الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 459 سنة 22 ق – جلسة 27/05/1952

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 3 – صـ 1005

جلسة 27 من مايو سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة إبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك وحافظ سابق بك المستشارين.


القضية رقم 459 سنة 22 القضائية

فاعل. اتفاق المتهمين على قتل المجني عليه. مساهمتهم جميعاً في اقتراف الجرم. كل منهم فاعل ولو كانت الوفاة لم تحدث بفعله منفرداً.
متى كان الثابت أن الطاعن ومن معه قد اتفقوا على قتل المجني عليه لدى رؤية فريق منهم له بالسوق أخذاً بالثأر القائم بين العائلتين وأن الجميع قد ساهموا في اقتراف الجرم واستمر الطاعن يواصل اعتداءه حتى خر المجني عليه قتيلاً تنفيذاً لهذا الاتفاق فإن الطاعن يكون فاعلاً في جريمة القتل سواء أكان ارتكب الفعل الذي أدى إلى الوفاة وحده أو كانت الوفاة لم تحدث بفعله منفرداً بل نشأت عنه وعن أفعال واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ببرديس مركز البلينا مديرية جرجا مع آخرين حكم ببراءتهم -قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد سالم أحمد محمود بأن عقدوا النية وبيتوها على قتله وأعدوا لذلك عصياً وتربصوا في الطريق الذي يمر به قاصداً محطة السكة الحديد وفاجأوه وانهالوا على رأسه ضرباً بالعصي فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته؛ والمتهم الطاعن ضرب شيخون حسن محمود بعصا فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على العشرين يوماً. وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات، ومعاقبة (الطاعن) بالمادة 241/ 1 من القانون المذكور فقرر بذلك وقد ادعت هند محمد أحمد يوسف زوجة القتيل قبل المتهمين بحق مدني وطلبت القضاء لها عليهم بمبلغ قرش صاغ واحد بصفة تعويض مؤقت وذلك بطريق التضامن ومحكمة جنايات سوهاج قضت عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) عبد الغفار خير الدين محمود بالأشغال الشاقة المؤبدة بإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني قرشاً صاغاً على سبيل التعويض المؤقت. فطعن الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

… حيث إن الطاعن يقول في التقريرين المقدمين منه إن الحكم المطعون فيه جاء قاصراًَ إذا لم يقم الدليل على توفر نية القتل وسبق الإصرار لأنه استخلص توفر الأمرين من أن نفراً من فريق الطاعن رأوا المجني عليه بالسوق ونظرا لوجود ضغينة بين العائلتين لسبق اتهام هذا الأخير بقتل أحد أقارب الطاعن منذ عشرين سنة فقد تحركت في صدورهم هذه الضغينة وانتووا قتله، ثم تعقبه الطاعن ومن معه عند انصرافه من السوق في طريقه إلى محطة السكة الحديد وكان يرافقه أحد أقربائه الذي سبقه إليها وما أن أصبح وحيداً حتى اعتدوا عليه وأوسعوه ضرباً بعصي غليظة على رأسه ووجه إلى أن قضوا عليه. وهذا الذي قاله الحكم لا يؤدي إلى إثبات نية القتل ولا سبق الإصرار لأن استعمال عصى غليظة والاعتداء بها على هذا النحو لا يدل على وحده أنهم قصدوا إلى إزهاق روحه بل إن صح القول فإن الحادث لا يعدو أن يكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليه، كذلك ما قاله عن سبق الإصرار فإن قيام الضغينة وتولد نية الاعتداء عند رؤيتهم للمجني عليه مصادفة لا يدلان على تدبير وإصرار سابق ولم يقل الحكم إن نية القتل وجدت منذ قيام الضغينة، ولم يذكر شيئاً عن المسافة والوقت الذي انقضى بين الرؤية بالسوق ووقوع الحادث حتى يستبين من الفارق بينهما إذا كانت الفرصة تسمح بالتفكير والتدبير الذي يتحقق معه سبق الإصرار. هذا إلى أن الشاهد الذي استندت إليه المحكمة في القول برؤية فريق الطاعن للمجني عليه بالسوق لم يشهد بهذه الواقعة أمامها فقول الحكم إنه شهد بذلك في التحقيقات وأمام المحكمة ينطوي على خطأ في الإسناد، ولا يرد على ذلك أن تكون للشاهد رواية بالتحقيقات تتفق وما ذكره الحكم إذ يكون الإثبات في هذه الحالة قائماً على روايتين يختلف كل منهما عن الأخرى مما يشوب الدليل بالفساد، ويضيف الطاعن أنه إذا ما استبعد سبق الإصرار فإن الحادث وقد وقع من عدة أشخاص يكون كل فرد منهم مسئولاً وحده عن الفعل الذي وقع منه بالذات. ولما كان الحكم لم يعن بتحديد الأفعال التي وقعت من الطاعن وكان الكشف الطبي قد أثبت بالمجني عليه إصابات لا تنتج إلا عن ضرب بسيط فإن الطاعن لا يمكن أن يسأل إلا في حدود القدر المتيقن. ومع افتراض أن المحكمة أسندت الإصابات القاتلة للطاعن فإن الجريمة وقد استبعد منها سبق الإصرار يجب أن تنزل عقوبتها عن الأشغال الشاقة المؤبدة ما دام أن المحكمة قد عاملت الطاعن بالرأفة تطبيقاً للمادة 17 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها بما تتوافر فيه أركان الجريمة التي دان بها الطاعن فأثبت أن نفراً من فريق الطاعن شاهد المجني عليه أثناء تواجده بالسوق ونظراً للضغينة القائمة بين الطرفين رأى الطاعن ومن معه أن الفرصة مواتية للأخذ بالثأر فانتووا قتله وتعقبوه أثر انصرافه من السوق في طريقه إلى المحطة وما أن وجدوه منفرداً، إذ كان زميله الذي كان يرافقه وقتذاك قد سبقه إلى المحطة، حتى انهالوا عليه ضرباً بعصي غليظة على رأسه ووجهه عدة ضربات قوية ولما أن هم زميله قافلاً لنجدته هرب المعتدون واستمر الطاعن يواصل اعتداءه على المجني عليه حتى خر قتيلاً. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم عن نية القتل من شأنه أن يؤدي إلى ما استخلصه الحكم من ثبوت نية القتل لدى الطاعن وكان الواضح منه أيضاً أن الطاعن ومن معه قد اتفقوا على قتل المجني عليه لدى رؤية فريق منهم له بالسوق أخذاً للثأر القائم بين العائلتين وأن الجميع قد ساهموا في اقتراف الجرم واستمر الطاعن يواصل اعتداءه حتى خر المجني عليه قتيلاً تنفيذاًَ لهذا الاتفاق، فإن الطاعن يكون فاعلاً في جريمة القتل سواء أكان ارتكب الفعل الذي أدى إلى الوفاة وحده أو كانت الوفاة لم تحدث بفعله منفرداً بل نشأت عنه وعن أفعال واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه، أما ما يثيره الطاعن من القول بعدم ثبوت سبق الإصرار فمردود بأن العقوبة المقضي بها عليه مقررة قانوناً لجريمة القتل عمداً من غير سبق إصرار.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات