الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 228 سنة 25 ق – جلسة 07 /01 /1960 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 11 – صـ 25

جلسة 7 من يناير سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.


الطعن رقم 228 سنة 25 القضائية

(أ وب) عمل "انتهاء عقد العمل" "العقد غير محدد المدة". محكمة الموضوع.
النص في عقد الاستخدام على انتهائه بانتهاء الأجل المحدد به دون حاجة إلى أخطار من رب العمل بعدم تجديده. تكرار التجديد 22 مرة رغم النص في كل مرة على منعه.
استخلاص محكمة الموضوع أن نية المتعاقدين كانت منصرفة منذ بدء التعاقد إلى تجديده مرات متوالية لم يحدداً عددها وقت التعاقد مما يجعل التعاقد منذ بدايته غير محدد المدة. سائغ ولا مخالفة فيه للقانون.
لا محل للتحدي بنص الم 680 مدني إذا كان الحكم قد انتهى إلى أن عقد الاستخدام بدأ غير محدد المدة.
(ب وجـ) عمل "الفصل بغير مبرر" "شرط استحقاق التعويض" "الفصل بلا مبرر – الضرر". تعويض. مسئولية. حكم "عيوب التدليل" " ما يعد كذلك" "إغفال الرد على دفاع جوهري".
استناد الحكم في قضائه بالتعويض إلى عدم ثبوت المبرر في فصل العامل يتحقق به الخطأ الموجب للمسئولية دون حاجة إلى إثبات سوء النية أو إساءة استعمال حق الفصل.
تمسك رب العمل بأن العامل لم يلحقه أي ضرر من فصله. التفات الحكم عن هذا الدفاع الجوهري وعدم العناية بتمحيصه أو الرد عليه. قصور.
1 – إذا كان يبين من الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه أن تعاقد المطعون عليه كمدرس للتربية البدنية مع المدرسة الطاعنة بدأ منذ أكتوبر سنة 1930 بعقد لمدة سنة نص فيه على انتهائه بانتهاء الأجل المحدد به دون حاجة إلى إخطار من الطاعنة بعدم تجديده، وأن هذا التعاقد قد استمر رغم ذلك يتجدد سنوياً لغاية أغسطس سنة 1953 أي اثنين وعشرين مرة، فإن ما استخلصه الحكم من هذه الوقائع يفيد أن محكمة الموضوع اعتبرت أن هذا التجديد المتكرر رغم النص في كل مرة على منعه – يدل على أن نية المتعاقدين كانت منصرفة منذ بدء التعاقد إلى تجديده مرات متوالية لم يحددا عددها وقت التعاقد مما يجعل هذا التعاقد منذ بدايته غير محدد المدة هو استخلاص سائغ لا مخالفة فيه للقانون.
2 – إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عقد استخدام المطعون عليه بدأ غير محدد المدة فلا محل للتحدي بنص المادة 680 من القانون المدني، أما النعي عليه بأنه لم يكلف المطعون عليه بإثبات أي خطأ أو سوء نية أو إساءة استعمال للحق من جانب الطاعنة اكتفاء بعدم وجود مبرر لعدم تجديد العقد مع المطعون عليه مع أن ذلك لا يؤدي إلى نسبة أي خطأ للطاعن فإنه في غير محله، ذلك أن استناد الحكم في قضائه بالتعويض على الطاعنة إلى عدم ثبوت المبرر لديه في فصل المطعون عليه يتحقق به خطؤها الموجب لمسئوليتها دون ما حاجة بعد ذلك إلى إثبات سوء نيتها أو إساءة استعمالها لحق الفصل.
3 – لما كان الضرر من أركان المسئولية وكان ثبوته شرطاً لازماً لقيام هذه المسئولية والحكم بالتعويض نتيجة لذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها بأن المطعون عليه لم يلحقه أي ضرر من فصله للأسباب التي استندت إليها في هذا الدفاع، فإن الحكم المطعون فيه وقد التفت عن هذا الدفاع ولم يعن بتمحيصه أو الرد عليه مع أنه دفاع جوهري يحتمل فيما لو ثبت أن يتغير معه وجه الرأي في الدعوى يكون مشوباً بقصور يبطله.


المحكمة

وحيث إن وقائعه تتلخص في أن المطعون عليه أقام على الطاعن بصفته وآخرين الدعويين رقمي 2986، 3731 سنة 1953 تجاري كلي مصر أمام محكمة القاهرة الابتدائية – وقد ضمتا فيما بعد بعريضتين ذكر فيهما أنه التحق بالمدرسة العبيدية كمدرس للتربية البدنية في شهر أكتوبر سنة 1930 بعقد كتابي لمدة عام دراسي تجدد كل سنة بدون انقطاع مما يحيله من عقد محدد المدة إلى عقد غير محدد المدة، وأنه فوجئ في 14/ 7/ 1953 بفصله من عمله بالمدرسة بدون مبرر ظاهر، وطلب الحكم قبل الطاعن أصلياً بوقف قرار الفصل أو إلغائه وإعادته إلى عمله واحتياطياً الحكم بصرف المكافأة القانونية ومبلغ 3000 جنيه كتعويض عن فصله التعسفي، ثم عدل طلباته إلى طلب الحكم أصلياً بوقف تنفيذ قرار الفصل وإلغائه وإعادته إلى عمله واحتياطياً إلزام الطاعن وباقي المدعى عليهم بأن يدفعوا له بطريق التضامن مبلغ 3000 جنيه كتعويض عن فصله – وطلب الطاعن رفض الدعوى استناداً إلى أسباب منها أن عقد استخدام المطعون عليه محدد المدة ينتهي بانتهاء الأجل المحدد به دون حاجة إلى إخطار بذلك – ولما كان العقد الأخير المحرر مع المطعون عليه لمدة سنة تنتهي في آخر أغسطس سنة 1953 فلا عسف في فصله وإنما فصل لانتهاء عقده. وبتاريخ 29/ 11/ 1954 حكمت المحكمة أخذاً بدفاع الطاعن برفض الدعوى وأعفت المطعون عليه من المصاريف، فاستأنف الأخير هذا الحكم ضد الطاعن فقط بصحيفة قيدت بجدول محكمة استئناف القاهرة برقم 1242 سنة 71 ق طلب فيها إلغاء الحكم المذكور والحكم له بطلباته السابقة. وبتاريخ 31 من يناير سنة 1955 حكمت المحكمة – أخذاً بدفاع المطعون عليه – بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 686 جنيهاً و856 مليماً والمصروفات المناسبة عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بتاريخ 11 من مايو سنة 1955 بطريق النقض، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وبتاريخ 10 من يونيه سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها، فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 19 من نوفمبر سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم أنه إذ قضى باعتبار العقد المحرر بين الطاعنة والمطعون عليه عقداً غير محدد المدة قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من ستة أوجه أوردها في السبب الأول من أسباب الطعن كما شابه قصور من ثلاثة أوجه أوردها في السبب الثاني، ويقول في بيان أوجه مخالفة القانون أن الوجه الأول منها يتلخص في مخالفة الحكم للقاعدة القانونية المنصوص عليها في المادة 150 من القانون المدني، ذلك أن الحكم إذ تعرض للتعرف على إرادة المتعاقدين قد خرج عن عبارات العقد الظاهرة مخالفاً في ذلك نص المادة 150 من القانون المدني في حين أن إرادة المتعاقدين لا يمكن – استخلاصها إلا بوسيلة مادية أو موضوعية هي عبارة العقد ذاتها فإذا كانت هذه العبارة واضحة لزم أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المتعاقدين المختلفة ولا يجوز الانحراف عن هذا التعبير لاستقصاء إرادة المتعاقدين الحقيقية عن طريق التفسير والتأويل – ولما كان كل عقد من العقود المقدمة في الدعوى صريحاً في تعيين مدته وهي مدة السنة الدراسية، وكانت هذه هي إرادة العاقدين الظاهرة والباطنة فإن الحكم إذ اعتبر أن عقد العمل كان غير محدد المدة يكون قد خالف القانون. ولا يعتد في هذا الصدد بالقول بأن للقاضي أن يعدل عن المعنى الظاهرة للفظ واضح الدلالة إلى معنى آخر يقتنع بأنه هو المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان، إذ يشترط لذلك أن يثبت القاضي في حكمه أن الإرادة الباطنية تغاير الإرادة الظاهرة في عبارات العقد وأن يذكر في حكمه لم عدل عن المعنى الظاهر إلى خلافه وكيف أفادت العبارة المعنى الذي اقتنع به ورجح أنه هو مقصود العاقدين وأن يؤسس بيانه على أصول ثابتة في الأوراق يصح عقلاً استخلاص ما استخلصه منها وألا يمسخ في عبارات العقد فلا يحرفها عن معانيها ويكيف فهمه الخاطئ للواقع على هذا المسخ، وحاصل الوجه الثاني الخطأ في التكييف القانوني لقعد العمل موضوع النزاع، ذلك أنه يبين من نصوص المواد 678 و679 و680 من القانون المدني والمادتين 35 و37 من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 52 بشأن عقد العمل الفردي أن عقد العمل نوعان – النوع الأول عقد لمدة معينة أو ما في حكمها كالعقد الذي يبرم مع العامل لتنفيذ عمل معين أو لعمل موسمي، والنوع الثاني عقد لمدة غير معينة ويكون إما بعدم تعيين المدة ابتداء أو بتعيينها ابتداء بعقد والاستمرار في تنفيذ هذا العقد بالطريق الضمني فتجديد مثل هذين العقدين بين الطرفين يكون لمدة غير معينة، وتختلف أحكام كل من النوعين عن الآخر ففي العقد المعين المدة ينتهي العقد بانتهاء مدته ولا يجوز للعامل أن يطالب رب العمل بتعويض عن عدم تجديد عقده وكذلك الحال في العقد المبرم لتنفيذ عمل معين أو لعمل موسمي، أما العقد الغير معين المدة فيجوز لرب العمل أن يفسخه بشرط تعويض العامل عن الأضرار التي قد تلحقه من جراء الفسخ إذا اثبت العامل أن صاحب العمل قد أساء حقه في الفسخ وأنه قد ناله ضرر من ذلك، ويشترط لاعتبار العقد غير معين المدة عند تجديده أن لا يحرر الطرفان بعد فوات مدة العقد الأولى عقداً جديداً مخالفاً للعقد الأول – إلا إذا كان العقد مبرماً لتنفيذ عمل معين – إذا كان العمل قابلاً بطبيعته لأن يتجدد، فإذا استمر تنفيذ مثل هذا العقد بعد انتهاء العمل المتفق عليه اعتبر العقد قد تجدد تجديداً ضمنياً المدة اللازمة للقيام بالعمل ذاته مرة أخرى ولا يعتبر أنه تجدد لمدة غير معينة – ووجه المخالفة في الحكم أنه وصف عقد العمل المبرم مع المطعون عليه عن عام دراسي واحد بأنه عقد غير معين المدة وبني هذا الوصف على أن العقد قد بدأ منذ أكتوبر سنة 1930 لمدة سنة ثم تتابعت العقود طول هذه المدة سنوياً وهذان العنصران لا ينطبقان على أركان عقد العمل غير معين المدة والتي تحصل بطريق التجديد الضمني عند استمرار تنفيذ عقد معين المدة – لأن تتابع العقود سنوياً معناه انصراف إرادة الطرفين إلى تعيين مدة كل عقد جديد يتم بينهما كل سنة دراسية ولأن العمل في طبيعته قابل لأن يتجدد. فإذا استمر تنفيذ العقد بعد انتهاء العام الدراسي فإنه يتجدد لعام دراسي آخر وهي المدة اللازمة للقيام بالتدريس مرة أخرى. وقد تجدد العقد أخيراً عن سنة 1952 – 1953 الدراسية وانتهى في 31/ 8/ 1953 ولم يتجدد بعد ذلك بإقرار المطعون عليه لا بعقد جديد ولا بموجب القانون فمثل هذا العقد يعتبر بحكم المادة 680 من القانون المدني معين المدة، ويتحصل الوجه الثالث في أن الحكم أغفل الأخذ بالنصوص الواردة في العقود المقدمة له وكان لها تأثير في مصير الدعوى وهي تتضمن أن العقد أبرم مع المطعون عليه كمدرس ألعاب رياضية لمدة عام دراسي محدد المدة في بدايته ونهايته وبراتب معين يختلف في كل عقد عن الآخر وبأن العمل ينقضي بانتهاء مدة العقد ولا يجوز امتداده إلى عام دراسي آخر بالطريق الضمني، وحاصل الوجه الرابع خطأ الحكم في تطبيق القانون إذ ترتب على الوصف القانوني الخاطئ الذي أعطاه الحكم لعقد العمل المبرم بين الطرفين إن أخطأ الحكم في تطبيق قانون العقد الصحيح على وقائع الدعوى فأدخلها تحت أحكام القانون الخاصة بالعقد غير معين المدة التي تجيز للعامل مطالبة رب العمل بتعويض عن الفصل التعسفي مع أنها تدخل تحت أحكام القانون الخاصة بانقضاء عقد العمل المعين المدة والذي ينقضي من تلقاء نفسه بمجرد انتهاء مدته بغير حق للعامل في أي تعويض. وحاصل الوجه الخامس مخالفة الحكم للقواعد القانونية في الإثبات إذا اعتبر العقد غير معين المدة من مصدرين أولهما – تعاقد المطعون عليه مع المدرسة بدأ من أكتوبر سنة 1930 بعقد لمدة سنة والثاني – أن العقود تتابعت طوال هذه المدة سنوياً. وهذان المصدران لا يؤديان لا عقلاً ولا قانوناً إلى استخلاص النتيجة التي وصل إليها الحكم وإنما على العكس يؤديان إلى أن عقد العمل محدد المدة بالعام الدراسي المبين به – كما أن العمل الدراسي قابل بطبيعته لأن يتجدد بعد انتهاء المدة المحددة له فإذا تجدد – حتى بالطريق الضمني فإنه يكون لمدة معينة على ما سبق البيان – وحاصل الوجه السادس مخالفة الحكم للقانون، ذلك أن الحكم قضى بالتعويض للمطعون عليه دون أن يثبت هذا الأخير أي خطأ أو سوء نية أو إساءة استعمال الحق من جانب الطاعن مكتفياً في ذلك بالتحدث عن الأسباب التي قدمها الطاعن لتبرير عدم تجديد العقد مع المطعون عليه والتي لا تؤدي إلى نسبة أي خطأ من الطاعن في ذلك. ويتحصل الوجه الأول من أوجه القصور المرتبطة بتكييف العقد في أن الحكم قد شابه قصور لأنه لم يبين الأسباب التي من أجلها عدل عن إرادة المتعاقدين الظاهرة في تعيين مدة العقد ولا كيف أن تلك العبارات الظاهرة في تعيين مدة العقد تؤدي إلى جعله عقداً غير معين المدة. ومحصل الوجه الثاني من هذه الأوجه أن الحكم لم يبين من أي تاريخ اعتبر عقد العمل غير محدد المدة وهل اعتبره كذلك على أثر انتهاء العام الدراسي أم لا. كما أنه لم يثبت الأسباب القانونية التي جعلته لا يعتبر عقود العمل المنفصلة المتعددة التي كانت تبرم كل سنة دراسية عقوداً مستقلة وإنما هي استمرار لتنفيذ عقد العمل الأول بالطريق الضمني. وكيف يتأتى قانوناً استمرار تنفيذ عقد بعد فوات مدته وتحرير عقد جديد آخر مستقل. ويتحصل الوجه الثالث في أن الحكم اعتبر أن عقد العمل غير معين المدة في حين أن الثابت من عقود العمل المقدمة في الدعوى أن الطرفين كانا يحرران سنوياً عقداً جديداً لمدة عام دراسي واحد ينص فيه على أنه غير قابل للتجديد وكان عقد العمل الأخير عن سنة 1952 – 1953 الدراسية وينتهي في آخر أغسطس سنة 1953 وقد تضمن نصاً بعدم التزام المدرسة العبيدية بإخطار المطعون عليه بعدم التجديد ومع ذلك قامت المدرسة بإخطاره في 14/ 7/ 1953 بعدم رغبتها في تجديد العقد عند نهايته فيكون الحكم فيما انتهى إليه من اعتبار عقد العمل غير معين المدة رغم ذلك غير قائم على أساس قانوني.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجوهه المختلفة – بأن الحكم المطعون فيه قد ورد به في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إن عقد الاستخدام وإن كان قد ذكر فيه صراحة أنه محددة المدة لمدة سنة إلا أن المحكمة تلاحظ أن تعاقد المستأنف مع المدرسة بدأ منذ أكتوبر سنة 1930 بعقد لمدة سنة ثم تتابعت العقود طول هذه المدة سنوياً مما يخرج بالعقد من أن يكون محدد المدة ومن ثم يكون تعاقد المستأنف مع المستأنف عليه غير محدد المدة". ولما كان يبين من الوقائع التي أثبتها الحكم المطعون فيه أن تعاقد المطعون عليه مع الطاعن بدأ منذ أكتوبر سنة 1930 بعقد لمدة سنة نص فيه على انتهائه بانتهاء الأجل المحدد به دون حاجة إلى إخطار من الطاعن بعدم تجديده وأن هذا التعاقد استمر رغم ذلك يتجدد سنوياً لغاية أغسطس سنة 1953 أي اثنين وعشرين مرة – فإن ما استخلصه الحكم من هذه الوقائع يفيد أن محكمة الموضوع اعتبرت أن هذا التجديد المتكرر – رغم النص في كل مرة على منعه – يدل على أن نية المتعاقدين كانت منصرفة منذ بدء التعاقد إلى تجديده مرات متوالية لم يحددا عددها وقت التعاقد مما يجعل هذا التعاقد منذ بدايته غير محدد المدة. وهو استخلاص سائغ لا مخالفة فيه للقانون – ولا محل للتحدي بنص المادة 680 من القانون المدني طالما أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عقد استخدام المطعون عليه بدأ غير محدد المدة – أما ما ينعي به الطاعن على الحكم من أنه لم يكلف المطعون عليه بإثبات أي خطأ أو سوء نية أو إساءة استعمال الحق من الطاعن اكتفاء بعدم وجود مبرر لعدم تجديد العقد مع المطعون عليه مع أن ذلك لا يؤدي إلى نسبة أي خطأ للطاعن فإن هذا النعي في غير محله – ذلك أن ما استند إليه الحكم في قضائه بالتعويض على الطاعن من عدم ثبوت المبرر لديه في فصل المطعون عليه يتحقق به خطؤه الموجب لمسئوليته دون ما حاجة بعد ذلك إلى إثبات سوء نيته أو إساءة استعماله لحق الفصل.
وحيث إن الطاعن ينعي في الوجه الخامس من السبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم بقصور تسبيبه ذلك أنه دفع أمام محكمة الاستئناف في المذكرات المقدمة منه بأن المطعون عليه لم ينله ضرر من عدم تجديد عقده لأنه التحق بالمدرسة الثانوية الأميرية بنيقوسيا عاصمة قبرص بلده الأصلي بشروط أسخى من شروط عقد عمله مع المدرسة العبيدية ولمدة عام دراسي واحد وأقر المطعون عليه بذلك في المذكرات المقدمة منه إلا أن محكمة الاستئناف لم ترد على هذا الدفاع الجوهري وأغفلته إغفالاً تاماً دون بيان الأسباب التي جعلتها تغفله مع أنه أساسي وتؤثر نتيجته في الحكم في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه في صدد سرد دفاع الطاعن أورد ما يأتي: "فضلاً عن أنه (المطعون عليه) لم ينله ضرر من فصله إذ التحق بمدرسة يونانية بقبرص وأقام بتلك الجزيرة بعيداً عن القطر المصري"، وبعد أن انتهت المحكمة الاستئنافية من مناقشة الدعوى إلى أن عقد استخدام المطعون عليه غير محدد المدة وأن فصل هذا الأخير من عمله كان تعسفاً من الطاعن لا مبرر له يلزم بتعويضه عن هذا الفصل التعسفي قالت المحكمة عن تقدير التعويض ما يأتي "وحيث إن المستأنف كان يتقاضى أجراً شاملاً بما فيه علاوة الغلاء مبلغ 26 ج و119 م فيكون التعويض المستحق له مبلغ 626 ج 856 م وهو ما يتعين الحكم له به" ولم يشر الحكم إلى دفاع الطاعن السابق الإشارة إليه أو يتعرض له بأي بحث أورد، ولما كان الضرر من أركان المسئولية وكان ثبوته شرطاً لازماً لقيام هذه المسئولية والحكم بالتعويض نتيجة لذلك – وكان الطاعن – على ما سبق بيانه قد تمسك في دفاعه المدون في الحكم المطعون فيه بأن المطعون عليه لم يلحقه أي ضرر من فصله للأسباب التي استند إليها في هذا الدفاع فإن الحكم المطعون فيه وقد التفت عن هذا الدفاع ولم يعن بتمحيصه أو الرد عليه مع أنه دفاع جوهري يحتمل فيما لو ثبت أن يتغير معه وجه الرأي في الدعوى. هذا الحكم يكون مشوباً بقصور يبطله، ولا محل مع نقض الحكم لهذا السبب لبحث ما أثاره الطاعن في الوجه السابع من السبب الأول وفي الوجه الرابع من السبب الثاني من أن القانون اليوناني كان يجيز فصل المطعون عليه لبلوغه سن الخامسة والخمسين.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات