في الطعن رقم 683 لسنة 19 ق – جلسة 10 /05 /1975
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) – صـ 384
جلسة 10 من مايو سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد صلاح الدين السعيد رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة/ عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده، محمد نور الدين العقاد المستشارين.
في القضية رقم 683 لسنة 19 القضائية
دعوى – اختصاص – عاملون بالقطاع العام – تأديب – إنهاء خدمة.
خدمة العامل بالقطاع العام بسبب الحكم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية جريمة
مخلة بالشرف لا يعد من قبيل الفصل التأديبي – عدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظره –
اختصاص المحكمة العمالية – أساس ذلك – مثال.
لا شبهه في أن إنهاء خدمة العامل بالقطاع العام بسبب الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة
مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة لا يعد من قبيل الفصل التأديبي يؤيد
ذلك أن المادة 64 من قانون العاملين بالقطاع العام إذ عددت حالات انتهاء الخدمة في
سبع حالات أوردت في البند الثالث حالة الفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي، بينما أوردت
حالة الحكم بعقوبة جنائية في البند السادس، فلو أن الحالة الثانية كانت مما يندرج في
عداد الفصل التأديبي لما أفرد لها بنداً مستقلاً.
المدعي – وهو من العاملين في شركات القطاع العام – لا يندرج في حكم الموظفين العموميين
على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، وهو بهذه المثابة – وكأصل عام يخضع في كل ما يثور
بشأنه من منازعات غير تأديبية لاختصاص المحاكم العادية دون الإدارية بالتطبيق لأحكام
القانون رقم 91 لسنة 1959 بشأن العمل وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الأولى
من القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه والتي تنص بأن يسري على العاملين بالقطاع
العام أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن – في أن المدعي أقام الدعوى رقم 641 لسنة 1972 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية
(الدائرة العاشرة عمال كلي) بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة المذكورة في أول يونيه
1972 طالباً إلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة شركة مصر للبترول في 22 من مايو
1972 بإنهاء خدمته استناداً إلى حكم الفقرتين 3 و5 من المادة 64 من القانون رقم 61
لسنة 1971 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام بسبب صدور حكم غيابي بحبسه سنة مع الشغل
في قضية الجناية رقم 1467/ 207 لسنة 1966 كلي المطرية. وقال المدعي أنه لم يكن قد أعلن
بجلسة المحاكمة وأنه ما أن علم بها حتى بادر إلى تقديم نفسه إلى الجهة المختصة بالتنفيذ
الأمر الذي يستتبع سقوط الحكم وإعادة نظر قضية الجناية من جديد عملاً بالحكم الوارد
في المادة من قانون الإجراءات الجنائية… وقد دفعت الشركة الدعوى بعدم اختصاص
المحكمة الابتدائية ولائياً بنظر الدعوى استناداً على نص المادة 49 من قانون العاملين
بالقطاع العام رقم 61 لسنة 1971 الذي عقد الاختصاص بالفصل في الدعوى للمحكمة التأديبية
المختصة. وبجلسة 23 من أكتوبر 1972 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدفع بعدم اختصاص
المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبإعادة القضية إلى المرافعة بجلسة 18 من ديسمبر
1972، وأقامت قضاءها على أن اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طعون العاملين في جزاء الفصل
قاصر فقط على حالات الفصل التأديبي وذلك إعمالاً للمادتين 48 و49 من القانون رقم 61
لسنة 1971 والتي لا تندرج فيها حالة إنهاء خدمة العامل استناداً إلى أحكام الفقرة 6
من المادة 64 من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن المدعي عمد إلى إقامة دعواه الراهنة أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة
الصناعة بعد انقضاء بضعة أيام من إقامة دعواه الأولى وذلك بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة
التأديبية في 5 من يونيه 1972 مردداً فيها طلبه بإلغاء القرار الصادر من الشركة بإنهاء
خدمته اعتباراً من 22 من مايو 1972 وما يترتب على ذلك من آثار، ومستنداً إلى ذات الأسانيد
التي ضمنها صحيفة دعواه التي أقامها أمام المحكمة العمالية، فدفعت الشركة بعدم اختصاص
المحكمة التأديبية بنظر الدعوى تأسيسياً على أن القرار المطعون فيه وقد صدر استناداً
إلى نص الفقرة 6 من المادة 61 لسنة 1971 ليس قراراً تأديبياً مما تختص المحاكم التأديبية
بنظره وأن المدعي كان قد أقام دعواه أمام محكمة القاهرة الابتدائية "الدائرة العمالية"
بذات طلباته المقامة بها الدعوى الحالية وأن المحكمة المذكورة قضت برفض الدفع بعدم
اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى.
ومن حيث إنه بجلسة 25 من مارس 1973 قضت المحكمة التأديبية بإلغاء القرار المطعون فيه
وأسست قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن عزل العامل من عمله نتيجة صدور حكم جنائي
ضده هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأن الفصل أن هو إلا جزاء لما اقترفه من
إثم والعقوبة ما هي إلا جزاء وبذلك ينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر الدعوى،
هذا فضلاً عن أن المادة 172 من الدستور إذ نصت على اختصاص مجلس الدولة بالفصل في المنازعات
الإدارية وفي الدعاوى التأديبية قد أفادت أن المشرع خلع على المحاكم التأديبية الولاية
العامة للفصل في مسائل تأديب العاملين ومنهم العاملون بالقطاع العام. وبذلك يمتد اختصاصها
ليشمل الفصل من الخدمة نتيجة لصدور حكم جنائي على العامل طبقاً للمادة 49/ 6 من قانون
نظام العاملين رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم أنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن إنهاء
الخدمة نتيجة الحكم على العامل بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة
بالشرف أو الأمانة لا يعد جزاء تأديبياً، وأن اختصاص المحاكم التأديبية قاصر على الطعون
في الجزاءات التأديبية التي توقع على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً،
وهذه الجزاءات تشمل الفصل التأديبي الذي تمارسه السلطات التأديبية المختصة وفقاً لحكم
المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 أما ما عدا ذلك من أسباب انتهاء الخدمة – بغير
الطريق التأديبي – فإنه يظل من اختصاص المحاكم المدنية (العمالية) دون المحاكم الإدارية
والمحاكم التأديبية.
ومن حيث إنه لا شبهه في أن إنهاء خدمة العامل بالقطاع العام بسبب الحكم عليه بعقوبة
جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة لا يعد من قبيل الفصل
التأديبي يؤيد ذلك أن المادة 64 من قانون العاملين بالقطاع العام إذ عددت حالات انتهاء
الخدمة في سبع حالات أوردت في البند الثالث حالة الفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي،
بينما أوردت حالة الحكم بعقوبة جنائية في البند السادس، فلو أن الحالة الثانية كانت
مما يندرج في عداد الفصل التأديبي لما أفرد لها بنداً مستقلاً.
ومن حيث إن المدعي وهو من العاملين في شركات القطاع العام لا يندرج في حكم الموظفين
العموميين على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، وهو بهذه المثابة – وكأصل عام – يخضع
في كل ما يثور بشأنه من منازعات غير تأديبية لاختصاص المحاكم العادية دون الإدارية
بالتطبيق لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 بشأن العمل وإعمالاً لنص الفقرة الثانية
من المادة الأولى من القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه التي تنص بأن تسري على العاملين
بالقطاع العام أحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص
المحكمة التأديبية ولائياً بنظر الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويكون الطعن
قائماً على أساس سليم من القانون الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون
فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية
الدائرة العاشرة العمالية للفصل فيها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدائرة العاشرة العمالية للفصل فيها.
