الطعن رقم 3110 لسنة 31 ق – جلسة 05 /12 /1989
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة
1990) – صـ 396
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد السيد يوسف والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد – المستشارين.
الطعن رقم 3110 لسنة 31 القضائية
( أ ) دعوى – إجراءاتها – تعجيل نظرها. (مرافعات)
إن تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره إجراء يستهدف استئناف السير في المنازعة بعد
انقطاعها يأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون لانعقاد
الخصومة أمام المحكمة المختصة ويكون ذلك صحيحاً في القانون إذا تم إيداع الطلب خلال
سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي دون الاعتداد بتاريخ التكليف بالحضور لتعارضه
مع طبيعة الإجراءات الإدارية التي نظمها قانون مجلس الدولة – تطبيق.
(ب) عوارض الخصومة – سقوطها بمضي سنة وانقضاؤها بمضي 3 سنوات لا ينطبقان على المنازعة
الإدارية (مرافعات).
إن الخصومة أمام القضاء الإداري أياً كانت لا تسقط بمضي سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات
التقاضي كذلك لا تنقضي بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء فيها – أساس ذلك:
تعارض نص المادتين 134، 140 من قانون المرافعات مع نظام ومقتضيات القضاء الإداري –
المنازعة الإدارية تقوم على روابط القانون العام وتتمثل في خصومة مردها إلى مبدأ الشرعية
وسيادة القانون وتتحرر بالتالي من لدد الخصومة الشخصية التي تهيمن على منازعات القانون
الخاص – الدعوى القائمة على روابط القانون العام يهيمن عليها القاضي فهو الذي يوجهها
ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازماً لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها
– تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 18/ 7/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة
عن الطاعن بصفته سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة
القضاء الإداري في الدعوى رقم 3018 لسنة 26 ق بجلسة 19/ 5/ 1985 والمرفوعة من الطاعن
بصفته ضد المطعون ضدهم والقاضي بانقضاء الخصومة في الدعوى وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات
وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة في صحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم
المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده الأول من ماله الخاص وباقي المطعون ضدهم مما آل إليهم
مورثهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعن بصفته مبلغ 11214.350 جنيهاً والفوائد القانونية
بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات عن الدرجتين.
وأعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضدهم.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني انتهت فيه إلى الحكم بقبول الطعن
شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً
في موضوع الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وقرر الحاضر عن الهيئة الطاعنة بقصر الخصومة على
السيدين/ حسني ناصف إسكندر وبهجت ناصف إسكندر الأول بصفته الشخصية وهو والثاني بصفتهما
الممثلين لتركة مورثهما ناصف إسكندر وقدم كل من الطاعن والمطعون ضدهما مذكرات بدفاعهما
وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة، لنظره بجلسة
16/ 11/ 1988 وتداول نظر الطعن على النحو المبين في محاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها تم النطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 26/ 8/ 1972
أقام الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 3018/ 26 ق ضد المطعون ضده الأول
ومورث باقي المطعون ضدهم طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا
له بصفته مبلغ 11214.350 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية
حتى تمام السداد والمصروفات.
وشرح المدعي دعواه قائلاً بأنه بتاريخ 7/ 10/ 1958 قررت اللجنة التنفيذية للبعثات اختيار
المدعى عليه الأول لإيفاده في بعثة علمية لدراسة تخطيط المدن بأمريكا لمدة ثلاث سنوات
للحصول على الماجستير ثم الدكتوراه لصالح وزارة الإسكان وقد سافر بتاريخ 15/ 8/ 1959
بعد أن وقع على تعهد مؤرخ في 25/ 4/ 1957 تعهد فيه أن يتم دراسته في المدة المقررة
وأن يغادر البلاد الأجنبية في خلال شهر من تاريخ انتهاء مهمته وأن يخدم الجهة الإدارية
مدة سبع سنوات من تاريخ عودته لمصر وقد ضمنه في تعهده مورث المدعى عليهم وأضاف المدعي
بصفته أن المدعى عليه الأول حصل على درجة الماجستير في يوليو سنة 1961 ثم مدت بعثته
حتى يونيو سنة 1967 ليتمكن من الحصول على درجة الدكتوراه في 9/ 9/ 1967 وأفاد مكتب
البعثة بالخارج أن المدعى عليه الأول لم يحصل على الدكتوراه حتى سنة 1967 وأفاد المدعى
عليه الأول بأنه مضطر للبقاء بأمريكا حتى يوليو سنة 1988 لحصوله على إقامة دائمة بأمريكا
في أغسطس سنة 1967 مما يؤكد نيته في عدم العودة مخلاً بالتزامه سالف الذكر ولذلك قررت
اللجنة التنفيذية للبعثات في 12/ 12/ 1967 الموافقة على إنهاء بعثته الأمر الذي حدا
بالمدعي إلى رفع دعواه.
وبجلسة 27/ 6/ 1976 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعى عليه الثاني مورث
المدعى عليهم بتاريخ و21/ 2/ 1982 قدم الحاضر عن الحكومة مذكرة للسيد/ المستشار رئيس
محكمة القضاء الإداري تضمنت أن الجهة الإدارية قامت بتاريخ 8/ 4/ 1977 بتعجيل السير
في الدعوى بعريضة أودعتها سكرتارية المحكمة وتأشر عليها بتحديد جلسة 16/ 10/ 1977 لنظرها
إلا أنها لم ترد بجدول قضايا الجلسة المذكورة، وطلب الحاضر عن الحكومة تحديد أقرب جلسة
لإعلانه أطراف الدعوى (قد أرفق مع المذكرة صورة ضوئية من عريضة تعجيل الدعوى) وقد تأشر
على المذكرة من السيد/ المستشار رئيس المحكمة بتحديد جلسة 6/ 6/ 1982 لنظر الدعوى وبتاريخ
20/ 9/ 1982 أودعت جهة الإدارة قلم محضري مجلس الدولة صحيفة تعجيل الدعوى المذكورة
وتم إعلان المدعى عليهم في 13، 10/ 10/ 1982 بتحديد موعد نظر الدعوى بجلسة 31/ 10/
1982 ثم أعيد إعلانهم بتاريخ 7/ 5/ 1983 مع تحديد جلسة 19/ 6/ 1983 لنظر الدعوى وبجلسة
25/ 2/ 1983 قررت المحكمة تكليف قلم الكتاب بتقديم مذكرة بما ورد بطلب التعجيل المقدم
من هيئة قضايا الدولة بتاريخ 21/ 2/ 1982 من أنها بتاريخ 8/ 4/ 1977 قامت بتعجيل الدعوى
بعريضة أودعتها سكرتارية المحكمة وقع عليها سكرتير الدائرة بالاستلام وتأشر عليها بتحديد
جلسة 16/ 10/ 1977 وقد رد قلم الكتاب بمذكرته المؤرخة 11/ 2/ 1984 متضمنة أن التوقيع
الموقع على الصورة الضوئية لعريضة التعجيل مشابه لتوقيع السيد/ المستشار رئيس المحكمة
الذي وقع على أصل الحكم بانقطاع سير الخصومة في 27/ 6/ 1976 وقد جرى العمل في مثل تلك
الحالات أن يتقدم صاحب المصلحة في تعجيل الدعوى بعريضة التعجيل وبعد تحديد جلسة لنظر
الدعوى يستلم الطالب صورة العريضة مؤشراً عليها بتاريخ الجلسة المحددة ويقوم بإعلانها
وإعادتها بعد إتمام الإعلان وقد خلا ملف الدعوى بما يفيد إعادة هيئة قضايا الدولة صورة
العريضة بعد إعلانها كما خلا الملف أيضاً من أصل العريضة المؤشر عليها من رئيس المحكمة
بتحديد جلسة 16/ 10/ 1977.
وتداول نظر الدعوى بالجلسات وبجلسة 16/ 5/ 1985 حكمت المحكمة بانقضاء الخصومة في الدعوى
وإلزام الإدارة بالمصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن آخر إجراء
قامت به الجهة الإدارية هو إيداع عريضة التعجيل في 8/ 4/ 1977 ولم تقم بعد ذلك التاريخ
باتخاذ أي إجراء في الدعوى إلا في 21/ 2/ 1982 وهو تاريخ تقديم الطلب المقدم من هيئة
قضايا الدولة لتحديد جلسة ومن ثم فإن آخر إجراء يكون قد مضى عليه أكثر من ثلاث سنوات
ومن ثم تنقضي الخصومة وفقاً لحكم المادة 140 مرافعات.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد وقع مخالفاً للقانون ولقضاء المحكمة
الإدارية العليا الذي أستقر على أن طلب استبعاد الدعوى من الرول أو الحكم بسقوط الخصومة
متعارض مع روح التنظيم القضائي الذي تقوم عليه محاكم مجلس الدولة مما يتعين الالتفات
عنه لأن الدعوى الإدارية تقوم على روابط القانون العام وتتحرر بالتالي من لدد الخصومة
التي تهيمن على منازعات القانون الخاص.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تعجيل نظر المنازعة الإدارية باعتباره
إجراء يستهدف استئناف السير في المنازعة بعد انقطاعها يأخذ حكم إقامتها ابتداء من حيث
الالتزام بالإجراءات التي رسمها القانون لانعقاد الخصومة أمام المحكمة المختصة ويكون
ذلك صحيحاً في القانون إذا تم إيداع الطلب خلال سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي
دون الاعتداد بتاريخ التكليف بالحضور لتعارضه مع طبيعة الإجراءات الإدارية التي نظمها
قانون مجلس الدولة.
كما أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الدعوى الإدارية تقوم على روابط القانون العام
وتتمثل في خصومة مردها إلى مبدأ الشرعية وسيادة القانون وتتحرر بالتالي من لدد الخصومة
الشخصية التي تهيمن على منازعات القانون الخاص ومن ثم فإن الدعوى القائمة على روابط
القانون العام يهيمن عليها القاضي فهو الذي يوجهها ويكلف الخصوم فيها لما يراه لازماً
لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها وفي ضوء هذه المبادئ يتضح أن المادة
134 من قانون المرافعات والتي (تخول كل صاحب مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في
الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوطها متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح
من إجراءات التقاضي) تتعارض أحكامها مع روح النظام القضائي الذي تقوم عليه محاكم مجلس
الدولة ومن ثم فإنها لا تنطبق على الدعوى الإدارية وقياساً على ما أورده قضاء هذه المحكمة
بالنسبة للمادة 134 مرافعات الخاص بسقوط الخصومة فإن المادة 140 من قانون المرافعات
والتي تنص على انقضاء الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها تأخذ حكم سقوط
الخصومة من حيث تعارضها مع مقتضيات نظام القضاء الإداري وعلى ذلك فإن الخصومة أياً
كانت لا تسقط بمضي سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي كذلك لا تنقضي الخصومة
بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها لتعارض نص المادتين 134، 140 من قانون المرافعات
مع نظام ومقتضيات القضاء الإداري.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن الدعوى الصادر فيها الحكم
المطعون فيه قد قضي فيها بجلسة 27/ 6/ 1976 بانقضاء سير الخصومة فيها لوفاة مورث المطعون
ضدهم وأن الجهة الإدارية الطاعنة قد قامت بإيداع صحيفة تعجيل الدعوى سكرتارية محكمة
القضاء الإداري بتاريخ 8/ 4/ 1977 حسبما ورد بمذكرة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
المؤرخة 11/ 2/ 1984 ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعوى المشار إليها تأسيساً
على أن آخر إجراء صحيح قامت به جهة الإدارة وهو إيداع عريضة التعجيل في 8/ 4/ 1977
وأنها لم تقم بعد ذلك التاريخ بأي إجراء في الدعوى إلا بتاريخ 11/ 2/ 1984 يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويضحى جديراً بالإلغاء ويتعين إعادة الدعوى لمحكمة القضاء
الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.
