القضيتان رقما 575 و581 لسنة 16 ق – جلسة 01 /02 /1975
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) – صـ 181
جلسة أول فبراير سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد ثابت عويضة، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي المستشارين.
القضيتان رقما 575 و581 لسنة 16 القضائية
حكم – بطلان – هيئة مفوضي الدولة.
الفصل في الدعوى قبل أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتهيئتها للمرافعة وتقديم تقريرها فيها
– بطلان الحكم – أساس ذلك. تطبيق.
إن هيئة مفوضي الدولة تعتبر أمينة على المنازعة الإدارية وعاملاً أساسياً في تحضيرها
وتهيئتها للمرافعة وفي إبداء الرأي القانوني المحايد فيها سواء في المذكرات التي تقدمها
أو في الإيضاحات التي قد تطلب في الجلسة العلنية، وقد تضمنت المواد 29، 30، 31 من قانون
مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 55 لسنة 1959 "ويقابلها المواد 26، 27، 28 من قانون
مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972" النص على أن يوم قلم كتاب المحكمة
بإرسال ملف الأوراق إلى هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة، وتتولى الهيئة المذكورة تحضير
الدعوى وتهيئتها للمرافعة ثم بعد إتمام تهيئة الدعوى يودع المفوض تقريراً يحدد فيه
وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع ويبدي رأيه مسبباً، ثم تقوم هيئة
مفوضي الدولة خلال ثلاثة أيام من تاريخ إيداع التقرير المشار إليه بعرض ملف الأوراق
على رئيس المحكمة لتعيين تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى.
ومن حيث إنه أخذاً في الاعتبار تسلسل الإجراءات على النحو الذي أشارت إليه المواد سالفة
الذكر فإنه يتفرع عن ذلك كله أن الدعوى الإدارية لا تتصل المحكمة المختصة بنظرها إلا
بعد أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وتهيئتها للمرافعة وتقديم تقرير بالرأي القانوني
مسبباً فيها، ومن ثم فإن الإخلال بهذا الإجراء الجوهري يترتب عليه بطلان الحكم الذي
يصدر في الدعوى.
ومن حيث إنه متى ثبت على الوجه الذي سلف بيانه أن المحكمة تصدت لموضوع الدعوى وفصلت
فيه بحكمها المطعون فيه قبل أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتهيئته للمرافعة وتقديم تقريرها
فيه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه بطلان جوهري ويتعين لذلك القضاء بتعديله وإلغائه
فيما تضمنه من القضاء في الشق الموضوعي من الدعوى، وإعادة القضية للفصل فيها مجدداً
من دائرة أخرى من دوائر محكمة القضاء الإداري بعد أن تقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرها
في الموضوع، مع إلزام المدعى عليهما مصروفات الطعن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من أوراق الطعن – في أن السيد رئيس
مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة لتعمير الصحاري أقام الدعوى رقم 1595 لسنة 22 القضائية
بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 11 من أغسطس سنة 1968 ضد كل من السيد/
حسانين حسانين شلبي، والسيد/ رشاد معوض، وطلب فيها الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة طرد المدعى عليهما من الطابونة القائمة بمنطقة وادي النطرون.
ثانياً: في الموضوع بإلزام المدعى عليه الأول بمقابل شغل الطابونة عن الفترة من أول
إبريل سنة 1963 حتى 23 من مايو سنة 1963 مع الفوائد القانونية.
– بإلزام المدعى عليهما بمقابل شغل الطابونة عن الفترة من أول أغسطس سنة 1964 حتى تاريخ
تنفيذ الطرد مع الفوائد القانونية ومصروفات الدعوى. وجاء بياناً للدعوى أنه بتاريخ
17 من فبراير سنة 1963 رخصت منطقة وادي النطرون للمدعى عليه الأول في تشغيل طابونة
مملوكة لإدارة المنطقة مقابل مبلغ شهري قدره 250 مليم 4 جنيه تدفع مقدماً في أول كل
شهر، وفيه تعهد المدعى عليه الأول بتشغيل الطابونة يومياً بلا توقف لتموين المنطقة
بالخبز اللازم، وقد تضمن البند الثامن من العقد النص على أن مدته سنة شمسية من 17 من
فبراير سنة 1962 حتى 16 من فبراير سنة 1963 تتجدد تلقائياً ما لم يخطر أحد المتعاقدين
الآخر برغبته في عدم تجديده. وأوضح المدعي أنه بعد انتهاء مدة العقد تشكلت لجنة لاستلام
المخبز فتعرض المدعى عليه الأول وتبين أن المدعى عليه الثاني يقوم باستغلال الطابونة
لحساب المدعى عليه الأول، ولذلك يكون المدعيان يشغلان العين بدون سند بعد انتهاء مدة
الترخيص ويحق بالتالي طردهما من العين بصفة مستعجلة وإلزام المدعى عليه الأول بمقابل
استغلال الطابونة في الفترة من أول إبريل سنة 1963 حتى 23 من مايو سنة 1963، وكذلك
إلزام المدعى عليهما بمقابل شغل الطابونة عن الفترة من أول أغسطس سنة 1964 حتى تاريخ
تنفيذ الطرد.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري حكمت بجلستها المنعقدة في 12 من إبريل سنة 1970.
أولاً – بإلزام المدعى عليهما (حسنين حسنين شلبي الجزار، ورشاد معوض) بإخلاء المخبز
المشار إليه بصحيفة الدعوى وإلزامهما مصاريف طلب الإخلاء.
ثانياً – بإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع إلى المدعي مبلغ 500 مليم و45 جنيه والفوائد
القانونية عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية به الحاصلة في يوم 12 من أغسطس
سنة 1968 حتى تمام السداد والمصاريف.
ثالثاً – بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا إلى المدعي مبلغ 500 مليم و4 جنيه شهرياً
عن المدة من يوم أول أغسطس سنة 1964 حتى تاريخ إخلاء المخبز والفوائد القانونية عن
هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية بها الحاصلة في يوم 12 من أغسطس سنة 1968 حتى
تمام السداد والمصاريف، وقد أقامت حكمها على أساس أن المدعى عليه الأول كان يستغل المخبز
فعلاً خلال المدة من أول إبريل سنة 1963 إلى يوم 13 من مايو سنة 1963 وأنه لما كان
المقابل المتفق عليه بين الطرفين في المزايدة هو مبلغ 26 جنيهاً شهرياً فيكون مستحقاً
عليه مقابل انتفاعه عن المدة سالفة الذكر مبلغ 500 مليم و45 جنيه كما أن المدعى عليهما
يلزمان بمقابل لاستغلال عن الفترة من أول أغسطس سنة 1964 لغاية تنفيذ حكم الطرد بواقع
500 مليم و4 جنيه شهرياً وهو المقابل المتفق عليه في العقد المبرم بين منطقة وادي النطرون
والمدعى عليه الثاني بتاريخ 16 من يوليه سنة 1963 وأضافت المحكمة أنها لا ترى مانعاً
من إجابة المدعي إلى طلبه المستعجل وإلزام المدعى عليهما بإخلاء المخبز وذلك طالما
أن المدعي لم يتنازل عن هذا الطلب.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 575 لسنة 16 القضائية المقدم من الهيئة المصرية العامة لتعمير
الصحاري، أن الحكم المطعون فيه خالف القانون لما يأتي:
أولاً – إن قانون مجلس الدولة خول هيئة مفوضي الدولة اختصاصاً واسعاً لتحضير الدعاوى
وتهيئتها للمرافعة واستظهار جوانبها من الناحيتين الواقعية والقانونية برأي مسبب يتمثل
فيه الحيدة لصالح القانون وحده، ومن ثم فإن للهيئة المذكورة دوراً في الدعوى الإدارية
لا يمكن إغفاله ولا استبعاده وإلا حرم أطراف الدعوى الإدارية مرحلة هامة من مراحل الدعوى.
ولما كانت الدعوى الماثلة رفعت بطلبين أولهما طلب مستعجل بطرد المدعى عليهما، والثاني
طلب موضوعي خاص بمقابل شغل المخبز، وكان الطلب الموضوعي ما زال متداولاً أمام هيئة
المفوضين، فإن المحكمة عندما فصلت في الشق الموضوعي من الدعوى، كان غير معروض عليها
ومن ثم يكون قضاؤها فيه باطلاً، إذ ترتب عليه حرمان المدعي من تعديل طلباته أمام هيئة
المحكمة إذ كان منتظراً نظر الموضوع أمام المحكمة ليعدل طلباته باعتبار أن الطلبات
العارضة لا تقبل أمام هيئة المفوضين مما يتعين معه بعد إلغاء الحكم في هذا الشق إعادة
النزاع إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه من جديد.
ثانياً – بين المدعي في المستندات المقدمة منه أساس طلباته الموضوعية، وقد وضح من هذه
المستندات أنه عند انتهاء عقد المدعى عليه الثاني في 31 من يوليه سنة 1963 طرحت الهيئة
المصرية العامة لتعمير الصحاري المخبز للمزاد وقد تم رسو المزاد على المواطن إبراهيم
موسى نظير جعل شهر قدره 20 جنيهاً إلا أن المدعى عليهما رفضا إخلاء المخبز وحرما المدعي
من الجعل الشهري المذكور ولذا كان يتعين أن يلزم المدعى عليهما بدفع مبلغ 20 جنيهاً
شهرياً مقابل الانتفاع بالمخبز، وليس 500 مليم و4 جنيه حسبما انتهى قضاء الحكم المطعون
فيه، إذ أن المدة التالية لعقد المدعى عليه الثاني ليست امتداداً للعقد المذكور حتى
يسري عليها الجعل الوارد به.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 581 لسنة 16 القضائية المقدم من هيئة مفوضي الدولة أن الحكم
المطعون فيه صدر باطلاً لما يأتي:
أولاً – أن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريرها في الطلب المستعجل وانتهت فيه إلى الحكم
بطرد المدعى عليهما من الطابونة وإلزامهما مصروفات هذا الطلب، أما بالنسبة للشق الموضوعي
من الدعوى فما زال متداولاً بجلسات التحضير أمام هيئة فوضي الدولة ومؤجلاً لجلسة 3
من أغسطس سنة 1970 لضم الأوراق اللازمة لكتابة التقرير ومن ثم يكون الحكم قد فصل في
الدعوى قبل أن تستكمل مستنداتها ويبدي الخصوم دفاعهم في الشق الموضوعي.
ثانياً – من المهام الأساسية التي قام عليها نظام مفوضي الدولة طبقاً لقانون مجلس الدولة
هو تجريد المنازعات الإدارية من الخصومات الفردية ومعاونة القضاء من ناحيتين إحداهما
أن يرفع عن عاتقه عبء تحضير القضايا أو تهيئتها للمرافعة حتى يتفرغ للفصل فيها، والأخرى
تقديم معاونة فنية ممتازة تساعد على تمحيص القضايا يضيء ما أظلم من جوانبها ويجلو ما
غمض من وقائعها برأي يتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده، وبهذه المثابة أن هيئة المفوضين
تعتبر أمينة على المنازعات الإدارية وعاملاً أساسياً في تحضيرها وإبداء الرأي القانوني
المحايد فيها، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الإجراءات التي تقوم
بها هيئة مفوضي الدولة من تحضير الدعوى وكتابة تقرير بالرأي القانوني فيها هي من الإجراءات
الجوهرية التي يتعين مراعاتها قبل الحكم في الدعوى وإذا قضى الحكم المطعون فيه في الشق
الموضوعي من الدعوى دون أن تنتهي هيئة مفوضي الدولة من تحضيره ومن إعداد تقرير بالرأي
القانوني فيه فيكون هذا الحكم باطلاً لإغفاله إجراء جوهرياً نص عليه قانون مجلس الدولة
مما يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بإعادة الدعوى (الشق الموضوعي) إلى محكمة القضاء الإداري
لنظرها بعد أن تقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة العامة المصرية لتعمير الصحاري أقامت الدعوى
رقم 1595 لسنة 22 القضائية بصحيفة أودعتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 22 من
أغسطس سنة 1968 طلبت فيها الحكم بصفة مستعجلة بطرد المدعى عليهما من المخبز محل النزاع،
كما طلبت في الموضوع إلزام المدعى عليهما بمقابل استغلال المخبز المشار إليه على النحو
الموضح بصحيفة الدعوى. وقد عين لنظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري جلسة 22 من سبتمبر
سنة 1968، وبجلسة 19 من يناير سنة 1969 قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى وكلفت هيئة مفوضي
الدولة تقديم تقرير بالرأي القانوني في الطلب المستعجل، ونظرت الدعوى في الجلسات التالية
على النحو المبين بمحضرها، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها في الطلب المستعجل فقط
رأت فيه الحكم "في الطلب المستعجل في الدعوى بطرد المدعى عليهما من الطابونة المملوكة
للمدعية مع إلزامهما مصروفات هذا الطلب ومقابل أتعاب المحاماة" وبجلسة 12 من إبريل
سنة 1970 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه في كل من الطلب المستعجل والطلب الموضوعي
وذلك قبل أن تقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرها في الطلب الموضوعي إذ كانت الهيئة المذكورة
ما زالت تحضر الدعوى، وكانت – حسبما هو واضح من محاضر جلسات المناقشة – تترقب صدور
الحكم في الطلب العاجل.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة تعتبر أمينة على المنازعة الإدارية وعاملاً أساسياً في
تحضيرها وتهيئتها للمرافعة وفي إبداء الرأي القانوني المحايد فيها سواء في المذكرات
التي تقدمها أو في الإيضاحات التي قد تطلب في الجلسة العلنية، وقد تضمنت المواد 29،
30، 31 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 55 لسنة 1956 (ويقابلها المواد
26، 27، 28 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972) النص على أن
يقوم قلم كتاب المحكمة بإرسال ملف الأوراق إلى هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة، وتتولى
الهيئة المذكورة تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة ثم بعد إتمام تهيئة الدعوى يودع المفوض
تقريراً يحدد فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع ويبدي رأيه مسبباً،
ثم تقوم هيئة مفوضي الدولة خلال ثلاثة أيام من تاريخ إيداع التقرير المشار إليه بعرض
ملف الأوراق على رئيس المحكمة لتعيين تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى.
ومن حيث إنه أخذاً في الاعتبار تسلسل الإجراءات على النحو الذي أشارت إليه المواد سالفة
الذكر فإنه يتفرع عن ذلك كله أن الدعوى الإدارية لا تتصل المحكمة المختصة بنظرها إلا
بعد أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وتهيئتها للمرافعة وتقديم تقرير بالرأي القانوني
مسبباً فيها، ومن ثم فإن الإخلال بهذا الإجراء الجوهري يترتب عليه بطلان الحكم الذي
يصدر في الدعوى.
ومن حيث إنه متى ثبت على الوجه الذي سلف بيانه أن المحكمة تصدت لموضوع الدعوى وفصلت
فيه بحكمها المطعون فيه قبل أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتهيئته للمرافعة وتقديم تقريرها
فيه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه بطلان جوهري ويتعين لذلك القضاء بتعديله وذلك
بإلغائه فيما تضمنه من القضاء في الشق الموضوعي من الدعوى، وإعادة القضية للفصل فيها
مجدداً من دائرة أخرى من دوائر محكمة القضاء الإداري بعد أن تقدم هيئة مفوضي الدولة
تقريرها في الموضوع، مع إلزام المدعى عليهما مصروفات الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وفي موضوعهما بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلغائه فيما قضى به في الشق الموضوعي من الدعوى وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في هذا الشق وألزمت المدعى عليهما مصروفات الطعن.