الطعن رقم 445 لسنة 34 ق – جلسة 12 /12 /1968
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 19 – صـ 1512
جلسة 12 من ديسمبر سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
الطعن رقم 445 لسنة 34 القضائية
( أ ) إثبات. "إجراءات الإثبات". حكم. "عيوب التدليل". "قصور".
"ما يعد كذلك".
طلب إلزام الخصم بتقديم ورقة تحت يده. تقديمه إلى المحكمة التي تنظر الدعوى لا إلى
الخبير المنتدب فيها. رفض محكمة الاستئناف الطلب على أساس أنه لم يطلب من الخبير مع
أنه طلب منها ومن محكمة أول درجة. حجبها هذا الخطأ من بحث مبررات الطلب. مخالفة للقانون
وقصور.
(ب) عرف. "عرف تجاري". "مناط الرجوع إليه".
لا محل للرجوع للعرف التجاري عند وجود دفاتر للشركة خلافاً لهذا العرف.
1 – طلب إلزام الخصم بتقديم ورقة تحت يده يقدم إلى المحكمة التي تنظر الدعوى ولا يختص
به الخبير المنتدب فيها. وعلى تلك المحكمة إذا ما قدم إليها أن تقبله أو ترفضه حسب
تقديرها لدلائله ومبراته المنصوص عليها في المادة 253 من قانون المرافعات فإذا كانت
محكمة الاستئناف قد رفضت ذلك الطلب على أساس أنه لم يطلب من الخبير مع أنه طلب منها
ومن محكمة أول درجة وحجبت نفسها بذلك عن بحث مبرراته فإنها تكون قد أخطأت في القانون
وشاب حكمها القصور.
2 – لا محل للرجوع إلى العرف التجاري إذا وجدت دفاتر للشركة يبين منها أن الشريكين
جريا في تعاملهما على خلاف هذا العرف.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر أقامت الدعوى رقم 232 سنة
1951 مدني كلي المنيا على الطاعن وكاتب أول محكمة ملوى الجزئية طالبة الحكم بأحقيتها
في صرف مبلغ 815 ج 782 م المودعة خزانة محكمة ملوى وإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ
842 ج و827 م. وقالت بياناً لدعواها إن مورثها المرحوم عبد الوهاب الكاشف كان شريكاً
للطاعن في تجارة العسل الأسود بمقتضى عقد الشركة المؤرخ أول ديسمبر سنة 1945 وأنه توفى
في 24 إبريل سنة 1946 بعد أن كانت الشركة قد باشرت نشاطها التجاري وأن محكمة الأحوال
الشخصية ندبت خبيراً لبيان ما يخص مورثها من أموال تلك الشركة وقد أثبت ذلك الخبير
أن نصيبه من أرباحها هو مبلغ 943 ج و330 م فضلاً عن حصته في رأس المال وأنه بخصم حصة
والدة المتوفى يصبح ما يخص المطعون ضدها وأولادها ميراثاً عن زوجها هو مبلغ 1658 ج
و609 م، أودع منه الطاعن مبلغ 815 ج و782 م خزانة محكمة ملوى ورفض أداء الباقي لها
فاضطرت لإقامة الدعوى بطلباتها سالفة الذكر. وقد أجاب الطاعن على الدعوى بأحقية المطعون
ضدها في صرف المبلغ المودع خزانة محكمة ملوى واعترض على ما انتهى إليه ذلك الخبير من
إضافة أثمان الفوارغ وأجور اللحام ومصاريف المشال ونولون الشحن إلى صافي الأرباح وذلك
على أساس أن الشركة هي التي تحملت أعباءها وطلب إلزام المطعون ضدها بتقديم دفاتر الحسابات
التي كانت لدى مورثها ليثبت منها صحة اعتراضه. وبعد أن قضت محكمة المنيا الابتدائية
بأحقية المطعون ضدها في صرف المبلغ المودع خزانة محكمة ملوى ندبت بالنسبة لباقي الطلبات
خبيراً لبحث حقيقة العرف التجاري المتبع في تجارة العسل الأسود لبيان ما إذا كانت أثمان
الفوارغ وأجور اللحام والنقل ونولون الشحن تتحملها الشركة وبذلك تستبعد من صافي الأرباح
أو أن المشترين هو الذين كانوا يتحملونها وبالتالي تضاف إلى الأرباح. وبعد أن قدم الخبير
تقريره قضت تلك المحكمة بتاريخ 6 فبراير سنة 1962 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها
بصفتيها مبلغ 543 ج و143 م. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف
رقم 393 سنة 1 ق. وبتاريخ 10 مايو سنة 1964 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الدعوى. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب،
وفي بيان ذلك يقول إنه طلب من محكمة أول درجة إلزام المطعون ضدها بتقديم دفاتر الشركة
التي كان يحتفظ بها مورثها وذلك عملاً بأحكام المادة 253 من قانون المرافعات، مقرراً
أن حسابات الشركة كانت تحرر من نسختين وأن كل شريك كان يحتفظ لديه بنسخة منهما ودلل
على ذلك بنص البند الخامس من عقد الشركة الذي يقضي بوجوب تحرر الحسابات من نسختين وبما
شهد به كاتب الحسابات في محضر أعمال الخبير من أنه كان يقيد حسابات الشركة في دفترين
متطابقين يحتفظ كل شريك بواحد منهما، وأبان الطاعن لتلك المحكمة أن ما أثبت في دفتره
من أن الشركة كانت تتحمل أثمان الفوارغ ومصاريف اللحام وأجور النقل ونولون الشحن وأنها
لذلك تعتبر من المصروفات ويجب استبعادها من الأرباح، ثابت أيضاً في الدفاتر التي كانت
تحت يد مورث المطعون ضدها وأن النزاع يكون بذلك محكوماً بما هو ثابت في تلك الدفاتر
ويصبح إلزام الخصم بتقديمها منتجاً في الدعوى. ولما لم تجبه محكمة أول درجة إلى طلبه
تمسك به في أسباب استئنافه غير أن محكمة الاستئناف ردت على هذا الطلب بأن الطاعن لم
يطلبه من الخبير، مع أن عدم تقديم هذا الطلب إلى الخبير لا يسقط حقه في طلبه من المحكمة
لأنه لا يدخل في مهمة الخبير ولأن إنكار المطعون ضدها في محضر أعماله وجود تلك الدفاتر
لديها يقتضي الرجوع إلى المحكمة صاحبة السلطة في إلزامها بتقديم ما تحت يدها من المستندات
المشتركة بين الطرفين. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في اعتماده على العرف التجاري في
تصفيته حسابات الشركة لأنه لا محل للالتجاء إلى العرف مع وجود الدفاتر.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الثابت من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الطاعن طلب إلى
محكمة أول درجة إلزام المطعون ضدها بتقديم دفاتر الشركة التي كانت تحت يد مورثها مقرراً
أن الثابت فيها يظهر أن الشركة كانت تتحمل أثمان الفوارغ وأجور اللحام ومصاريف النقل
ونولون الشحن. وبذلك تعتبر تلك المبالغ مصروفات يجب استبعادها من صافي الأرباح وهو
عكس ما انتهى إليه الخبير المنتدب من محكمة الأحوال الشخصية من أن الشركة لم تكن تتحمل
بها وأنها بذلك يجب إضافتها إلى الأرباح، ودلل الطاعن على وجود تلك الدفاتر لدى المطعون
ضدها بنص البند الخامس من عقد الشركة الذي قضى بوجوب تحرير نسختين من حسابات الشركة
على أن يحتفظ كل شريك بنسخة منهما وبما قرره كاتب الحسابات في محضر أعمال الخبير من
أنه كان يقيد حسابات الشركة في دفترين متطابقين يحتفظ كل شريك بواحد منهما غير أن محكمة
أول درجة لم تجبه إلى طلبه وأغفلت الرد عليه. فلما استأنف الطاعن حكمها تمسك به في
السبب الأول من أسباب استئنافه وقد ردت محكمة الاستئناف على هذا الطلب بقولها "وحيث
إن ما جاء بالسبب الأول مردود بأن المستأنف (الطاعن) مثل أمام الخبير وأبدى أقواله
ولم يطلب ضم دفاتر الشركة كما أن وكيله الذي حضر عنه بعد ذلك لم يبد هذا الطلب للخبير".
وهذا الذي قررته محكمة الاستئناف لا يسوغ رفض الطلب لأن طلب إلزام الخصم بتقديم ورقة
تحت يده يقدم إلى المحكمة التي تنظر الدعوى ولا يختص به الخبير المنتدب فيها. وعلى
تلك المحكمة إذا ما قدم إليها أن تقبله أو ترفضه حسب تقديرها لدلائله ومبرراته المنصوص
عليها في المادة 253 من قانون المرافعات. ومتى كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد رفضت
ذلك الطلب على أساس أنه لم يطلب من الخبير مع أنه طلب منها ومن محكمة أول درجة وحجبت
نفسها بذلك عن بحث مبرراته فإنها تكون قد أخطأت في القانون، وشاب حكمها القصور، ولا
يغني الحكم المطعون فيه قوله بعد ما تقدم من أسبابه "ومن ناحية أخرى فقد فحص الخبير
العرف التجاري في تجارة العسل وسأل التجار الذين اتفق الطرفان على سماع أقوالهم وخلص
من ذلك إلى بيان العرف التجاري في تجارة العسل واستبعد ثمن الفوارغ وأجور الشحن من
صافي الأرباح فلا حق للمستأنف بعد ذلك في النعي على الخبير" لأن هذا الذي ذكره الحكم
مخالف لما انتهى إليه الخبير في تقريره إذ هو لم يستبعد من صافي الأرباح إلا ثلث تلك
المبالغ فقط كما أنه لا محل للرجوع إلى العرف التجاري إذا وجدت دفاتر للشركة يبين منها
أن الشريكين جريا في تعاملهما على خلاف هذا العرف، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون
فيه دون حاجة لبحث سائر أسباب الطعن.
