الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 231 لسنة 38 ق – جلسة 12 /06 /1973 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 24 – صـ 906

جلسة 12 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عبد العليم الدهشان، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.


الطعن رقم 231 لسنة 38 القضائية

تنفيذ. بنوك.
الحق الموضوعي المراد اقتضاؤه بالتنفيذ الجبري. شروطه. وجوب أن يكون السند التنفيذي دالاً بذاته على توافرها.
جواز التنفيذ استثناء بعقود فتح الاعتماد الرسمية. وجوب إعلان مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية مع عقد فتح الاعتماد عند الشروع في التنفيذ. للمدين أن يثير المنازعة الجدية حول وجود الحق أو حقيقة مقداره.
مؤدى ما نصت عليه المادتان 459، 460/ 1، 2 من قانون المرافعات السابق – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] – أنه يجب أن يكون الحق الموضوعي المراد اقتضاؤه بالتنفيذ الجبري محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وأن يكون السند التنفيذي دالاً بذاته على توافر هذه الشروط فيه، فإذا تخلف في الحق أحد هذه الشروط فإنه لا يجوز التنفيذ لاقتضائه، وكل إجراء يتخذ في سبيل التنفيذ يكون باطلاً، إلا أن المشرع أجاز استثناء من هذا الأصل التنفيذ بعقود فتح الاعتماد الرسمية ولو لم تتضمن الإقرار بقبض شيء، وأوجب في ذات الوقت – حماية لمصلحة المدين الحاصل التنفيذ ضده – أن يعلن عند الشروع في التنفيذ مع عقد فتح الاعتماد مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، وأن الحكمة التي استهدفها المشرع من ذلك هي إعلام المدين وإخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتخويله مراقبة استيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية والموضوعية التي يكون بتوافرها صالحاً للتنفيذ بمقتضاه، فإن أثار المدين منازعة بشأن فقدان الحق لشرطي تحقق الوجود أو تعيين المقدار تحتم أن تكون منازعته جدية تثير الشك في وجود الحق أو حقيقة مقداره، وتقدير ما إذا كانت المنازعة جدية أو غير جدية هو مما يستقل به قاضي الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على البنك الطاعن الدعوى رقم 1128 لسنة 1967 مدني كلي إسكندرية، وطلبا فيها الحكم بعدم الاعتداد بالحجز الإداري التنفيذي الذي أوقعه البنك الطاعن بتاريخ 6/ 7/ 1966 تحت يد مستأجري العمارة المملوكة لهما والمبينة بالصحيفة، وقالا شرحاً لدعواهما إن هذا البنك أوقع الحجز المشار إليه استيفاء لدين ادعى أنه مستحق له في ذمتهما؛ الأول بصفته مديناً والثانية كفيلة متضامنة، بيد أن هذا الدين غير معين المقدار وغير حال الأداء، وأنهما أقاما بشأنه دعوى الحساب رقم 283 لسنة 1965 تجاري كلي القاهرة ولما يفصل فيها، وأنكرا على البنك الحق في أن يسلك في التنفيذ طريق الحجز الإداري. أجاب هذا البنك بأن دينه ناشئ عن عقد رسمي بفتح اعتماد مضمون برهن رسمي، وأنه قام بقفل الحساب وأعلن المطعون ضدهما بذلك العقد وبمستخرج بحسابهما من واقع دفاتره التجارية، وأن المطعون ضده الأول قد وافق على الحجز في خطابه المؤرخ 9/ 10/ 1966، مما يعتبر معه الدين معين المقدار وحال الأداء، وبتاريخ 13/ 7/ 1967 قضت المحكمة الابتدائية بعدم الاعتداد بالحجز. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 773 لسنة 33 ق إسكندرية، وبتاريخ 4/ 3/ 1968 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على أن الدين الموقع الحجز من أجله محل نزاع جدي من جانب المدين، وأن هذا النزاع مطروح أمره أمام القضاء ولما يفصل فيه، وأن المصادقة على الحساب المؤرخة 31/ 5/ 1964 لا تعتبر إقراراً بالدين لمنازعة المطعون ضده الأول فيه، كما أن الخطاب المؤرخ 9/ 10/ 1966 لا يتضمن إقراراً بالدين ولا قبولاً للحجز. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه بعدم الاعتداد بالحجز على أن الدين الذي وقع هذا الحجز اقتضاء له متنازع فيه من جانب الدين، واستند الحكم في ذلك إلى دعوى الحساب رقم 283 لسنة 1965 تجاري كلي القاهرة المقامة من المطعون ضدهما على البنك الطاعن بطلب تصفية الدين المشار إليه والتي لما يفصل فيها، وإلى أنه لا يغير من اعتبار الدين متنازعاً فيه إعلان المدين بمستخرج بحسابه من واقع دفاتر البنك التجارية ويرى الطاعن أن هذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك، أن الثابت بالأوراق أن البنك الطاعن فتح للمطعون ضده الأول بكفالة المطعون ضدها الثانية اعتماداً بحساب جار مضمون برهن رسمي في حدود مبلغ سبعين ألف جنيه، وقد بلغ رصيده المدين عند قفل الحساب بتاريخ 30/ 6/ 1964 مبلغ 59453 ج و103 م وهو الدين المنفذ به وأنه بعد إقفال الحساب الجاري يصبح الرصيد ديناً معلوم المقدار حال الأداء بما يعتبر معه الدين خالياً من النزاع، وتكون بذلك منازعة المدين فيه غير جدية، وأنه وإن كان يجب في الحق المراد اقتضاؤه بالتنفيذ أن يكون محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، إلا أن المشرع في خصوص العقد الرسمي بفتح الاعتماد أجاز على خلاف الأصل طبقاً للمادة 460/ 2 من قانون المرافعات السابق التنفيذ بدليل غير مستمد من العقد الرسمي ذاته، وهو مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، وإذ كان هذا المستخرج هو الدليل الوحيد الذي أجازه الشارع خارج العقد الرسمي استثناء لإثبات الشروط اللازمة في الحق المنفذ به، فإنه لا يجوز الاعتماد في نفي توافر هذه الشروط على دليل آخر، وإذ استند الحكم المطعون فيه – في القول بأن الدين المنفذ به تقوم بشأنه منازعة جدية إلى الدليل المستمد من دعوى الحساب المرددة بين الطرفين بطلب تصفية هذا الدين خلافاً لما تقضي به المادة 460/ 2 المشار إليها – فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويضيف الطاعن بأنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول (المدين) قد أقر بانشغال ذمته بالدين الحاصل التنفيذ اقتضاء له، وذلك بمقتضى ورقة المصادقة المؤرخة 31/ 5/ 1964 الصادرة من وكيله إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعتبرها إقراراً بالدين لمنازعة المدين فيه، واستند في ذلك إلى الحكم الصادر في دعوى الحساب سالف الذكر، في حين أن هذا الحكم لم يقطع برأي صريح أو ضمني في شأن المصادقة المشار إليها، وإذ حجب الحكم المطعون فيه نفسه بهذه المخالفة عن الرد على الدلالة المستفادة من تلك المصادقة فإنه يكون قد أغفل الرد على دفاع جوهري للطاعن من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما استخلص الحكم من خطاب البنك المركزي المصري المؤرخ 12/ 6/ 1966 أن الدين متنازع في مقداره مع أن عبارته لا تؤدي إلى ذلك، إذ أنها لا تفيد سوى اقتراح من البنك بتسوية النزاع على أساس تنازله عن جزء من الدين وتقسيط الباقي على عدة سنوات وكذلك فإن الحكم لم يعتبر ما ورد بالخطاب الصادر من المطعون ضده الأول إلى البنك الطاعن بتاريخ 9/ 10/ 1966 إقراراً منه بالدين أو موافقة على الحجز وذلك على الرغم من أن عبارة هذا الخطاب صريحة في ذلك، وهذا كله من شأنه أن يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب علاوة على خطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في جميع ما تضمنه مردود، ذلك أن المادة 459 من قانون المرافعات السابق تنص على أنه لا يجوز التنفيذ اقتضاء لحق غير محقق الوجود أو غير معين المقدار أو غير حال الأداء، وأن المادة 460/ 1 منه تقضي بأنه يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي لنفس المدين أو لموطنه الأصلي وإلا كان باطلاً، وتجرى عبارة الفقرة الثانية منها على أنه "يجب عند الشروع في تنفيذ عقد رسمي بفتح اعتماد أن يعلن معه مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية" ومؤدى ذلك – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه يجب أن يكون الحق الموضوعي المراد اقتضاؤه بالتنفيذ الجبري محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وأن يكون السند التنفيذي دالاً بذاته على توافر هذه الشروط فيه، فإذا تخلف في الحق أحد هذه الشروط فإنه لا يجوز التنفيذ لاقتضائه وكل إجراء يتخذ في سبيل التنفيذ يكون باطلاً، إلا أن المشرع أجاز استثناء من هذا الأصل التنفيذ بعقود فتح الاعتماد الرسمية ولو لم تتضمن الإقرار بقبض شيء، وأوجب في ذات الوقت حماية لمصلحة المدين الحاصل التنفيذ ضده أن يعلن، عند الشروع في التنفيذ، مع عقد فتح الاعتماد مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، وأن الحكمة التي استهدفها المشرع من ذلك هي إعلام المدين وإخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتخويله مراقبة استيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية والموضوعية التي يكون بتوافرها صالحاً للتنفيذ بمقتضاه، فإن أثار المدين منازعة بشأن فقدان الحق لشرطي تحقق الوجود أو تعيين المقدار تحتم أن تكون منازعته جدية تثير الشك في وجود الحق أو حقيقة مقداره، وإذ كان تقدير ما إذا كانت المنازعة جدية أو غير جدية هو مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "إن المحكمة ترى أن المصادقة على الحساب المؤرخة 31/ 5/ 1964 لا تعتبر حتى الآن إقراراً من المدين (المستأنف عليه الأول) بالدين المحجوز من أجله، وذلك لمنازعته فيها طبقاً لما هو ثابت من الحكم الصادر في 23/ 2/ 1967 في القضية رقم 283 لسنة 1965 تجاري كلي القاهرة وطالما أنه لم يبت حتى الآن في صحة هذه المصادقة والتزام المدين بها فإن الدين الثابت بها يعتبر منازعاً فيه، ويؤكد هذا النظر أن محكمة القاهرة التجارية في حكمها المشار إليه لم تر فيها ما يقطع بانتهاء الحساب بين الطرفين وانتهت في قضائها المؤرخ 23/ 2/ 1967 إلى تعيين خبير لفحص الحساب واستجلاء حقوق الطرفين، كما ويؤكده أن البنك المستأنف رغم وجود هذه المصادقة تحت يده قبل أن يكون دينه مبلغ حوالي أربعين ألف جنيه طبقاً لما هو ثابت من خطاب البنك المركزي المصري المؤرخ 12/ 6/ 1966 الذي لم ينازع فيه البنك المستأنف، الأمر الذي يفيد أن الرصيد الوارد في المصادقة المؤرخة 31/ 5/ 1964 لم يكن نهائياً، وكان محل نزاع جدي بين الطرفين، ويخلص مما تقدم أن الدين المحجوز من أجله محل نزاع جدي من المحجوز عليه ما زال أمره مطروحاً أمام القضاء ولم يفصل فيه، وكان يبين مما سلف أن الدين المحجوز من أجله متنازع في شأنه، وإذ كان ذلك فإن توقيع الحجز يكون على غير أساس من القانون، ولا يغير من هذا النظر ما جاء في خطاب المستأنف عليه الأول المؤرخ 9/ 10/ 1966 المشار إليه فيما تقدم، ذلك أن هذا الخطاب لا يتضمن إقراراً بصحة الحجز موضوع النزاع ولا يمكن أن تحمل عباراته على موافقته على ذلك الحجز، وكل ما تفيده هو الرجاء برفع حجز كان موقعاً في 8/ 9/ 1966 على منقولات المدين، كما تعبر عنه ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون المرافعات التي تقضي بأنه عند الشروع في تنفيذ عقد رسمي بفتح اعتماد يعلن معه مستخرج بحساب الدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، لأن إعلان هذا المستخرج لا يؤدي بذاته إلى جعل الدين غير متنازع فيه، وإنما يبقى بعد هذا الإعلان حق المدين في تلك المنازعة فإن ثبتت جديتها فإن الحجز لا يكون صحيحاً منتجاً لآثاره" وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أنه انتهى إلى أن الدين الحاصل التنفيذ اقتضاء له متنازع فيه، وأن إعلان المدين بمستخرج بحسابه من واقع دفاتر البنك الدائن التجارية لا يؤدي بذاته إلى جعل الدين غير متنازع فيه، وإنما يبقى للمدين بعد الإعلان حق المنازعة فيه، ودلل الحكم على أن الدين تقوم به منازعة جدية بعدة قرائن متساندة استمدها من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى الدلالة التي استخلصها منها وهو من الحكم سائغ ولا خطأ فيه. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أيضاً أنه عرض إلى ورقة المصادقة المؤرخة 31/ 5/ 1964 وتناولها بالبحث، وخلص إلى أنها لا تعتبر إقراراً من المدين بالدين، ولا تدل على أن الدين غير متنازع فيه، واستند في ذلك إلى القرائن التي ساقها ومن بينها عدم اعتداد الحكم الصادر في دعوى الحساب رقم 283 لسنة 1965 تجاري كلي القاهرة بتلك المصادقة، وندبه خبيراً لتصفية الحساب بين الطرفين. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو السابق بيانه مستمداً من أوراق الدعوى وفيه الرد الكافي على ما أثاره الطاعن بشأن ورقة المصادقة، وكان ما استخلصه الحكم من خطاب البنك المركزي المصري المؤرخ 12/ 6/ 1966 من أن الرصيد الوارد بالمصادقة محل نزاع جدي هو استخلاص سائغ من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، وكان الخطاب الصادر من المطعون ضده الأول والمؤرخ 9/ 10/ 1966 قد جاء به ما نصه "وحيث إني مدين للبنك في مبلغ من معاملاتي في تجارة الأقطان ولم تتحدد هذه المديونية لوجود منازعات قضائية في هذا الصدد، وفوجئت بأن البنك أوقع حجزاً إدارياً على منقولات شقتي بتاريخ 8/ 9/ 1966، ولما كان البنك سبق أن أوقع حجزاً إدارياً للمدين لدى الغير تحت يد سكان العمارة المملوكة لي والكائنة بطريق الجيش رقم 181 بالإسكندرية ويقوم السكان بسداد الإيجار المستحق للبنك شهرياً، ولما كنت قد تقدمت بطلب تسوية إلى سيادتكم لذلك أرجو التكرم بالموافقة على رفع الحجز الإداري المتوقع على مسكني وإلغاء هذا الحجز بكافة آثاره لحين موافقة سيادتكم على الطلب المقدم مني لتسوية المديونية" وكان يبين مما أورده الحكم في هذا الخصوص – وعلى ما سبق ذكره – أنه إذ فسر عبارة الخطاب المشار إليه بأنها لا تعدو أن تكون طلباً من المدين برفع الحجز الذي أوقعه البنك على منقولاته، ولا تفيد إقراره بالدين أو موافقته على الحجز، فإن الحكم يكون قد التزم في تفسير عبارة الخطاب المعنى الظاهر لمدلولها بما لا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك. لما كان ما تقدم كله فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.


[(1)] نقض 19/ 1/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 52.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات