الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 240 لسنة 38 ق – جلسة 31 /05 /1973 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 24 – صـ 845

جلسة 31 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.


الطعن رقم 240 لسنة 38 القضائية

حكم. "الفساد في الاستدلال". إيجار. إثبات.
عدم تمسك المطعون عليه بوجود اتفاق بينه وبين زوجته على عدم تحميله بأجرة مسكنين من ملكها كان يساكنها فيهما. قيام الحكم على وجود مثل هذا الاتفاق واتخاذه من عدم وجود عقد إيجار مكتوب وعدم مطالبة الزوجة بالأجرة قرينة عليه. استناد إلى ما ليس له أصل في الأوراق وفساد في الاستدلال.
إذا كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يتجافى مع دفاع المطعون عليه الذي جاء خلواً من تمسكه بوجود اتفاق بينه وبين زوجته على عدم تحميله بأجرة مسكنين من ملكها كان يساكنها فيهما، أو بالتبرع له بها أو إبرائه منها بعد استحقاقها، وليس من شأنه أن يؤدي إلى إعفائه منها، ذلك أن وجود عقد كتابي ليس بلازم لقيام العلاقة التأجيرية، وأن الأجرة لا تسقط لعدم المطالبة بها إلا بشروط لم تتعرض المحكمة لبحثها، وكان الحكم قد اتخذ من هاتين الواقعتين قرينة على وجود اتفاق على عدم تحميل المطعون عليه بالأجرة أو التبرع له بها أو إبرائه منها، فإنه يكون قد استند إلى ما ليس له أصل في الأوراق، ولم يتمسك به المطعون عليه، كما أن ما ساقه الحكم المطعون فيه لتأييد دعامته من أن "طلب الزوجة محاسبة زوجها عن إيجار المسكنين من وقت إقامتهما فيهما سوياً ومطالبتها باحتساب هذا الإيجار ديناً في ذمته خلال مدة وكالته عنها يعتبر في واقع الأمر مطالبة منها بمتجمد نفقة المسكن، مع أنه وفقاً للمادة 6/ 9 من القانون رقم 78 لسنة 1931 لا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من ثلاث سنوات ميلادية نهايتها تاريخ رفع الدعوى لا يصلح تبريراً لقضائه في هذا الخصوص، ومن ثم فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون يكون في محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المرحومة…… (مورثة الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 929 سنة 60 كلي القاهرة تطلب الحكم بإلزام…….. (المطعون عليه) بتقديم حساب مشفوع بالمستندات (عن مدة وكالته عنها من سنة 1951 إلى سنة 1959 بالتوكيل الرسمي رقم 7620/ 51 توثيق عام القاهرة) والحكم لها بما يثبت أنه مستحق لها، وقالت شرحاً للدعوى إنها وكلت في 26 يوليو سنة 1951 زوجها المدعى عليه، توكيلاً عاماً في إدارة أملاكها وبيعها ورهنها وسحب المبالغ المستحقة لها في البنوك والمصالح ومكاتب البريد على نحو ما يبين من مطالعة التوكيل المعطى له، وأنه ظل يباشر أعمال الوكالة عنها حتى قامت بإلغاء توكيله في 7 مايو سنة 1959، ولما أنذرته في 17 يناير سنة 1960 بأن يقدم لها كشف حساب مؤيداً بالمستندات عن فترة وكالته التي لم تحاسبه خلالها، رد عليها بإنذار في 24 يناير سنة 1960 بأقوال مبهمة غير مؤيدة بالمستندات، فأقامت الدعوى بطلباتها السالفة. ندبت المحكمة خبيراً لفحص الحساب المقدم من المدعى عليه وتصفية الحساب بين الطرفين وبيان ما يسفر عنه، وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن المدعى عليه كان يشغل دورين من منزل المدعية – رقم 8 شارع مدكور بالهرم – ويحصل الإيجار من باقي مستأجريه، وبلغ مجموع الإيجار في المدة من 1/ 8/ 1951 حتى 31/ 12/ 1959، مبلغ 5049 ج و270 م، كما أنه قام بالإنفاق على تكملة الدور الثالث بالمنزل وإقامة دور رابع، ويدفع العوائد والمياه وغير ذلك من المصروفات الأخرى – الموضحة بالتقرير – وبلغ مجموع ذلك 3070 ج و203 م يخصمها من الإيرادات يكون الباقي 1979 ج و67 م، وبتاريخ 11/ 10/ 1963 قضى بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعية، ولما استأنفت الدعوى سيرها، اعترض المدعى عليه على تقرير الخبير بعدة اعتراضات رأت المحكمة معها ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيقها وبعد أن قدم خبير المكتب تقريره عادت وحكمت بتاريخ 18/ 3/ 1967 بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للطاعنة مبلغ 462 ج و311 م. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليها وقيد استئنافه برقم 1068 سنة 84 ق، وبتاريخ 7/ 3/ 1968 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها. وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم اتخذ من واقعة عدم تحرير عقدي إيجار بين الزوجين على الدورين اللذين كان يشغلهما الزوج قرينة على الاتفاق بينهما على عدم تحميل المطعون عليه بالأجرة أو على التبرع له بها أو إبرائه منها بعد استحقاقها، وهذه الواقعة لا تؤدي بذاتها إلى تلك النتيجة، لأن المطعون عليه هو الذي كان يشرف على إدارة واستغلال عقارات زوجته، ويحرر عقود الإيجار مع المستأجرين بالنيابة عنها، فلم يكن ثمة داع لأن يحرر عقدي إيجار مع نفسه ولم يزعم الزوج ذاته في دفاعه أنه اتفق مع زوجته على شيء من ذلك الذي استخلصه الحكم، وكل ما قاله في مذكراته أمام محكمة أول درجة، وفي صحيفة استئنافه أن استمرار إقامته مع زوجته في منزلها المملوك لها يعتبر مساهمة منها في نفقات المعيشة وهو ما ينفي حصول اتفاق بينهما حول الأجرة، ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من استدلال في هذا المجال لا أصل له في أوراق الدعوى ومخالفاً للثابت فيها، كما أن الحكم باستناده إلى جانب ذلك إلى أن المطالبة بأجرة المسكنين تعتبر مطالبة بنفقة مسكن لا يجوز سماعها شرعاً فيما زاد على ثلاث سنوات وبرفضه الدعوى برمتها على هذا الأساس، ويكون قد أقام قضاءه على سببين فاسدين لا يكفي أحدهما لحمل هذه النتيجة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه قد أقام دفاعه بعدم جواز مطالبته بأجرة الأماكن التي كان يشغلها مع زوجته على أن الزوج إذا ساكن زوجته في ملكها، اعتبر ذلك منها مساهمة في نفقات المعيشة الزوجية، ولا يحل لها بعده أن تطالبه بأجرة هذا المسكن، وأنه إذا صح أن الزوج يلتزم بأجرة المسكن الذي يستأجره في ملك زوجته، فإنه يكون من حقه كمستأجر أن يتمسك بالتقادم الخمسي عند مطالبته بالأجرة، وبالتالي لا تجوز مطالبته بأجرة أكثر من خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى. إذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد أقامت قضاءها على أن "احتساب أجرة الدورين الأول والرابع على المستأنف خلال إقامته وزوجته فيهما لا تقوم على سند صحيح، ذلك لأن هذه الإقامة استمرت نحو تسع سنوات بالنسبة للدور الأول وقرابة ثلاث سنوات بالنسبة للدور الرابع منذ تشييده في سنة 1956، وقد ظلت الزوجة خلال هذه السنوات وتلك لا تطلب من زوجها أجرة هذين المسكنين أو تحاسبه عنها، ولم تحرر معه عقدي إيجار عنهما، ولذلك فإنها تعتبر متفقة مع زوجها على عدم تحميله بالأجرة أو على أنها متبرعة له أو أبرأته منها بعد استحقاقها….." وكان ما انتهى إليه الحكم على النحو السالف يتجافى مع دفاع المطعون عليه الذي جاء خلواً من تمسكه بوجود اتفاق على عدم تحميله بالأجرة أو التبرع له بها أو إبرائه منها بعد استحقاقها، وليس من شأنه أن يؤدي إلى إعفائه منها، ذلك أن وجود عقد كتابي ليس بلازم لقيام العلاقة التأجيرية وأن الأجرة لا تسقط لعدم المطالبة بها إلا بشروط لم تتعرض المحكمة لبحثها، وإذ اتخذ الحكم من هاتين الواقعتين قرينة على وجود اتفاق على عدم تحميل المطعون عليه بالأجرة أو التبرع له بها أو أبرأته منها، فإنه يكون قد استند إلى ما ليس له أصل في الأوراق ولم يتمسك به المطعون عليه، وإذ كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه لتأييد هذه الدعامة من أن "طلب الزوجة محاسبة زوجها المستأنف عن إيجار المسكنين من وقت إقامتهما فيهما سوياً ومطالبتها باحتساب هذا الإيجار ديناً في ذمته خلال مدة وكالته عنها، يعتبر في واقع الأمر مطالبة منها بمتجمد نفقة المسكن، مع أنه وفقاً للمادة 6/ 9 من القانون رقم 78 لسنة 1931 لا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من ثلاث سنوات ميلادية نهايتها تاريخ رفع الدعوى". لا يصلح تبريراً لقضائه في هذا الخصوص، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون يكون في محله بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات