الطعن رقم 113 لسنة 47 ق – جلسة 04 /03 /1979
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 30 – صـ 695
جلسة 4 من مارس سنة 1979
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي وعضوية السادة المستشارين إبراهيم هاشم، أحمد شوقي المليجي، عبد السلام إبراهيم القرش وعبد الوهاب سليم.
الطعن رقم 113 لسنة 47 القضائية
تأمينات اجتماعية "اشتراكات التأمين". بطلان.
نصيب صاحب العمل في اشتراكات التأمين عن العامل لدى هيئة التأمينات. عدم جواز الإنفاق
على تحميل العامل بها. م 4 ق 63 لسنة 1964.
تنص الفقرة الثانية من المادة 45 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم
163 لسنة 1964 – المنطبق على واقعة الدعوى – على أنه "لا يجوز تحميل العاملين أي نصيب
في نفقات التأمين إلا فيما يرد به نص خاص" وقد وردت عبارة "نفقات التأمين" في هذا النص
بصفة عامة مطلقة بما مفاده عدم جواز تحميل العاملين بأي نفقات تأمين خلاف ما نص عليه
في القانون، بما يستتبع حتماً وبطريق اللزوم عدم تحميلهم بنصيب صاحب العمل في اشتراكات
التأمين والقول بقصر مدلول عبارة نفقات التأمين تلك على المبالغ التي تصرف في تحصيل
الاشتراكات لأدائها لهيئة التأمينات واستبعاد اشتراكات التأمين ذاتها من هذا المفهوم
يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص باعتبار أن اشتراكات التأمين هي
من مشمول نفقاته وهو ما لا يجوز، ذلك لأنه متى كان النعي عاماً صريحاً في الدلالة على
المراد منه فلا محل لتقييده أو تأويله بمقولة استهداء قصد الشارع منه. لما كان ذلك،
وكان القرار الجمهوري رقم 1183 لسنة 1970 بتجديد إعارة المطعون ضده لبنك الائتمان الكويتي
لم يحمله بشيء من اشتراكات التأمين الملزم بها البنك الطاعن أصلاً، وإنما نص على تحميل
الجهة المعار إليها جميع الالتزامات المالية المترتبة على الإعارة، فلا يصح الاتفاق
على تحميل المطعون ضده بها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 791 لسنة 1974 عمال كلي جنوب القاهرة على الطاعن البنك
العقاري المصري. طالباً الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 3311 جنيه والفوائد القانونية
من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، وقال بياناً لها أنه كان يعمل ببنك الائتمان
العقاري المنضم إلى البنك الطاعن في وظيفة مستشار مساعد بقسم القضايا وأنه في شهر إبريل
سنة 1961 صدر قرار بإعارته للعمل ببنك الائتمان بدولة الكويت وعندما طلبت هذه الأخيرة
في سنة 1967 تجديد إعارته اشترط الطاعن للموافقة على هذا الطلب أن يتحمل المطعون ضده
بنصيب البنك في اشتراكات التأمينات الاجتماعية عن مدة إعارته، وحصل منه على إقرار يفيد
ذلك، غير أن الطاعن رفض في سنة 1971 تجديد إعارته لمدة أخرى واضطره ذلك إلى الاستقالة
من العمل اعتباراً من 2/ 3/ 1972 وإذ قام الطاعن بخصم مبلغ 3018 جنيه من المكافأة التي
استحق له حينئذ على أساس أنه يمثل قيمته حصة البنك الطاعن في اشتراكات التأميم طوال
مدة إعارته على ما ورد بالإقرار السابق الإشارة إليه. كما استقطع مبلغ 392 ج من هذه
المكافأة بغير سند وكان تحميله بحصة صاحب العمل في اشتراكات التأمين يخالف أحكام القانونين
92 لسنة 1959، 63 لسنة 1964 وقرار وزير العمل رقم 65 لسنة 1967 فقد أقام الدعوى بطلباته
السابقة البيان. وبتاريخ 25/ 11/ 1974 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة
بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 19/ 1/ 1976 بإلزام الطاعن بأن يدفع
للمطعون ضده مبلغ 3311 جنيه وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم
أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 350 سنة 39 ق، كما أقام المطعون ضده
استئناف فرعياً عنه قيد برقم 1047 سنة 93 ق وبتاريخ 29/ 11/ 1976 حكمت المحكمة في موضوع
الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون مبلغ
3311 ج وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الفوائد القانونية من المبلغ السالف الذكر
بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26/ 5/ 1974 وحتى تمام السداد. طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض
الحكم، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره أخيراً جلسة 4/ 3/ 1978 وفيها التزمت
النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون من ثلاثة أوجه، وفي بيان الوجهين الأول والثاني بقول إن المقصود
بنفقات التأمين التي نصت المادة 4/ 2 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964
على عدم جواز تحميل العاملين أي نصيب منها هي النفقات التي تستلزمها تحصيل الاشتراكات
وأدائها لهيئة التأمينات الاجتماعية دون اشتراكات التأمين ذاتها التي يجوز الاتفاق
فيما بين صاحب العمل وعماله على تحديد من الذي يلتزم بأدائها، وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر وأهدر ما نص عليه القرار الجمهوري رقم 1183 لسنة 1970 بإعارة المطعون
ضده لبنك الائتمان الكويتي مع تحميل الجهة المعار إليها جميع الالتزامات المالية المترتبة
على الإعارة، وجرى في قضائه على بطلان الاتفاق الذي تم فيما بين الطاعن والمطعون ضده
على تحمل الأخير حصة البنك في اشتراكات التأمين، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون التأمينات
الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 163 لسنة 1964 – المنطبق على واقعة الدعوى. تنص على
أنه لا يجوز تحميل العاملين أي نصيب في نفقات التأمين إلا فيما يرد به نص خاص "وكانت
عبارة نفقات التأمين" قد وردت في هذا النص بصفة عامة مطلقة بما مفاده عدم جواز تحميل
العاملين بأي نفقات تأمينية خلاف ما نص عليه في القانون، وبما يستتبع حتماً وبطريق
اللزوم عدم تحميلهم بنصيب صاحب العمل في اشتراكات التأمين، فإن القول بقصر مدلول عبارة
نفقات التأمين تلك على المبالغ التي تصرف في تحصيل الاشتراكات لأدائها لهيئة التأمينات
واستبعاد اشتراكات التأمين ذاتها من هذا المفهوم يكون تقيداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه
بغير مخصص باعتبار أن اشتراكات التأمين هي من مشمول نفقاته وهو ما لا يجوز ذلك لأنه
متى كان النص عاماً صريحاً في الدلالة على المراد منه فلا محل لتقييده، أو تأويله بمقولة
استهداء قصد الشارع منه. لما كان ذلك، وكان القرار الجمهوري رقم 1183 لسنة 1970 بتجديد
إعارة المطعون ضده لبنك الائتمان الكويتي لم يحمله بشيء من اشتراكات التأمين المؤم
بها البنك الطاعن أصلاً وإنما نص على تحميل الجهة المعار إليها جميع الالتزامات المالية
المترتبة على الإعارة، فلا يصح الاتفاق على تحميل المطعون ضده بها. لما كان ما تقدم.
فإن الحكم المطعون فيه إذ جرى في قضائه على عدم جواز تحميل المطعون ضده بحصة صاحب العمل
في اشتراكات التأمين وإن تعهده بسداد حصة البنك الطاعن من هذه الاشتراكات خلال مدة
إعارته باطل لمخالفة نص الفقرة الثانية من المادة 4 المشار إليها كما أن القرار الجمهوري
رقم 183 لسنة 1970 لا يؤدي إلى تحميله بشيء منها وانتهى إلى وجوب رد المبالغ المستقطعة
من مكافأته لحساب هذه الحصة، لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه في بيان الوجه الثالث من السبب الأول للطعن يقول الطاعن أنه لما كان الحكم
الابتدائي قد أغفل الفصل في طلب الفوائد، فإن السبيل إلى تدارك ذلك هو بالرجوع إلى
محكمة أول درجة للنظر فيه عملاً بالمادة 193 من قانون المرافعات وليس بالطعن على الحكم
بالاستئناف وإذ انتهى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك إلى الحكم المطعون ضده بالفوائد
موضوع الاستئناف الفرعي متجاوزاً بذلك درجة من التقاضي فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت من الرجوع إلى منطوق الحكم الابتدائي
أنه نص على إلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 3311 جنيه
ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات "ابتناء على ما
خلص إليه في محصل أسبابه وأسند إليه المنطوق من أن الأمر الذي يستوجب إلزام البنك برد
هذه المستحقات للمدعى عليه في حدود المبلغ الذي يطلبه وقدره 3311 جنيهات فقط" بما يقطع
بقصر الحكم القضاء للمطعون ضده على مبلغ 331 جنيه فقط وهو ما طالب به في دعواه بعد
استبعاد طلب الفوائد وبما يفصح عن أن طلب الفوائد كان محل بحث المحكمة وأنها تعرضت
له بالفصل ورأت عدم الاستجابة إليه على ما توضح بأسباب الحكم ونص عليه المنطوق فيما
تنسحب إليه عبارة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات "فإن الحكم المطعون فيه إذ تعرض بالفصل
في موضوع الاستئناف الفرعي رقم 1047 سنة 93 في خصوص رفض حكم محكمة أول درجة القضاء
بالفوائد، لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث للطعن على الحكم المطعون فيه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه بنى دفاعه أمام محكمة الموضوع
على أن دوره بشأن إعادة المطعون لبنك الائتمان الكويتي المقتصر على الموافقة على تعاقد
المطعون ضده الشخصي مع البنك المستفيد مع اشتراط تحمل هذا البنك الأخير كافة الالتزامات
المالية ومنها حصة الطاعن في اشتراكات التأمين وهي الالتزامات التي نص عليها القرار
الجمهوري رقم 1183 لسنة 1970، وقد قضت محكمة أول درجة بندب خبير لتحقيق هذا الدفاع،
غير أن الخبير لم يحققه وأعرض الحكمان الابتدائي والاستئنافي عنه ولم يردا عليه مع
أنه دفاع جوهري مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون
ضده بالمبلغ المطالب به على أساس قيام علاقة فيما بين الطاعن وبنك الائتمان الكويتي
بشأن كيفية سداد حصة الطاعن في اشتراكات التأمين، واستدل على هذه العلاقة بعبارات وردت
بالقرار الجمهوري المشار إليه، دون أن يكون لذلك أصل ثابت في الأوراق أو دليل صحيح
يقطع بوجودها، فإن الحكم المطعون فيه قد عابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه استند في قضائه برد
ما قام الطاعن باستقطاعه من مكافأة المطعون ضده – على ما سلف بيانه في الرد على الوجهين
الأول والثاني من السبب الأول للطعن – إلى أن الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون
التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 لا تجيز تحميل المطعون ضده بنصيب صاحب العمل
في اشتراكات التأمين وأن تعهده بدفعها باطل لمخالفته هذه المادة من القانون. وأن القرار
الجمهوري رقم 1183 لسنة 1970 لم يحمل المطعون ضده بشيء من اشتراكات التأمين التي يلتزم
الطاعن بأدائها. وكان ما تأسس عليه الحكم وفق ما تقدم له أصله الثابت في الأوراق وكان
ما أورده في أسبابه في هذا الخصوص كافياً لحمل قضائه، فإن إطراح الحكم ما تمسك به الطاعن
بشأن تحقيق شروط إعادة المطعون ضده لبنك الائتمان الكويتي ودور الطاعن في هذه الإعارة
لا يعيبه، ويكون النعي عليه بهذين السببين في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
