الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1182 لسنة 30 ق – جلسة 17 /12 /1989 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) – صـ 500


جلسة 17 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد محمود الدكروري وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم والسيد محمد السيد الطحان ويحيى أحمد عبد المجيد – المستشارين.

الطعن رقم 1182 لسنة 30 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة – إعارة – المرتب خلال فترة الإعارة.
المادة 45 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 – يجوز منح العامل المعار مرتبه من حكومة الجمهورية العربية بالشروط والأوضاع التي يقررها رئيس الجمهورية – لعدم صدور قرار رئيس الجمهورية يرجع للقواعد السارية في ظل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 وحاصلها قرار رئيس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 46 لسنة 1964 – تمنح الحكومة المصرية لمن يعار إلى ليبيا مرتبه في الداخل بالشروط الواردة بقرار رئيس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 – لا يجوز الاستناد إلى التعليمات المالية بوزارة الدفاع والتي تقضي بوقف الصرف بعد تاريخ استلام العمل بالخارج – أساس ذلك: أن هذه التعليمات لا يجوز أن تخالف قرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 – لا يترتب على هذه التعليمات إلغاء ما استمده المعار من حق في صرف مرتبه أو نسبة منه في مصر بعد أن أفصحت الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة بمنح هذا المرتب – تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 8/ 3/ 1984 أودعت هيئة مفوضي الدولة بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1182 لسنة 30 قضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 9/ 1/ 1984 في الدعوى رقم 931 لسنة 35 المقامة من السادة محمد فؤاد الطحان ومحمد أحمد أبو المجد ويوسف عبد المجيد حسن ضد السيد وزير الدفاع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 مع إلزام المدعين بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانون مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المدعين في تقاضي كل منهم نسبة 40% من مرتبه الأصلي بجمهورية مصر العربية عن فترة إعارته للحكومة الليبية وبالشروط والأوضاع المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وقصر حق الجهة الإدارية في استرداد ما سبق صرفه أزيد من هذه النسبة مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 9/ 5/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وتحدد لنظره أمامها جلسة 19/ 6/ 1988 وتدوول نظره وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعة من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 7/ 5/ 1975 أقام المدعون وآخرون الدعوى رقم 46 لسنة 22 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارة الدفاع طالبين الحكم بأحقية كل منهم في تقاضي 40% من مرتبه الأساسي بمصر عن فترة إعارته للحكومة الليبية وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وقصر حق جهة الإدارة على استرداد وخصم ما صرف إليهم بما يجاوز هذا القدر مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعون شرحاً لدعواهم إنهم من الفنيين المدنيين العاملين بالقوات الجوية وأعيروا بقرار من وزير الحربية للعمل بالقوات المسلحة الليبية الأول والثاني من 5/ 8/ 1970 إلى 3/ 5/ 1971 والثالث من 5/ 8/ 1970 إلى 24/ 6/ 1971 وقد صرفت لهم مرتباتهم في مصر من تاريخ سفرهم وحتى انتهاء الإعارة إلا أن جهة الإدارة عادت وقررت استرداد ما سبق صرفه للمدعين من مرتبات في مصر بواقع 25% اعتباراً من يناير سنة 1972 استناداً إلى التعليمات الصادرة من هيئة الشئون المالية بتاريخ 13/ 3/ 1971 والتي قضت بوقف الصرف بالداخل اعتباراً من تاريخ استلامهم العمل بالخارج وأنه استناداً إلى الفقرة (ح) من المادة 45 من القانون رقم 46 لسنة 1964 والتي تقضي بأنه يجوز منح العامل المعار مرتبه من حكومة الجمهورية العربية المتحدة بالشروط والأوضاع التي يحددها رئيس الجمهورية، ونظراً لعدم صدور هذا القرار فإن الحكم يجرى بالقواعد التي كانت سارية في ظل القانون رقم 21 لسنة 1951 أي بقرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955، وأن التعليمات المالية الصادرة في سنة 1971 لا تكفي لمخالفة قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه ولا تؤثر في سلامة القرارات التي صدرت بمنحهم مرتباتهم في مصر لأن إلغاء القرار التنظيمي لا يكون إلا بقرار من مرتبته أو أعلى منه، ولذلك يكون من حق المدعيين تقاضي 40% من المرتب الأصلي في مصر طبقاً لقرار مجلس الوزراء المشار إليه وأن يقصر الاسترداد على ما يجاوز هذا القدر.
وبجلسة 30/ 11/ 1981 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت برقم 931 لسنة 35 ق.
وبجلسة 9/ 1/ 1984 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة1971 مع إلزام المدعين بالمصروفات وأسست حكمها على أن المدعين يستندون في أحقيتهم في تقاضي 40% من مرتبهم الأصلي بمصر عن فترة إعارتهم للحكومة الليبية إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وقصر حق جهة الإدارة على استرداد وخصم ما يجاوز هذا القدر وذلك كله في ظل العمل بأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 وهي قواعد وأحكام سابقة على القانون رقم 58 لسنة 1971 الذي قرر في المادة 87 منه عدم قبول دعوى المطالبة بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ العمل به في 30/ 9/ 1971 أي في ميعاد ينتهي في 30/ 9/ 1974، وكان يتعين على المدعين وهم يطالبون بحقوق تستند إلى قواعد وقرارات سابقة على القانون رقم 58 لسنة 1971 أن يرفعوا دعواهم خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل به إلا أنهم لم يودعوا عريضة دعواهم إلا في 7/ 5/ 1975 بعد انقضاء الميعاد الذي حدده القانون الأمر الذي يفقد الدعوى شرطاً من شروط قبولها استناداً إلى حكم المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 وهو ما يتعين القضاء به مع إلزام المدعين بمصروفات الدعوى عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، كما صدر على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من حصيلة وقائع الدعوى أن المدعين يطالبون بأحقيتهم في صرف 40% من راتب كل منهم بمصر عن فترة إعارتهم للحكومة الليبية وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وقصر حق الجهة الإدارية في استرداد وخصم صرف إليهم بما يجاوز هذا القدر.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن نطاق سريان المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 إنما يكون بالنسبة إلى تعديل المركز القانوني للعامل على أي وجه من الوجوه أما المطالبة بدين عادي للمدعي قبل الحكومة كأثر من آثار المركز القانوني الذاتي الثابت له فلا يعتبر مطالبة بإنشاء أو تعديل حالة قانونية تختلف عن تلك القائمة فعلاً وقانوناً، فلا تقيد بالميعاد المنصوص عليه في المادة المشار إليها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السادة محمد فؤاد الطحان ومحمد أحمد أبو المجد ويوسف عبد المجيد حسن يطالبون في دعواهم بأحقيتهم في تقاضي 40% من مرتباتهم الأصلية بمصر عن فترة إعارتهم للحكومة الليبية وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وقصر حق الإدارة في استرداد ما صرف إليهم بما يجاوز هذا القدر، ومن ثم فإنهم يطالبون بدين عادي قبل الجهة الإدارية ينبثق لهم مباشرة – حال ثبوت – من وضعهم الوظيفي أثناء مدة الإعارة ويستحق لهم بمقتضى قرار مجلس الوزراء آنف البيان ولا يتعلق بتعديل مركزهم القانوني وبالتالي لا تخضع دعواهم للميعاد الوارد في المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971.
ومن حيث إن المادة 45 من القانون رقم 46 لسنة 1964 الذي تمت الإعارة في ظله تقضي بأنه يجوز منح العامل المعار مرتبه من حكومة الجمهورية العربية بالشروط والأوضاع التي يقررها رئيس الجمهورية، ونظراً لعدم صدور هذا القرار فإن مرد الحكم في هذا الصدد يكون للقواعد السارية في ظل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 وحاصلها قرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 46 لسنة 1964 التي تقضي بأن يستمر العمل باللوائح والقرارات المعمول بها في شئون الموظفين قبل العمل بهذا القانون إلى أن توضع اللوائح والقرارات التنفيذية له.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 ينص على أن تمنح الحكومة المصرية لمن يعار إلى ليبيا من الدرجة الثالثة والرابعة في ظل القانون رقم 46 لسنة 1964 وما فوقها مرتبه الأصلي في الداخل دون إضافات أخرى ولمن يعار من الدرجة الرابعة والخامسة في ظل القانون رقم 46 لسنة 1964 فأقل 40% من مرتبه الأصلي بحد أدنى مقداره خمسة جنيهات وبحد أقصى مقداره عشرة جنيهات ومن حيث إن الجهة الإدارية قد قامت بصرف هذه المستحقات فعلاً للمدعيين بكامل المرتبات. التي كانوا يتقاضونها في مصر فإن حقها ومن ثم يغدو مقصوراً على استرداد ما قامت بصرفه فعلاً بما يجاوز نسبة 40% من المرتب الأصلي وفق ما تعين بقرار مجلس الوزراء لفئة المدعين ولا يجوز لها أن تسترد هذه النسبة، إذ أنه لا شبهة في أن منح العامل المعار للخارج مرتبه من الحكومة المصرية إن هو إلا رخصة لجهة الإدارة تتمتع فيها بسلطة تقديرية تخولها أن تمنحه إياه في الحدود وطبقاً للأوضاع التي يقررها مجلس الوزراء، ولكنها متى أصدرت هذا القرار بالمنح – على النحو الحاصل – فلا يجوز لها أن تعدل بعد ذلك عما قررته لأنها تكون قد استنفدت سلطتها التقديرية في المنح أو عدم المنح.
ومن حيث إنه لا يؤثر فيما تقدم صدور تعليمات مالية من هيئة الشئون المالية بوزارة الدفاع تقضي بوقف صرف الرواتب المقررة للمعارين إلى ليبيا والتي تصرف لهم بالداخل اعتباراً من تاريخ استلام العمل بالخارج إذ أن هذه التعليمات لا يجوز أن تخالف قرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955، والذي لا يتأتى إهداره إلا بقرار في مثل مرتبته، ومن ثم لا يترتب على هذه التعليمات إلغاء ما استمده المعار من حق في صرف مرتبه أو نسبة منه في مصر بعد أن أفصحت الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة بمنح هذا المرتب.
ومن حيث إنه من حاصل ما تقدم جميعه فإن يكون من حق كل من محمد فؤاد الطحان، محمد أحمد أبو المجد، يوسف عبد المجيد حسن تقاضى 40% من راتبه في مصر وفق ما تضمنه قرار مجلس الوزراء آنف البيان عن فترة الإعارة للحكومة الليبية ويقتصر حق جهة الإدارة في استرداد ما يجاوز ذلك ما سبق أداؤه إلى كل منهم.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كما تقدم وكان الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً لهذا النظر فقد انطوى على خطأ في تطبق القانون وتأويله وتعين إلغاؤه والحكم بأحقية المدعين في صرف نسبة 40% من مرتباتهم بالشروط والأوضاع المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 عن فترة إعارتهم للحكومة الليبية وقصر حق جهة الإدارة على استرداد ما صرف إليهم بما يجاوز ذلك مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقول الدعوى شكلاً وأحقية كل من المدعين في تقاضي نسبة 40% من مرتبه الأصلي عن فترة إعارته للحكومة الليبية طبقاً للشروط والأوضاع المبينة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وقصر حق الجهة الإدارية على استرداد ما سبق أداؤه إلى كل منهم بما يجاوز ذلك وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.


[(1)] يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 23 لسنة 18 ق بجلسة 7/ 5/ 1978 منشور بمجموعة مبادئ المحكمة الإدارية العليا في 15 سنة جزء 4 ص 3844.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات