الطعن رقم 682 لسنة 19 ق – جلسة 03 /05 /1975
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) – صـ 370
جلسة 3 من مايو سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد صلاح الدين السعيد رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة/ عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده، محمد نور الدين العقاد المستشارين.
القضية رقم 682 لسنة 19 القضائية
عاملون بالقطاع العام – تأديب – فصل.
عدم عرض قرار فصل العامل على اللجنة الثلاثية يترتب عليه انعدام القرار، عرض القرار
على اللجنة بعد صدوره لا يصحح هذا العيب – أساس ذلك – مثال.
إن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 – الذي يحكم الواقعة
– يوجب في المادة 53 منه على رئيس مجلس الإدارة قبل أن يصدر قراراً نهائياً بفصل العامل
أن يعرض الأمر على لجنة ثلاثية التشكيل، ويقضي هذا النظام في المادة 54 منه أن تتولى
هذه اللجنة بحث كل حالة تعرض عليها وإبلاغ رئيس مجلس الإدارة رأيها فيها، وخولها في
سبيل أداء مهمتها سماع أقوال العامل والاطلاع على كافة المستندات والبيانات التي ترى
لزوماً لها، وأوجب عليها أن تحرر محضراً يثبت فيه ما اتخذته من إجراءات وما سمعته من
أقوال ورأي كل عضو من أعضائها الثلاثة مسبباً. ونصت المادة 55 – من النظام المذكور
على أن كل قرار يصدر بفصل أحد العمال خلافاً لأحكام المادتين السابقتين يكون باطلاً
بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر.
مؤدى هذه النصوص أن المشرع رأي إزاء جزاء الفصل من الخدمة وأثره البالغ على مستقبل
العامل وأسرته، أن يحيط الفصل بضمانات جوهرية تكفل قيامه على السبب المبرر له ابتغاء
المصلحة العامة دون ثمة تعسف أو انحراف، فشرط قبل أن تصدر السلطة الرئاسية بالقطاع
العام قرارها بفصل العامل، أن تعرض أمره على لجنة ثلاثية تتولى بحث ما أسند إليه من
مخالفات وتبدي رأيها في موضوعها وذلك على ما يتبادر من نص المادة 54 سالفة الذكر ومن
الحكمة التي اقتضت عرض الأمر على اللجنة وهي استظهار مشروعية الفصل وملاءمته – وتقديراً
من المشرع لهذه الضوابط والإجراءات فقد رتب على مخالفتها انعدام قرار الفصل حيث نص
صراحة على بطلانه بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر.
لما كان الأمر كما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر بفصل
المدعي في 20 من إبريل سنة 1972 دون عرض الأمر على اللجنة الثلاثية، فإنه يكون مشوباً
بالانعدام وإذ كانت الشركة المدعى عليها محاولة منها لتصحيح القرار بعد إدراك عدم مشروعيته
قد قامت بعرض الأمر على اللجنة الثلاثية بجلستها المعقودة في 17 من يونيه سنة 1972،
إلا أن اللجنة لم تبد رأيها في موضوع الاتهام الذي أسند إلى المدعي وحفظت الموضوع لوقوع
الفصل الذي تطالب به الشركة عن طريق اللجنة، وبهذه المثابة فإنه لا يجدي الاحتجاج بأن
عرض الأمر على اللجنة الثلاثية على هذا النحو من شأنه أن يصحح العيب الذي اعتور القرار
المطعون فيه، وذلك طالما أن اللجنة لم تبحث المخالفات التي أسندت إلى المدعي ولم تبد
رأيها فيها على الوجه الذي أوجبته المادة 54 من نظام العاملين بالقطاع العام آنف الذكر،
وكان من شأن مخالفة حكم هذه المادة – على ما سلف بيانه – انعدام قرار فصل العامل والقرار
الصادر بتصحيحه على السواء.
لما كان الأمر كذلك وكان القرار المطعون فيه صدر مشوباً بالانعدام ولم يلحقه ثمة تصحيح،
فإنه يكون حرياً بالإلغاء دون التقيد بميعاد الطعن بالإلغاء الذي حددته المادة 49 من
نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 الذي يحكم إجراءات رفع
الدعوى. وغنى عن البيان أن إلغاء القرار المطعون فيه للسبب المتقدم لا يخل بسلطة الشركة
المدعى عليها في اتخاذ ما تراه مناسباً حيال المدعي وفقاً لأحكام القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يخلص من أوراق الطعن – في أن المدعي أقام
الدعوى رقم 44 لسنة 6 القضائية ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للحراريات
بصفته، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الإسكان في الأول
من شهر أغسطس سنة 1972، طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة مع ما
يترتب على ذلك من آثار، وقال المدعي بياناً لدعواه أن الشركة أصدرت قراراً بوقفه عن
العمل في 20 من إبريل سنة 1972، وعرضت أمر فصله من الخدمة على اللجنة الثلاثية بجلستها
المنعقدة في 17 من يونيه سنة 1972 فلم توافق بالإجماع على هذا الفصل وقد توجه في اليوم
التالي إلى إدارة الشركة ليتسلم العمل إلا أن المسئولين بها رفضوا ذلك، وأشار إلى أنه
لم يخطر بقرار فصله من العمل. وردت الشركة على الدعوى قائلة أنها أخطرت المدعي بالفصل
بكتابها رقم 168 المؤرخ في 20 من إبريل سنة 1972، وكان يتعين عليه أن يقيم دعواه خلال
ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره وفقاً لحكم المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار
نظام العاملين بالقطاع العام، وإذ أقامها في الأول من شهر أغسطس سنة 1972 فإنها تكون
غير مقبولة لرفعها بعد الميعاد القانوني. وعقب المدعي بأن الشركة قررت فصله قبل عرض
أمره على اللجنة الثلاثية وبذلك يكون قرارها معدوماً، ويحق له بالتالي الطعن فيه في
أي وقت، وأضاف أن الشركة أخطرته بميعاد انعقاد اللجنة الثلاثية في 17 من يونيه سنة
1972 وبهذه المثابة فإنها تكون قد تنازلت عن قرارها الصادر بفصله، وإذ لم يخطر بقرار
فصله بعد عرض أمر هذا الفصل على اللجنة الثلاثية فإن الدفع المبدى بعدم قبول دعواه
شكلاً يكون واجب الرفض. وقال بالنسبة لواقعة السرقة المنسوبة إليه أنها محل شك وفوض
المحكمة في تقدير الجزاء المناسب. وخلص المدعي إلى طلب الحكم أصلياً بإلغاء قرار فصله
مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً بمجازاته بجزاء يتناسب مع ما يكون منسوباً
إليه من خطأ. وبجلسة 6 من سبتمبر سنة 1972 قررت المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة
الإسكان إحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة عملاً بقرار مجلس الدولة
رقم 53 لسنة 1972، حيث قيدت بجدولها تحت رقم 114 لسنة 6 القضائية، وبجلسة 25 من مارس
سنة 1973 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وأقامت قضاءها على
أن المدعي علم بالقرار المطعون فيه على الأقل بتاريخ 2 من مايو سنة 1972 وإذا صح أنه
كان معذوراً في عدم رفعه الدعوى بعد إذ أخطرته الشركة بأن أمره سوف يعرض على اللجنة
الثلاثية مما يفيد أن الشركة كانت بسبيل إعادة بحث أمر فصله، فإنه وقد ثبت أن المدعي
حضر أمام اللجنة المشار إليها بتاريخ 17 من يونيه سنة 1972 وعلم بما قرره ممثل الشركة
من أنها اتخذت قراراً بفصله، وما انتهت إليه اللجنة من اعتبار الموضوع منتهياً وعدم
جواز نظرها لطلب الشركة، فقد كان على المدعي أن يقيم دعواه خلال الثلاثين يوماً التالية
للتاريخ المشار إليه بالتطبيق لنص البند ثانياً من المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة
1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام، وإذ أقام دعواه في الأول من أغسطس سنة 1972
فإنه يكون قد فوت على نفسه الميعاد وتكون دعواه غير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه ولئن كانت المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 سالف
الذكر تنص على أن يكون ميعاد الطعن في الجزاءات المنصوص عليها فيها خلال ثلاثين يوماً
من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه إلا أن هذا الحكم قد نسخ بالتعديل اللاحق
الذي استحدثه القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة في المادة 42 منه والذي من
مقتضاه أن يكون موعد الطعن في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام هو ستون
يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه وبهذه المثابة تكون الدعوى وقد رفعت
في الأول من أغسطس سنة 1972 قد رفعت في الميعاد المقرر قانوناً ويكون الحكم المطعون
فيه إذ قضى بغير ذلك مخالفاً لحكم القانون ويتعين إلغائه وإعادة الدعوى إلى المحكمة
التأديبية للفصل في موضوعها.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن المدعي كان يعمل حداداً بمصنع الشركة المصرية
للحراريات بالتبين بالفئة التاسعة وقد أسند إليه أنه في 6 من إبريل سنة 1972 قام بصنع
شنكلين بورشة الحدادة بالمصنع من بقايا حديد تسليح قديم رجح أنه ناتج من بقايا هدم
جزء من مباني المصنع وذلك لاستعمالها في غلق باب الحجرة التي يقيم بها بمساكن المرازيق
بالتبين خارج المصنع وشرع في إخراجها في إحدى السيارات حيث تم ضبطها وقد قدرت قيمة
هذين الشنكلين شاملة ثمن الحديد وأجر الصناعة جنيهاً واحداً وتبين أن وزنهما ثلاثة
كيلو جرامات وأثر انتهاء التحقيق تقرر فصل المدعي من العمل في 20 من إبريل سنة 1972
ولما تكشف للشركة أنها قررت فصل المدعي من الخدمة دون عرض أمره على اللجنة الثلاثية
طلبت تحديد موعد لانعقاد اللجنة للنظر في أمر فصل المدعي وحدد لذلك الغرض يوم 17 من
يونيه 1972، وفي هذا الاجتماع وبعد أن تبين أن المدعي فصل من الخدمة في 20 من إبريل
سنة 1972 قرر رئيس اللجنة أنه بعد ثبوت واقعة فصل العامل من شهرين سابقين على تاريخ
تقدير اللجنة الثلاثية فإنه يصبح بعد ذلك الأمر منتهياً ولا يجوز نظره أمام اللجنة
لوقوع الفصل الذي تطالب به الشركة عن غير طريق اللجنة ويتعين حفظ الموضوع وانتهى الاجتماع
على ذلك.
ومن حيث إن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 – الذي يحكم
الواقعة – يوجب في المادة 53 منه على رئيس مجلس الإدارة قبل أن يصدر قراراً نهائياً
بفصل العامل أن يعرض الأمر على لجنة ثلاثية التشكيل، ويقضي هذا النظام في المادة 54
منه أن تتولى هذه اللجنة بحث كل حالة تعرض عليها وإبلاغ رئيس مجلس الإدارة رأيها فيها،
وخولها في سبيل أداء مهمتها سماع أقوال العامل والاطلاع على كافة المستندات والبيانات
التي ترى لزوماً لها، وأوجب عليها أن تحرر محضراً يثبت فيه ما اتخذته من إجراءات وما
سمعته من أقوال ورأي كل عضو من أعضائها الثلاثة مسبباً. ونصت المادة 55 من النظام المذكور
على أن كل قرار يصدر بفصل أحد العمال خلافاً لأحكام المادتين السابقتين يكون باطلاً
بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر.
ومن حيث إن مؤدى هذه النصوص أن المشرع رأي إزاء قسوة جزاء الفصل من الخدمة وأثره البالغ
على مستقبل العامل وأسرته، أن يحيط الفصل بضمانات جوهرية تكفل قيامه على السبب المبرر
له ابتغاء المصلحة العامة دون ثمة تعسف أو انحراف، فشرط قبل أن تصدر السلطة الرئاسية
بالقطاع العام قرارها بفصل العامل أن تعرض أمره على لجنة ثلاثية تتولى بحث ما أسند
إليه من مخالفات وتبدي رأيها في موضوعها وذلك على ما يتبادر من نص المادة 54 سالفة
الذكر ومن الحكمة التي اقتضت عرض الأمر على اللجنة وهي استظهار مشروعية الفصل وملاءمته
– وتقديراً من المشرع لهذه الضوابط والإجراءات فقد رتب على مخالفتها انعدام قرار الفصل
حيث نص صراحة على بطلانه بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه
قد صدر بفصل المدعي في 20 من إبريل سنة 1972 دون عرض الأمر على اللجنة الثلاثية، فإنه
يكون مشوباً بالانعدام وإذ كانت الشركة المدعى عليها محاولة منها لتصحيح القرار بعد
إدراك عدم مشروعيته قد قامت بعرض الأمر على اللجنة الثلاثية بجلستها المعقودة في 17
من يونيه سنة 1972، إلا أن اللجنة لم تبد رأيها في موضوع الاتهام الذي أسند إلى المدعي
وحفظت الموضوع لوقوع الفصل الذي تطالب به الشركة من غير طريق اللجنة، وبهذه المثابة
فإنه لا يجدي الاحتجاج بأن عرض الأمر على اللجنة الثلاثية على هذا النحو من شأنه أن
يصحح العيب الذي اعتور القرار المطعون فيه، وذلك طالما أن اللجنة لم تبحث المخالفات
التي أسندت إلى المدعي ولم تبد رأيها فيها على الوجه الذي أوجبته المادة 54 من نظام
العاملين بالقطاع العام آنف الذكر، وكان من شأن مخالفة حكم هذه المادة – على ما سلف
بيانه – انعدام قرار فصل العامل والقرار الصادر بتصحيحه على السواء.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك وكان القرار المطعون فيه قد صدر مشوباً بالانعدام ولم
يلحقه ثمة تصحيح، فإنه يكون حرياً بالإلغاء دون التقيد بميعاد الطعن بالإلغاء الذي
حددته المادة 49 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971
الذي يحكم إجراءات رفع الدعوى. وغنى عن البيان أن إلغاء القرار المطعون فيه للسبب المتقدم
لا يخل بسلطة الشركة المدعى عليها في اتخاذ ما تراه مناسباً حيال المدعي وفقاً لأحكام
القانون.
