الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 158 سنة 21 قضائية – جلسة 22 /10 /1953 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 5 – صـ 76

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1953

القضية رقم 158 سنة 21 قضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) إعلان. وجوب بيان الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى جهة الإدارة. صيغة الإعلان الذي سلمت صورته إلى شيخ البلدة لا يفهم منها مصدر علم المحضر بواقعة إغلاق المحل وهل علم بذلك نتيجة لانتقاله أم من مصدر آخر. بطلان الإعلان. المادتان 12 و24 مرافعات.
(ب) نقض. طعن. المصلحة فيه. النعي على الحكم بالبطلان في الإسناد. قيام الحكم على سبب قانوني صحيح. لا مصلحة في الطعن.
(ج) شفعة. شرط الجوار في قانون الشفعة القديم. متى يتحقق هذا الشرط في الأراضي الزراعية. العبرة في تحققه هي بمجاورة أرض الشفيع للأرض المشفوع فيها من حدين. معنى ذلك. المادة 1/ 2 من قانون الشفعة القديم.
(د) استئناف. شفعة. وجوب نظر الاستئناف على أساس ما قدم إلى محكمة الاستئناف من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما قدم من ذلك إلى محكمة أول درجة. دفع أمام محكمة أول درجة بسقوط حق الشفيع في الشفعة. عدم فصلها في هذا الدفع اكتفاء منها بقبول دفوع أخرى بنت عليها الحكم برفض الدعوى. إلغاء محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي فيما فصل فيه من دفوع. وجوب فصلها في الدفع بسقوط الحق في الشفعة. إغفالها الفصل فيه. قصور.
(هـ) شفعة. حكم. تسبيبه. قيام النزاع في ثمن العين المشفوع فيها. قضاء الحكم بالشفعة بالثمن الذي تمسك به الشفيع دون الثمن المسمى في العقد. عدم بيان الأسباب التي استند إليها في قضائه. قصور.
1 – توجب المادة 12 من قانون المرافعات على المحضر الذي يسلم صورة من الإعلان إلى حاكم البلدة أو شيخها أن يثبت في أصل الإعلان وصورته جميع الخطوات التي تكون قد سبقت تسليم الصورة إلى أيهما من انتقاله إلى موطن المطلوب إعلانه وبيان وقت الانتقال وإثبات أنه لم يجد بهذا الموطن أحداً أو وجده مغلقاً وعدم مراعاة هذا الإجراء يترتب عليه، على ما جرى به قضاء محكمة النقض بطلان الإعلان عملاً بنص المادة 24 من قانون المرافعات. وإذن فمتى كان كل ما أثبته المحضر أنه انتقل إلى البلدة التي يقيم فيها المعلن إليه وأعلنه بالحكم المستأنف مخاطباً مع شيخ البلدة لغلق محله، وكان لا يستفاد من ذلك مصدر علم المحضر بواقعة إغلاق المحل وهل علم بذلك نتيجة انتقاله فعلاً إلى المحل الذي قرر أنه مغلق أم علم به عن طريق آخر فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان هذا الإعلان لا يكون قد خالف القانون.
2 – لا مصلحة للطاعنين في التحدي ببطلان الإسناد في خصوص ما قرره الحكم المطعون فيه من إغفال المحضر المكلف بالإعلان تحرير إخطار بتسليم الصورة إلى شيخ البلدة متى كان الإعلان باطلاً لسبب آخر.
3 – إن ما ورد في قانون الشفعة عن شرط الجوار هو في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الشفعة – القديم – والتي تنص على أنه "إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل" وهذه العبارة تدل على ما جرى به قضاء محكمة النقض، على أن الشارع إنما أراد أن يجعل العبرة في تقرير حق الأخذ بالشفعة بمجاورة أرض الجار الشفيع من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها إذ أسند التلاصق بالشروط التي ذكرها إلى أرض الجار ويؤكد ذلك اشتراطه أن تساوي أرض الجار نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل مما يقطع في أن الشارع ركز اهتمامه في تحديد أوصاف أرض الشفيع.
4 – لما كانت المادة 410 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما قدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى"، وكان الطاعنون قد دفعوا لدى محكمة أول درجة بسقوط حق الشفيعة في الشفعة لعدم رفعها الدعوى على بعض المشترين في الميعاد القانوني، وكانت محكمة ثاني درجة قد رأت إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى بقبوله من أوجه دفاع الطاعنين، فإنه كان لزاماً عليها الفصل في الدفع المشار إليه والذي لم يتعرض لبحثه الحكم الابتدائي اكتفاء بما قبله من دفوع أخرى، ما دام لم يصدر من الطاعنين ما يفيد نزولهم عنه صراحة أو ضمناً، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في هذا الخصوص.
5 – إذا كان ثمن العين المشفوع فيها محل نزاع بين الخصوم في دعوى الشفعة مما حدا بمحكمة أول درجة إلى إحالة الدعوى على التحقيق للوصول إلى معرفة حقيقة الثمن وسمعت شهود الطرفين إثباتاً ونفياً في هذا الخصوص فإن الحكم المطعون فيه إذ خلا من بيان الدليل الذي استند إليه في قضائه بالشفعة بالثمن الذي تمسك به الشفيع دون الثمن المسمى في العقد يكون قد شابه قصور يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطاعنين والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت على المطعون عليه الثاني وعلى الطاعنين الأول والثاني وعلى المرحوم محمد المهدي حسونة مورث الطاعنة الرابعة والمطعون عليهم من الثالثة إلى الأخيرة دعوى أمام محكمة الزقازيق الابتدائية قيدت في جدولها برقم 324 سنة 1947 قالت في صحيفة افتتاحها المعلنة في 13 و16 من مارس سنة 1947 إنها علمت في 7 من فبراير سنة 1947 أن المطعون عليه الثاني باع إلى باقي المدعى عليهم خمسة أفدنة بزمام ناحية حوض نجيح مركز ههيا مبينة حدودها ومعالمها بتلك الصحيفة وأنه نظراً لمجاورة أرضها للأرض المبيعة من الحدين البحري والغربي فضلاً عما لها من حقوق الارتفاق قد أنذرت البائع والمشترين في 15 و20 من فبراير سنة 1947 برغبتها في أخذ الأرض المبيعة بالشفعة وطلبت في دعواها الحكم بأحقيتها في الشفعة مقابل ثمن مقداره خمسمائة جنيه مصري أو ما يظهر أنه الثمن الحقيقي، ثم تبين لها أثناء نظر الدعوى أن الطاعن الثالث كان من ضمن المشترين فاختصمته فيها بالعريضة المعلنة إليه في 16 من سبتمبر سنة 1947. وعند بدء نظر الدعوى دفعها المشترون بدفوع منها أن أرض المطعون عليها الأولى لا تجاور الأرض المشفوع فيها إلا من حد واحد هو الحد البحري وأن الأرض بيعت بسعر الفدان 320 جنيهاً لا 100 جنيه كما ادعت الشفيعة وبجلسة 11 من مارس سنة 1948 حكمت المحكمة تمهيدياً: أولاً – بندب خبير لمعاينة الأرض المشفوع بها والأرض المشفوع فيها وتقدير ثمن كل منهما وبيان ما إذا كانت الأرض المشفوع بها تجاور الأرض المشفوع فيها من حد واحد أم من حدين وما إذا كان للأولى حق ارتفاق الري أو الصرف على الأخرى أم لا. ثانياً: بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن حقيقة ثمن الأرض المشفوع فيها 500 جنيه مع التصريح للمشترين بالنفي، وبعد أن باشر الخبير مأموريته قدم تقريراً ورد في نتيجته أن الأرض المشفوع بها تجاور الأطيان المشفوع فيها من الحدين البحري والغربي كما هو مبين بالرسم المرافق للتقرير وأن ثمن الأرض المشفوع بها وقت البيع 686 ج و250 م وأن ثمن الأرض المشفوع فيها 1272 ج و916 م. وفي 10 من مايو سنة 1949 سمعت المحكمة أقوال شهود الطرفين تنفيذاً للحكم التمهيدي. وفي 16 من سبتمبر سنة 1949 أوقفت الدعوى لوفاة المرحوم محمد المهدي حسونة ثم عجلت في مواجهة ورثته. وبجلسة 2 من فبراير سنة 1950 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أنه تبين لها من الاطلاع على الرسم المرافق لتقرير الخبير أن الأرض المشفوع بها لا تحد الأرض المشفوع فيها إلا من الحد القبلي، كما تبين لها من هذا التقرير أنه ليس للأرض المشفوع بها حق ارتفاق الري ولا الصرف على الأرض المشفوع فيها. فرفعت المطعون عليها الأولى استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة قيد في جدولها برقم 58 سنة 2 ق ودفع المشترون بعدم قبوله شكلاً تأسيساً على أن الحكم المستأنف أعلن إلى المطعون عليها الأولى في 13 من مارس سنة 1950، فلم تعلن ورثة محمد المهدي حسونة بصحيفة الاستئناف إلا في 13 من يونيه سنة 1950، أي بعد انقضاء ميعاد الاستئناف. وبجلسة 22 من مارس سنة 1951 حكمت المحكمة برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليها الأولى في أخذ الأطيان المشفوع فيها والبالغة مساحتها 4 ف و21 ط و12 س بالشفعة بثمن مقداره 500 جنيه وملحقاته القانونية مع إلزام من عدا المطعون عليه الثاني بالمصرفات عن الدرجتين وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. فقرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل السبب الأول منها في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً تأسيساً على بطلان إعلان الحكم المستأنف قد أقيم على وقائع لا سند لها من أوراق الدعوى فضلاً عن مخالفته للقانون. ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر أنه لا يستدل من عبارة المحضر المكلف بإعلان الحكم المستأنف إلى المطعون عليها الأولى أنه انتقل فعلاً إلى منزلها، كما قرر أن المحضر أغفل ما حتمته المادة 12 من قانون المرافعات من وجوب تحرير إخطار موصى عليه وإثبات ذلك في الإعلان. في حين أن المستفاد من عبارة المحضر المشار إليها أنه انتقل فعلاً إلى منزل المطعون عليها الأولى ووجده مغلقاً، كما أن أصل الإعلان قد أثبت المحضر في نهايته "أنه حرر عنه إخطار" ووقع بذلك. والقانون لا يتطلب ما اشترط الحكم المطعون فيه من وجوب تحرير صيغة مستقلة مثبتة لانتقال المحضر إلى محل إقامة المطلوب إعلانه وتحديد محل الإقامة وما يدور حول الانتقال من ملابسات.
ومن حيث إن هذا السبب مردود: أولاً – بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع لأن إعلان الحكم المستأنف قد وقع باطلاً على أنه "لا يستدل من عبارة المحضر المكلف بإعلان 13 من مارس سنة 1950 من أنه انتقل في تاريخه وأعلن خضرة السيد الشترى المقيمة بناحية حوض نجيح مركز ههيا مخاطباً مع شيخ الناحية محمد أنور محمود لغلق محلها – لا يستفاد من تلك العبارة أنه انتقل فعلاً إلى منزل المستأنفة ووجده مقفولاً وإلا لأثبت ذلك في صيغة مستقلة وحدد في الوقت ذاته مكان المنزل وما دار حول انتقاله من ملابسات" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن المادة 12 من قانون المرافعات توجب على المحضر الذي يسلم صورة من الإعلان إلى حاكم البلدة أو شيخها أن يثبت في أصل الإعلان وصورته جميع الخطوات التي تكون قد سبقت تسليم الصورة إلى أيهما من انتقاله إلى موطن المطلوب إعلانه وبيان وقت الانتقال وإثبات أنه لم يجد بهذا الموطن أحداً أو وجده مغلقاً، وأن عدم مراعاة هذا الإجراء يترتب عليه – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بطلان الإعلان عملاً بنص المادة 24 من قانون المرافعات. ومردود ثانياً: بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر أنه لا يستفاد من عبارة الإعلان أن المحضر انتقل فعلاً إلى منزل المطعون عليها الأولى لم يخالف الثابت في الأوراق ذلك أن كل ما أثبته المحضر أنه انتقل إلى البلدة التي تقيم بها المطعون عليها الأولى وأعلنها بالحكم المستأنف مخاطباً مع شيخ البلدة "لغلق محلها" ولا يستفاد من ذلك مصدر علم المحضر بواقعة إغلاق المحل وهل علم المحضر بذلك نتيجة انتقاله فعلاً إلى المحل الذي قرر أنه مغلق أم علم به عن طريق آخر. ومردود أخيراً بأنه لا مصلحة للطاعنين في التحدي ببطلان الإسناد في خصوص ما قرره الحكم المطعون فيه من إغفال المحضر المكلف بالإعلان تحرير الإخطار متى كان إعلان الحكم المستأنف باطلاً لسبب آخر وهو الذي سبق بيانه.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن الأرض المشفوع بها تجاور الأرض المشفوع فيها من جهتين قد أخطأ تطبيق القانون، ذلك لأن الواضح من الرسم المقدم من الخبير أن الأرض المشفوع بها لا تجاور الأرض المشفوع فيها إلا من الجهة القبلية لها – أي للأرض المشفوع فيها – وأن غاية ما في الأمر أن هذا الحد القبلي للأرض المشفوع فيها حد منكسر يبتدئ من الشرق إلى الغرب بطول 23.5 قصبة بجوار الأرض المشفوع بها، ثم يتجه لقبلي بجوار هذه الأرض أيضاً بطول 36 قصبة، ثم يتجه للغرب بجوار ترعة حوض نجيح بطول 13 قصبة، ويقول الطاعنون إن الحكم ظن خطأ أنه إذا انكسر الحد كان معنى ذلك المجاورة من حدين لا من حد واحد.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن ما ورد في قانون الشفعة عن شرط الجوار في هذا الخصوص هو نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الشفعة القديم – وهو "إذا كانت أرض الجار ملاصقة للأرض المشفوعة من جهتين وتساوي من الثمن نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل"، وهذه العبارة تدل – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة في (الطعن رقم 31 سنة 14 ق) – على أن الشارع إنما أراد أن يجعل العبرة في تقرير حق الأخذ بالشفعة بمجاورة أرض الجار – الشفيع – من جهتين من جهاتها للأرض المشفوع فيها، إذ أسند التلاصق بالشروط التي ذكرها إلى أرض الجار ويؤكد ذلك اشتراطه أن تساوي أرض الجار نصف ثمن الأرض المشفوعة على الأقل مما يقطع في أن الشارع ركز اهتمامه في تحديد أوصاف أرض الشفيع. ولما كان لا نزاع في أن الأرض المشفوع بها تجاور من جهتيها البحرية والغربية الأرض المشفوع فيها، كما أثبت الحكم المطعون فيه ذلك في أسبابه، فإن شرط الجوار المسوغ لحق الشفعة في هذه الحالة يكون متحققاً ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السببين الثالث والرابع يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور من وجهين: الأول – أن الطاعنين تمسكوا في مذكرتهم الختامية المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى بسقوط حق المطعون عليها الأولى في الشفعة لعدم إعلانها الطاعن الثالث بوصفه أحد المشترين بإنذار إبداء الرغبة ولعدم إقامتها دعوى الشفعة عليه في الميعاد القانوني ولم تتعرض المحكمة لبحث هذا الدفع بعد أن أغناها عنه ما انتهت إليه من عدم توافر ركن الجوار وعدم ثبوت حق الارتفاق المزعوم وأسست عليه قضاءها برفض الدعوى، وأنه كان يتعين على محكمة الاستئناف وقد خالفت في هذا الخصوص قضاء محكمة الدرجة الأولى أن تفصل في الدفع بسقوط الحق في الشفعة وذلك عملاً بنص المادة 410 من قانون المرافعات. والوجه الآخر هو أن محكمة الدرجة الأولى حكمت تمهيدياً في خصوص الخلاف على الثمن الذي بيعت به الأرض المشفوع فيها بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات حقيقة الثمن وسمعت شهود الطرفين إثباتاً ونفياً، وقد أجمع شهود الطاعنين على أن ثمن الفدان 320 جنيهاً، وقرر شهود المطعون عليها الأولى أن ثمن الفدان يزيد على مائة جنيه ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه بالشفعة في مقابل مبلغ 500 جنيه، أي باعتبار أن ثمن الفدان مائة جنيه فقط دون أن يناقش أقوال الشهود أو يسبب قضاءه في هذا الخصوص مع قيام النزاع في حقيقة الثمن.
ومن حيث إن هذا النعي بوجهيه في محله، ذلك – أولاً: لأنه يبين من الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة من الطاعنين إلى محكمة الدرجة الأولى والمؤرخة في 18 من يناير سنة 1950 أنهم دفعوا بسقوط حق المطعون عليها في الشفعة لعدم رفعها الدعوى على بعض المشترين في الميعاد القانوني، وقالوا في بيان هذا الدفع أن من اختصم من المشترين في بادئ الأمر وجهوا إلى المطعون عليها الأولى في 22 من مارس سنة 1947 إنذاراً تضمن أن ثمة مشترياً آخر لم يعلن بإنذار إبداء الرغبة، ثم حضروا بجلسة 8 من مايو سنة 1947 أمام المحكمة وقرروا أن هذا المشتري هو الطاعن الثالث – عبد الرحمن سالم – فأجلت الدعوى لجلسة 4 من سبتمبر سنة 1947 ثم لجلسة 30 من أكتوبر سنة 1947 لإعلانه بعريضة الدعوى، ولما كانت المادة 410 من قانون المرافعات تنص على أنه: "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما قدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة، وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى"، وكانت محكمة ثاني درجة قد رأت إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى بقبوله من دفوع الطاعنين، فكان لزاماً عليها بحث باقي الدفوع التي تمسكوا بها لدى محكمة الدرجة الأولى ولم يتعرض لبحثها الحكم الابتدائي اكتفاء بما قبله من دفوع – لما كان ذلك، وكان لم يصدر من الطاعنين ما يفيد نزولهم صراحة أو ضمناً عن باقي الدفوع التي أدلوا بها أمام محكمة الدرجة الأولى، فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تتعرض لها بالبحث وتقول كلمتها فيها، وإذ هي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في هذا الخصوص. وثانياً: لأنه مع قيام النزاع بين الطاعنين والمطعون عليها الأولى في حقيقة ثمن الأرض المشفوع فيها، مما حدا بمحكمة الدرجة الأولى إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق للوصول إلى معرفة حقيقته، وقد سمعت شهود الطرفين إثباتاً ونفياً في هذا الخصوص، فإن الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان الدليل الذي استند إليه في قضائه بثمن الأرض المشفوع فيها على اعتبار أنه 500 جنيه، وهذا قصور آخر في الحكم يبطله.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات