الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 714 لسنة 48 ق – جلسة 07 /03 /1979 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 30 – صـ 747

جلسة 7 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج وصبحي رزق.


الطعن رقم 714 لسنة 48 القضائية

دعوى. "ترك الخصومة". إثبات "القرائن".
ترك الخصومة. إبداء المدعى عليه طلباً بقصد منع المحكمة من سماع الدعوى. قرينة على انتفاء مصلحته في الاعتراض على الترك. انتفاء هذه القرينة متى كان للمدعى عليه مصلحة مشروعة في الإبقاء على الخصومة أو إذا اتخذ الترك سبيلاً للإقرار به.
دعوى "ترك الخصومة". إيجار. "إيجار الأماكن".
الدعوى بإخلاء المستأجر والمستأجر من الباطن. ترك المؤجر الخصومة قبل الأخير الذي أبدى دفعاً باعتبار الدعوى كأن لم تكن. إثبات المحكمة لهذا الترك دون تحقيق الدفع واستمرارها في نظر الخصومة قبل المستأجر الأصلي وحده وقضاؤها بالإخلاء. خطأ.
1 – مؤدى نص المادة 142 من قانون المرافعات، أن المشرع لم يعلق ترك الخصومة على محض إرادة المدعي، لتفادي ما قد يضار به المدعى عليه الذي قد تتصل مصلحته بالفصل فيها، وجعل مناط المصلحة في الأصل مرتبطاً بإبداء المدعى عليه طلباته في موضوع الدعوى، اعتباراً بأن الإصرار على حسم النزاع لا يظهر إلا بعد أن يتحدد موقفه فيه، واتخذ في ذات الموقف من إبداء هذا الأخير أي طلب يكون القصد منه منع المحكمة من سماع الدعوى قرينة على انتفاء مصلحته، فلا يصح معه الالتفات إلى اعتراضه على الترك وعدم قبوله له، لما قدره من أن ترك المدعي للخصومة في الأحوال التي حددتها المادة وما شابهها – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقاً على المادة 309 المقابلة من قانون المرافعات السابق – هو في واقع الأمر تسليم منه بطلب المدعى عليه وتحقيق من جانبه للغرض الذي يرمي إليه وهو التخلص من الخصومة بغير حكم في موضوعها، مما مفاده أن المادة تضع قاعدة عامة مقتضاها عدم الاعتداد باعتراض المدعى عليه على ترك الخصومة طالما لم تكن له مصلحة مشروعة في الإبقاء عليها، فإذا تنافر ما يبغيه المدعى عليه من دفعه وما يستهدفه المدعي من تركه فلا محل لقيام القرينة، وإذا اتخذ الترك سبيلاً للكيد أو للإضرار بمصلحة المدعى عليه لم يعد هناك مجال لقبوله وإطراح الاعتراض عليه حتى ولو سبق للمدعى عليه إبداء طلب من قبيل ما أشارت إليه المادة.
2 – إذ كان الواقع في الدعوى أخذاً من تقريرات حكم محكمة أول درجة أن الطاعن دفع باعتبار الدعوى برمتها كأن لم تكن إعمالاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات، وكان الثابت من صحيفة الاستئناف المرفوع من الطاعن ومن محضر الاستجواب أمام محكمة الدرجة الثانية أن مبنى دفعه أن الدعوى برمتها سواء بالنسبة له أو "المطعون عليه الثالث تعتبر كأن لم تكن تبعاً لأن موضوع الالتزام غير قابل للتجزئة، فإذا ما عمدت المطعون عليهما الأولى والثانية بعد إبداء الدفع إلى تقرير ترك الخصومة بالنسبة للطاعن وحده دون المطعون عليه الثالث – المستأجر الأصلي – الذي ظل ماثلاً في التداعي في ذات الوقت الذي أسسا فيه مدعاهما على أن هناك تأجيراً من الباطن أو نزولاً عن الإجارة إلى الطاعن، فإن مسلك المطعون عليهما الأولتين لا يفيد تسليماً منهما بما أراده الطاعن من دفعه وإنما رميا إلى إبعاده عن نطاق الخصومة حتى يتسنى لهما استصدار حكم بالإخلاء له تأثيره على مركزه القانوني باعتباره شاغلاً شقة النزاع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن اعتراض الطاعن على ترك الخصومة وقضى بإثباته وتحجب بذلك عن تمحيص طبيعة الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن بمقارنته بمسلك المطعون عليهما الأولتين بعد ترك الخصومة بالنسبة إليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيقه القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليهما الأولى والثانية أقامتا الدعوى رقم… لسنة… مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثالث بطلبه فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة، وقالتا بياناً لدعواهما إنه بعقد مؤرخ 1/ 11/ 1959 استأجر المطعون عليه الثالث شقة بالعقار رقم… شارع… بمصر الجديدة من المالك الأصلي وحول لمورثهما، وإذ قام بتأجيرهما من الباطن إلى الطاعن الذي استغلهما كعيادة بالمخالفة لشروط عقد الإيجار دون سند من القانون، فقد أقامتا الدعوى. دفع الطاعن باعتبار الدعوى برمتها كأن لم تكن إعمالاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات استناداً إلى أن قراراً بشطب الدعوى قد صدر في 5/ 11/ 1975 لتخلف المطعون عليهما الأولى والثانية ولم يعلن هو بصحيفة التعجيل إلا في 12/ 5/ 1976 – قررت المطعون عليهما الأولى والثانية بترك الخصومة بالنسبة للطاعن وحده، رفض الطاعن قبول الترك مصمماً على الدفع، وبتاريخ 15/ 12/ 1976 حكمت المحكمة أولاً: بإثبات ترك الخصومة بالنسبة للطاعن ثانياً: بفسخ عقد الإيجار وبإخلاء المطعون عليه الثالث من شقة النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم… القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى أو اعتبارها كأن لم تكن وبتاريخ 6/ 6/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف باستجواب الطاعن وبعد تنفيذ الاستجواب عادت فحكمت بتاريخ 21/ 2/ 1978 – بتأييد الحكم المستأنف – طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض – وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن – عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بإثبات ترك المطعون عليهما الأولى والثانية للخصومة بالنسبة له رغم اعتراضه عليه، على سند من القول بأنه طالما دفع أمام محكمة أول درجة باعتبار الدعوى كأن لم تكن لبقائها مشطوبة أكثر من ستين يوماً دون أن يطلب أحد الخصوم السير فيها، فإنه إنما يهدف إلى منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى فلا يلتفت ثم لاعتراضه على الترك عملاً بالمادة 142 من قانون المرافعات ولا يحول ذلك دون نظر الدعوى قبل المستأجر الأصلي – المطعون عليه الثالث – لأن سبب اختصام الأخير هو إخلاله بالتزاماته التعاقدية، خلافاً للسبب بالنسبة للطاعن من شغل العين دون سند، في حين أن الدفع المبدى منه باعتبار الدعوى كأن لم تكن انصب على الدعوى برمتها أخذاً بأن موضوعها غير قابل للتجزئة – هذا إلى أن له مصلحة محققة في الاعتراض على ترك الخصومة بالنسبة له، إذ مؤداه أن تقتصر المداعاة على المطعون عليه الثالث الذي ترك العين ولا تكثر به المدافعة فيها – بينما يحال بينه وبين إبداء دفاعه، رغم أنه هو الشاغل للعين من بداية الإيجار مساكناً للمستأجر الأصلي، وهو المستهدف بحكم الإخلاء النافذ في حقه ولو لم يختصم في الدعوى أخذاً بمنطق المطعون عليهما الأولى والثانية من اعتباره مستأجراً من الباطن، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 142 من قانون المرافعات على أنه "لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقوله، ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى"، يدل على أن المشرع لم يعلق ترك الخصومة في الدعوى على محض إرادة المدعي، لتفادي ما قد يضار به المدعى عليه الذي قد تتصل مصلحته بالفصل فيها، وجعل مناط المصلحة في الأصل مرتبطاً بإبداء المدعى عليه طلباته في موضوع الدعوى، اعتباراً بأن الإصرار على حسم النزاع لا يظهر إلا بعد أن يتحدد موقفه فيه، واتخذ في ذات الموقف من إبداء هذا الأخير أي طلب يكون القصد منه منع المحكمة من سماع الدعوى قرينة على انتفاء مصلحته، فلا يصح معه الالتفات إلى اعتراضه على الترك وعدم قبوله له لما قرره من أن ترك المدعي للخصومة في الأحوال التي عددتها المادة وما شابهها وعلى ما جلته المذكرة الإيضاحية تعليقاً على المادة 309 المقابلة من قانون المرافعات السابق هو في واقع الأمر تسليم منه بطلب المدعى عليه – وتحقيق من جانبه للغرض الذي يرمي إليه، وهو التخلص من الخصومة بغير حكم في موضوعها، مما مفاده أن المادة تضع قاعدة عامة مقتضاها عدم الاعتداد باعتراض المدعى عليه على ترك الخصومة طالما لم تكن له مصلحة مشروعة في الإبقاء عليها، فإذا تنافر ما يبغيه المدعى عليه من دفعه، وما يستهدفه المدعي من تركه فلا محل لقيام القرينة، وإذا اتخذ الترك سبيلاً للكيد أو للإضرار بمصلحة المدعى عليه لم يعد هناك مجال لقبوله وإطراح الاعتراض عليه، حتى ولو سبق للمدعى عليه إبداء طلب من قبيل ما أشارت إليه المادة، ولما كان الواقع في الدعوى أخذاً من تقريرات حكم محكمة أول درجة أن الطاعن دفع باعتبار الدعوى برمتها كأن لم تكن إعمالاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات، وكان الثابت من صحيفة الاستئناف المرفوع من الطاعن ومن محضر الاستجواب أمام محكمة الدرجة الثانية أن مبنى دفعه أن الدعوى برمتها سواء بالنسبة له أو للمطعون عليه الثالث تعتبر كأن لم تكن تبعاً لأن موضوع الالتزام غير قابل للتجزئة، فإذا ما عمدت المطعون عليهما الأولى والثانية بعد إبداء الدفع إلى تقرير ترك الخصومة بالنسبة للطاعن وحده دون المطعون عليه الثالث الذي ظل ماثلاً في التداعي، في ذات الوقت الذي أسسا فيه مدعاهما على أن هناك تأجيراً من الباطن أو نزولاً عن الإجارة إلى الطاعن فإن مسلك المطعون عليهما الأولتين لا تفيد تسليماً منهما بما أراده الطاعن من دفعه وإنما رميا إلى إبعاده عن نطاق الخصومة حتى يتسنى لهما استصدار حكم بالإخلاء له تأثيره على مركزه القانوني باعتباره شاغلاً شقة النزاع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن اعتراض الطاعن على ترك الخصومة وقضى بإثباته وتحجب بذلك عن تمحيص طبيعة الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن بمقارنته بمسلك المطعون عليهما الأولتين بصدد ترك الخصومة بالنسبة إليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيقه القانون بما يستوجب نقضه دون بحث باقي الأسباب على أن يكون مع النقض الإحالة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات