الطعن رقم 262 لسنة 37 ق – جلسة 15 /03 /1973
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 24 – صـ 425
جلسة 15 من مارس سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.
الطعن رقم 262 لسنة 37 القضائية
إيجار. "إيجار الأماكن". إثبات. نظام عام.
تحديد أجرة المساكن من مسائل النظام العام. التحايل على زيادة هذه الأجرة. جواز إثباته
بكافة الطرق.
إيجار. "إيجار الأماكن". حكم. "تسبيب الحكم". إثبات.
استخلاص الحكم من القرائن التي ساقها الأجرة الحقيقية الواجب إعمال التخفيض عليها.
وأن المؤجر لم يقع في خطأ بشأن القانون الواجب التطبيق. قيامه على هذه القرائن المتساندة.
عدم جواز مناقشة كل منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
إيجار. "إيجار الأماكن". دعوى. "الطلبات في الدعوى". حكم. "الحكم بما لم يطلبه
الخصوم".
طلب المؤجر الإخلاء للتأخر في الوفاء ببعض الأجرة إعمالاً للقانون 121 لسنة 1947. تعرض
الحكم لبحث النزاع حول حقيقة الأجرة الواجبة على المستأجر وما يجب خصمه منها إعمالاً
لقانون التخفيض وذلك للتمكن من البت في طلب الإخلاء. عدم اعتباره قضاء بما لم يطلبه
الخصوم.
1 – تحديد أجرة المساكن هو من مسائل النظام العام التي نص المشرع على تأثيم مخالفة
القواعد الواردة بشأنها، والتحايل على زيادة هذه الأجرة يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات
بما في ذلك البينة والقرائن.
3 – متى كان يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطاعن طلب إخلاء المطعون عليه من العين
المؤجرة لتأخره في الوفاء ببعض الأجرة المستحقة، وذلك إعمالاً للفقرة الأولى من المادة
الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947، وأجاب المطعون عليه بأنه إنما يقوم بأداء الأجرة
المستحقة قانوناً، وأن الطاعن يطالبه بمبالغ تزيد عليها، وكان بيان حقيقة القيمة الإيجارية
والقدر الذي لم يوف به المستأجر منها للتحقق من تخلفه عن أدائها يعتبر أمراً لازماً
للفصل في طلب الإخلاء، فإن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لبحث النزاع حول حقيقة الأجرة
الواجبة على المستأجر، وما يجب خصمه منها إعمالاً لأحكام القانون الصادر بتخفيضها ليتمكن
من البت في طلب إخلاء المستأجر بسبب عدم الوفاء بالأجرة القانونية يكون قد فصل في مسألة
داخلة في صميم المنازعة الإيجارية المطروحة على المحكمة، ويكون النعي عليه – بأنه قضى
في أسبابه بتخفيض الأجرة المتفق عليها بعقد الإيجار وهو ما لم يطلبه الخصوم على – غير
أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن……. أقام الدعوى 7819 سنة 55 ق لدى محكمة القاهرة الابتدائية طلب فيها الحكم
بإخلاء المستأجر……. من المسكن المؤجر له وتسليمه إليه، وقال في بيان ذلك إنه حرر
للمدعى عليه في 27/ 1/ 1965 عقد إيجار للمسكن المبين بصحيفتها وقام بإجراء التخفيض
على الأجرة بواقع 20% طبقاً لأحكام القانون 168 سنة 1961 وكذلك العوائد طبقاً لأحكام
القانون 169 سنة 1961، وبين ذلك في هامش نسختي عقد الإيجار باعتبار أن أصل الأجرة تسعة
جنيهات أصبحت بعد التخفيض 6 ج و280 م ولما صدر القانون رقم 7 سنة 1965 ونص في مادته
الأولى على تخفيض الأجرة التي تدفع وقت صدوره بواقع 20% ونص في مادته الثانية على تخفيض
الأجرة التي لم يسبق تخفيضها بواقع 35% من أصل الأجرة المتعاقد عليها، فقد تبين له
وجوب تطبيق هذا القانون الأخير وحده بواقع 35% من أصل الأجرة فتصبح 5 ج و580 م، إلا
أن المستأجر أصر على احتساب ذلك التخفيض على 6 ج و580 م، في حين أن هذه الأجرة الأخيرة
جاءت نتيجة التخفيض الذي أجراه المؤجر اعتقاداً منه بوجوب تطبيق أحكام القانون رقم
168 سنة 1961، وأداء المستأجر للأجرة بواقع 4 ج و35 م شهرياً يعتبر وفاء ناقصاً، ولما
كان قد تجمد من ذلك في ذمته مبلغ 18 ج و494 م حتى نهاية نوفمبر سنة 1965 فقد أقام الدعوى
بطلباته، وبتاريخ 30 يونيه سنة 1966 حكمت المحكمة برفض الدعوى، واستأنف المدعي هذا
الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم بطلباته وقيد هذا الاستئناف
برقم 224 سنة 3 ق، وبتاريخ 5 مارس سنة 1967 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم
المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وقدمت النيابة
العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول والأسباب الثالث والرابع والخامس أن الحكم المطعون فيه خالف
القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله كما شابه البطلان من وجوه (أولها) أنه استبعد أحد
عناصر تحديد الأجرة وهو التحسين الذي أدخله المالك على المكان المؤجر بما قرره من أن
السكن الجديد لا يحتاج إلى تحسين مع أن هذا التحسين كان مقصوداً به ما أضافه المؤجر
على طابق المبنى الذي ارتفع به ويحوي الشقة موضوع النزاع، والذي قام بإنشائه في وقت
لاحق لإنشاء باقي المبنى وقد اتخذ الحكم من هذا الفهم الخاطئ قرينة على صورية ما ثبت
بها من عقد الإيجار بشأن أصل الأجرة، في حين أنه لا يجوز إثبات عكس ما ثبت كتابة إلا
بالكتابة و(ثانيها) أن الحكم استدل بالكشف الرسمي الصادر من البلدية على حقيقة الأجرة
رغم أن البلدية لم تكن خصماً في الدعوى، كما أن هذا الكشف لا يصلح دليلاً على قيمة
الأجرة و(ثالثها) أن الطاعن إذ سبق له وأجرى تخفيض الأجرة بواقع 20% اعتقاداً منه بانطباق
أحكام القانون رقم 168 سنة 1961 على هذا العقد، فإن الحكم المطعون فيه بإجرائه التخفيض
الوارد بالمادة الثانية من القانون رقم 7 سنة 1965 على الأجرة المخفضة يكون قد مكن
المستأجر من الحصول على تخفيض وهو الأمر المخالف لذلك القانون و(رابعها) أن قيام المؤجر
بالتخفيض الوارد بالقانون 168 سنة 1961 كان خطأ يفسد الرضا باعتباره غلطاً جوهرياً
في إدارة المتعاقدين وإغفال الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع الجوهري يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تحديد أجرة المساكن هو من مسائل النظام العام التي نص
المشرع على تأثيم مخالفة القواعد الواردة بشأنها وأن التحايل على زيادة هذه الأجرة
يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد عول في إثبات الأجرة القانونية على ما ثبت لديه من الكشف الرسمي والمكلفة
من أن الشقة المؤجرة استحدثت سنة 1962 وتم بناؤها سنة 1964 وتحددت أجرتها – بمبلغ 4
ج و36 م وأن ذلك يؤخذ منه أن إنشاء المسكن كان بعد صدور القانونين 168 سنة 1961 و169
سنة 1961 بفترة طويلة وأن أصل الأجرة التي ارتضاها المتعاقدان. هي 6 ج و210 م لا 9
ج، وأنه "إذا كان صحيحاً أنه لو أدخل المؤجر تخفيضاً على أجرة العين المؤجرة عملاً
بالقانونين رقمي 168 و169 سنة 1961 بطريق الخطأ فإنه لا يؤخذ بذلك وتكون العبرة بالأجرة
الأصلية المتعاقد عليها إلا أن الواضح هنا أنه لا خطأ يمكن نسبته إلى المستأنف لأن
ظروف الحال لا تسمح به على ما مر بيانه، كما أن عقد الإيجار أبرم بعد سنوات عديدة من
تاريخ صدور وإعمال القانونين سالفي الذكر فلا يتصور الخطأ في تطبيقهما، ثم أن الأجرة
التي تحددت بعد التخفيض عملاً بالقانون رقم 7 سنة 1965 هي 4 ج و36 م كما هو ثابت من
الصورة الفوتوغرافية للمكلفة عن العقار المملوك للمستأنف، وهذه الأجرة لا يمكن البلوغ
إليها إلا بإجراء التخفيض على مبلغ 6 ج و210 م بواقع 35% عملاً بالمادة الثانية من
القانون 7 سنة 1965، ومن الجدير بالذكر أن نص العبارة الواردة قبالة الأجرة في أعلا
العقد أي قبالة التسعة جنيهات يقطع في صورية الأجرة المذكورة، إذ تجري العبارة هكذا
أجر المثل والتحسين فأي تحسين هذا الذي يقصده المستأنف إذا كانت الشقة جديدة ولم يسكنها
أحد من قبل اللهم إلا أن يكون الأمر كله صورياً قصد به محاولة الوصول إلى أجرة يرتضيها
وتضمن له التخلص مما عساه يصدر من قوانين أخرى بالتخفيض وهو ما يبين منه أن الحكم المطعون
فيه استخلص من القرائن المجتمعة التي ساقها أن المؤجر لم يقع في أي خطأ بشأن القانون
الواجب التطبيق، وأن الأجرة الحقيقية الواجب إعمال التخفيض عليها هي 6 ج و210 م شهرياً،
وأن تلك الثابتة بهامش عقد الإيجار قصد بها التحايل على القانون، ولما كانت هذه القرائن
المتساندة التي ساقها الحكم تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها وكان لا
يجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها فإن الحكم المطعون
فيه بإجرائه التخفيض على الأجرة التي انتهى إلى أنها هي الأجرة الحقيقية لا يكون قد
خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا يغير من ذلك ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك بشأن
عبارة التحسين والواردة بهامش عقد الإيجار باعتباره زائداً عن حاجة الدعوى فلا يعيبه
الخطأ فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى في أسبابه بتخفيض الأجرة المتفق
عليها بعقد الإيجار وهو ما لم يطلبه الخصوم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الطاعن طلب إخلاء المطعون
عليه من العين المؤجرة لتأخره في الوفاء ببعض الأجرة المستحقة وذلك إعمالاً للفقرة
الأولى من المادة الثانية من القانون 121 لسنة 1947، وأجاب المستأجر بأنه إنما يقوم
بأداء الأجرة المستحقة قانوناً وأن المؤجر يطالبه بمبالغ تزيد عليها. لما كان ذلك وكان
بيان حقيقة القيمة الإيجارية والقدر الذي لم يوف به المستأجر منها للتحقق من تخلفه
عن أدائها يعتبر أمراً لازماً للفصل في طلب الإخلاء فإن الحكم المطعون فيه إذ تعرض
لبحث النزاع حول حقيقة الأجرة الواجبة على المستأجر وما يجب خصمه منها إعمالاً لأحكام
القانون الصادر بتخفيضها ليتمكن من البت في طلب إخلاء المستأجر بسبب عدم الوفاء بالأجرة
القانونية يكون قد فصل في مسألة داخلة في صميم المنازعة الإيجارية المطروحة على المحكمة
ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
