الطعن رقم 306 سنة 21 ق – جلسة 05 /11 /1953
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 5 – صـ 150
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1953
القضية رقم 306 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة
عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) ضرائب. تقدير أرباح الممول. اتخاذ أوراقه وحساباته أساساً للتقدير. شرطه. أن
يكون الثابت بها مطابقاً للحقيقة. حكم. تسبيبه. تقريره بأسباب سائغة أن دفاتر الممول
غير منتظمة. إطراحه هذه الدفاتر واعتماده تقدير اللجنة. لا مخالفة في ذلك للقانون.
المواد 47، 52، 53 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
(ب) ضرائب. حكم. تسبيبه. عدم إجابته طلب الممول ندب خبير لتحقيق ما دفع به من أنه لم
يتجر بالتجزئة. اقتناعه لأسباب سائغة بصحة قرار لجنة التقدير باعتبار الممول تاجراً
بالجملة ونصف الجملة. لا خطأ.
1 – أنه وإن كان الأصل في تقدير أرباح الممول أن يكون على أساس أوراقه وحساباته وفقاً
للفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 14 لسنة 1939 إلا أن ذلك مشروط بأن يكون
الثابت بها مطابقاً لحقيقة الواقع، وإلا فإن لمصلحة الضرائب الحق في أن تحدد إيرادات
الممول بطريقة التقدير وذلك وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها، وعند الخلاف
بين الممول ومصلحة الضرائب ترفع المسائل المختلف عليها إلى لجنة التقدير لتفصل فيها
على ضوء الإقرارات والبيانات التي يقدمها الممول وملاحظات مصلحة الضرائب، وذلك وفقاً
لنص المادتين 52، 53 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فإذا طعن الممول أو مصلحة الضرائب
في تقدير اللجنة أمام المحاكم فإن لها السلطة في اعتماد أوراق الممول ودفاتره أو إطراحها
إذا هي لم تطمئن إليها. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بدفاتر الطاعن
في تقدير نسبة أرباحه وأخذ بما حددته لجنة التقدير قد أثبت بالأسباب السائغة التي أوردها
عدم انتظام هذه الدفاتر وعدم إمساكه دفتر الصنف فإن النعي عليه بمخالفة القانون في
هذا الخصوص يكون على غير أساس.
2 – المحكمة غير ملزمة بندب خبير لتحقيق ما دفع به الطاعن من أنه لم يكن يتجر بالتجزئة
متى كانت قد اقتنعت بصحة قرار لجنة التقدير باعتباره تاجراً بالجملة ونصف الجملة وأقامت
قضاءها في هذا الخصوص على الأسباب السائغة التي أوردتها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة
المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن
يشتغل في تجارة الحبوب، وقد حددت لجنة التقدير أرباحه عن السنوات من 1942 لغاية 1945
بالمبالغ 539 جنيه، 1088 جنيه، 1675 جنيه، 1793 جنيه على التوالي. فأقام الدعوى رقم
188 سنة 1949 ضرائب الإسكندرية الابتدائية وقال في صحيفتها بأن هذا التقدير مجحف به،
وأن اللجنة لم تعول على دفاتره رغم تسجيلها واستيفائها كافة الشرائط القانونية، وطلب
الحكم باعتبار أرباحه في السنوات المذكورة 208 جنيه و280 مليم، 256 جنيه و110 مليم،
189 جنيه و355 مليم، 194 جنيه و88 مليم على التوالي. وفي12 من نوفمبر سنة 1950 قضت
المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه برفضه وبتأييد قرار لجنة التقدير المطعون فيه.
فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 73 سنة 6 ق تجاري الإسكندرية، تأسيساً
على أن محكمة أول درجة أخطأت في عدم الأخذ بالنتائج التي أظهرتها الدفاتر في حين أنها
أخذت بأرقام تكلفة المبيعات والمصروفات كما هي مثبتة بهذه الدفاتر، وعلى أنها اعتبرت
أنه يتجر بالتجزئة علاوة على اتجاره بنصف الجملة في حين أنه ثابت من قيده بالسجل التجاري
ومن قيوده الواردة بدفاتره المسجلة أنه يتجر بالجملة ونصف الجملة فقط، وعلى أن السلع
التي يتجر فيها خاضعة لقيود التسعير الجبري وهو لا يسمح بربح يزيد على 2.5%، ومع ذلك
فإن المأمورية واللجنة قدرتا أرباحه بنسبة 12% وطلب الحكم بندب خبير لفحص حساباته وتحقيق
دفاعه، وفي 16 من يناير سنة 1951 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وفي موضوعه برفضه
وبتأييد الحكم المستأنف… فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل الأول منها في أن الحكم المطعون فيه خالف
القانون ذلك لأن الطاعن تمسك بأنه يمسك دفاتر تجارية مسجلة من سنة 1939 وكان ينقصها
حتى سنة 1942 دفتر الصنف وحده، ثم أمسك هذا الدفتر بعد ذلك، وبذلك أصبحت دفاتره مستوفاة
وحائزة لشرائطها القانونية منذ سنة 1943. ولما كانت المادة 47 من القانون رقم 14 لسنة
1939 تقضي بتقدير ضريبة الأرباح التجارية على أساس الأرباح الحقيقية الثابتة بأوراق
الممول وحساباته، فإنه ما كان يجوز للمحكمة أن تطرح دفاتره وحساباته وتأخذ بتقدير اللجنة
الجزافي.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بدفاتر الطاعن في تقدير
نسبة أرباحه عن السنوات السالف ذكرها وأخذ بما حددته لجنة التقدير، فإنه قد استند في
ذلك إلى أن الثابت من قرار اللجنة أنه باطلاعها على دفاتر الطاعن استبان لها أنه ليس
لديه في سنوات النزاع حسابات تبين الكميات والأصناف سواء في المبيعات بأجل أو بالنقد،
كما أنه ليس لديه دفتر صنف حتى يمكن تحديد الكميات التي يبيعها من كل صنف من الأصناف
الخاضعة للتسعير الجبري أو غير الخاضعة له، وإلى أنه ثابت من أقوال الطاعن ومن أقوال
وكيله الخبير المحاسب الذي حضر معه أمام اللجنة أنه ليس لديه حسابات منتظمة وأنه لا
يستعمل دفتر الصنف، وإلى ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه في هذا الخصوص بالحكم
المطعون فيه من أن المحكمة ترى تأييد اللجنة في عدم الأخذ بدفاتر الطاعن للأسباب التي
أوردتها، لأن قبول الطاعن تقدير المأمورية لأرباحه في السنوات 1939 – 1941 وهي تبلغ
أضعاف ما ورد بإقراراته المستخلصة من دفاتره دليل على عدم تمسكه بالنتائج التي أظهرتها
هذه الدفاتر. وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أنه وإن كان الأصل في
تقدير أرباح الممول أن يكون على أساس وأوراقه وحساباته وفقاً للفقرة الأولى من المادة
47 من القانون رقم 14 لسنة 1939، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الثابت بها مطابقاً لحقيقة
الواقع، وإلا فإن لمصلحة الضرائب الحق في أن تحدد إيرادات الممول بطريقة التقدير وذلك
وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها، وعند الخلاف بين الممول ومصلحة الضرائب
ترفع المسائل المختلف عليها إلى لجنة التقدير لتفصل فيها على ضوء الإقرارات والبيانات
التي يقدمها الممول وملاحظات مصلحة الضرائب، وذلك وفقاً لنص المادتين 52، 53 من القانون
رقم 14 لسنة 1939. فإذا طعن الممول أو مصلحة الضرائب في تقدير اللجنة أمام المحاكم
فإن لها السلطة في اعتماد أوراق الممول ودفاتره وإطراحها إذا هي لم تطمئن إليها، ولما
كان الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بدفاتر الطاعن لعدم انتظامها ولعدم وجود دفتر الصنف
فإنه قد استند في ذلك إلى الأسباب السابق بيانها والتي تكفى لإقامته في هذا الخصوص
فإن ما ينعاه عليه الطاعن في هذا السبب من مخالفة القانون يكون على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخل بحق الطاعن في الدفاع من وجهين الأول
أنه تمسك بأن دفاتره منتظمة منذ سنة 1943حتى سنة 1945 وطلب ندب خبير لتحقيق هذا الدفاع،
ولكن المحكمة لم تقم وزناً لهذا الطلب. والثاني أنه استند في دفاعه بأنه لم يكن يتجر
بالتجزئة وإنما يتجر بالجملة ونصف الجملة إلى ورقتين رسميتين إحداهما إقرار القيد بالسجل
التجاري والأخرى شهادة من الغرفة التجارية، إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالرد على
هذا الدفاع بأن الطاعن لم يقدم هذين المستندين بملف الدعوى، وكان حريا به أن يعيد القضية
للمرافعة ويتحرى أسباب عدم إرفاقهما ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم مشوب بالقصور
والتناقض من وجهين: الأول – أن الطاعن أقام دفاعه على أساس تمسكه بالأرباح التي أظهرتها
دفاتره من سنة 1943 إلى سنة 1945، وأن حساباته صحيحة ودفاتره منتظمة، وطلب ندب خبير
لتحقيق دفاعه، إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع، وليس يعتبر رداً عليه قول الحكم
إن هذا الطلب غير منتج في الدعوى لانتفاء الأسس اللازمة للحصول على تقدير أسلم من تقدير
اللجنة. والوجه الثاني أن الحكم إذ تحدث عن ورقتي إقرار القيد وشهادة الغرفة التجارية
منوهاً بعدم وجودهما بملف الدعوى،
انتهى إلى القول بأنه لو صح أن الطاعن مقيد بالسجل التجاري على أنه تاجر جملة ونصف
جملة وقدم إقراراً من الغرفة التجارية، فإن ذلك لا يمنعه من الاتجار بالتجزئة، وهذا
القول غير سائغ إذ قد يتغير الأمر لو أتيح للمحكمة الاطلاع على الورقتين المذكورتين.
ومن حيث إن هذين السببين بجميع أوجههما مردودان أولاً بأن الوجه الأول منهما لا يعدو
أن يكون ترديداً لما أورده الطاعن في السبب الأول من الادعاء بانتظام دفاتره مما سبق
الرد عليه، ومردودان ثانياً في الأوجه الأخرى بأن المحكمة إذ رفضت إجابة الطاعن إلى
طلب ندب خبير لتحقيق دفاعه المشار إليه واعتبرته تاجراً بنصف الجملة وبالتجزئة، فإنها
قد استندت في ذلك إلى أن الطاعن لم يقدم المستند الذي يثبت أنه مقيد بالسجل التجاري
كتاجر جملة ونصف جملة، كما لم يقدم إقرار الغرفة التجارية، ومع ذلك فإنه لو صح أنه
مقيد بالسجل التجاري وكان قد قدم إقراراً من الغرفة التجارية على اعتبار أنه تاجر بالجملة
ونصف الجملة فحسب فإن ذلك لم يكن لينفي قيامه فعلاً بالاتجار بالتجزئة وأنه يؤكد ذلك
أنه أقر أمام المأمورية بأنه تاجر بالتجزئة ومع ذلك فإن اللجنة اعتبرته تاجراً بنصف
الجملة بنسبة 75 % وبالتجزئة بنسبة 25% وإلى أن اللجنة قد اضطرت إلى اتباع طريقة التقدير
في تحديد أرباح الطاعن لعدم انتظام دفاتره وعدم استعمال دفتر الصنف، وإلى أن تعيين
خبير في الدعوى غير منتج لأن الطاعن ليس لديه الأسس اللازمة للوصول إلى تقدير أسلم
من تقدير اللجنة وهذا الذي قرره الحكم كاف لحمله في هذا الخصوص ولا تناقض فيه. والمحكمة
غير ملزمة بندب خبير في الدعوى متى كانت قد اقتنعت بصحة قرار لجنة التقدير وأقامت قضاءها
على الأسباب السابق بيانها.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن الطعن بجميع أوجهه على غير أساس ويتعين رفضه.