الطعن رقم 948 لسنة 6 ق – جلسة 23 /03 /1963
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة – الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) –
صـ 866
جلسة 23 من مارس سنة 1963
برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.
القضية رقم 948 لسنة 6 القضائية
طعن – المحكمة الإدارية العليا – رقابتها على الحكم المطعون فيه
– هي وزن الحكم بميزان القانون فتلغيه إذا قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه،
المنصوص عليها في المادة 15 من قانون تنظيم مجلس الدولة ثم تنزل حكم القانون في المنازعة،
وتبقي عليه وترفض الطعن إذا كان صائباً في قضائه – مثال – خطأ الحكم في فهم الواقع
أو تحري قصد المدعي وما يهدف إليه من دعواه – للمحكمة أن تسلط عليه رقابتها وترد الأمر
إلى نصابه الصحيح.
إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان
القانون، وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي
تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فتلغيه ثم تنزل حكم
القانون في المنازعة أم أنه لم تقم به حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقي
عليه وترفض الطعن. فإذا كانت محكمة القضاء الإداري قد أخطأت في فهم الواقع أو تحري
قصد المدعي وما يهدف إليه من دعواه فإن من سلطة المحكمة العليا، وقد طرح أمامها النزاع
برمته، أن تسلط رقابتها عليه وترد الأمر إلى نصابه الصحيح.
إجراءات الطعن
في 5 من مارس سنة 1960 أودع السيد محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر القضاء الإداري – هيئة التسويات – بجلسة 4 من يناير سنة 1960 في الدعوى رقم 598 لسنة 10 القضائية المقامة من محمد إبراهيم كمال ضد وزارة التربية والتعليم والذي قضى: (باستحقاق المدعي لصرف مكافأة الامتحان عن مدة يوماً وفقاً للائحة الامتحانات العامة الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 22 من مايو سنة 1946 وإلزام الوزارة بالمصروفات). وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه: (الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون عليه وإلزامه المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين). وقد أعلن هذا الطعن إلى الخصم في 17 من يناير سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11 من يونيو سنة 1961، وبعد أن تحمل الطعن عدة تأجيلات لتقديم المستندات قررت الدائرة بجلسة 23 من يونيو سنة 1962 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 9 من فبراير سنة 1963 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة 9 من مارس سنة 1963 ثم مدت أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه
أقام الدعوى رقم 598 لسنة 10 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري – هيئة التسويات –
مبتدئة بتظلم إلى اللجنة القضائية لوزارة المعارف في 24 من فبراير سنة 1954 وقيد تظلمه
برقم لسنة 2 القضائية طلب فيه الحكم بأحقيته في صرف مبلغ (41 جنيه و200 مليم)،
قيمة مكافأة امتحان عن يوماً. وقال شرحاً لتظلمه إنه انتدب رئيساً للجنة النظام
والمراقبة والإدارة للمعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين عام الدراسي على
أساس أن المكافأة وحدها الأعلى يوماً في الدور الأول، يوماً في الدور الثاني
وذلك وفقاً للائحة الامتحانات العامة الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 22 من مايو سنة
1946. ثم يستطرد المدعي أنه فوجئ في نهاية عمله باللجنة بصرف المكافأة عن ثلاثين يوماً
فقط للدور الأول وصرف مكافأة عن يوماً فقط للدور الثاني. وقد تقدم بشكواه إلى
وزارة المعارف ولكنها لم تستجب إليه. وأنه قام بالعمل المذكور فعلاً في هذه اللجنة
لمدة يوماً يستحق منها الحد الأقصى يوماً عن الدور الأول، يوماً عن
الدور الثاني وأن ذلك ثابت في دفاتر التوقيعات التي سلمت إلى الإدارة العامة للامتحانات
بعد الانتهاء من أعمال اللجنة، ويقول المدعي أنه لما كانت لائحة الامتحانات المشار
إليها لا تزال قائمة ولم يصدر ما يبطلها فإنه يكون مستحقاً لمكافأة يوماً وهو
الفرق بين ما صرف إليه فعلاً وقدره يوماً عن الدورين، وبين أيام وهو ما
كان يجب أن يحاسب عليه بالفعل – وقد ردت إدارة الحسابات والامتحانات بوزارة المعارف
على هذا التظلم في 10 من يونيو سنة 1954 فقالت بأن المدعي مدرس أول بمدرسة العباسية
الثانوية للبنات، وقد عومل سيادته على قدم المساواة مع زملائه طبقاً للكتاب الدوري
الصادر في هذا الشأن بخصوص مكافأة الامتحانات ومصروفات الانتقال وبدل السفر، والصادر
بناء على قرار اللجنة التي شكلت لهذا الغرض، وقد استعرضت مقررات المكافأة والحدود القصوى
للأيام التي تصرف عنها مكافأة في كل امتحان بما لا يتعارض أو تتأثر به مصلحة العمل
في مراحلها المختلفة، ورأت ضرورة إعادة تحديد عدد الأيام التي تصرف في حدود عدد المتقدمين
من الطلبة لكل امتحان من أنواع الامتحانات التي تناولها التخفيض وعددها أربعة عشر امتحاناً
وكل ذلك بما يتفق وصالح العمل والخزانة معاً ونتيجة للتجارب، وقد تم ذلك بموافقة السيد
وزير المعارف في 9 من يونيو سنة 1953. أما عن قرار مجلس الوزراء الصادر في 22 من مايو
سنة 1946 فقد حدد النهاية العظمى للأيام لكل من الدورين يوماً عن الدور الأول،
ويوماً عن الدور الثاني وذلك على أساس أنه حد أعلا فقط. أما عن اللائحة الداخلية
الصادر بها القرار الوزاري رقم في 21 من يناير سنة 1943 بشأن قواعد نظام ندب
الموظفين للامتحانات العامة وما في حكمها ونظام صرف المكافآت التي تعطى للموظفين الذين
يندبون للعمل للامتحانات فقد تضمن الباب الأول منها الفقرة الرابعة ما يأتي: (المكافأة
التي تصرفها الوزارة للموظفين نظير قيامهم بأعمال الامتحانات العامة لا تعتبر بوجه
من الوجوه أجراً على هذا العمل الذي هو من واجباتهم وليست الوزارة مقيدة بأي قيد في
شأن هذه المكافآت التي لا تصرف إلا بالفئات التي تقررها الوزارة، وعلى حسب الأيام التي
تحددها كنهاية كبرى لكل جزء من أجزاء العمل مهما كان عدد الأيام التي يشتغلها الموظف
فعلاً.) – وإذا تبين للمحكمة الإدارية بوزارة التربية والتعليم أن المدعي من طائفة
موظفي الكادر العالي فقد قررت إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بجلسة 14 من ديسمبر
سنة 1955 لاختصاصها بمثل هذه الدعوى.
وفي محضر المناقشة بجلسة 7 من يناير سنة 1959 أفاد الحاضر عن وزارة التربية والتعليم
أنه بالاتصال بالإدارة العامة للامتحانات أجابت بكتابها المؤرخ 25 من ديسمبر سنة 1958
برقم أنه لم يكن هنالك معهد باسم المعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين في
عام 1950 ومن ثم فلم يعين له رئيس للجنة النظام والمراقبة والإدارة في ذلك العام بالذات
وإنما قام المدعي فعلاً برئاسة لجنة امتحان المعهد العالي للتربية الفنية في عام 1953
وكان يوجد قرار صادر من الوزارة في عام 1953 بتحديد الحد الأقصى لمكافأة الامتحانات
بثلاثين يوماً عن الدور الأول، وبخمسة عشر يوماً عن الدور الثاني وقد عومل المدعي كزملائه
بهذا القرار وصرفت الوزارة له كل ما يستحقه وفقاً لأحكام اللوائح والقوانين.
وبجلسة 4 من يناير سنة 1960 حكمت محكمة القضاء الإداري – هيئة التسويات – باستحقاق
المدعي لصرف مكافأة الامتحان عن مدة يوماً وفقاً للائحة الامتحانات العامة الصادر
بها قرار مجلس الوزراء في 22 من مايو سنة 1946 وألزمت وزارة التربية والتعليم المصروفات)
وأقامت قضاءها هذا على أنه يبين من الأوراق أن المدعي انتدب رئيساً للجنة النظام والمراقبة
والإدارة للمعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين عام وأدى العمل عن يوماً
في الدور الأول، ويوماً في الدور الثاني ولما كان الحد الأقصى هو يوماً عن
الأول، ويوماً عن الثاني فيكون المدعي مستحقاً المكافأة عن يوماً ومع ذلك
فإن الوزارة لم تصرف له المكافأة المستحقة له إلا عن ثلاثين يوماً فقط عن الدور الأول،
وخمسة عشر يوماً عن الدور الثاني وفقاً لقرار وزير المعارف السالف ذكره ومن ثم يكون
المدعي مستحقاً لمكافأة عن يوماً لم تصرف إليه حتى رفع الدعوى وقالت المحكمة إن
المدة المطلوب عنها المكافأة تحكمها لائحة 22 من مايو سنة 1946 ولم يصدر بتعديلها قرار
من مجلس الوزراء ولا يجوز أن تعدل بقرار من وزير التربية والتعليم في 5/ 6/ 1953 لأن
هذا القرار وإن كان له أثر مباشر بالنسبة للمستقبل إلا أنه لا يمكن أن ينسحب أثره على
الماضي، فيرجع إلى سنة 1950 وتأسيساً على هذا القول قضت المحكمة للمدعي بطلباته.
وقام طعن الحكومة على أن الثابت أن المعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين الذي يزعم
المطعون عليه أنه يستحق مكافأة عن عمله رئيساً للجنة النظام والمراقبة والإدارة به،
هذا المعهد قد أنشئ في العام الدراسي (1950/ 1951) وأن أول امتحان فيه قد عقد في عام
1951 وأنه قبل خلق هذا المعهد كان عبارة عن قسم للرسم والأشغال بمعهد التربية للمعلمين
بالمنيرة وثابت أيضاً فوق ذلك أن المطعون عليه لم يكن منتدباً لأي عمل من أعمال الامتحانات
بمعهد التربية للمعلمين بالمنيرة سنة 1950 وهو المعهد الذي تفرع عنه معهد التربية الفنية.
وإذ فات الحكم المطعون فيه هذه الحقائق الثابتة في الأوراق مما أدى إلى القضاء المطعون
عليه بطلباته على النحو المتقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فيتعين القضاء بإلغائه
وبرفض الدعوى.
ومن حيث إن الثابت بكتاب السيد مدير إدارة الامتحانات بقسم التعليم العالي بوزارة التربية
والتعليم المؤرخ 27 من فبراير سنة 1960 برقم والمقدم إلى دائرة فحص الطعون بجلسة
11 من يونيو سنة 1961 هو أن المعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين قد أنشئ لأول
مرة في السنة الدراسية (1950/ 1951) وأن أول امتحان عقد لطلبته كان في عام 1951. وأنه قبل تكوينه بهذا الاسم كان مجرد قسم للرسم والأشغال بمعهد التربية للمعلمين بالمنيرة.
وقد ورد ذلك بالنشرة العامة رقم مسلسل المؤرخة 16/ 8/ 1950 الصادرة من وزارة
التربية والتعليم قسم السكرتارية، ومنه يتضح أنه لم يكن هناك معهد باسم المعهد العالي
للتربية الفنية في عام 1950. وأن السيد المدعي لم يكن منتدباً لأي عمل من أعمال
الامتحانات بمعهد التربية للمعلمين بالمنيرة سنة 1950 وهو المعهد الذي تفرع عنه معهد
التربية الفنية، ولا في أي قسم من أقسامه. وفي مستند آخر مقدم من وزارة التربية والتعليم
في 24/ 5/ 1962 تقرر الوزارة أن إدارة الحسابات بها أفادت بأنه يتعذر الحصول على مستندات
الصرف، وبالتالي معرفة عدد الأيام التي عمل فيها المدعي عام 1953 رئيساً للجنة النظام
والمراقبة بالمعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين وذلك لأن السجلات التي تسجل فيها
هذه البيانات تستعمل لعام واحد، ويستغنى عنها بعد ثلاثة أعوام على الأكثر وأن الحالة
المعروضة موضوع البحث ترجع إلى عام 1953.
ومن حيث إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا بفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون
فيه بميزان القانون، وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال
التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فتلغيه ثم تنزل
حكم القانون في المنازعة أم أنه لم تقم به حالة من تلك الأحوال. وكان صائباً في قضائه
فتبقي عليه وترفض الطعن. فإذا كانت محكمة القضاء الإداري قد أخطأت في فهم الواقع أو
تحري قصد المدعي وما يهدف إليه من دعواه فإن من سلطة المحكمة العليا، وقد طرح أمامها
النزاع برمته أن تسلط رقابتها عليه وترد الأمر إلى نصابه الصحيح. وقد ثبت لهذه المحكمة
من الاطلاع على ملف التظلم رقم 3840 لسنة 2 القضائية وعلى أصل التظلم المقدم من المدعي
في 24 من فبراير سنة 1954 إلى السيد رئيس اللجنة القضائية بوزارة المعارف أن المدعي
قال: (انتدبت رئيساً للجنة النظام والمراقبة والإدارة للمعهد العالي للتربية الفنية
للمعلمين عام 1950 الدراسي وأنهى المدعي صحيفة تظلمه بطلب الحكم بأحقيته في صرف فروق
المكافأة المستحقة له عن ذلك). وثابت أيضاً من رد الجهة الإدارية المختصة عليه. ومن
حاضر جلسات المناقشة أمام السيد مفوض الدولة وأمام محكمة القضاء الإداري والسيد مفوض
الدولة أمام المحكمة العليا أن المدعي لم يندب لتلك المهمة في عام 1950 لأن المعهد
العالي لم يكن في ذلك التاريخ له وجود أو كيان، وإنما الثابت بحق أنه ندب فعلاً للمهمة
المذكورة في ذلك المعهد في دوري العام الدراسي 1952/ 1953 وصرفت له الإدارة مكافأته
عنها وفقاً للوائح والقوانين، والدعوى لم تتعرض لذلك ولم تنصرف إلا لعام 1950 وقد ثبت
أن المعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين لم يكن بعد قد أنشئ في ذلك العام وأن ثمة
انتداب للمدعي لم يقع ما دام لم يعقد في ذلك التاريخ أي امتحان. والحكم المطعون فيه
يكون قد جانب الصواب وأخطأ في فهم الواقع وأقام قضاءه على ما جاءت به عريضة التظلم
من وقائع لا سند لها أصالة في الأوراق ولا في ملف خدمة المطعون عليه. ويكون الطعن فيه
قد قام على أساس سليم من القانون.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
