الطعنان رقما 292، 325 لسنة 55 ق – جلسة 18 /04 /1990
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 41 – صـ 1021
جلسة 18 من إبريل سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران ومحمد إسماعيل غزالي.
الطعنان رقما 292، 325 لسنة 55 القضائية
حكم. حجية الحكم الجنائي "الإيجار المفروش".
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطه. القضاء بإدانة المؤجر في جريمة عدم
إخطار الشرطة عن تأجير المكان مفروشاً. وجوب تقيد المحكمة المدنية بوصف العين بأنها
مفروشة. عدم قبول منازعة المستأجر بأن العين أجرت له خالية، ولو لم يكن ممثلاً في الدعوى
الجنائية.
نقض "الطعن بالنقض: المصلحة في الطعن".
إغفال الحكم الرد على دفاع للخصم غير منتج ولا مصلحة له فيه. لا عيب.
إيجار "الإيجار المفروش".
ادعاء المستأجر بطلان عقد استئجاره للعين مفروشة وأنها في حقيقتها خالية لقيام المؤجر
بتأجير أكثر من وحدة مفروشة بالعقار. لا مصلحة للمستأجر في هذا الادعاء. علة ذلك.
1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادتين 546 من قانون الإجراءات
الجنائية، 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968: أن الحكم الصادر في المواد الجنائية
يكون له حجية قبل الكافة أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع
الفعل المكون الأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا
الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على
المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تتقيد بها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية
المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق صدوره……..، لما كان
ذلك وكان وصف التأجير مفروشاً لشقتي النزاع إلى الطاعنين لازماً للفصل في جريمة عدم
إخطار الشرطة عن الإيجار المفروش، وكان أساس النزاع في الدعاوى المدنية الصادر في شأنها
الحكم المطعون فيه يدور حول ما إذا كان التأجير للطاعنين قد انصب على وحدة مفروشة كما
يدعي المطعون ضده الأول أم خالية حسبما يتمسك به الطاعنان، ومن ثم فإن تحديد وصف العين
هذا الخصوص يكون أساساً مشتركاً بين الدعويين الجنائية والمدنية، مما مقتضاه وجوب تقيد
المحكمة المدنية بما انتهى إليه الحكم الجنائي من أن تأجير شقتي النزاع قد انصب على
مكان مفروش ولا يقبل من الطاعنين المستأجرين التحدي بأن الإجارة انصبت على مكان خال
لما في ذلك من مساس بما فصل فيه الحكم الجنائي من وقائع وكان فصله فيها ضرورياً وذلك
بصرف النظر عن أنهما لم يكونا ممثلين في الدعوى الجنائية باعتبار أن الحكم الجنائي
له حجيته قبل الكافة.
2 – لا يعيب الحكم بالقصور إغفاله الرد على دفاع للخصم غير منتج في النزاع ولا يحقق
له أية مصلحة أو يعود عليه منه أية فائدة.
