور
الأقدمية المطلقة فيما عدا أئمة المساجد فيكون اختيارهم على مستوى المحافظة بالكفاءة
مع مراعاة الأقدمية وأن مفاد هذا النص أن يكون اختيار العاملين للمساجد والأضرحة المشار
إليها بالأقدمية المطلقة ولا وجه لما أثارته الجهة الإدارية من أن العبرة في هذا الصدد
بالأقدمية في الوظيفة وليس الدرجة لأن ذلك يعتبر تخصيصاً للنص بلا مخصص بالمخالفة للأصول
المقررة في التفسير التي تقضي بأن العام يؤخذ على عمومه والمطلق يجري على إطلاقه ما
لم يرد التخصيص أو التقيد بالنص وأنه متى كان ذلك وكانت الجهة الإدارية لم تهون من
كفاية المدعي ولم تجحد أسبقيته في ترتيب الأقدمية عن المطعون ضدهم وإنما بررت تخطيه
بأنها اعتدت فقط بالأقدمية في الوظيفة دون الدرجة وبذلك تكون قد أفصحت عن سبب القرار
المطعون فيه الذي يخضع لرقابة المحكمة وهو ما ترى المحكمة عدم سلامته ومخالفته للتفسير
الصحيح لنص المادة السادسة من اللائحة المشار إليها.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك
أن قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 أجاز في المادة نقل العامل
من وحدة إلى أخرى من الوحدات التي تسري عليها أحكامه… إذا كان النقل لا يفوت عليه
دوره في الترقية أو كان بناء على طلبه وبشرط مراعاة النسبة المنصوص عليها في المادة
من القانون وأنه في ضوء هذا النص يكون نقل المدعي من مسجد لآخر مما يدخل في نطاق
السلطة التقديرية للجهة الإدارية إذ أن علاقة الموظف بالحكومة علاقة تنظيمية تحكمها
القوانين واللوائح ولا يجوز له التمسك بالنقل إلى وظيفة معينة بذاتها وأضافت الجهة
الإدارية أنها وإن كانت لا تنكر كفاية المدعي في شغل وظيفة مقيم للشعائر الدينية بأحد
المساجد الثلاث الكبرى المشار إليها وبأقدميته على المطعون ضدهم إلا أن سبب تخطيه في
النقل إلى أحد تلك المساجد يرجع إلى أنه أحدث في شغل وظيفة مقيم شعائر من المطعون ضدهم
وأن الجهة الإدارية لم تعتد بالأقدمية في الدرجة وإنما بالأقدمية في تلك الوظيفة.
وحيث إن قرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 في شأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور
التي ترد للمساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف ينص في مادته السادسة على أن "يراعى
في اختيار العاملين بالمساجد والأضرحة التي بها صناديق للنذور الأقدمية المطلقة وذلك
فيما عدا أئمة المساجد فيكون اختيارهم على مستوى المحافظة بالكفاءة مع مراعاة الأقدمية.
ويشترط في العامل الذي يختار بهذه المساجد والأضرحة أن يكون محمود السيرة حسن السمعة
لم توقع عليه عقوبة تأديبية لأمر يتعلق بالشرف والأمانة (ب)…….".
وحيث إن البين من مطالعة هذا النص أن المناط في الاختيار إلى المساجد والأضرحة التي
بها صناديق للنذور هو الأقدمية المطلقة وأن في تلك العبارة ما يؤكد انصراف تلك الأقدمية
إلى أقدمية الدرجة والقول بقصرها على أقدمية الوظيفة أو أقدمية وظيفة بذاتها من شأنه
تعطيل دلالة النص وصرفه عن المعنى المستفاد من سياقه والقعود به عن إنتاج صحيح أثره
قانوناً ومتى ثبت ذلك وكانت جهة الإدارة قد أفصحت عن أن سبب تخطي المدعي في النقل إلى
أحد تلك المساجد يرجع إلى أنها لم تعتد في حساب الأقدمية التي تقوم عليها المفاضلة
في الاختيار للنقل لهذه المساجد إلا بالأقدمية في وظيفة مقيم شعائر دون الأقدمية المطلقة
في الدرجة وهو ما ينطوي على تفسير غير سديد لحكم النص لا تعين عليه صريح عبارته وإذ
انتفت أسبابه الأخرى التي تبرر ذلك التخطي ذلك أن الجهة الإدارية لم تجحد كفاية المدعي
وصلاحيته لمباشرة مهام العمل بأحد تلك المساجد فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد تنكب
جادة الصواب فيما تضمنه من عدم نقل المدعي إلى أحد المساجد المشار إليها ويكون بهذه
المثابة حقيقاً بالإلغاء وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون قد جاء سليماً
مطبقاً القانون على وجه الصحيح ومنتهياً إلى النتيجة التي تتفق وأحكام النصوص المشار
إليها مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
