الطعن رقم 97 لسنة 21 ق – جلسة 05 /11 /1953
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 5 – صـ 141
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1953
القضية رقم 97 لسنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة:
سليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) شفعة. حكم. تسبيبه. استخلاصه العلم الكامل اليقيني بواقعة البيع من عريضة دعوى
الشفعة التي رفعها الشفيع أمام محكمة غير مختصة. هو استخلاص سائغ. النعي عليه فيما
أورده في خصوص برقيتين أرسلهما الشفيع للبائع والمشتري للاستدلال بهما على تحقق العلم
لا من تاريخ رفع الدعوى فحسب بل من تاريخ إرسالهما. نعي غير منتج.
(ب) شفعة. علم الشفيع بأسماء بعض المشترين دون البعض الآخر. هو علم تام بالنسبة للمشترين
الذين علم بهم وتسري المواعيد في حقه من تاريخ هذا العلم. بقاء حق الشفيع بالنسبة للمشترين
الذين لم يعلم بهم ولا تسري في حقه المواعيد إلا من تاريخ العلم بهم.
(جـ) شفعة. ميعاد الشفعة. رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة. من شأنه قطع ميعاد السقوط.
وقوف الانقطاع بمجرد صدور الحكم بعدم الاختصاص.
(د) شفعة. ميعاد الشفعة. حكم بعدم الاختصاص. ليس من شأن بقاء ميعاد استئنافه مفتوحاً
استمرار الانقطاع. عدم رفع الدعوى في ظرف شهر من تاريخ الحكم بعدم الاختصاص. سقوط حق
الشفعة. رفع الاستئناف في خلال شهر من تاريخ الحكم بعدم الاختصاص. تولد سبب جديد للانقطاع.
المادة 10 من قانون الشفعة.
1 – متى كان الحكم المطعون فيه قد استخلص واقعة العلم الكامل اليقيني بالبيع من عريضة
دعوى الشفعة التي أعلنها الطاعنان إلى المطعون عليهما وذكرا فيها أنهما بمجرد أن علما
بأن البائعة باعت إلى المطعون عليهما مقداراً معيناً من الأطيان أظهرا رغبتهما في الأخذ
بالشفعة ببرقيتين أعقبهما تكليف بالحضور أمام المحكمة الابتدائية الوطنية، وكان استخلاص
الحكم لواقعة علم الطاعنين بالبيع من عريضة دعوى الشفعة ومن تاريخ رفعها على الأقل،
وهي الدعوى المقضى فيها بعدم الاختصاص، هو استخلاص سائغ، فإنه يكون غير منتج تعييب
الحكم فيما أورده في خصوص البرقيتين المشار إليهما في سبب الطعن للاستدلال بهما، على
أن العلم الكامل قد تحقق من تاريخ إرسالهما.
2 – علم الشفيع بأسماء بعض المشترين دون البعض الآخر لا يعتبر ناقصاً لمجرد ذلك، بل
هو علم تام فيما يتعلق بمن علم بهم وتسري من تاريخه المواعيد التي نص عليها القانون
لطلب الشفعة ولرفع الدعوى بالنسبة إليهم ويبقى حق الشفيع قائماً بالنسبة لمن عداهم
منوطاً بعلمه بأسمائهم ومن تاريخ هذا العلم تسري في حقه المواعيد المذكورة.
3 – رفع دعوى الشفعة أمام محكمة غير مختصة من شأنه أن يقطع مدة السقوط طالما أن الدعوى
قائمة ولم يصدر فيها حكم في الاختصاص، ذلك أن مسألة الاختصاص هي من المسائل الدقيقة
التي تختلف فيها وجهات النظر، إلا أنه متى صدر في الدعوى حكم بعدم الاختصاص ولم يطعن
فيه رافع الدعوى بالاستئناف، فإن الانقطاع يقف أثره بمجرد صدور هذا الحكم.
4 – بقاء ميعاد الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر بعدم الاختصاص في دعوى الشفعة مفتوحاً
لعدم إعلانه وثبوت حق الشفيع في استئنافه ليس من شأنه جعل الانقطاع مستمراً، فإذا لم
يرفع الشفيع دعواه في ظرف شهر من تاريخ الحكم بعدم الاختصاص، فإن حقه في الشفعة يسقط
عملاً بالمادة 15 من قانون الشفعة، أما إذا رفع الاستئناف قبل مضي الشهر، فإنه يتولد
عن رفعه سبب جديد لانقطاع التقادم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة
المحاميين عن الطاعنين والمطعون عليهما الأول والثاني والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
… من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل
في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 2054 سنة 64 قضائية لدى محكمة مصر الابتدائية المختلطة
وقالا في صحيفتها أنهما بمجرد علمهما بأن المطعون عليها الثالثة باعت إلى المطعون عليهما
الأول والثاني في 13 من يوليه سنة 1943، 12 فداناً و17 قيراطاً و5 أسهم كائنة بزمام
إدكا مركز ملوى مديرية أسيوط بادرا بإبداء رغبتهما في أخذها بالشفعة بموجب برقيتين
مؤرختين في 15 من يوليه سنة 1943 أعقباهما بدعوى رفعاها لدى محكمة المنيا الابتدائية
بعريضة معلنة في 28 من يوليو سنة 1943 طلبا فيها الحكم بتقرير حقهما في أخذ الأطيان
المبيعة بالشفعة إلا أنه نظراً لأن المطعون عليها الثالثة – وهي البائعة – دفعت بعدم
اختصاص القضاء الوطني بنظر الدعوى استناداً إلى أنها فرنسية الجنسية مع أنهما كانا
يجهلان ذلك، فإن المحكمة المذكورة قضت في 13 من يناير سنة 1944 بقبول الدفع بعدم اختصاصها
بنظر الدعوى. وأن هذا الحكم أعلن إليهما في 15 من مايو سنة 1944. فأعاد الطاعنان في
23 و27 من مايو سنة 1944 رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة على المطعون عليه الأول عن
نفسه وبصفته ولياً شرعياً على مفيدة عبد الفتاح حسن والمطعون عليهما الثاني والثالثة
ومن اشترى من المشترين وهو فريد حسن فوزي المطعون عليه الأخير وطلبا في هذه الدعوى
نفس الطلبات مع تحوير في خصوص سبب الشفعة إذ أسساها على أنهما يملكان أراضي مجاورة
للأطيان المبيعة من جهتين فضلاً عن كونهما مالكين فيها على الشيوع. وبجلسة المرافعة
كان مما دفع به الحاضر عن المشترين الدفع بعدم قبول دعوى الشفعة لسقوط الحق فيها لعدم
قيام الشفيعين (الطاعنين) برفع الدعوى في الميعاد القانوني وفقاً للمادة 15 من قانون
الشفعة (القديم). وفي 5 من يناير سنة 1949 قضت محكمة أول درجة برفض هذا الدفع وقبل
الفصل في الموضوع بندب خبير لتحقيق مسوغات الشفعة. فاستأنف المشترون هذا الحكم لدى
محكمة استئناف مصر وقيد استئنافهم برقم 785 سنة 66 ق وأصروا على دفعهم الذي رفضته محكمة
الدرجة الأولى. وفي 28 من نوفمبر سنة 1950 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في الشفعة. فقرر الطاعنان الطعن
بالنقض في هذا الحكم.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها هو بطلان الحكم لقصور أسبابه ذلك بأنه
استند في ثبوت علم الطاعنين الكامل بتفصيلات البيع سبب الشفعة إلى أسباب ثلاثة: (الأول)
البرقية التي أرسلها الطاعن الأول إلى المطعون عليه الأول في 15 من يوليو سنة 1943،
في حين أن المستفاد منها أن كل ما كان يعلمه مرسلها إذ ذاك هو حصول البيع من المطعون
عليها الثالثة إلى المطعون عليه الأول وحده وبصفته الشخصية، وأن البيع ينصب على ثلاثة
عشر فداناً، فإذا ما استخلص الحكم من هذه البرقية علم الطاعن الأول بالمشتري الثاني
وبالقاصر كمشتر وبمقدار الأطيان المبيعة وبشروط التعاقد الأساسية، مع أن عبارة البرقية
لا تؤدي إلى هذا الاستنتاج، فإنه يكون قد أقام قضاؤه على واقعة وهمية وخالف الثابت
بالأوراق. (والثاني) ما ورد في صحيفة دعوى الشفعة التي أقيمت أمام محكمة المنيا الابتدائية،
مع أن كل ما ورد فيها لا يؤدي إلى القول بأن الطاعنين كانا يعلمان بالبيع العلم التفصيلي
الواجب لمؤاخذة الشفيع، ذلك أن كل ما ورد بها: "أنه بمجرد أن بلغ الطاعنين حصول هذا
البيع بادر أولهما وأظهر رغبته في أخذ الأطيان بالشفعة وأرسل برقيتين إحداهما للبائعة
والأخرى إلى المعلن إليه الأول الذي علم أنه اشترى". وهذه العبارات تقطع في أن ما استخلصه
الحكم منها يتنافر مع مدلولها. (والثالث) ما ورد في صحيفة الدعوى المختلطة مما أسماه
اعترافاً بأن قرر "وحيث إن الشفيعين معترفان فيما صدر منهما بصحيفة الدعوى الحالية
بأنهما علما بوقوع البيع العلم التام بجميع ما يجب على الشفيع بيانه في إعلان الرغبة
بالشفعة فقد ورد في هذه الصحيفة المعلنة إلى المستأنف الأول عن نفسه وبصفته وإلى المستأنف
الثاني شخصياً أنهما بمجرد أن علما أن السيدة أنيس صبران باعت لهذين المستأنفين أطياناً
قدرها 12 ف و17 ط و6 س أظهرا رغبتهما في الأخذ بالشفعة وذلك بواسطة إشارتين برقيتين
بتاريخ 15 من يوليو سنة 1943 أعقبهما تكليف بالحضور أمام محكمة المنيا الابتدائية الوطنية
بتاريخ 28 من يوليو سنة 1943" "وأنه يستفاد من هذا الكلام أن الشفيعين في يوم 15 من
يوليو سنة 1943 كانا يعلمان كلاهما بالبيع الحاصل في 13 من يوليو سنة 1943 من البائعة
إلى المشترين الثلاثة المستأنف الأول قاصرة والمستأنف الثاني. وهنا ما كان يصح القول
بأن الشفيعين أظهرا رغبتهما في الأخذ بالشفعة بواسطة إشارتين برقيتين بتاريخ 15 من
يوليو سنة 1943." وهذا الذي قرره الحكم مستنداً فيه إلى صحيفة الدعوى، لا يتفق مع ما
ورد في تلك الصحيفة من بيانات بل الثابت بها ينقضه وينفيه، كما أنه لا يؤدي عقلا إلى
استخلاص الاعتراف بالعلم المقول به فضلاً عن كون مخالفاً للقانون، لأنه يشترط في الإقرار
القضائي ليكون له حجية كاملة، أن يقصد المقر بإقراره إلزام نفسه بما أقر به وإعفاء
خصمه من تقديم أي دليل عليه، الأمر الذي لا يتوافر في العبارات الواردة بصحيفة الدعوى
المشار إليها، وخلص الطاعنان من ذلك إلى القول بأنه لما كان يترتب على ذلك قصور أسباب
الحكم في بيان واقعة علمهما بالبيع علماً يعتد به القانون، وكان الطاعنان يجهلان وقت
رفع الدعوى أمام محكمة المنيا الابتدائية أن القاصر اشترى جزءاً من العقار المشفوع
فيه، إذ لم تنكشف لهما هذه الحقيقة إلا بعد إعلان الحكم الصادر بعدم الاختصاص مما اقتضى
منهما إدخاله في شخص وليه في الدعوى الذي رفعت أمام القضاء المختلط، وكان هذا الإجراء
لا يستشف منه علم الطاعنين بالبيع الصادر إلى القاصر – كما ذهب الحكم خطأ، وكانت القرائن
التي استند إليها الحكم في القول بالعلم ليست قرائن قانونية لها مدلول خاص لا تقبل
خلافه، فإنه يترتب على ذلك أن يكون الدفع بسقوط حق الطاعنين في الشفعة سواء بالنسبة
للقاصر أو بالنسبة لباقي المشترين على غير أساس، أما فيما يختص بعدم إظهار الرغبة في
صحيفة الدعوى الوطنية إلى البائعة في الميعاد القانوني، فإن الحكم قد أخطأ في احتساب
الميعاد عملاً بنص المادة 19 من قانون الشفعة التي توجب أن يزاد على الميعاد القانوني
لإظهار الرغبة ميعاد مسافة، ومن ثم يكون الإعلان الحاصل إلى البائعة في 12 من أغسطس
سنة 1943 قد تم في ميعاد الخمسة عشر يوماً مضافاً إليها ميعاد المسافة بين محل الشفيعين
بمركز ملوى وبين محل البائعة في القاهرة.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم إذ قرر في خصوص علم الطاعنين بالبيع: "أنه
يستفاد من هذا الكلام أن الشفيعين في يوم 15 من يوليه سنة 1943 كانا يعلمان كلاهما
بالبيع الحاصل في 13 من يوليه سنة 1943 من البائعين إلى المشترين الثلاثة المستأنف
الأول (المطعون عليه الأول بصفته الشخصية وقاصرة) والمستأنف الثاني (المطعون عليه الثاني)".
ثم قرر في موضع آخر أن: "أمين (الطاعن الأول) اكتفى بإرسال برقية من صورتين إحداهما
إلى البائعة والأخرى إلى أحد المشترين وهو محمد عثمان دون الآخرين، مما يستفاد منه
أن أمين وقت إرسال البرقية في 15 من يوليه سنة 1943 إلى محمد أحمد عثمان لم يكن يعلم
بالمشترين الآخرين، فإن هذين التقريرين المتناقضين مما يعيب أسباب الحكم ويبطله.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث هو خطأ الحكم في تطبيق القانون من وجهين: الأول – إذ
انصرف في قضائه بسقوط حق الطاعنين في الشفعة عن تحري العلم الواقعي الذي يحتمه القانون
إلى العلم الافتراضي مخالفاً في ذلك نص المادة 19 من قانون الشفعة (القديم). والثاني:
إذ قرر أن رفع دعوى الشفعة أمام المحكمة الوطنية لا يقطع مواعيد الشفعة، ومن ثم تعتبر
دعوى الشفعة المرفوعة أمام المحكمة المختلطة من الطاعنين بعد الميعاد، وذلك تأسيساً
على أن مواعيد الشفعة هي مواعيد سقوط لا تقادم، وأن هذه المواعيد لا تنقطع ولا توقف،
بل تبقى مستمرة في السريان دون أن يعوقها عائق، خصوصاً ما تعلق منها بإجراء من إجراءات
المرافعات، كما هو الحال في دعوى الشفعة، مع أن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه
لا يتفق والمجمع عليه علماً وعملاً في هذا الخصوص من أن رفع دعوى الشفعة أمام محكمة
غير مختصة يقطع مدة سقوط الحق فيها.
ومن حيث إن هذه الأسباب جميعاً مردودة بأن الحكم المطعون فيه استخلص واقعة العلم الكامل
اليقيني بالبيع بالنسبة إلى المشترين محمد أحمد عثمان بصفته الشخصية ومحمود أحمد عثمان
من عريضة دعوى الشفعة التي أعلنها الطاعنان إلى المطعون عليهما المذكورين في 23 و27
من مايو سنة 1944 وذكرا فيها "أنهما بمجرد أن علما أن السيدة أنيس صابر باعت لهذين
المستأنفين (المطعون عليهما الأولين) أطياناً قدرها 12 فداناً و17 قيراطاً و16 سهماً
أظهرا رغبتهما في الأخذ بالشفعة وذلك بواسطة برقيتين بتاريخ 15 من يوليو سنة 1943 أعقبهما
تكليف بالحضور أمام محكمة المنيا الابتدائية الوطنية تاريخه 28 من يوليو سنة 1943".
ولما كان استخلاص الحكم لواقعة علم الطاعنين بالبيع من عريضة دعوى الشفعة ومن تاريخ
رفعها على الأقل – وهي الدعوى المقضى فيها بعدم الاختصاص – سائغاً فإنه يكون من غير
المنتج تعييب الحكم فيما أورده في خصوص الإشارتين البرقيتين المشار إليهما في سبب الطعن
للاستدلال بهما على أن العلم الكامل قد تحقق من تاريخ إرسالهما، أما زعمهما بأن علمهما
بالعقد وشرائطه كان علماً ناقصاً حتى بعد أن أقاما دعوى الشفعة على المشتريين – محمد
ومحمود أحمد عثمان – فهو لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً. وأما ما يتذرعان به من أنهما
كانا يجهلان اسم المشتري الثالث – وبالتالي يكون علمهما بالبيع علماً ناقصاً بالنسبة
لكافة المشترين فهو مردود بأن علم الشفيع بأسماء بعض المشترين دون البعض الآخر لا يعتبر
ناقصاً لمجرد ذلك بل هو علم تام فيما يتعلق بمن علم بهم وتسري من تاريخه المواعيد التي
نص عليها القانون لطلب الشفعة ولرفع الدعوى بالنسبة إليهم ويبقى حق الشفيع قائماً بالنسبة
لمن عداهم منوطاً بعلمه بأسمائهم ومن تاريخ هذا العلم تسري في حقه المواعيد المذكورة.
ومن حيث إن هذه المحكمة وإن كانت لا تقر الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن أحكام
انقطاع التقادم لا تسري على مواعيد السقوط. وترى على ما جرى به قضاؤها أنه وإن كان
لا وجه في العمل للتفرقة بين مواعيد السقوط ومدد التقادم المسقط إلا أنه لا معدي من
بحث كل مسألة منها على حدة لمعرفة طبيعة البواعث التي دعت إلى تعيين المدة فيها وأنه
فيما يتعلق بالمدة المعينة لرفع دعوى الشفعة، فإن رفع دعوى الشفعة أمام محكمة غير مختصة
من شأنه أن يقطع مدة السقوط، طالما أن الدعوى قائمة ولم يصدر فيها حكم في الاختصاص.
ذلك أن مسألة الاختصاص هي من المسائل الدقيقة التي تختلف فيها وجهات النظر إلا أنه
متى صدر في الدعوى حكم بعدم الاختصاص ولم يطعن فيه رافع الدعوى بالاستئناف فإن الانقطاع
يقف أثره بمجرد صدور هذا الحكم. ولما كان الطاعنان لم يرفعا الدعوى أمام المحكمة المختصة
إلا بعد مضى أكثر من شهر من تاريخ صدور الحكم بعدم الاختصاص؛ فان حقهما في الشفعة يكون
قد سقط عملاً بنص المادة 15 من قانون الشفعة. وذلك لعدم رفعهما الدعوى أمام المحكمة
المختصة في ظرف شهر من تاريخ انقطاع التقادم الذي انقطع سريانه عقب رفع الدعوى أمام
محكمة المنيا الابتدائية. ولا يرد على ذلك. بأن الحكم الصادر بعدم الاختصاص لم يعلن
إليهما فيبقى ميعاد الطعن فيه بالاستئناف مفتوحاً، وأن ثبوت حقهما في استئنافه يجعل
ميعاد الانقطاع مستمراً، ذلك لأن الطاعنين لم يستأنفا الحكم الصادر بعدم الاختصاص وبالاستئناف
لو كان قد حصل من الطاعنين كان يتولد عنه سبب جديد لانقطاع التقادم. ومن ثم يكون الحق
في دعوى الشفعة بالنسبة إلى المشترين اللذين كانا معلومين للطاعنين من تاريخ رفع الدعوى
أمام محكمة المنيا قد سقط.
ومن حيث إنه بالنسبة للقاصر فإنه مع التسليم بأن الطاعنين لم يكونا عالمين به كمشتر
في الصفقة إلا في تاريخ رفع الدعوى المختلطة (المطعون في حكمها) فإن حقهما في الأخذ
بالشفعة منه يكون قد سقط أيضاً لمضي أكثر من ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع في 14
من سبتمبر سنة 1943 حتى رفع الدعوى الحالية عليه أمام المحكمة المختلطة في 23 من مايو
سنة 1944 – وقد تمسك المطعون عليهما الأول والثاني بهذا السقوط أمام محكمة الموضوع
في مذكرتهما المقدمة صورتها الرسمية إلى هذه المحكمة – مما لا يصح معه قول الطاعنين
بأنه وجه جديد لا يجوز قبوله. ولا يغير من هذا النظر أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض
لهذا الوجه لعدم حاجته إلى بحثه بعد أن تبين له أن حق الطاعنين في الشفعة قد سقط لسبب
آخر على ما سبق بيانه.
ومن حيث إنه لما كانت الأسباب السابقة تكفي لإقامة الحكم فإن بحث ما عداها من أسباب
الطعن يكون غير منتج.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