3 – لما كان ما يثيره الطاعن بشأن بطلان عقد استئجاره للعين مفروشة لقيام المؤجر بتأجير
أكثر من وحده مفروشة بالعقار بالمخالفة لنص المادة 39 من القانون رقم 49 لسنة 1977
التي تحظر على المالك – في غير المصايف والمشاتي – أن يؤجر أكثر من وحدة واحدة مفروشة
إلا في الحالات التي أوردها النص على سبيل الاستثناء لا يحقق له هذا الادعاء أية مصلحة،
ذلك أنه بفرض ثبوت هذا البطلان المدعي به فإنه يترتب عليه اعتبار التصرف كأن لم يكن
مع إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وفقاً لنص المادة 25 من
القانون رقم 136 لسنة 1981 ويكون غير منتج التحدي بهذا البطلان توصلاً إلى ما يبتغيه
الطاعن من إثبات العلاقة الإيجارية عن ذات العين خالية بعد أن خلص الحكم صحيحاً إلى
أنه استأجر شقة النزاع مفروشة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق وفي حدود ما تم عنه
الطعن – تتحصل في أن الطاعن "…….." أقام على المطعون ضده الأول "……." الدعوى
رقم 3584 سنة 1980 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالباً الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية
بينهما شقة النزاع خالية لقاء أجرة شهرية 25 جنيه، وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 18/
1/ 1980 استأجر منه الشقة رقم 14 بالبناء المبين بالصحيفة باعتبار أنها مفروشة ووقع
على قائمة صورية بالمفروشات وإذا كانت الإجارة قد انصبت في حقيقتها على العين خالية،
فقد أقام الدعوى كما أقام المطعون ضده الأول على الطاعن المذكور الدعوى رقم 6251 سنة
1980 أمام ذات المحكمة طالباً الحكم بإخلاء شقة النزاع وتسليمها إليه بمفروشاتها على
سند تأخره في سداد الأجرة عن المدة من 1/ 5/ 1980 حتى 31/ 10/ 1980 رغم تكليفه بالوفاء
بها، ولانتهاء مدة العقد بعد إنذاره بعدم الرغبة في تجديده، ثم تقدم المطعون ضده الثاني
طالباً التدخل في الدعويين – باعتباره أحد ملاك العقار – منضماً إلى المطعون ضده الأول،
كما أقام الطاعن "………" على نفس المطعون ضده "……….." الدعوى رقم 2072 سنة
1981 أمام ذات المحكمة طالباً الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينهما عن الشقة رقم 15
بالعقار المذكور باعتبارها خالية لقاء أجرة شهرية قدرها 10.275 مليمجـ على سند من استئجاره
لها في 1/ 5/ 1978 خالية وصورية قائمة المفروشات التي اضطر للتوقيع عليها، وقد تقدمت
"……….." طالبة التدخل في هذه الدعوى منضمة إلى المدعى عليه قبلها، وبعد أن قررت
المحكمة ضم هذه الدعاوى والثلاث ليصدر فيها حكم واحد، قضت بتاريخ 11/ 5/ 1983 بقبول
تدخل المطعون ضده الثاني في الدعويين الأوليين وقبول تدخل "………." في الدعوى الثالثة
وبرفض دعوى الطاعنين وبطرد الطاعن "………." من شقة النزاع وتسليمها إلى المطعون
ضدهما بمفروشاتها، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 423 سنة 39 ق الإسكندرية
وبتاريخ 16/ 2/ 1984 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن "………" في
هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 292 سنة 55 ق، كما طعن فيه الطاعن……… حيث
قيد طعنه برقم 225 سنة 55 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيهما الرأي
برفض الطعنين وإذا عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر
وحددت جلسة لنظرهما وفيهما قررت المحكمة ضم الطعن الثاني على الطعن الأولى ليصدر فيهما
حكم واحد كما التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن الأول أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن -…………. الأول وبالسببين
الثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال كما أقام الطاعن الثاني – ……… طعنه على سبب واحد ينعى به
على ذات الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أخطأ
إذ تقيد بحجية الحكم الصادر في القضية رقم 586 سنة 1980 جنح أمن الدولة الذي قضى بإدانة
المطعون ضده الأول "……….." لعدم إخطار الشرطة بتأجيره وحدات مفروشة بالعقار رغم
أنه لا حجية له في النزاع القائم بينهما وبين المؤجر المذكور ذلك أن الحكم الجنائي
ما كان له أن يعرض لصورية وصف الإجارة بأنها مفروشة أو صورية المنقولات ويحق لهما التمسك
باستثمار شقتي النزاع خاليتين وإثبات التأجير المفروش لأن مجرد التوقيع على قائمة المفروشات
لا يفيد استئجار الشقة مفروشة بل أن الدعوى خلت من عقد إيجار مكتوب، ولما كان الحكم
الجنائي لم يفصل في المنازعة بشأن صورية التأجير المفروش فإن الحكم المطعون فيه إذ
تقيد بحجيته يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص
المادتين 546 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968
أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته قبل إلغائه أمام المحكمة المدنية
كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية
والجنائية وفي الوصف القانون لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية
في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تتقيد
بها وتلزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي
السابق صدوره، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجناية
على المطعون ضده الأول "…….." الدعاوى أرقام 599، 605، 586 سنة 1980 جنح أمن دولة
لأنه أجر الوحدات محل النزاع مفروشة للأشخاص المبينة أسماءهم بالمحضر "ومن بينهم الطاعنان"
دون إخطار الشرطة بذلك خلال ثلاثة أيام من تاريخ التأجير وطلبت عقابه وفقاً لنص المادتين
41، 78 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 سنة 1977 وقد قضت المحكمة بتاريخ 27/ 6/ 1981
بتغريم المؤجر مائة جنيه وصار الحكم نهائياً وباتاً، وإذ كان وصف التأجير مفروشاً لشقتي
النزاع إلى الطاعنين لازماً للفصل في جريمة عدم إخطار الشرط عن الإيجار المفروش وكان
أساس النزاع في الدعوى الصادر في شأنها الحكم المطعون فيه يدور حول ما إذا كان التأجير
للطاعنين قد انصب على وحدة مفروشة كما يدعي المطعون ضده الأول أم خالية حسبما يتمسك
به الطاعنان، ومن ثم فان تحديد وصف العين هذا الخصوص يكون أساساً مشتركاً بين الدعويين
الجنائية والمدنية، مما مقتضاه وجوب تقيد المحكمة المدنية بما انتهى إليه الحكم الجنائي
من أن تأجير شقتي النزاع قد انصب على مكان مفروش، ولا يقبل من الطاعنين المستأجرين
التحدي بأن الإجارة انصبت على مكان خال لما في ذلك من مساس بهما فصل فيه الحكم الجنائي
من وقائع وكان فصله فيها ضرورياً وذلك بصرف النظر عن أنهما لم يكون ممثلين في الدعوى
الجنائية باعتبار أن الحكم الجنائي له حجيته قبل إلغائه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه
هذا النظر وأقام قضاءه على سند مما قضى به الحكم الجنائي من أن الإجارة قد انصبت على
شقتين مفروشتين على نحو ما ورد بقائمتي المفروشات الثابت بهما استئجار الشقتين المذكورتين
بما فيهما من منقولات فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه القصور في التسبيب
ويكون النعي برمته على غير أساس.
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن "…….." بالسبب الثاني من أسباب طعنه على الحكم المطعون
فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك
يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان عقد الإيجار المفروش محل النزاع لأن المطعون
ضده قام بتأجير ثلاث وحدات مفروشة بالعقار مخالفاً بذلك نص المادة 39 من القانون رقم
49 لسنة 1977، إلا أن الحكم لم يعرض بالرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لا يعيب الحكم بالقصور إغفاله الرد على دفاع للخصم
غير منتج في النزاع ولا يحق له أية مصلحة أو تعود عليه منه أية فائدة لما كان ذلك وكان
ما يثيره الطاعن بشأن بطلان عقد استئجاره للعين مفروشة لقيام المؤجر بتأجير أكثر من
وحدة مفروشة بالعقار بالمخالفة لنص المادة 39 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تحظر
على المالك – في غير المصايف والمشاتي – أن يؤجر أكثر من وحدة واحدة مفروشة إلا في
الحالات التي أوردها النص على سبيل الاستثناء لا يحقق له هذا الادعاء أية مصلحة، ذلك
أنه يفرض ثبوت هذا البطلان المدعي به فإنه يترتب عليه اعتبار التصرف كأن لم يكن مع
إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وفقاً لنص المادة 25 من القانون
رقم 136 لسنة 1981 ويكون غير منتج التحدي بهذا البطلان توصلاً إلى ما يبتغيه الطاعن
من إثبات العلاقة الإيجارية عن ذات العين خالية بعد أن خلص الحكم صحيحاً – وعلى ما
سلف بيانه إلى أنه أستأجر شقة النزاع مفروشة ومن ثم فإنه لا تثريب على الحكم المطعون
فيه إن هو التفت عن الرد على ما أبداه الطاعن من دفاع في هذا الخصوص، ويكون النعي على
غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
