الطعن رقم 146 سنة 22 ق – جلسة 15/04/1952
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 3 – صـ 853
جلسة 15 من أبريل سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وباسيلي موسى بك وحافظ سابق بك ومصطفى حسن بك المستشارين.
القضية رقم 146 سنة 22 القضائية
أ – انقضاء الدعوى. دعوى جائزة في جنحة مضى عليها أكثر من أربع
سنين ونصف من وقت وقوعها إلى يوم نشر قانون الإجراءات الجنائية في 15 من أكتوبر سنة
1951. انقضاؤها. بمضي المدة.
ب – نقض. دعوى مدنية. حكم برفض الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة بناء على أن الطاعن
لم يتمسك به قبل سماع الشهود وعلى قيام مانع أدبي حال دون الحصول على كتابة. الثابت
أن الطاعن تمسك بالدفع قبل سماع أول شاهد. إقامة تقدير قيام المانع على أسباب مؤدية
إليه. لا ينقض الحكم.
1 – إنه لما كانت الدعوى الجنائية تنقضي في مواد الجنح بمضي ثلاث سنين، وكانت المادة
17 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في فقرتها الأخيرة ألا تطول المدة المقررة
لانقضاء الدعوى الجنائية بسبب الانقطاع لأكثر من نصفها، وكانت الواقعة المرفوعة عنها
الدعوى قد مضى عليها أكثر من أربع سنين ونصف سنة من وقت وقوعها إلى يوم نشر قانون الإجراءات
الجنائية في 15 من أكتوبر سنة 1951 الذي استقر قضاء هذه المحكمة على اعتباره موعداً
لتطبيق هذا القانون فيما هو أصلح للمتهم من نصوصه، فإنه يتعين نقض الحكم الصادر فيها
بالعقوبة وبراءة الطاعن لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
2 – إذا كان الحكم قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز الإثبات شهادة الشهود على أن
الطاعن لم يتمسك به قبل سماع الشهود وعلى قيام مانع أدبي حال دون الحصول على كتابة
وكان يبين من محضر الجلسة أن الطاعن دفع بعدم جواز الإثبات بالبينة قبل سماع أي شاهد
في الدعوى ولكن الحكم المطعون فيه إذ تعرض للدفع من ناحية موضوعه قد أقام تقديره قيام
المانع الأدبي من الحصول على الكتابة على أسباب مقبولة مؤدية إليه فإنه لا يكون قد
أخطأ إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه في يوم 8 من ديسمبر سنة 1946 بدائرة قسم روض الفرج – بدّد مبلغ 276 جنيهاً لورثة علي بركات إضراراً لهم وكان قد سلم إليه من مورثهم بصفته وكيلاً عنه لدفعه لآخر فاختلسه لنفسه، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدني 1 – سنيه عيسى حسين 2 -السيد محمد بركات وطلبا الحكم لها قبل المتهم بمبلغ خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل التعويض، ولدى محكمة روض الفرج دفع المتهم بعدم قبول الدعوى العمومية لسابقة صدور أمر من النيابة بحفظ الأوراق بتاريخ 18 من فبراير سنة 1947 وعدم إلغاء هذا الأمر من النائب العام في خلال الثلاثة الأشهر التالية وعدم ظهور أدلة جديدة تسمح بالعودة لإقامة الدعوى العمومية، كما دفع بعدم جواز الإثبات لأن المبلغ لمدعي تبديده تزيد قيمته على عشرة جنيهات والمحكمة قضت في 30 من مايو سنة 1948 برفضهما وقبول الدعوى العمومية وجواز الإثبات بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة والقرائن وحدد لنظر الدعوى جلسة 19 سبتمبر سنة 1948، فاستأنف هذا الحكم، ومحكمة مصر الابتدائية قضت في 15 من ديسمبر سنة 1948 بتأييد الحكم المستأنف بعد ذلك نظرت محكمة روض الفرج الجزئية موضوع الدعوى وقضت فيه بتاريخ 23 من أبريل سنة 1950 بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني خمسة وعشرين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عملاً بالمادة 341 عقوبات. فاستأنف، ومحكمة مصر الابتدائية في 16 من مايو سنة 1951 بتأييد الحكم المستأنف. فطعن في الحكم الأخير بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… حيث إنه لما كانت الدعوى الجنائية تنقضي في مواد الجنح بمضي
ثلاث سنين، وكانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية، قد أوجبت في فقرتها الأخيرة
ألا تطول المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بسبب الانقطاع لأكثر من نصفها، وكانت
الواقعة المرفوعة عنها الدعوى قد مضي عليها أكثر من أربع سنوات ونصف سنة من وقت وقوعها
في 17 من ديسمبر سنة 1946 إلى يوم نشر قانون الإجراءات الجنائية في 15 من أكتوبر سنة
1951 الذي استقر قضاء هذه المحكمة على اعتباره موعداً لتطبيق هذا القانون فيما هو أصلح
للمتهم من نصوصه، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للعقوبة وبراءة الطاعن
لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
وحيث إن مبنى الطاعن في الدعوى المدنية هو أن الحكم قد أخطأ في قضائه برفض الدفع بعدم
جواز الإثبات بالبينة، لأن المبلغ المدعي باختلاسه يزيد على العشر جنيهات، بناء على
أن الطاعن لم يتمسك به قبل سماع الشهود. وعلى قيام مانع أدبي دون الحصول على كتابة،
وهو القرابة، ذلك لأن الحكم لم يبين درجة القرابة، واستخلص أن هناك علاقة سمحت للمتوفى
وهو مورث المدعيين بالحق المدني، بأن يسلم ختمه للطاعن، كما سمحت للطاعن بأن يقوم بالاتفاق
على جنازة المتوفى، مع أنه لا يجوز لاستدلال بحصول التسليم على الصلة التي تمنع من
أخذ الدليل الكتابي.
وحيث إنه وإن كان يبين من محضر الجلسة أن الطاعن دفع بعدم جواز الإثبات بالبينة قبل
سماع أي شاهد في الدعوى، إلا أن الحكم قد تعرض للدفع من ناحية موضوعة فقال: "إن الصلة
التي كانت قد قائمة بين المتوفى وبين المتهم والتي سمحت للمتوفى بأن يسلم ختمه للمتهم
كما سمحت للمتهم بأن يقوم بالإنفاق على جنازة المتوفى ومأتمه فضلاً عن علاقة القرابة
التي بينهما مما يمتنع معه أخذ سند كتابي بتسليم المبلغ للمتهم وأن المادة 215 من القانون
المدني لم تبين هذا المانع بالتالي لم تضع له قيوداً، بل جاء نصها عاماً مطلقاً متروكاً
أمر تقديره لقاضي الموضوع".
ولما كان ما ذكره الحكم من ذلك صحيحاً في القانون، كانت المحكمة، قد أقامت تقديرها
قيام المانع على أسباب مقبولة مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها إذ هي لم تستدل على
الصلة بين المتوفى والطاعن بتسليم المبلغ موضوع الدعوى، وإنما بتسليمه ختمه إبان حياته
للعلاقة التي بينهما وهو ما أثبته الحكم على الطاعن في موضع آخر منه حين قال: "إنه
قد ظهر عند استيفاء التحقيق أن المتهم كان يحمل ختم المتوفى وقد قدمه بنفسه وقت تحرير
محضر الوفاة، واعترف بذلك كما أنه كان ملازماً المتوفى وقائماً بمباشرة شئونه في مرضه،
كما أنه قام بالإنفاق على الجنازة والمأتم فضلاً عن وضوح درجة قرابته له". لما كان
ذلك فإن الحكم إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود لا يكون قد أخطأ
في شيء، ومن ثم يكون الطعن بالنسبة للدعوى المدنية على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
