الطعن رقم 645 لسنة 7 ق – جلسة 31 /05 /1964
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة – العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) – صـ 1149
جلسة 31 من مايو 1964
برئاسة السيد – الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي محسن مصطفى وعادل عزيز زخاري وحسنين رفعت وأبو الوفا زهدي المستشارين.
القضية رقم 645 لسنة 7 القضائية
( أ ) لجان قضائية – قراراتها – صدور أحدها بتسوية حالة الموظف
بالاستناد إلى قراري مجلس الوزراء الصادرين في 2، 9 من ديسمبر سنة 1951 – نص قانون
المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 على إلغاء هذين القرارين من تاريخ صدورهما ليس
من شأنه اعتبار قرار اللجنة القضائية ملغي بقوة القانون بمجرد العمل بقانون المعادلات
سالف الذكر – أساس ذلك.
(ب) لجان قضائية – قراراتها – التنازل عنها – لا يفترض ولا يمكن استنتاجه من مجرد العلم
بقرار إداري تضمن تسوية حالة الموظف على وجه مخالف لما قضى به قرار اللجنة القضائية
– مثال: تأشير الموظف بعبارة (علم مع الشكر) على قرار التسوية المشار إليه – لا يفيد
تنازله عن قرار اللجنة القضائية.
(جـ) لجان قضائية – قراراتها – تنفيذها – امتناع الجهة الإدارية عن هذا التنفيذ تنفيذاً
كاملاً – يعتبر قراراً إدارياً سلبياً مخالفاً للقانون – جواز إلغائه والتعويض عنه.
1 – إذا كان الثابت أن قرار اللجنة القضائية المذكور لم يكن قد أصبح نهائياً في تاريخ
العمل بالقانون رقم 17 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والذي تضمن النص في المادة
الرابعة منه على أن تعتبر ملغاة من صدورها قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 2 و9 من
ديسمبر سنة 1951 وهي القرارات التي صدر قرار اللجنة القضائية مستنداً إليها – إلا أن
ذلك ليس من شأنه اعتبار قرار اللجنة المشار إليه ملغي بقوة القانون بمجرد العمل بالقانون
رقم 371 لسنة 1953 بل كان يتعين لإلغائه أو لكي تستبدل بالتسوية التي قضى بها تسوية
مطابقة لأحكام ذلك القانون إما أن يطعن فيه في الميعاد المحدد والذي قضى القانون رقم
377 لسنة 1953 باعتباره موقوفاً لمدة سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953
وإما أن تتم التسوية وفقاً لأحكام هذا القانون باتفاق مع المدعي يتضمن تنازله عن قرار
اللجنة القضائية الصادر لصالحه.
2 – أنه وإن كانت الجامعة قد قامت قبل أن يصبح قرار اللجنة القضائية بتسوية حالة المدعي
وفقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 2 و9 من ديسمبر سنة 1951 نهائياً بتسوية
حالة المدعي وفقاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 إلا أن مثار النزاع هو ما إذا
كان المدعي قد قبل هذه التسوية قبولاً يتضمن نزوله عن قرار اللجنة القضائية وما رتبه
له من حقوق تزيد على ما ترتبه له تسوية حالته وفقاً لقانون المعادلات أم أنه لم يصدر
منه ما يفيد هذا القبول والتنازل.
فإذا اقتصر الموظف على التأشير على القول الصادر من الجامعة بتسوية حالته بعبارة (علم
مع الشكر) وهذه العبارة لا يمكن أن تفيد سوى علمه بتلك التسوية ولا يمكن أن يستخلص
منها تنازله عن قرار اللجنة القضائية لأن التنازل لا يفترض ولا يسوغ استنتاجه من مجرد
علمه بقرار تضمن تسوية حالته على وجه يخالف من بعض نواحي التسوية التي تضمنها قرار
اللجنة القضائية.
إذا كان قرار اللجنة القضائية قد أصبح نهائياً بفوات ميعاد الطعن فيه واكتسب قوة الشيء
المقضي فيه فإنه يتعين تنفيذه تنفيذاً كاملاً غير منقوص وامتناع الجهة الإدارية المختصة
عن تنفيذه على هذا الوجه يعتبر قراراً سلبياً مخالفاً للقانون يحق للمدعي طلب إلغائه
والتعويض عنه وخير تعويض هو إعمال الآثار القانونية لقرار اللجنة القضائية.
إجراءات الطعن
في 23 من يناير سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيدين وزير التربية والتعليم ومدير جامعة أسيوط قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن بجدولها تحت رقم 645 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي بجلسة 24 من نوفمبر سنة 1960 في الدعوى رقم 249 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ عبد العزيز أحمد عثمان ضد وزارة التربية والتعليم وجامعة أسيوط والقاضي بتنفيذ قرار اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم الصادر لصالح المدعي في التظلم رقم 1787 لسنة 1 القضائية على الوجه المبين بالأسباب مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات – وطلب الطاعنان للأسباب التي استند إليها في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة – وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 8 من مارس سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17 من نوفمبر سنة 1962 وأبلغ الخصوم في 8 من نوفمبر سنة 1962 بموعد هذه الجلسة. وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة 19 من إبريل سنة 1964 التي أبلغ بها الخصوم في 2 من إبريل سنة 1964 – وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم
كتاب المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي
في 16 من فبراير سنة 1958 أقام المدعي الدعوى رقم 349 لسنة 5 القضائية ضد السيدين وزير
التربية والتعليم ومدير جامعة أسيوط طالباً الحكم بتسوية حالته بالتطبيق لقرار اللجنة
القضائية الصادر في 30 من يونيو سنة 1953 في التظلم رقم 1787 لسنة 1 القضائية وصرف
الفروق المستحقة له بموجب قرار اللجنة القضائية المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من
آثار مع إلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه
أنه صدر لصالحه قرار من اللجنة القضائية بوزارة التربية والتعليم بجلسة 30 من يونيو
سنة 1953 في التظلم رقم 1787 لسنة 1 القضائية ضد جامعة أسيوط يقضي باستحقاق الدرجة
السابعة بمرتب قدره عشرة جنيهات من تاريخ تعيينه والدرجة السادسة بمرتب 10.500 مجـ
بعد ثلاث سنوات على أن يصرف الفرق المترتب على هذه التسوية بعد أول يوليو سنة 1952
وذكر أنه رغم كون ذلك القرار نهائياً واجب التنفيذ امتنعت الجامعة عن تنفيذه واكتفت
بتسوية حالته بالتطبيق لقانون المعادلات على أن تقوم بصرف الفروق اعتباراً من 22 من
يوليو سنة 1953 وأنه تنفيذاً لقرار اللجنة المشار إليه يستحق الدرجة السادسة بمرتب
10.500 مجـ اعتباراً من أول أغسطس سنة 1937 وصرف الفروق اعتباراً من أول يوليو سنة
1952 تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية وقرارات مجلس الوزراء الصادر في 2 و9 من ديسمبر
سنة 1952 التي أشار إليها القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات واحتفظ لها بأثرها
إذا كانت قد صدرت بتطبيقها أحكام أو قرارات نهائية – وأجابت جامعة أسيوط على الدعوى
بمذكرة قالت فيها أن المدعي حصل في 30 من يونيو سنة 1953 على قرار من اللجنة القضائية
بتسوية حالته على اعتبار أنه من حملة دبلوم مدرسة المساحة وفي 22 من يوليو سنة 1953
صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وقامت الجامعة بتسوية حالته
على اعتبار أنه من حملة دبلوم مدرسة المساحة وصرفت له الفروق المستحقة اعتباراً من
22 من يوليو سنة 1953 تنفيذاً للقانون رقم 371 لسنة 1953 وأخطرته بذلك فوقع بما يفيد
قبوله التسوية المذكورة وأقر بصحتها وفي 20 من نوفمبر سنة 1954 نازع في صحة ما تم من
إجراءات مما حدا بالجامعة إلى أن تحيل الموضوع على مجلس الدولة لإبداء الرأي فانتهى
رأي اللجنة الثالثة إلى أنه لا حق له في التمسك بتنفيذ قرار اللجنة القضائية سالف الذكر
– وذكرت الجامعة أن المدعي قد وقع على التسوية التي أجرتها بعبارة (علم مع الشكر) وهي
تفيد قبوله لهذه التسوية. وبإقراره لهذه التسوية لم يكن هناك محل لأن تطعن الجامعة
في قرار اللجنة القضائية وطلبت الجامعة رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وبجلسة
24 من نوفمبر سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية بتنفيذ قرار اللجنة القضائية لوزارة التربية
والتعليم الصادر لصالح المدعي في التظلم رقم 1787 لسنة 1 القضائية على الوجه المبين
بالأسباب مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة المصروفات وأقامت قضاءها
على أنه وإن كان المدعي قد أشار إلى أن دعواه هي طلب تفسير لقرار اللجنة القضائية إلا
أن لتكييف الصحيح للدعوى أنها أشكال في تنفيذ القرار المذكور ما دام الخلاف بين الطرفين
قام حول مدى تنفيذه وأنه وفقاً للمادة الرابعة من قانون المعادلات الدراسية ولما جاء
بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 377 لسنة 1963 كان يتعين على جهة الإدارة أن تطعن على
قرار اللجنة القضائية الصادر لصالح المدعي أمام محكمة القضاء الإداري فإذا كان الثابت
أن الجامعة قد أبلغت بهذا القرار في 18 من أكتوبر سنة 1953 ولم تطعن فيه فإنه يكون
قد أصبح نهائياً بفوات ميعاد الطعن عليه واكتسب قوة الشيء المقضى به ولا اعتداد بما
أثير من أن هذا القرار صدر تطبيقاً لأحد قرارات مجلس الوزراء التي ألغاها قانون المعادلات
وأنه لم يكن قد صدر نهائياً عند العمل بالقانون المذكور في 22 من يوليو سنة 1953، كما
أنه لا حجة فيما دفعت به جهة الإدارة من أنها لم تطعن على ذلك القرار لتنازل المدعي
عنه إذ ليس في الأوراق ما يفيد صراحة هذا التنازل – أما عبارة (علم وشكراً) التي أشير
بها على إذن التسوية فلا تنهض بذاتها دليلاً على التنازل ولا تفيد سوى علم المدعي بتسوية
حالته وتقديمه الشكر على ذلك. وأنه حتى مع الفرض جدلاً بأن العبارة المشار إليها تفيد
موافقة المدعي على التسوية فإن هذه الموافقة لا تمنع المحكمة من إنزال حكم القانون
في المنازعة المطروحة أمامها على الوجه الصحيح لتعلق الأمر بأوضاع إدارية تحكمها القوانين
واللوائح ولا تخضع لإدارة ذوي الشأن أو اتفاقهم وذلك فضلاً عن أن التسوية التي وقع
عليها المدعي تضمنت ترقيته إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 18 من ديسمبر سنة 1952 فإذا
كانت جهة الإدارة قد عدلت عنها واعتبرته مرقى إلى تلك الدرجة اعتباراً من 7 من مارس
سنة 1953 فإنها تكون قد رجحت عن جميع الإجراءات السابقة وزعزعت جميع المراكز التي ترتبت
على التسوية الأولى ومن بينها الموافقة أو التنازل المزعوم صدوره من المدعي وأنه تأسيساً
على ذلك تكون دعوى المدعي قائمة على أساس سليم من القانون ويتعين تسوية حالته بالتطبيق
لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 2، 9 من يوليو سنة 1952 وصرف الفروق إليه اعتباراً
من أول يوليو سنة 1952 بدلاً من 22 من يوليو سنة 1953 على مقتضى القرار الصادر لصالحه
من اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة الإدارية قد أخطأت فيما ذهبت إليه من أن الدعوى
أشكال في التنفيذ لأن قرار اللجنة يعتبر بمثابة حكم وإذا امتنعت الإدارة عن تنفيذ الحكم
فليس السبيل إلى تنفيذه هو استصدار حكم يلزمها بالتنفيذ وإنما هو بمطالبتها بتعويض
عن الأضرار التي ترتبت على عدم التنفيذ – كما أن الحكم قد جاء خاطئاً في تطبيق القانون
وتأويله ذلك أن المادة الرابعة من القانون رقم 377 لسنة 1953 قد نصت على أنه (استثناء
من حكم المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 105
لسنة 1953 يعتبر موقوفاً لمدة سنتين من تاريخ العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص
بالمعادلات الدراسية ميعاد الطعن في قرارات اللجان القضائية الصادرة بالاستناد إلى
قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الرابعة من قانون المعادلات الدراسية).
وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الغرض من هذا الوقوف هو افساخ الوقت أمام
الحكومة لتتخذ إجراءات الطعن ولكثرة عدد القضايا رؤي النص على إجراء وقتي من شأنه وقف
ميعاد الطعن في تلك القرارات لمدة سنة تتدبر فيها الحكومة والموظفين موقفهم تماماً
فإما إلى تسوية على مقتضى نصوص قانون المعادلات وإما أن يطعن في القرار أمام المحكمة
فتصدر حكماً بذلك – وقد قامت الجامعة فعلاً بتسوية حالة المطعون ضده وفقاً لأحكام قانون
المعادلات على ألا يصرف الفروق إلا من تاريخ العمل بهذا القانون وعرضت عليه هذه التسوية
فوقع عليها بالعلم والشكر بما يفيد قبوله لها وذلك يعتبر تنازلاً عن قرار اللجنة القضائية
فإذا فوتت الجامعة ميعاد الطعن في هذا القرار فذلك لأنه لم يعد له أثر لتنازل المطعون
ضده عنه بقبوله التسوية أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الجامعة قد عدلت عن
التسوية التي وقع عليها المطعون ضده والتي تضمنت ترقيته إلى الدرجة الخامسة من 18 من
ديسمبر سنة 1953 باعتباره أنه مرقى إلى تلك الدرجة من 7 من مارس سنة 1953 فإنه لا يقوم
على أساس سليم لأن هذه الترقية لم تتم وفقاً لأحكام قانون المعادلات وإنما لنص المادة
40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 فلا يكون أي تعديل لها رجوعاً في التسوية التي
تمت بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات.
ومن حيث إن المدعي قد تقدم بمذكرة عقب فيها على أسباب الطعن بقوله أن تكييف المحكمة
للدعوى بأنها أشكال في التنفيذ تكييف سليم لأن الأشكال في التنفيذ هو كل منازعة تتعلق
بالتنفيذ وترفع للقضاء للفصل فيها وقد أقام الطاعنان عقبة قانونية في سبيل تنفيذ قرار
اللجنة القضائية الصادر لصالحه مقتضاها أنه وقع على إذن التسوية بعبارة (علم مع الشكر)
وأن هذه العبارة تفيد التنازل على أنها لا تعني شيئاً من ذلك لأن التنازل يجب أن يكون
صريحاً وواضحاً – وأنه بتفويت الجامعة ميعاد الطعن في القرار المذكور أصبح نهائياً
وأن ما جاء في الحكم من أن جهة الإدارة قد عدلت عن التسوية التي وقع عليها هو حقيقة
واقعة لا يمكن إنكارها – كما تقدمت جامعة أسيوط بمذكرة بدفاعها رددت فيها ما جاء بتقرير
الطعن وذكرت أن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى أن موافقة الجهة الإدارية والمطعون ضده
على إجراء التسوية لا يمنع المحكمة من إنزال حكم القانون لتعلق الأمر بأوضاع تحكمها
القوانين واللوائح – قد فاته أنه لا مجال لإعمال هذا القول في خصوصية الدعوى لأن التسوية
التي تمت أجريت في نطاق تنفيذ القانون رقم 371 لسنة 1953 وفي فترة السنة التي حددها
المشرع للتفاهم وتدبر الأمر بين الحكومة والموظفين ولا يمكن أن يصدق على تسوية حالة
المدعي لهذا القانون أنها مخالفة للنظام العام أو فيها خروج على الأصول الإدارية المتبعة
إذ أن مثل هذه التسوية كثيراً ما تتم أمام القضاء الإداري وتنتهي المنازعة بين الموظف
وجهة الإدارة وتحكم المحكمة بانتهاء الخصومة. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها
انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى قبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً مع إلزام
الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن المدعي يؤسس دعواه على أنه قد صدر لصالح قرار من اللجنة القضائية بتسوية
حالته على وجه معين وعلى أنه رغم أن هذا القرار قد اكتسب قوة الشيء المقضى به لعدم
الطعن فيه فإن جامعة أسيوط قد امتنعت عن تنفيذه ولذلك طلب الحكم بتسوية حالته بالتطبيق
للقرار المذكور وصرف الفروق المستحقة له بموجبه – فإن المنازعة على هذا الوجه إنما
تعتبر في جوهرها متعلقة بقرار إداري سلبي للجهة الإدارية بالامتناع عن تنفيذ قرار اللجنة
القضائية سالف الذكر مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فيه إلغاء وتعويضاً.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي قد رفع تظلمين إلى اللجنة القضائية
قيد أولها برقم 1787 وقيد ثانيهما برقم 1787 م لسنة 1 القضائية طلب في أولهما تطبيق
قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من ديسمبر سنة 1951 عليه ووضعه في الدرجة السادسة من
أول أغسطس سنة 1937 وصرف الفروق من 18 من أغسطس سنة 1952 وطلب في ثانيهما تطبيق قواعد
المنسيين الصادرة في 18 من ديسمبر سنة 1952 – وبجلسة 3 من يونيو سنة 1953 قررت اللجنة
القضائية في التظلم الأول (استحقاق المتظلم للدرجة السابعة بمرتب عشرة جنيهات من تاريخ
تعيينه والدرجة السادسة بمرتب 10.500 مجـ بعد ثلاث سنين من أول أغسطس سنة 1938 على
ألا يصرف الفرق المترتب على هذه التسوية إلا من أول يوليو سنة 1952 تاريخ نفاذ ميزانية
52/ 1953 المتضمنة الاعتماد اللازم لهذه التسويات) وذلك تأسيساً على أن المتظلم حاصل
على دبلوم مدرسة المساحة في أول أغسطس سنة 1934 واستناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر
في 2 و9 من ديسمبر سنة 1951 – وبجلسة 29 من يوليو سنة 1953 قررت اللجنة في التظلم الثاني
استحقاق المتظلم للدرجة الخامسة طبقاً للقانون الصادر في 18 من ديسمبر سنة 1952 الخاص
بقدامى الموظفين وذلك تأسيساً على أنه بعد تعديل أقدميته طبقاً للقرار الصادر بجلسة
3 من يونيو سنة 1953 يعتبر أنه قضى في الدرجة السادسة خمسة عشر عاماً – وفي 26 من سبتمبر
سنة 1953 أصدرت جامعة أسيوط الأمر رقم 3 بتسوية حالة المدعي وفقاً لأحكام القانون رقم
371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953 متضمناً
اعتباره في الدرجة السابعة من أول سبتمبر سنة 1934 وفي الدرجة السادسة الشخصية من أول
سبتمبر سنة 1947 – كما تضمن ترقيته إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية من 18 من ديسمبر
سنة 1952 بناء على كتاب ديوان الموظفين الدوري رقم 8 لسنة 1953 بشأن ترقية قدامى الموظفين
إلى درجات شخصية على أن يصرف الفرق بين مرتبه وقتذاك ومرتبه الجديد اعتباراً من 22
من يوليو سنة 1953 تاريخ تنفيذ القانون رقم 371 لسنة 1953 وتخصم الزيادة من إعانة الغلاء
– وفي 20 من نوفمبر سنة 1953 أصدرت الجامعة القرار رقم 5 لسنة 1953 بوقف قرار التسوية
سالف الذكر حتى يبدي ديوان الموظفين رأيه في صحته وقد وافق الديوان على التسوية ولكنه
أشار بأن تكون ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة الشخصية اعتباراً من 7 من مارس سنة
1953 بدلاً من 28 من ديسمبر سنة 1952 تطبيقاً للمادة 40 مكرراً من القانون رقم 210
لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وبناء على ذلك أصدرت الجامعة القرار رقم 8 في 22
من ديسمبر سنة 1952 بتعديل تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة وجعله 7 من مارس سنة 1953
ووقع المدعي على ذلك القرار بعبارة (علم مع الشكر) – وفي 20 من نوفمبر سنة 1954 تقدم
المدعي بطلب إلى الجامعة بين فيه أن القرار الصادر لصالحه من اللجنة القضائية بجلسة
3 من يونيو و29 من يوليو سنة 1953 قد أصبح نهائياً لعدم الطعن فيه في الميعاد وطلب
تنفيذه وما يترتب عليه من آثار. وبعد أن أجابت الجامعة المدعي إلى طلبه بقرار صدر بتسوية
حالته في 23 من نوفمبر سنة 1954 أوفقت هذه التسوية في 28 من ديسمبر سنة 1954 إلى حين
ابتداء إدارة الري المختصة رأيها – وجد إن أبدى هذا الرأي أصدرت الجامعة في 3 من نوفمبر
سنة 1955 الأمر رقم 59 لسنة 1955 باعتبار ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية
ابتداء من 7 من مارس سنة 1953.
ومن حيث إن المنازعة موضوع الدعوى التي أقامها المدعي تدور حول تنفيذ القرار الصادر
لصالح المدعي من اللجنة القضائية في 3 من يونيو سنة 1953 في التظلم رقم 1787 لسنة 1
القضائية وما إذا كانت الجامعة قد امتنعت دون وجه حق عن تنفيذ هذا القرار تنفيذاً كاملاً
غير منقوص – وقد قضى هذا القرار بتسوية حالة المدعي وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء
الصادر في 2 و9 من ديسمبر سنة 1951 مع صرف الفروق المترتبة على هذه التسوية اعتباراً
من أول يوليو سنة 1952.
إذا كان الثابت أن قرار اللجنة القضائية المذكور لم يكن قد أصبح نهائياً في تاريخ العمل
بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والذي تضمن النص في المادة الرابعة
منه على أن تعتبر ملغاة من تاريخ صدورها قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 2 و9 من ديسمبر
سنة 1951 وهي القرارات التي صدر قرار اللجنة القضائية مستنداً إليها – إلا أن ذلك ليس
من شأنه اعتبار قرار اللجنة المشار إليه ملغي بقوة القانون بمجرد العمل بالقانون رقم
371 لسنة 1953 بل كان يتعين لإلغائه أو لكي تستبدل بالتسوية التي قضى بها تسوية مطابقة
لأحكام ذلك القانون إما أن يطعن فيه في الميعاد المحدد والذي قضى القانون رقم 377 لسنة
1953 باعتباره موقوفاً لمدة سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953 وإما أن
تتم التسوية وفقاً لأحكام هذا القانون باتفاق مع المدعي يتضمن تنازله عن قرار اللجنة
القضائية الصادر لصالحه.
أنه وإن كانت الجامعة قد قامت قبل أن يصبح قرار اللجنة القضائية بتسوية حالة المدعي
وفقاً لأحكام قراري لمجلسي الوزراء الصادرين في 2، 9 من ديسمبر سنة 1951 نهائياً بتسوية
حالة المدعي وفقاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 إلا أن مثار النزاع هو ما إذا
كان المدعي قد قبل هذه التسوية قبولاً يتضمن نزوله عن قرار اللجنة القضائية وما رتبه
له من حقوق تزيد على ما ترتبه له تسوية حالته وفقاً لقانون المعادلات أم أنه لم يصدر
منه ما يفيد هذا القبول والتنازل.
فإذا اقتصر الموظف على التأشير على القول الصادر من الجامعة بتسوية حالته بعبارة (علم
مع الشكر) وهذه العبارة لا يمكن أن تفيد سوى علمه بتلك التسوية ولا يمكن أن يستخلص
منها تنازله عن قرار اللجنة القضائية لأن التنازل لا يفترض ولا يسوغ استنتاجه من مجرد
علمه بقرار تضمن تسوية حالته على وجه يخالف من بعض النواحي التسوية التي تضمنها قرار
اللجنة القضائية.
إذا كان قرار اللجنة القضائية المشار إليه قد أصبح نهائياً بفوات ميعاد الطعن فيه واكتسب
قوة الشيء المقضي فيه الأمر الذي يتعين معه تنفيذه تنفيذاً كاملاً غير منقوص وامتناع
الجهة الإدارية المختصة عن تنفيذه على هذا الوجه يعتبر قراراً سلبياً مخالفاً للقانون
يحق للمدعي طلب إلغائه والتعويض عنه وخير تعويض هو إعمال الآثار القانونية لقرار اللجنة
القضائية وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه – وغني عن البيان أن الفروق المالية
المترتبة على تسوية حالة المدعي وفقاً للقرار المذكور تخضع لحكم الفقرة الثانية من
المادة الخامسة من القانون رقم 371 لسنة 1953 التي تقضي بأن تخصم من تاريخ العمل بهذا
القانون كل زيادة استحقت للموظفين الذين طبقت عليهم قرارات مجلس الوزراء المشار إليها
في المادة الرابعة منه أما بمقتضى أحكام من محكمة القضاء الإداري أو بقرارات نهائية
من اللجان القضائية أو بقرارات إدارية.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه وإلزام
الجامعة باعتبارها الخصم الأصيل بالمصاريف.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجامعة بالمصروفات.
