الطعن رقم 220 سنة 33 ق – جلسة 29 /10 /1968
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 19 – صـ 1276
جلسة 29 من أكتوبر سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعبد العليم الدهشان.
الطعن رقم 220 سنة 33 القضائية
( أ ) إثبات. طرق الإثبات. اليمين "اليمين المتممة". محكمة الموضوع.
"سلطتها في تعيين من توجه إليه اليمين المتممة".
اليمين المتممة. شروط توجيهها حرية قاضي الموضوع في تعيين من توجه إليه هذه اليمين.
ضوابط ذلك.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "فتح باب المرافعة". محكمة الموضوع.
طلب فتح باب المرافعة لتقديم مستندات. تقديمه بعد قفل باب المرافعة. إجابة هذا الطلب
من إطلاقات محكمة الموضوع.
1 – يشترط لتوجيه اليمين المتممة ألا تكون الدعوى خالية من أي دليل وأن يكون بها مبدأ
ثبوت يجعل الادعاء قريب الاحتمال وإن كان لا يكفي بمجرده لتكوين دليل كامل فيستكمله
القاضي باليمين المتممة، ولقاضي الموضوع الحرية في تعيين من يوجه إليه هذه اليمين من
الخصوم وهو يراعي في ذلك من كانت أدلته أرجح ومن كان أجدر بالثقة فيه والاطمئنان إليه.
2 – متى كان طلب فتح باب المرافعة لتقديم مستندات جديدة في الدعوى فيقدم إلى المحكمة
بعد انقضاء الأجل المصرح للطالب بتقديم مذكرة فيه، وكانت المحكمة لم تأذن له بتقديم
مستندات؛ فإنه لا عليها إن هي لم تجبه إلى طلب فتح باب المرافعة لتقديم مستندات جديدة
لأن إجابة هذا الطلب هو من الإطلاقات التي لا يعاب على المحكمة عدم الاستجابة إليها،
وهي في هذا غير ملزمة بإبداء الأسباب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 570 سنة 1960 مدني كلي قنا ضد الطاعن بصحيفة معلنة
في 2/ 8/ 1960 طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 314 ج و290 م قال شرحاً لها
إن الطاعن وهو يشتغل بالتجارة اشترى منه 360.49 قنطاراً من العسل من إنتاج معصرته بثمن
جملته 314 ج و290 م بموجب ورقة أثبت فيها الطاعن عدد القناطير التي اشتراها وتاريخ
استلام كل صفقة وثمنها، وإذ امتنع الطاعن عن دفع هذا المبلغ فقد أقام دعواه للحكم له
بطلباته. وبتاريخ 23/ 1/ 1961 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت
المطعون عليه أنه يداين الطاعن في مبلغ 314 ج و290 م باقي ثمن عسل اشتراه الطاعن منه.
وبعد أن سمعت المحكمة شهود المطعون عليه حكمت بتاريخ 17/ 4/ 1961 برفض الدعوى. استأنف
المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 363 سنة 36 ق أسيوط. ومحكمة الاستئناف حكمت
بتاريخ 23/ 12/ 1962 بتوجيه اليمين المتممة إلى المطعون عليه بالصيغة الآتية: "أحلف
بأن لي في ذمة المستأنف عليه – الطاعن – مبلغ 314.290 ج ثمن العسل الذي بعته وسلمته
إليه على التفصيل المبين بالكشف المقدم مني وأنه لم يسدد لي هذا المبلغ المطالب به".
وبعد أن حلفها المطعون عليه حكمت المحكمة بتاريخ 22/ 4/ 1963 بإلغاء الحكم المستأنف
وإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه مبلغ 314.290 – طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض. ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً. وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي
برفض الطعن.
وحيث إنه بالجلسة المحددة لنظر الطعن قرر الطاعن بترك الخصومة فيه بالنسبة لكل من لبيبه
سعيد أحمد مصلح وسميعه أحمد إسماعيل مصلح وأديبه أحمد إسماعيل مصلح من ورثة المطعون
عليه، وقد وافقت النيابة العامة على هذا الطلب وتمسكت برأيها السابق بالنسبة لباقي
الورثة، ومن ثم يتعين القضاء بقبول ترك الطاعن الخصومة في الطعن بالنسبة لهؤلاء الوارثان.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن
الحكم وجه اليمين المتممة إلى المطعون عليه تأسيساً على أن شهادة شهوده، والورقة التي
استند إليها لإثبات دعواه تعتبران دليلاً ناقصاً يكمل باليمين، هذا في حين أن الدعوى
خالية من الدليل مما لا يجوز معه توجيه اليمين المتممة طبقاً لنص المادة 415 من القانون
المدني، إذ سجل الحكم الابتدائي عجز المطعون عليه عن إثبات دعواه بشهادة الشهود وهو
ما لم يدحضه الحكم المطعون فيه. كما أن الحكم الأخير خلط بين الورقة التي قدمها المطعون
عليه لإثبات دعواه وبين كشف الحساب الذي قدمه الطاعن للتدليل على تصفية الحساب بينهما
وعلى مديونية المطعون عليه في مبلغ 111 ج و195 م وقرر الحكم خطأ أن المطعون عليه قدم
كشفاً مع أن الثابت أنه قدم ورقة، وقد ترتب على هذا الخلط أن أخطأ الحكم في تقدير الدليل
الذي عول عليه في توجيه اليمين المتممة. على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد رأى
في الدليل المستمد من البينة ومن الورقة التي قدمها المطعون عليه – دليلاً ناقصاً يكمل
باليمين المتممة فكان عليه أن يوجهها إلى الطاعن لأن هذا الدليل جاء في صالحه ومع التسليم
بأن أدلة الطاعن لم تكن الراجحة وأنها كانت متعادلة مع أدلة المطعون عليه فإنه كان
على الحكم أن يوجه اليمين إلى الطاعن باعتباره المدعى عليه في الدعوى والأصل فيه براءة
الذمة. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه رغم ذلك بنتيجة اليمين المتممة التي حلفها المطعون
عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. كما أن الحكم خالف الثابت بالأوراق إذ قرر
أن الطاعن أقر بالورقة التي استند إليها المطعون عليه في دعواه مع أنه أنكر صدورها
منه في مذكرته التي قدمها أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود ذلك أنه يشترط لتوجيه اليمين المتممة ألا تكون الدعوى
خالية من أي دليل وأن يكون بها مبدأ ثبوت يجعل الادعاء قريب الاحتمال وإن كان لا يكفي
بمجرده لتكوين دليل كامل فيستكمله القاضي باليمين المتممة، ولقاضي الموضوع الحرية في
تعيين من يوجه إليه هذه اليمين من الخصوم، وهو يراعي في ذلك من كانت أدلته أرجح ومن
كان أجدر بالثقة فيه والاطمئنان إليه – ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة
الاستئناف عرضت للأدلة التي قدمها المطعون عليه لإثبات دعواه وهي شهادة الشهود وورقة
الحساب الخالية من التوقيع، واعتبرتها دليلاً ناقصاً لأن الدعوى تجارية بالنسبة للطاعن
يجوز فيها الإثبات بالبينة والقرائن، ثم رأت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير
الدليل أن المطعون عليه أرجح دليلاً من الطاعن لأن هذا الأخير لم يقدم ما يعزز صحة
دفاعه. ورأت إلى جانب ذلك أن المطعون عليه أولى بالثقة فيه والاطمئنان إليه لأن الطاعن
أقر بوجود تعامل بينه وبين المطعون عليه وبالورقة التي استند إليها في دعواه، وذلك
خلافاً للطاعن الذي ثبت للمحكمة عدم صحة دفاعه من أن المطعون عليه أقام دعواه رداً
على الدعوى رقم 1941 سنة 1960 مدني نجع حمادي التي أقامها الطاعن للمطالبة بصافي الحساب
بينهما وادعى أنها كانت سابقة على دعوى المطعون عليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون
فيه قد وصف المستند الذي قدمه المطعون عليه تارة بأنه "ورقة" وتارة أخرى بأنه "كشف"
ولم يخلط بينه وبين المستند الذي قدمه الطاعن بل كان على بينة منهما عند الفصل في الدعوى،
فإنه لا تثريب على الحكم إذ رأى – بعد تقديره للاعتبارات المقبولة سالفة البيان – توجيه
اليمين المتممة إلى المطعون عليه لاستكمال الأدلة التي قدمها، ثم رأى بعد حلفه لهذه
اليمين أن الدليل قد اكتمل على ثبوت الدين موضوع الدعوى في ذمة الطاعن ورتب على ذلك
إلزامه بهذا الذين. لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون
يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني مردود بأنه لما كان الثابت من مذكرة الطاعن
التي قدمها أمام محكمة أول درجة بجلسة 23/ 1/ 1961 "تحضير" أنه قرر بشأن المستند المقدم
من المطعون عليه ما يلي: "واستند – المطعون عليه – في ذلك إلى ورقة منزوعة من كشوف
الحساب المحررة بينهما" وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد عن هذا المستند قوله "وإن
كان المستأنف عليه – الطاعن – ينكر تحريره بخط يده إلا أنه معترف بأنه عبارة عن ورقة
من كشوف الحساب المحررة بينهما وبالتالي ومعترف بصحة ما دون بها وتعتبر هذه الورقة
على الأقل مجرد بينة أو قرينة يجوز تكملتها طالما أن الدعوى تجارية وجائز الإثبات فيها
بالبينة والقرائن"، فإن هذا الذي قرره الحكم ليس فيه مخالفة لما جاء بمذكرة الطاعن،
إذ يبين منها أنه وإن أنكر تحرير الورقة التي قدمها المطعون عليه إلا أنه أقر بأنها
منزوعة من كشوف الحساب المحررة بينهما، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت
بالأوراق يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بطلانه لإخلاله بحقه في الدفاع
وقصوره في التسبيب، ذلك أن الطاعن قدم لمحكمة الاستئناف طلباً مؤرخاً 21/ 4/ 1953 بفتح
باب المرافعة في الدعوى بتقديم مستندات للتدليل على كذب اليمين المتممة التي حلفها
المطعون عليه وأرفق بعض هذه المستندات بالطلب، غير أن المحكمة لم تستجب لطلبه حتى يتمكن
من تقديم باقي مستنداته مما يعد إخلالاً بحقه في الدفاع. هذا إلى أن الحكم رد على المستندات
المقدمة بأنها عبارة عن خطابات أرسلها المطعون عليه إلى الطاعن يطالبه بمبالغ معينة
وأنها لا تثبت أن الطاعن أوفاه بها، مع أن الدليل على قيامه بالوفاء ثابت في الكشف
الذي قدمه الطاعن في الدعوى، وإذ لم تعن المحكمة بمطابقة المبالغ المطالب بها في الخطابات
على السداد بالكشف، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 18/
2/ 1963 إصدار حكمها في الدعوى بجلسة 12/ 4/ 1963 وصرحت بتقديم مذكرات خلال شهر وجعلت
المدة مناصفة بين الطرفين دون أن تأذن بتقديم مستندات، وفي يوم 21/ 4/ 1963 قدم الطاعن
طلباً بفتح باب المرافعة لتقديم مستندات جديدة في الدعوى أرفقها بطلبه، ولما كان هذا
الطلب قدم إلى المحكمة بعد انقضاء الأجل المصرح للطاعن بتقديم مذكرة فيه، وكانت المحكمة
لم تأذن له بتقديم مستندات، فإنه لا عليها إن هي لم تجب الطاعن إلى طلب فتح باب المرافعة
لتقديم مستندات جديدة، لأن إجابة هذا الطلب هو من الإطلاقات التي لا يعاب على المحكمة
عدم الاستجابة إليها، وهي في هذا غير ملزمة بإبداء الأسباب، لما كان ذلك فإنه لا يعيب
الحكم ما استطرد إليه تزيداً بشأن الأسباب التي أوردها تبريراً لرفض طلب فتح باب المرافعة
وتناول فيها الرد على المستندات التي أرفقها الطاعن بطلبه؛ مهما كان في هذا التزيد
من خطأ.
