الطعن رقم 733 لسنة 44 ق – جلسة 21 /02 /1979
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 30 – صـ 573
جلسة 21 من فبراير سنة 1979
برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا وسامي الكومي.
الطعن رقم 733 لسنة 44 القضائية
حراسة "حراسة إدارية".
إقامة كل من الخصمين دعوى قبل الآخر للمطالبة بحقوقه الناشئة عن سبب واحد قبل أيلولة
أموال أحدهما إلى الدولة بالقانون 150 لسنة 1964. مباشرة مدير إدارة الأموال دعوى الأخير
ومنازعته للخصم الآخر في دعواه قبله هو بمثابة رفض لدين الأخير. عدم وجوب عرضه على
المدير قبل الالتجاء للقضاء.
إذ كان الثابت أن الدعويين… و… وجهان متقابلان لنزاع واحد ثار بين طرفيهما حول
حاصل تصفية حساب توريد المطعون ضده الأقطان للشركة، فبينما تقوم الدعوى الأولى على
ادعاء الشركة باستحقاقها لقيمة قسطين في ذمة المطعون ضده أشار إليهما حكم المحكمين
فإن هذا الأخير قد أقام دعواه دفعاً لدعوى الشركة بأنه هو الذي يداينها، بمعنى أن موقف
كل من الطرفين في دعواه يقوم على إنكار دين الآخر، وإذ كان ذلك وكانت الدعويان قد رفعتا
قبل فرض الحراسة على… وإذ فرضت وآلت أمواله إلى الدولة باشر الطاعن بصفته الدعوى…
مصمماً على الطلبات فيها، وإذ اختصمه المطعون ضده في دعواه نازعة فيها، فإنه يكون بذلك
قد أفصح عن رفضه لدينه موضوع المطالبة في الدعوى المرفوعة منه رفضاً يغني عن التجائه
للمدير العام بطلب دينه، وتستقيم به الدعوى أمام المحكمة، إذ يتحقق بهذا الرفض ما تغياه
الشارع في القرار الجمهوري 1876 سنة 1964 من وجوب عرض الدين على المدير العام ليقول
كلمته فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن شركة… وشركاه أقامت الدعوى 1033 سنة 1958 مدني كلي المنصورة على المطعون ضده قائلة
أنه تعاقد معها على توريد أقطان ولخلاف بينهما على تصفية الحساب لجأ إلى محكمين أصدروا
حكماً في النزاع، بيد أن الطرفين اختلفا حول تفسيره مما حدا الشركة إلى رفع دعواها
طالبة تعيين خبير لتحديد قيمة قسطين مستحقين على المطعون ضده أشار إليها حكم المحكمين،
كما أقام هو الدعوى 200 سنة 1959 مدني كلي المنصورة قبل الشركة يطلب تعيين خبير لتصفية
حسابه معها وبيان ما يستحقه قبلها والحكم به، قررت المحكمة ضم الدعويين وندبت خبيراً
لتصفية الحساب وتحديد قيمة القسطين، وإذ فرضت الحراسة على… إبان نظر الدعوى وآلت
أمواله إلى الدولة باشر الطاعن بصفته الخصومة في الدعويين، وبتاريخ 17/ 4/ 1972 قضت
المحكمة في الدعوى 1033 سنة 1958 برفضها، وفي الدعوى 200 سنة 1959 بإلزام الطاعن بصفته
بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 179 ج و984 م، استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف 219 سنة 24
ق المنصورة، وقضت محكمة الاستئناف في 27/ 4/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن
في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على
المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بأول سببي الطعن القصور والفساد في الاستدلال
ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه وقال في بيان اثنين منها أنه وجه إلى
تقرير الخبير مطاعن جوهرية لم تعرض لها محكمة أول درجة أو ترد عليها اكتفاء بقولها
أنها تطمئن إلى تقرير الخبير لسلامة الأسس التي بني عليها وإذ عاد إلى التمسك بتلك
المطاعن أمام محكمة الاستئناف اكتفت في الرد عليها بقولها "أنه لا تثريب على المحكمة
إن هي أخذت بملحق تقرير الخبير إذا هي اقتنعت بسلامة الأسس التي بني عليها فإن هذا
من إطلاقات سلطتها" وهي عبارة لا تواجه الدفاع الذي آثاره مما يعيب الحكم بالقصور،
كما شاب تقرير الخبير تناقض وفساد في الاستدلال فبينما يقرر أن المطعون ضده لم يقدم
المستند المثبت لسداد مبلغ 400 ج فإنه ينتهي إلى استزاله لحسابه فضلاً عن تفسيره لنصوص
حكم المحكمين تفسيراً يمسخها، وإذ تبنى الحكم المطعون فيه هذا التقرير فإنه يكون مشوباً
بالفساد في الاستدلال على نحو يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن تقارير الخبراء لا تعدو أن تكون من عناصر الإثبات التي
يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك، وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه
بتأييد الحكم المستأنف على الأخذ بأسبابه التي بني عليها، وكانت تلك الأسباب قد أشارت
إلى مذكرة الطاعن التي حوت مآخذه على تقرير الخبير والتي تبينت محكمة أول درجة أن الخبير
تناولها جيداً بالبحث والرد وانتهت إلى الأخذ بتقريره إلى ما بني عليه من أسس، وإذ
أخذ الحكم المطعون فيه بتلك الأسباب فإن المحكمة تكون قد رأت في حدود سلطتها الأخذ
بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه ومن ثم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا
تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى التقرير، إذ أن في أخذها
به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه، ولا
يعدو ما آثاره الطاعن بشأن احتساب الخبير مبلغاً بغير مستند أن يكون جدلاً فيما يستقل
قاضي الموضوع بتقديره لا تسوغ إثارته أمام هذه المحكمة، وإذ لم يقدم الطاعن الصورة
الرسمية حكم المحكمين الذي عاب على الخبير مسخ نصوصه فإن النعي بذلك يكون عارياً من
الدليل.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان الوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بمديونيته للمطعون
ضده مخالفاً لذلك حكم المحكمين 1 سنة 1952 المنصورة الذي أصبح نهائياً وحائزاً لقوة
الشيء المقضي فيما قطع به من مديونية المطعون ضده للطاعن، كما خالف حجية الحكم الصادر
من محكمة أول درجة في 27/ 12/ 1966 الذي فصل قطعياً بمديونية المطعون ضده الطاعن ولم
يستأنفه الأول في ظل أحكام قانون المرافعات السابق مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول عار من الدليل إذا لم يقدم الطاعن الصورة الرسمية من
حكم المحكمين الذي أشار إليه ومردود في شقه الثاني ذلك أنه لا حجية لحكم إلا فيما يكون
قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في منطوقه أو في أسبابه
التي لا يقوم المنطوق بدونها، وإذ كان الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة
أول درجة في 27/ 12/ 1966 أنه لم يفصل في منطوقه أو أسبابه بمديونية المطعون ضده الطاعن
ولم يتعد قضاءه قبل الفصل في الموضوع – إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لأدائها في
شقها الخاص بتحديد قيمة القسطين المنوه عنهما بحكم المحكمين، فإن النعي بهذا الوجه
يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيانه يقول
الطاعن أن المشرع في القرار الجمهوري 876 سنة 1964 قد جعل من سلطة المدير العام لإدارة
الأموال التي آلت إلى الدولة – تنفيذاً لأحكام القانون 150 سنة 1964 – الفصل في جدية
الديون فيستنزل ما يقبله منها من قيمة التعويض ويستبعد ما يرفضه ولا يجوز للدائن أن
يلجأ إلى القضاء بطلب دينه من المدير العام قبل عرضه عليه لإصدار قرار في شأنه فإذا
لجأ إلى القضاء قبل أن يلج هذا السبيل الذي رسمه القانون فإن دعواه لا تكون مسموعة
ويكون لكل ذي مصلحة أن يتمسك بعدم سماعها، وتقضي المحكمة بذلك من تلقاء نفسها، وإذ
كانت أموال المدعى عليه في الدعوى 200 سنة 1959… قد آلت إلى الدولة طبقاً للقانون
150 سنة 1964 فصحح المطعون ضده دعواه بتوجيهها إلى دائرة الأموال التي آلت إلى الدولة،
دون أن يسلك السبيل الذي رسمه القانون فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى له بالدين – يكون
قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن الدعويين 1033 سنة 1958، 200 سنة 1959 هما وجهان متقابلان
لنزاع واحد ثار بين طرفيهما حول حاصل تصفية حساب توريد المطعون ضده الأقطان للشركة،
فبينما تقوم الدعوى الأولى على ادعاء الشركة باستحقاقها لقيمة قسطين في ذمة المطعون
ضده أشار إليهما حكم المحكمين فإن هذا الأخير قد أقام دعواه دفعاً لدعوى الشركة بأنه
هو الذي يداينها، بمعنى أن موقف كل من الطرفين في دعواه يقوم على إنكار دين الآخر،
وإذ كان ذلك وكانت الدعويان قد رفعتا قبل فرض الحراسة على… وإذ فرضت وآلت أمواله
إلى الدولة باشر الطاعن بصفته الدعوى 1033 سنة 1958 مصمماً على الطلبات بها، وإذ اختصمه
المطعون ضده في دعواه نازعة فيها، فإنه يكون بذلك قد أفصح عن رفضه لدينه موضوع المطالبة
في الدعوى المرفوعة منه رفضاً يغني عن التجائه للمدير العام بطلب دينه، وتستقيم به
الدعوى أمام المحكمة إذ يتحقق بهذا الرفض ما تغياه الشارع في القرار الجمهوري 1876
سنة 1964 من وجوب عرض الدين على المدير العام ليقول كلمته فيه ومن ثم فإن النعي بهذا
السبب يكون غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد ويتعين رفضه.
