الطعن رقم 330 لسنة 25 ق – جلسة 10 /03 /1960
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 11 – صـ 213
جلسة 10 من مارس سنة 1960
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد رفعت، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.
الطعن رقم 330 لسنة 25 القضائية
شفعة "موانع الشفعة" "نزول الشفيع عن الشفعة".
النزول قبل البيع: وجوب أن يكون صريحاً. إن هو إلا تعهد من الشفيع بالامتناع عن استعمال
حق الشفعة عند حصول البيع.
النزول الضمني: يفترض فيه حصول البيع ثم صدور عمل أو تصرف من الشفيع يفيد الرغبة عن
استعمال حق الشفعة. الم 19 من قانون الشفعة الملغى. المقصود بالم 948 مدني جديد من
سقوط الشفعة بالنزول عنها قبل البيع. جواز محاجة الشفيع بما يكون قد صدر منه قبل البيع
من التزام بعدم استعمال حق الشفعة.
ما يعبر عنه بالنزول عن الشفعة قبل البيع إن هو إلا تعهد من الشفيع بالامتناع عن استعمال
حق الشفعة عند حصول البيع، مما يفيد أن هذا النزول يجب أن يكون صريحاً، أما النزول
الضمني عن الشفعة فيفترض فيه حصول البيع ثم صدور عمل أو تصرف من الشفيع بعد ذلك يفيد
الرغبة عن استعمال حق الشفعة. هذا هو مفهوم النزول الضمني عن الشفعة وهو ما كانت تقرره
المادة 19 من قانون الشفعة الملغى إذ نصت على أنه "يستدل على التنازل الضمني بكل عمل
أو عقد يؤخذ منه أن الشفيع عرف المشتري بصفته مالك العقار نهائياً"، أما ما تضمنته
المادة 948 من القانون المدني الجديد من سقوط الشفعة بالنزول عنها قبل البيع، فالمقصود
منه جواز محاجة الشفيع بما يكون قد صدر منه قبل البيع من التزام بعدم استعمال حق الشفعة،
وبهذا النص حسم القانون المدني الجديد الخلاف الذي كان قائماً قبل صدوره بشأن جواز
محاجة الشفيع يمثل هذا الالتزام.
المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتلخص في أن الطاعن
رفع الدعوى رقم 203 سنة 1954 كلي المنيا ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بأحقيته في أخذ
العقار المبيع من المطعون عليه الثاني للمطعون عليها الأولى والبالغ مساحته 289 متراً
و75 سم بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي المدفوع فعلاً والملحقات وتسليم هذا العقار إليه
مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة، فدفعت المطعون عليها الأولى الدعوى
بسقوط الحق في الأخذ بالشفعة لثلاثة أسباب: – أولها تجزئة العقار المبيع، والثاني عدم
إيداع الثمن قبل رفع الدعوى، والثالث نزول الطاعن نزولاً ضمنياً عن حقه في الأخذ بالشفعة،
وبتاريخ 24/ 10/ 1954 حكمت المحكمة برفض الدفعين الأولين وقبل الفصل في موضوع الدفع
الثالث الخاص بالنزول عن حق الشفعة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها
الأولى هذا النزول الضمني بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود ولينفي الطاعن ذلك
بنفس الطرق، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 26/ 12/ 1954 برفض الدعوى
وألزمت الطاعن بمصروفاتها ومبلغ 200 قرش أتعاب محاماة لما ثبت لديها من أقوال شهود
المطعون عليها الأولى من أن الطاعن تنازل ضمنياً وصريحاً عن حق الشفعة، فاستأنف الطاعن
هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بصحيفة قيدت بجدولها برقم 128 سنة 72 ق طالباً
إلغاءه وأحقيته في أخذ العقار سالف الذكر بالشفعة بثمن قدره 579 جنيهاً و450 مليماً
والمصروفات الرسمية ومقدارها 31 جنيهاً و400 مليم والمصروفات الأخرى مع إلزام المطعون
عليها الأولى بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين، وبتاريخ 10/ 5/ 1955 حكمت المحكمة برفض
الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بالمصروفات ومبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب
المحاماة، فقرر الطاعن بتاريخ 2/ 7/ 1955 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وبعد استيفاء
الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وبتاريخ 11/ 11/ 1959 عرض
الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها، فقررت الدائرة إحالته إلى هذه
الدائرة لنظره بجلسة 31/ 12/ 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة الاستئنافية قررت
أن عبارات "تعيش وتعمر وتجاورنا" أو "مبروك" التي قال الشهود أنها صدرت من الطاعن لزوج
المطعون عليها الأولى قبل صدور البيع إليها من المطعون عليه الثاني تفيد الرضا دلالة
بقبول الطاعن ملكية المشتري وحكمه للمشتري بثبوت الملك له، مع أن المتفق عليه أن سقوط
الشفعة بدلالة الرضاء بملك المشتري لا يجوز تقريره إلا بعد علم الشفيع بالشراء وتمام
البيع، إذ أن الرضا دلالة بملك المشتري قبل وقوع البيع محال.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة الاستئنافية
بعد أن استخلصت مما شهد به الشهود أمام محكمة الدرجة الأولى ثبوت صدور العبارات المشار
إليها في سبب النعي من الطاعن قبل البيع الصادر من المطعون عليه الثاني للمطعون عليها
الأولى قالت إن "هذه العبارات التي صدرت من المستأنف (الطاعن) تفيد الرضا دلالة بقبول
ملكية المشتري وحكمه للمشتري ثبوت الملك له…. وكما أن التنازل الصريح ينتج أثره بمجرد
حصوله سواء علم الشفيع أو لم يعلم، كذلك هو الشأن في التنازل الضمني في عهد القانون
الجديد الذي أجاز الرضا بالبيع قبل حصوله". ثم خلصت المحكمة تأسيساً على أقوال هؤلاء
الشهود إلى أن "المستأنف قد ارتضى حصول البيع للمستأنف عليها الأولى (المطعون عليها
الأولى) ونزل عن حقه بالشفعة فيما لو بيعت لها وأسقط حقه بيده فلا يملك الرجوع عما
سبق أن تنازل عنه لتعلق حق المستأنف عليها الأولى به وحكم ذلك هو ثبوت الملك لها".
وهذا الذي انتهى إليه الحكم مخالف للقانون، ذلك أن ما يعبر عنه بالنزول عن الشفعة قبل
البيع إن هو إلا تعهد من الشفيع بالامتناع عن استعمال حق الشفعة عند حصول البيع مما
يفيد أن هذا النزول يجب أن يكون صريحاً، أما النزول الضمني عن الشفعة فيفترض فيه حصول
البيع ثم صدور عمل أو تصرف من الشفيع بعد ذلك يفيد الرغبة عن استعمال حق الشفعة، هذا
هو مفهوم النزول الضمني عن الشفعة وهو ما كانت تقرره المادة 19 من قانون الشفعة الملغي،
إذ نصت على أنه "يستدل على التنازل الضمني بكل عمل أو عقد يؤخذ منه أن الشفيع عرف المشتري
بصفته مالك للعقار نهائياً"، وأما ما تضمنته المادة 948 من القانون المدني الجديد من
سقوط الشفعة بالنزول عنها قبل البيع، فالمقصود منه جواز محاجة الشفيع بما يكون قد صدر
منه قبل البيع من التزام بعدم استعمال حق الشفعة، وبهذا النص حسم القانون المدني الجديد
الخلاف الذي كان قائماً قبل صدوره بشأن جواز محاجة الشفيع بمثل هذا الالتزام.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
