الطعن رقم 343 لسنة 37 ق – جلسة 28 /06 /1973
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 24 – صـ 988
جلسة 28 من يونيه سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.
الطعن رقم 343 لسنة 37 القضائية
تقادم. "التقادم المسقط". محاماة. "أتعاب المحامي".
مدة تقادم حقوق أصحاب المهن الحرة. بدء سريانها. مثال بالنسبة لأتعاب محام.
محاماة. "أتعاب المحامي". تقادم. نقض. "السبب المفتقر للدليل".
اعتبار الحكم تاريخ الفصل في أخر القضايا التي حضر فيها الطاعن محامياً عن المطعون
عليها مبدأ لسريان التقادم. نعي الطاعن على الحكم دون تقديم الدليل على قيامه بعد هذا
التاريخ بأعمال يتحقق أتعاباً عنها. عار عن الدليل.
محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير المستندات". نقض. "السبب المتعلق بالواقع".
سلطة محكمة الموضوع في تفسير المستندات بما لا يخرج عن عباراتها الواضحة. المنازعة
في ذلك جدل موضوعي. عدم جواز التحدي به أمام محكمة النقض.
1 – حدد المشرع في المادة 376 من القانون المدني مدة تقادم حقوق أصحاب المهن الحرة
ومنهم المحامون بخمس سنوات، ثم نص في المادة 379 على أن يبدأ سريان التقادم في الحقوق
المشار إليها من الوقت الذي يتم فيه الدائنون تقدماتهم ولو استمروا يؤدون تقدمات أخرى،
وعلة ذلك على ما جاء بالأعمال التحضيرية أن الديون التي يرد عليها التقادم المذكور
تترتب في الغالب على عقود تقتضي نشاطاً مستمراً أو متجدداً، يجعل كل دين منها قائماً
بذاته رغم استمرار نشاط الدائن وتجدده، فيسقط بانقضاء مدة التقادم متى اكتملت ذاتيته،
وأصبح مستحق الأداء، وذلك ما لم يثبت قيام ارتباط بينها يجعلها كلاً غير قابل للتجزئة.
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بالأسباب السائغة التي أوردها، والتي ليست محل
نعي من الطاعن إلى أن القضايا التي باشرها الطاعن لصالح الوقف لا يمكن أن تعتبر كلاً
لا يقبل التجزئة، وأن الأتعاب المستحقة عن كل منها تعتبر ديناً قائماً بذاته، يسقط
الحق في المطالبة به بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء العمل في كل منها على حدة وكان
ما أورده الحكم في هذا الصدد يتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعن بخصوص قيام المانع الأدبي
فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
2 – متى كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر تاريخ الفصل في الدعوى رقم…….. باعتبارها
أخر القضايا التي حضر فيها الطاعن محامياً عن المطعون عليها مبدأ لسريان التقادم. وكان
الطاعن لم يقدم الدليل على أنه قام بعد هذا التاريخ بأعمال أخرى يستحق أتعاباً عنها.
فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل.
3 – لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات المقدمة إليها بما لا يخرج عن عبارتها
الواضحة. وإذ كان استخلاص المحكمة أن الطاعن قد استلم أتعابه كاملة عن الأعمال المنوه
عنها بسبب النعي هو استخلاص موضوعي سائغ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو
أن يكون جدلاً موضوعياً بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم، مما
لا يجوز التحدي به لدى محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الأستاذ…….
المحامي تقدم في 19/ 4/ 1960 إلى نقابة المحامين بطلب تقدير مبلغ عشرة آلاف جنيه أتعاباً
له مقابل قيامه بمباشرة القضايا والتحقيقات التي أجراها لصالح وقف المرحومة………
الذي تمثله المطعون عليها والتي لم يتفق معها على أجرها. وقال شرحاً لذلك إنه كان موكلاً
عن الوقف المذكور من قبل الناظرة السابقة بتوكيل رسمي رقم 389 لسنة 1937 الإسكندرية،
ولما حلت محلها المدعى عليها أصدرت له توكيلاً جديداً بالاستمرار في مباشرة شئون الوقف
القانونية فقام بهذه الوكالة إلى أن صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف وتعيين
المدعى عليها حارسة عليه فكانت تؤدي إليه قدراً يسيراً من الأتعاب انتظاراً لتنفيذ
الحكم الصادر باستلام أعيانه ولكنه فوجئ في 7/ 5/ 1955 بعزله عن التوكيل فلجأ إلى مجلس
النقابة لتقدير أتعابه. وفي 7/ 5/ 1964 قضى المجلس برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة
بالأتعاب بالتقادم بتقدير أتعاب الطالب بمبلغ 500 ج. تظلم الطرفان من هذا التقدير لدى
محكمة الإسكندرية الابتدائية وفي 18/ 1/ 1966 قضت المحكمة بقبول التظلمين شكلاً وفي
الموضوع بإلغاء أمر التقدير المتظلم فيه وبرفض الدعوى استناداً إلى أن القضايا التي
باشرها الطالب مستقل كل منها عن الأخرى ولا تكون كلاً غير قابل للتجزئة فيسقط الحق
في المطالبة بالأتعاب في كل منها بانتهاء العمل فيها طبقاً لنص المادتين 376 من القانون
المدني و51 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957، واستأنف الطالب (الطاعن) هذا الحكم
طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته وقيد الاستئناف برقم 265 قضائية الإسكندرية. وفي
27/ 2/ 1964 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض،
وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل الأول منها أن مجلس النقابة قضى برفض الدفع
بسقوط الحق في المطالبة بالأتعاب المبدى من المطعون عليها لعدم مضي خمس سنوات من 7/
5/ 1955 تاريخ عزله من التوكيل حتى 19/ 4/ 1960 تاريخ المطالبة بالأتعاب أخذاً بنص
المادة 51 من القانون رقم 96 لسنة 1957 الذي يحكم واقعة النزاع وخالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر استناداً إلى أن حق المحامي في اقتضاء الأتعاب يسقط بمضي خمس سنوات من
انتهاء المرافعة في كل قضية على حدة طبقاً لنص المادة 51 المشار إليها والمادة 379
من القانون المدني التي تقضي بسريان التقادم من الوقت الذي يتم فيه الدائنون تقدماتهم
ولو استمروا يؤدون تقدمات أخرى، ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم خطأ ومخالفة للقانون
ذلك أن المادة 51 من قانون المحاماة ليست إلا إعمالاً لنص المادتين 379 و382 من القانون
المدني ولما كان المشرع قد حدد في المادة 51 سالفة البيان بدء سريان تقادم أتعاب المحامي
من تاريخ انتهاء التوكيل وليس بانتهاء التقدمة، تقديراً للعلاقة الأدبية التي تربط
المحامي بموكله، وكانت هذه العلاقة تعتبر طبقاً لنص المادة 382 من القانون المدني مانعاً
يتعذر معه المطالبة بالأتعاب قبل انتهاء التوكيل، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط
حقه في المطالبة بالأتعاب استناداً إلى نص المادة 379 منفصلاً عن نص المادة 382 من
القانون المدني يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أيده وأخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا
الخصوص قوله. "وحيث إن المادة 51 من القانون رقم 96 لسنة 1957 بشأن المحاماة تنص على
أن يسقط حق المحامي في مطالبة موكله بالأتعاب عند عدم وجود سند بها بمضي خمس سنوات
ميلادية من تاريخ انتهاء التوكيل، وهذا النص ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة المقررة
في التقادم المسقط المنصوص عليه في المادتين 376 و379 من القانون المدني وليس المقصود
بعبارة انتهاء التوكيل هو انتهاء الوكالة نهائياً كما في حالة العزل، وإنما المقصود
بها انتهاء التوكيل في كل عمل قضائي بذاته بمعنى أن كل عمل قضائي يجريه المحامي يبقى
محتفظاً بكيانه وبذاتيته ويسقط الحق في المطالبة عن أتعابه بانقضاء خمس سنوات من انتهاء
التوكيل بخصوص هذا العمل بذاته، فإن كان المحامي موكلاً في قضايا متعددة فإنه يجب في
هذه الحالة البحث فيما إذا كان يقوم فيها ارتباط لا يقبل التجزئة أو لا يقوم فيها جميعاً
هذا الارتباط، فإن ارتبطت القضايا المتعددة برباط وثيق يجعلها كلاً لا يقبل التجزئة
لا تنفك إحداها عن الأخرى أو إذا اتفق صراحة أو ضمناً بين المحامي وموكله على ألا تستحق
الأتعاب إلا بعد الانتهاء فيها كلها فإن التقادم لا يسري إلا بعد الانتهاء من أخر قضية
من هذه القضايا ولا يسري التقادم الخمسي بمجرد انتهاء كل قضية على حدة". وهذا الذي
قرره الحكم وأقام عليه قضاءه في صحيح القانون ذلك أن المشرع بعد أن حدد في المادة 376
من القانون المدني مدة تقادم حقوق أصحاب المهن الحرة ومنهم المحامون بخمس سنوات نص
في المادة 379 على أن يبدأ سريان التقادم في الحقوق المشار إليها من الوقت الذي يتم
فيه الدائنون تقدماتهم ولو استمروا يؤدون تقدمات أخرى، وعلة ذلك – على ما جاء بالأعمال
التحضيرية – أن الديون التي يرد عليها التقادم المذكور تترتب في الغالب على عقود تقتضي
نشاطاً مستمراً أو متجدداً يجعل كل دين منها قائماً بذاته رغم استمرار نشاط الدائن
وتجدده فيسقط بانقضاء مدة التقادم متى اكتملت ذاتيته وأصبح مستحق الأداء وذلك ما لم
يثبت قيام ارتباط بينها يجعلها كلاً غير قابل للتجزئة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون
فيه قد انتهى بالأسباب السائغة التي أوردها والتي ليست محل نعي من الطاعن إلى أن القضايا
التي باشرها لصالح الوقف لا يمكن أن تعتبر كلاً لا يقبل التجزئة وأن الأتعاب المستحقة
عن كل منها يعتبر ديناً قائماً بذاته يسقط الحق في المطالبة به بمضي خمس سنوات من تاريخ
انتهاء العمل في كل منها على حدة، وكان ما أورده الحكم في هذا الصدد يتضمن الرد المسقط
لدفاع الطاعن بخصوص قيام المانع الأدبي فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير
أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بعدم سقوط
الأتعاب المطالب بها بالتقادم استناداً إلى نص المادة 382 من القانون المدني التي تقضي
بعدم سريان التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع
أدبياً وكذلك فيما بين الأصيل والنائب، كما تمسك بأن المبالغ القليلة التي تقاضاها
من المطعون عليها كانت تحت حساب الأتعاب وإن هذا الحساب لا زال قائماً فلا يسري التقادم
بشأنها طبقاً لنص المادة 381 من القانون المدني إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق
الأداء أي من يوم قفل الحساب وترصيده، لأن دين الوكيل قبل موكله قبل ذلك احتمالياً
لا يلحقه السقوط، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع في شقه الأول فلم يناقشه
أو يرد عليه ورفض الشق الثاني منه استناداً إلى النظر الذي سبق تعييبه بالسبب الأول
فجاء خاطئاً ومشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بما سبق الرد به على السبب الأول من أن
قضاء المحكمة بتحديد بدء التقادم بالنسبة للأتعاب المستحقة للطاعن عن كل دعوى باشرها
لصالح المطعون عليها من تاريخ انتهاء عمله فيها يتضمن رفضاً لما أثاره من أن علاقته
بموكلته بوصفه محامياً كانت مانعاً أدبياً يتعذر معه مطالبتها بأتعابه، وما أثاره الطاعن
من أنه كان يقبض جزءاً من الأتعاب انتظاراً لتصفية الحساب وأن دينه قبل موكلته لا يلحقه
السقوط، فقد تكفل الحكم بالرد عليه حين اعتبر تمام العمل في كل دعوى على حدة مجرياً
لبدء تقادم الأتعاب المستحقة عنها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم الابتدائي خلص إلى أن القضايا المطلوب تقدير الأتعاب
عنها قضايا متفرقة وأن تقادم الأتعاب يسري بالنسبة لكل منها على حدة ولكنه لم يستظهر
بدء سريان التقادم في كل منها اكتفاء ببحث أخر قضية منها واعتبار تاريخ الحكم فيها
بدءاً لسريان تقادم الأتعاب المستحقة عن القضايا جميعاً رغم تمسك الطاعن لدى محكمة
الاستئناف بأن هذا التحديد تحكمي بحت ويترتب عليه الخطأ في تحديد بدء سريان التقادم
لأن الدعوى قد ترفع قبل غيرها ويصدر الحكم في الدعوى التالية وحدها ويترتب على منطق
الحكم سريان التقادم بالنسبة للدعويين معاً بينما تكون الأولى لا تزال منظورة ويكون
الحكم المطعون فيه قد تخلى عن البحث اللازم للتعرف على بدء التقادم بالنسبة لكل دعوى
على حدة، هذا فضلاً عن أنه أوضح لمحكمة الموضوع القضايا التي استمر في مباشرتها بعد
تاريخ الفصل في أخر دعوى وكل فيها والذي اعتبره الحكم بدءاً للتقادم في الدعاوى جميعاً
وأوضح لها كذلك أن وكالته لا تقتصر على مباشرة الدعاوى بل تمتد إلى تنفيذ الأحكام التي
صدرت فيها والتي لم تنفذ بعد إلا أنها لم تلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري فجاء حكمها
مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده وأخذ بأسبابه الحكم
المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى وانتهى إلى أن تقادم أتعاب المحامي يسري بالنسبة
لكل قضية على حدة من تاريخ انتهاء المرافعة فيها طبقاً لنص المادة 379 من القانون المدني
عاد وعرض للقضايا التي باشرها الطاعن لصالح موكلته وأثبت أن أخرها كانت القضية رقم
6 لسنة 1955 مستعجل الإسكندرية التي صدر الحكم فيها بتاريخ 3/ 1/ 1955 أما القضية رقم
201 سنة 1955 مستعجل الإسكندرية التي رفعت بعدها فلم يباشر الطاعن عملاً من الأعمال
القضائية فيها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر تاريخ الفصل في الدعوى رقم 6 لسنة
1955 مستعجل الإسكندرية باعتبارها أخر القضايا التي حضر فيها الطاعن محامياً عن المطعون
عليها مبدأ لسريان التقادم، وكان الطاعن لم يقدم الدليل على أنه قام بعد هذا التاريخ
بأعمال أخرى يستحق أتعاباً عنها فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الخامس القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه طلب تقدير
أتعابه بمبلغ ألفي جنيه عن العمل الشاق الذي قام به لشهر الوقف الذي اقتضى منه تحديد
كشوف التحديد الخاصة بأعيان الوقف ومساحتها 5177 فداناً وهي تقرب من عشرين كشفاً كان
ينتقل للإشراف على تحريرها من واقع الخرائط المساحية وتطبيقها على حجة الوقف التي ترجع
إلى مائة سنة تقريباً وحكم الملكية الصادر ضد الحكومة والتحقق من إعلامات الوراثة وتحرير
إقرارات المستحقين التي يصادق بعضهم فيها على نصيب البعض الآخر حتى أمكنه الحصول على
موافقتهم على التقسيم وتسجيل إقراراتهم رغم كثرتهم واختلاف اتجاهاتهم وأن هذه الأعمال
استغرقت من وقته زهاء سنتين، ولكن المحكمة الابتدائية رفضت طلبه في هذا الخصوص استناداً
إلى أن الإيصالات المقدمة من المطعون عليها تثبت أنه استلم أتعابه منها دون تحفظ أو
احتياط، وبالرغم من تمسكه لدى محكمة الاستئناف بعدم الاتفاق على الأتعاب المتعلقة بهذه
الأعمال وأن الإقرار باستلام جزء من الأتعاب لا تفيد حتماً نزوله عن الباقي منها، فإن
الحكم المطعون فيه قد أغفل هذا الدفاع وأهدر حقه في الأتعاب المستحقة عن الأعمال المشار
إليها بحجة عدم تحفظه في الإيصالات الصادرة منه في حين أن التحفظ لم يكن لازماً ولا
مطلوباً وقتئذ لصدور تلك الإيصالات قبل تمام العمل الموكول إليه لأن طلب الإشهار ما
زال قائماً حتى الآن بمصلحة الشهر العقاري ولأن التحفظ لا يعطي صاحبه حقاً ليس له كما
أن عدم التحفظ لا يسقط الحق الثابت في ذمة المدين هذا إلى أن الحكم وقد سلم بقيام الاتفاق
على أجر الوكالة عن هذه الأعمال فإنه لم يعمل سلطته المخولة له بمقتضى المادة 709 من
القانون المدني بزيادة الأتعاب أو خفضها. وإذ كانت الإيصالات المقدمة من المطعون عليها
لم تصدر من الطاعن بعد تمام العمل الموكول إليه وكانت دلالتها لا تنصرف إلى الإبراء
من باقي الأتعاب فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلبه المشار إليه يكون قاصراً لقيامه
على أسباب لا تكفي لحمله.
وحيث إن هذا النعي مردود بما قرره الحكم الابتدائي الذي أيده وأخذ بأسبابه الحكم المطعون
فيه "أما عن إجراءات إشهار حل الوقف فقد ثبت من الإيصالات المقدمة بحافظة المتظلم ضدها
أن السيد المحامي قد استلم أتعابه منها دون ما تحفظ أو احتياط وقد بلغت هذه الأتعاب
نيفا وخمسين جنيهاً فيتعين استبعاد هذه الأعمال من مجال الحديث عن سقوط الحق، ومن ذلك
يبين أن الحكم قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما تفيده عبارة المستندات المقدمة في
الدعوى دون خروج على مدلولها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات
المقدمة إليها بما لا يخرج عن عبارتها الواضحة وكان استخلاص المحكمة أن الطاعن قد استلم
أتعابه كاملة عن الأعمال المنوه عنها بسبب النعي هو استخلاص موضوعي سائغ فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير
التي انتهى إليها الحكم – مما لا يجوز التحدي به لدى محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
