الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 2220 لسنة 6 ق – جلسة 03 /03 /1963 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة – الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) – صـ 807


جلسة 3 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ الأستاذ عبد العزيز الببلاوي رئيس المجلس وعضوية السادة: الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 2220 لسنة 6 القضائية

موظف – فرق الكادرين – إعانة غلاء المعيشة – خصم كل زيادة تصيب مرتب الموظف نتيجة تطبيق الكادر الجديد الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 من إعانة غلاء المعيشة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 8/ 1952 – مناط الخصم هو وجود زيادة أو تحسينات في ماهية الموظف مترتبة على تطبيق الكادر الجديد – انتفاء الزيادة يوجب عدم الخصم – عدم جواز الخصم في حالة الموظف الذي يرقى إلى الدرجة الخامسة لاتحاد مربوط هذه الدرجة في الكادرين – أساس ذلك.
إن مناط الخصم من إعانة غلاء المعيشة نتيجة لتطبيق الكادر الجديد أن تكون هناك زيادة أو تحسينات في ماهية الموظف من النقل أو زيادة فيها نتيجة الترقية أو منح علاوة وذلك تحقيقاً لسياسة الحكومة في ضغط المصروفات والتخفيف من أعباء الميزانية العامة ونتيجة لتنفيذ الكادر الجديد وذلك بتعويضها عن الزيادات المترتبة على تنفيذ الكادر الجديد بالخفض من بند آخر من بنود الميزانية وهو الخاص بإعانة غلاء المعيشة دون أن يترتب على ذلك إخلال بمبدأ المساواة الواجبة بين فئة واحدة من الموظفين في ظروف مماثلة، فإذا لم يترتب على تنفيذ الكادر الجديد زيادة ماهية الموظف أو تحسين في حالته فقد انتفت الحكمة من إجراء الخصم فإذا ما رقي الموظف إلى درجة أعلى تتحد في ماهيتها وعلاوتها مع الدرجة نفسها في الكادر القديم مما يكون من شأنه عدم إفادة الموظف في الكادر الجديد بأكثر مما هو مقرر في الكادر القديم فإن إعانة الغلاء تظل خالصة للموظف دون أي خصم منها لعدم وجود تحسين في الدرجة الجديدة عنها في الكادر القديم، ومن ثم فإنه عندما رقي المدعي إلى الدرجة الخامسة المقرر لها مرتب قدره 25 ج شهرياً بعلاوة قدرها 24 كل سنتين وهو نفس التقدير الوارد في الكادر القديم لم يستفد بأية زيادة في الماهية المقررة للدرجة الجديدة مما كان مقرراً لها بالكادر القديم وبهذه المثابة فإنه يمنح إعانة غلاء المعيشة المقررة كاملة دون إجراء خصم حتى تتحقق المساواة في المعاملة الواجبة بين الموظفين الموجودين في مراكز قانونية واحدة تلك المساواة التي تقوم عليها القواعد التنظيمية العامة دون تفرقة بين من رقي للدرجة الخامسة قبل تنفيذ قانون الموظفين ومن رقي إليها في ظله.
كذلك فإن المستفاد من مذكرة اللجنة المالية من مشروع ميزانية السنة المالية 1952 – 1953 قسم 12 إعانة غلاء المعيشة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 17 من أغسطس سنة 1952، هو أن مجلس الوزراء قصد من إعمال القاعدة التي انطوى عليها والخاصة باستقطاع ما يوازي الزيادة التي سينتفع بها الموظفون في ماهياتهم عند نقلهم إلى الكادر الجديد مما يحصلون عليه من إعانة غلاء المعيشة إلى تغطية العجز المتوقع حدوثه بسبب تطبيق الكادر الجديد المرافق لقانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 مع الإشارة الظاهرة فيه إلى أنه لن يترتب على إجراء هذا الخصم أن تتأثر حالة الموظفين ما دام جملة الأجر والإعانة لن تتغير عما كانوا يتقاضونه طبقاً للكادر القديم والقرار على هذا النحو صريح في أن كلا الغرضين مواجهة أعباء الميزانية وعدم الإضرار بالموظفين، هما عماد القرار المذكور ويقوم عليهما جنباً إلى جنب وترتيباً على ذلك فإن الموظف الذي لا تتغير حالته نتيجة تطبيق الكادر الجديد لا يكون محلاً لأي خصم من إعانة الغلاء المستحقة له ذلك أن الميزانية لم تتحمل بزيادة ما نتيجة تطبيق الكادر الجديد عندئذ عليه، والأمر في هذا الشأن يستوي بالنسبة للموظفين الذين في الخدمة ولمن يعينون بعد نفاذ أحكام قانون التوظف أو بالنسبة لهؤلاء الذين يرقون إلى أية درجة أعلى والقول بغير ذلك يؤدي إلى أن يضار الموظف الذي لم يزد مربوط درجته طبقاً للكادر الجديد عن مربوطها في الكادر السابق عند الترقية بمقدار الخصم الذي صادف إعانة غلاء معيشته مع أنها مثبتة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950. قبل صدور قانون التوظف على نحو يضمن استقرارها، وليس من شك في أن القاعدة التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 8/ 1952 لم تتضمن أصلاً أي تخفيض لإعانة غلاء المعيشة كالتخفيض الذي قرره مجلس الوزراء بقراره الصادر في 30/ 6/ 1953 لأن هذا التخفيض دائم في حين أن استقطاع الزيادة المترتبة على تطبيق أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 من إعانة غلاء المعيشة مؤقت ينقضي بانقضاء علته التي تتحصل على مقتضى قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر الصادرين في 17/ 8 و8/ 10/ 1952 في حالة واحدة هي الحصول الموظف على المزايا التي رتبها قانون التوظف وهي لم تعد متحققة في شأن الموظف الذي يرقى إلى الدرجة الخامسة استناداً إلى اتحاد مربوط هذه الدرجة في الكادرين والخصم المشار إليه يدور مع علته وجوداً وعدماً.
وعلى ذلك فالقاعدة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 17/ 8/ 1952 لم يقصد بها كما تذهب الحكومة في الطعن – إلى استهلاك إعانة غلاء المعيشة تدريجياً نتيجة تطبيق الكادر الجديد ذلك أن هذا الكادر قصد به تحسين المرتبات، غاية الأمر أنه حالت دون ذلك اعتبارات مالية اقتضت خصم الزيادة المترتبة على تطبيق هذا الكادر من إعانة الغلاء وهذا الإجراء مرهون بقيام سببه وهو تحقق زيادة في مرتب الموظف نتيجة تطبيق أحكام الكادر الجديد عليه والدليل على أن قرار مجلس الوزراء المذكور لم يقصد به استهلاك إعانة غلاء المعيشة لما أسفر عنه المشرع نفسه حين صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 237 لسنة 1958 في 23/ 4/ 1958 متضمناً النص على أن يرد إلى إعانة غلاء المعيشة التي تصرف للموظفين والمستخدمين الخارجين عن الهيئة نصف ما تقرر خصمه منها بناء على قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 من أغسطس و8 من أكتوبر سنة 1952 مقابل الزيادة في بداية أو نهاية مربوط الدرجات الواردة بجداول المرتبات التي نفذت من أول يوليه سنة 1952 وهذا النص واضح الدلالة في أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 8/ 1952 لم يقصد به سوى سد العجز في الميزانية الذي ترتب على تنفيذ الكادر الجديد كما سبق بيانه ولم يقصد به أصلاً إلى استهلاك إعانة غلاء المعيشة، ومن ثم فإن ما تذهب إليه هيئة المفوضين في تقريرها المقدم في الطعن من أن الخصم المشار إليه الذي صادف علاوة غلاء المعيشة هو في حكم الساقط الذي لا يعود، لا وجه للاستناد عليه في خصوص هذه الدعوى طالما لم يتحقق وجود ساقط ما وذلك بالنظر إلى ما هو معلوم من أنه لا يكون إلا بإسقاط مسقط وهو بالتالي لا يقع إلا من صاحب الحق الذي يملك الإسقاط وغني عن البيان أن الأمر في هذا الشأن يتعلق بالموظف دون غيره باعتباره الدائن بمقدار علاوة غلاء المعيشة المقررة.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 30/ 7/ 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة التسويات) بجلسة 30/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 53 لسنة 14 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد السعيد المرسي ضد السيد/ رئيس ديوان الموظفين بصفته والقاضي ببطلان الخصم من إعانة غلاء المعيشة المقررة للمدعي من تاريخ ترقيته للدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بالمصروفات. وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 21/ 8/ 1960 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 4/ 1962، وأخطرت الحكومة والمدعي في 31/ 3/ 1962 بميعاد هذه الجلسة ثم تأجلت إلى 5/ 5/ 1962 لضم المفردات، وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 2/ 12/ 1962. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه الموضح بالمحضر قررت إصدار الحكم في 20/ 1/ 1963 ثم أرجئ النطق به لعدم إتمام المداولة إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم ببطلان الخصم الذي يجريه ديوان الموظفين من إعانة الغلاء التي يستحقها بواقع أربعة جنيهات من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في 29/ 11/ 1956 ثم بواقع جنيهان ونصف من 1/ 5/ 1958 وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك. وقال في بيان ذلك إنه عين في 31/ 7/ 1953 في الدرجة السادسة الإدارية بمرتب 15 جنيهاً ومحصل على علاوتين عاديتين في مايو سنة 1954 ومايو سنة 1956 وصل بها راتبه إلى 19 جنيهاً وطبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 8/ 1952 الذي يقضي بأن تستقطع من إعانة غلاء المعيشة ما يوازي الزيادة التي يحصل عليها الموظف نتيجة لتطبيق الكادر الجديد الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 فقد خصم منه الديوان إعانة غلاء المعيشة وقدرها 3 جنيه والزيادة التي أضيفت إلى العلاوة العادية في هذه الدرجة وقدرها نصف جنيه في العلاوة الواحدة. وبتاريخ 29/ 11/ 1956 رقي المدعي إلى الدرجة الخامسة الإدارية بأول مربوطها وقدره 25 جنيهاً وعلى الرغم من أن مربوط هذه الدرجة لم يتغير في الكادر الجديد عما كان عليه في الكادر القديم فإن الديوان استمر في إجراء خصم الزيادة التي كان يحصل عليها في الدرجة السادسة بواقع 4 جنيه بعد ترقيته إلى الدرجة الخامسة ثم بمقدار جنيهان ونصف اعتباراً من 1/ 5/ 1958 التاريخ الذي حدده القرار الجمهوري برقم 237 لسنة 1958 عندما قضى برد نصف ما تقرر خصمه من إعانة غلاء المعيشة بناء على قراري مجلس الوزارة الصادرين في 17 أغسطس و8 أكتوبر سنة 1952. وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن قرار مجلس الوزراء المؤرخ 17/ 8/ 1952 صريح في أن كل زيادة تصيب الموظف نتيجة تطبيق الكادر الجديد تستقطع من إعانة غلاء المعيشة أي تخصم منها وبهذا الخصم تنخفض إعانة الغلاء بمقدار الزيادة التي حصل عليها الموظف نتيجة تطبيق الكادر الجديد وتتحدد بصفة نهائية بحيث لا يجوز الرجوع إلى أصل الإعانة عند ترقية الموظف لأن إعانة الغلاء التي يحصل عليها الموظف وقت الترقية هي الإعانة المخفضة وهي التي يقبضها عند الترقية فعلاً، كما أن المشرع عندما قرر بالقرار الجمهوري برقم 237 لسنة 1958 رد نصف ما تقرر خصمه من إعانة الغلاء بناء على قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 أغسطس و8 أكتوبر لسنة 1952 قد قصر إثر هذا القرار على رد نصف ما يخصم من إعانة غلاء المعيشة مقابل الزيادة في بداية أو نهاية الدرجات دون النصف الآخر وانتهى ديوان الموظفين إلى أنه ليس للموظف أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظم التي يعامل بها قرناؤه المعينون قبل صدور تلك القواعد، ذلك أنه لا محل للمقارنة بين الكادر القديم والكادر الجديد إلا فيما يتعلق بالتحسين الذي يطرأ على مرتبه.
وبجلسة 30 مايو سنة 1960 قضت المحكمة ببطلان الخصم من إعانة المعيشة المقررة للمدعي منذ تاريخ ترقيته للدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضائها على أن مناط الخصم من إعانة غلاء المعيشة نتيجة لتطبيق الكادر الجديد أن تكون هناك زيادة أو تحسينات في ماهية الموظف عند النقل أو زيادة فيها نتيجة الترقية أو منح علاوة وذلك تحقيقاً لسياسة الحكومة في ضغط المصروفات والتخفيف من أعباء الميزانية العامة ونتيجة لتنفيذ الكادر الجديد وذلك بتعويضها عن الزيادات المترتبة على تنفيذ الكادر الجديد بالخفض من بند آخر من بنود الميزانية وهو الخاص بإعانة غلاء المعيشة دون أن يترتب على ذلك إخلال بمبدأ المساواة الواجبة بين فئة واحدة من الموظفين في ظروف متماثلة فإذا لم يترتب على تنفيذ الكادر الجديد زيادة في ماهية الموظف أو تحسين في حالته فقد انتفت المحكمة من إجراء الخصم، فإذا ما رقي الموظف إلى درجة أعلى تتحد في ماهيتها وعلاوتها مع الدرجة نفسها في الكادر القديم مما يكون من شأنه عدم إفادة الموظف في الكادر الجديد بأكثر مما هو مقرر في الكادر القديم فإن إعانة الغلاء تظل خالصة للموظف دون أي خصم منها لعدم وجود تحسين في الدرجة الجديدة عنها في الكادر القديم، ومن ثم فإنه عندما رقي المدعي إلى الدرجة الخامسة المقرر لها مرتب قدره 25 جنيهاً شهرياً بعلاوة قدرها 24 جنيهاً كل سنتين وهو نفس التقدير الوارد في الكادر القديم لم يستفد بأية زيادة في الماهية المقررة للدرجة الجديدة عما كان مقرراً لها بالكادر القديم وبهذه المثابة فإنه يمنح إعانة غلاء المعيشة المقررة كاملة دون إجراء خصم حتى تتحقق المساواة في المعاملة الواجبة بين الموظفين الموجودين في مراكز قانونية واحدة تلك المساواة التي تقوم عليها القواعد التنظيمية العامة دون تفرقة بين من رقي للدرجة الخامسة قبل تنفيذ قانون الموظفين ومن رقي إليها في ظله.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 8/ 1952. أوضح قصد المشرع من إصدار القواعد التي انطوى عليها هذا القرار إذ قرر أن هذا الإجراء لن تتأثر به حالة الموظفين وأن ما سينالونه من تحسين بتطبيق الكادر سيضم إلى ماهياتهم الأصلية ويدخل مستقبلاً في حساب معاشهم بدلاً من علاوات الغلاء المؤقتة فالمشرع قصد الاستعاضة عن إعانة غلاء المعيشة التي تخضع لتغييرات متباينة بالتحسينات التي أوردها على المرتبات الأصلية – فهو قد قصد إلى استهلاك هذه الإعانة المؤقتة واستبدالها بالتحسينات الدائمة كما قصد في نفس الوقت إلى التخفيف عن أعباء الميزانية. ولما كان مقتضى هذه القواعد والأغراض أن يكون الخصم دائماً حتى لو رقي الموظف إلى درجة أعلى وذلك إلى أن تصدر قواعد تنظيمية عامة أخرى تقرر إيقاف الخصم أو تخفيضه، لذلك فإنه لم يكن من حق المدعي أن يطالب بإيقاف الخصم من إعانة غلاء المعيشة بعد ترقيته إلى الدرجة الخامسة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أن المستفاد من مذكرة اللجنة المالية عن مشروع ميزانية السنة المالية 1952 – 1953 قسم 22 إعانة غلاء المعيشة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 17 من أغسطس سنة 1952. هو أن مجلس الوزراء قصد من إعمال القاعدة التي انطوى عليها والخاصة باستقطاع ما يوازي الزيادة التي سينتفع بها الموظفون في ماهياتهم عند نقلهم إلى الكادر الجديد مما يحصلون عليه من إعانة غلاء المعيشة إلى تغطية العجز المتوقع حدوثه بسبب تطبيق الكادر الجديد المرافق لقانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 مع الإشارة الظاهرة فيه إلى أنه لن يترتب على إجراء هذا الخصم أن تتأثر حالة الموظفين ما دام جملة الأجر والإعانة لن تتغير عما كانوا يتقاضونه طبقاً للكادر القديم والقرار على هذا النحو صريح في أن كلا الغرضين، مواجهة أعباء الميزانية وعدم الإضرار بالموظفين، هما عماد القرار المذكور وما قام عليهما جنباً إلى جنب. وترتيباً على ذلك فإن الموظف الذي لا تتغير حالته نتيجة تطبيق الكادر الجديد لا يكون محلاً لأي خصم من إعانة الغلاء المستحقة له، ذلك أن الميزانية لم تتحمل بزيادة ما نتيجة تطبيق الكادر الجديد عندئذ عليه، والأمر في هذا الشأن يستوي بالنسبة للموظفين الذين في الخدمة ولمن يعينون بعد نفاذ أحكام قانون التوظف أو بالنسبة لهؤلاء الذين يرقون إلى أية درجة أعلى. والقول بغير ذلك يؤدي إلى أن يضار الموظف الذي لم يزد مربوط درجته طبقاً للكادر الجديد عن مربوطها في الكادر السابق عند الترقية بمقدار الخصم الذي صادف إعانة غلاء معيشته مع أنها مثبتة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 قبل صدور قانون التوظف على نحو يضمن استقرارها، وليس من شك في أن القاعدة التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 8/ 1952 لم تتضمن أصلاً أي تخفيض لإعانة غلاء المعيشة كالتخفيض الذي قرره مجلس الوزراء بقراره الصادر في 30/ 6/ 1953. لأن هذا التخفيض دائم في حين أن استقطاع الزيادة المترتبة على تطبيق أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 من إعانة غلاء المعيشة مؤقت ينقضي بانقضاء علته التي تتحصل بمقتضى قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر الصادرين في 17/ 8 و8/ 10/ 1952 في حالة واحدة هي حصول الموظف على المزايا التي رتبها قانون التوظف وهي لم تعد متحققة في شأن الموظف الذي يرقى إلى الدرجة الخامسة استناداً إلى اتحاد مربوط هذه الدرجة في الكادرين والخصم المشار إليه يدور مع علته وجوداً وعدماً.
ومن حيث إن القاعدة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 17/ 8/ 1952 لم يقصد بها كما تذهب الحكومة في الطعن – إلى استهلاك إعانة غلاء المعيشة تدريجياً نتيجة تطبيق الكادر الجديد ذلك أن هذا الكادر قصد به تحسين المرتبات وغاية الأمر أنه حالت دون ذلك اعتبارات مالية اقتضت خصم الزيادة المترتبة على تطبيق هذا الكادر من إعانة الغلاء، وهذا الإجراء مرهون بقيام سببه وهو تحقق زيادة في مرتب الموظف نتيجة تطبيق أحكام الكادر الجديد عليه. والدليل على أن قرار مجلس الوزراء المذكور لم يقصد به استهلاك إعانة غلاء المعيشة ما أسفر عنه المشرع نفسه حين صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 237 لسنة 1958 في 23/ 4/ 1958 متضمناً النص على أن يرد إلى إعانة غلاء المعيشة التي تصرف للموظفين والمستخدمين الخارجين عن الهيئة نصف ما تقرر خصمه منها بناء على قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 من أغسطس سنة 1952 و8 من أكتوبر سنة 1952 مقابل الزيادة في بداية أو نهاية مربوط الدرجات الواردة بجداول المرتبات التي نفذت من أول يوليه سنة 1952. وهذا النص واضح الدلالة في أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 8/ 1952 لم يقصد به سوى سد العجز في الميزانية الذي ترتب على تنفيذ الكادر الجديد كما سبق بيانه ولم يقصد به أصلاً إلى استهلاك إعانة غلاء المعيشة، ومن ثم فإن ما تذهب إليه هيئة المفوضين في تقريرها المقدم في الطعن من أن الخصم المشار إليه الذي صادف علاوة غلاء المعيشة هو في حكم الساقط الذي لا يعود، لا وجه للاستناد عليه في خصوص هذه الدعوى طالما لم يتحقق وجود ساقط ما، وذلك بالنظر إلى ما هو معلوم من أنه لا يكون إلا بإسقاط مسقط، وهو بالتالي لا يقع إلا من صاحب الحق الذي يملك الإسقاط. وغني عن البيان أن الأمر في هذا الشأن يتعلق بالموظف دون غيره باعتباره الدائن بمقدار علاوة غلاء المعيشة المقررة.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الطعن يكون قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات