الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1355 لسنة 7 ق – جلسة 24 /03 /1963 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة – الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) – صـ 946


جلسة 24 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار ومحمد مختار العزبي وأبو الوفا زهدي المستشارين.

الطعن رقم 1355 لسنة 7 القضائية

موظف – إحالته إلى المعاش – سن – تحديدها بمقتضى الفقرة 3 من المادة 8 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات المدنية – صحة قرار القومسيون الطبي بتحديد السن منوطة بعدم إمكان الحصول على شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي منها – تقديم الموظف شهادة ميلاد اعتمدتها الإدارة يجعل قرار القومسيون الطبي الذي استصدره بعد تقديمها عديم الحجية – لا يغير من هذا الحكم ادعاء الموظف أن شهادة الميلاد التي قدمها هي لأخيه وليست له ما دام أن الإدارة قد اعتمدت في تحديد سنه على هذه الشهادة واعتمدتها بعد أن قدم إليها إشهاراً شرعياً بأنها له – أساس ذلك.
إذا كان الثابت أن المدعي عندما عاد إلى الخدمة في سنة 1936 لم يزعم أنه من سواقط القيد بل قدم شهادة ميلاد باسم "محمد" في حين أن اسمه في طلب الاستخدام كان محموداً، وقد عالج هذا الموضوع في ذلك الوقت بأن قدم إعلاماً شرعياً بأن الاسمين لشخص واحد فلم تكن هناك مندوحة في التعويل على شهادة الميلاد المذكورة كما كانت تقضي القواعد السارية في ذلك الوقت، وأما فيما يتعلق بأن تاريخ الميلاد المذكور في تلك الشهادة كان 16 أغسطس سنة 1894 في حين أنه ذكر في طلب الاستخدام أنه من مواليد سنة 1896 فلا يعدو أن يكون ذلك نوعاً من الخطأ في البيانات المدونة في طلب الاستخدام.
ولما كانت القاعدة التي كانت تضبط تقدير سن الموظف في ذلك الوقت وردت في المادة 8 فقرة 3 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات المدنية إذ نصت على أنه "يعتمد في تقدير سن الموظفين أو المستخدمين على شهادة الميلاد أو على مستخرج رسمي من دفتر قيد المواليد وفي حالة عدم إمكان الحصول على إحدى هاتين الشهادتين يكون التقدير بمعرفة القومسيون الطبي بالقاهرة أو بالإسكندرية… ولا يجوز الطعن في التقدير بهذه الطريقة بحال من الأحوال".
ويتعين في هذا المقام المبادرة إلى القول بعدم حجية القرار الذي استصدره المدعي من القومسيون الطبي العام وقرر فيه أنه من مواليد 5 إبريل سنة 1899 وذلك لأن قرار القومسيون المذكور لا تكون له قوة في إثبات السن إلا عند عدم إمكان الحصول على شهادة الميلاد وذلك على ما يستفاد من نص المادة 8 فقرة 3 من القانون رقم 37 لسنة 1929 سالف الذكر وهو الأمر غير المتوفر في هذه الدعوى إذ أن شهادة الميلاد قدمت من المدعي ووافقت عليها الجهة الإدارية، فالتمسك بقرار القومسيون الطبي في هذه الحالة أمر يخالف القانون، ولا يقدح في ذلك أن تكون هناك شائبة تحوم حول شهادة الميلاد المقدمة من المدعي توحي بأنها لأخيه وليست له وذلك لأن تلك الشهادة قدمت من المدعي نفسه بملء حريته واعتمدتها جهة الإدارة فلا يجوز له بعد ذلك أن يتنكر لها لأن من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه، هذا فضلاً عن أن من الأصول العامة في القانون الإداري العمل على استقرار الأوضاع وعن أن ما تتسم به روح القوانين من النفور من أساليب التحايل والمخادعة.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 24 من يونيه سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيدين وزير الأشغال ومدير عام مصلحة المساحة بصفتيهما سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بجلسة 24 من إبريل سنة 1961 في القضية رقم 256 لسنة 4 القضائية المقامة من ورثة المرحوم محمود حسين محمد مدبولي ضد وزارة الأشغال ومصلحة المساحة والقاضي "بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعين بصفتهم تعويضاً قدره مائة جنيه والمصروفات المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات" ويطلب الطاعنان للأسباب الواردة في صحيفة طعنهما قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من تعويض الورثة بمبلغ مائة جنيه ورفض دعواهم مع إلزامهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليهم في 8 من يوليه سنة 1961، وقد أخطر الطرفان في 26 من فبراير سنة 1962 بجلسة 3 من مارس سنة 1962 التي عينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا. وقد تحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الثانية من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16 من ديسمبر سنة 1962 وبعد سماع المرافعة أرجئ النطق بالحكم لجلسة 3 من مارس سنة 1963 ثم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعين أقاموا هذه الدعوى بطريقة المعافاة يقولون فيها إن مورثهم المرحوم محمود حسين محمد مدبولي قد أحيل إلى المعاش اعتباراً من 16 من أغسطس سنة 1954 على أساس أنه بلغ الستين من عمره في ذلك التاريخ مع أنه طبقاً لتقرير القومسيون الطبي لا يبلغ سن الإحالة إلى المعاش إلا في 5 من إبريل سنة 1959 الأمر الذي دعاهم إلى إقامة الدعوى الحالية يطلبون فيها أصلياً إلغاء قرار الفصل واحتياطياً تعويضهم بمبلغ 1500 جنيه عن قرار الفصل الخاطئ وصرف المكافأة المستحقة له عن المدة الباقية له في الخدمة وقد استبعد الطلب الأصلي بإلغاء قرار الفصل لعدم قبول طلب الإعفاء عنه ولعدم سداد الرسم المستحق عليه وبالنسبة للطلب الاحتياطي فقد صدر الحكم المطعون فيه برفض الطلب الخاص بالمكافأة لسقوط الحق في المطالبة بها وبإلزام الحكومة بتعويض قدره 100 جنيه عن الإحالة إلى المعاش قبل السن القانونية المقررة لذلك. وأقام الحكم قضائه على ما حصلته المحكمة من أن مورث المدعين لم يكن ليبلغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش إلا في عام 1956 لا في عام 1954 تاريخ صدور القرار بإحالة مورث المدعين إلى المعاش ولا في عام 1959 كما يذهب المدعون وأن المبلغ المقضى به كاف لتعويض المورث على أساس أن مورث المدعين هو الذي تسبب في الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة بإعطائه بيانات كاذبة عن سنه. طعنت الحكومة في هذا الحكم مؤسسة طعنها على أن الإدارة لم تخطئ في تقدير سن مورث المدعين إذ أنها قدرته وفقاً للمستندات التي قدمها مورث المدعين والتي استمر هو عليها حتى قبيل إحالته إلى المعاش وأنه متى انتفى خطأ الحكومة فإنها لا تلزم بأداء أي تعويض.
ومن حيث إنه يبين من استعراض الوقائع أن المدعي حصل على شهادة الدراسة الابتدائية عام 1913 وأنه عين باليومية في 3 من إبريل سنة 1918، وأنه قدم للتدليل على تاريخ ميلاده شهادة ميلاد باسم "محمد حسين محمد مدبولي" وثابت بها أن محمد المذكور مولود في 16 من أغسطس سنة 1894، وأنه فصل من الخدمة للاستغناء عنه في سنة 1930، وأنه أعيد للخدمة مرة أخرى في عام 1936، وذكر في الطلب المقدم منه أنه من مواليد سنة 1896، كما قدم من بين مسوغات تعيينه شهادة الدراسة الابتدائية وشهادة المساحة ثابت بها أنه من مواليد عام 1894 لوجود خلاف في الاسم بين "محمود حسين" الوارد في طلب استخدامه وفي شهادة الدراسة الابتدائية والمساحة وبين اسم "محمد حسين" الوارد في شهادة الميلاد، قدم المدعي في عام 1937 إشهاراً شرعياً بأن محمد حسين محمد مدبولي ومحمود حسين محمد مدبولي هما اسمان لشخص واحد وأن اسم محمود هو اسم شهرة، ولمناسبة صدور قانون المواليد والوفيات رقم 130 لسنة 1946 أعيدت المستندات سالفة الذكر إلى مورث المدعين لتصحيح اسمه في السجلات فتقدم بطلب إلى مصلحة الصحة ببلدية القاهرة يطلب قيد اسمه في السجلات وتقرير سنه على أساس أنه من سواقط القيد ذاكراً أنه من مواليد سنة 1899 وبعد إجراء التحريات التي يتطلبها القانون 130 لسنة 1946 وإجراء النشر في الجرايد وإجراء الكشف على مقدم الطلب عن طريق مفتش صحة القبة وهي الجهة التي ذكر مورث المدعين أنه ولد فيها، قدر مفتش الصحة السن بخمسة وخمسين عاماً تقريباً أي بما يوازي مواليد عام 1899 وعلى هذا الأساس قيد مورث المدعين بالاسم والسن سالفي الإشارة إليهما وقد تقدم المورث المذكور إلى الوزارة في يوليه سنة 1954 أي قبيل صدور القرار بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 16 من أغسطس سنة 1954 شهادة مستخرجة من سجلات المواليد تفيد أنه من مواليد 5 من إبريل سنة 1899 ولكن الجهة الإدارية أحالت المورث إلى المعاش اعتباراً من 16 من أغسطس سنة 1954 فتظلم مورث المدعين من هذا القرار وقدم شهادة وفاة تدل على وفاة محمد حسين في 2 من ديسمبر سنة 1894 أي عقب ولادته بثلاثة أشهر ونصف تقريباً.
ومن حيث إن المحكمة تود أن تستظهر من وقائع الدعوى أن المدعي عندما عاد إلى الخدمة في سنة 1936 لم يزعم أنه من سواقط القيد بل قدم شهادة ميلاد باسم "محمد" في حين أن اسمه في طلب الاستخدام كان "محمود"، وقد عالج هذا الوضع في ذلك الوقت بأن قدم إعلاماً شرعياً بأن الاسمين لشخص واحد فلم تكن هناك مندوحة في التعويل على شهادة الميلاد المذكورة كما كانت تقضي القواعد السارية في ذلك الوقت وأما فيما يتعلق بأن تاريخ الميلاد الوارد في تلك الشهادة كان 16 من أغسطس سنة 1894 في حين أنه ذكر في طلب الاستخدام أنه من مواليد سنة 1896 فلا يعدو أن يكون ذلك نوع من الخطأ في البيانات المدونة في طلب الاستخدام.
ومن حيث إن القاعدة التي كانت تضبط تقدير سن الموظف في ذلك الوقت وردت في المادة 8 فقرة 3 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات المدنية إذ نصت على أنه "يعتمد في تقدير سن الموظفين أو المستخدمين على شهادة الميلاد أو على مستخرج رسمي من دفتر قيد المواليد وفي حالة عدم إمكان الحصول على إحدى هاتين الشهادتين يكون تقديره بمعرفة القومسيون الطبي بالقاهرة أو بالإسكندرية… ولا يجوز الطعن في التقدير بهذه الطريقة بحال من الأحوال".
ومن حيث إنه يتعين في هذا المقام المبادرة إلى القول بعدم حجية القرار الذي استصدره المدعي من القومسيون الطبي العام وقرر فيه أنه من مواليد 5 من إبريل سنة 1899 وذلك لأن قرار القومسيون المذكور لا تكون له قوة في إثبات السن إلا عند عدم إمكان الحصول على شهادة الميلاد وذلك على ما يستفاد من نص المادة 8 فقرة 3 من القانون رقم 37 لسنة 1929 سالف الذكر وهو الأمر غير المتوفر في هذه الدعوى إذ أن شهادة الميلاد قدمت من المدعي ووافقت عليها الجهة الإدارية فالتمسك بقرار القومسيون الطبي في هذه الحالة أمر يخالف القانون، ولا يقدح في ذلك أن تكون هناك شائبة تحوم حول شهادة الميلاد المقدمة من المدعي توحي بأنها لأخيه وليست له وذلك لأن تلك الشهادة قدمت من المدعي نفسه بملء حريته واعتمدتها جهة الإدارة فلا يجوز له بعد ذلك أن يتنكر لها لأن من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه، هذا فضلاً عن أن من الأصول العامة في القانون الإداري العمل على استقرار الأوضاع وعن أن ما تتسم به روح القوانين من النفور من أساليب التحايل والمخادعة.
ومن حيث إنه وقد تبين ذلك فيكون القرار المطعون عليه قد صدر سليماً موافقاً للقانون، نصاً وروحاً ويكون ما نعاه المطعون ضدهم من عيوب شابت ذلك القرار ليس له أساس من الصحة ومن ثم فلا يكون هناك خطأ يستوجب التعويض ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه ورفض الدعوى وإلزام المدعين بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعين بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات