الطعن رقم 235 سنة 22 ق – جلسة 31 /03 /1952
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 3 – صـ 660
جلسة 31 مارس سنة 1952
القضية رقم 235 سنة 22 القضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وباسيلي موسى بك وحافظ سابق بك ومصطفى حسن بك المستشارين.
خطف طفل. القصد الجنائي يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من بيئته
وقطع صلته بأهله مهما كان غرضه من ذلك.
القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من بيئته وقطع
صلته بأهله مهما كان غرضه من ذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن المذكور في قضية الجناية رقم 1206 سنة 1950 أسوان المقيدة بالجدول الكلي برقم 49 لسنة 1950 بأنه بدائرة بندر أسوان مديرية أسوان خطف الطفل جمعة سليم أحمد الذي لم يبلغ من العمر ست عشر سنة كاملة، وكان ذلك بطريق التحايل بأن أوهمه بوجود ذهب ببلدته وأغراه على السفر إليها معه ليحضر من الذهب ما شاء لأهله فصدق منه هذا الزعم وصاحبه في السفر لهذا لغرض. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 288/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك، ومحكمة جنايات أسوان قضت فيها حضورياً بتاريخ 28 أكتوبر سنة 1951 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة جرس ميخائيل شنودة بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
من حيث إن حاصل الطعن هو أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالخطف
مع عدم توفر القصد الجنائي لديه، وقد أثار الدفاع عن الطاعن أمام المحكمة انتفاء هذا
القصد لديه ولكن المحكمة أغفلت التحدث عنه في حكمها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم دأب على الاتصال بأطفال
تتراوح أسنانهم بين الحادية عشرة والثانية عشرة ومن بينهم المجني عليه جمعه سليم أحمد
وكانت له طريقة في التقرب إليهم بأن كان ينتظرهم على مقربة من مدرستهم التي يتلقون
فيها العلم ويوزع عليهم بعض الحلوى والمأكولات وكان في حديثه معهم يغريهم بالسفر معه
على قرية الكشح مركز البلينا… حيث يملأ جيوبهم بالذهب ثم يعودون إلي أهلهم بعد أن
يصيبوا هذا الثراء، وظل على طريقته هذه حتى اعتقد المجني عليه صحة أقواله واتفق أنه
في يوم 2 من نوفمبر سنة 1950 الموافق 21 من محرم سنة 1370 ببندر أسوان أن ذهب المجني
عليه مسرعاً إلى منزل والديه حيث اختطف حذاء وجلباباً ثم خرج لا يلوي على شيء بعد أن
أفهم أمه أنه ذاهب إلى حفلة عرس عند بعض الجيران وكان هذا القول غير صحيح لأنه كان
قد وطد عزمه على أن يسافر مع المتهم إلى قريته السابق الإشارة إليها سعياً وراء الذهب
على حد قوله، وقد سافر معه فعلاً في القطار الذي يبرح هذه المدينة بعد ظهر ذلك اليوم،
ولما رجع أبوه سأل أمه عنه فأخبرته بما كان منه فتقدم ببلاغ عن الحادث… وانتهى الحال
بأن سافر أخو المتهم حيث حضر بالغلام بعد أن انقضى على غيابه أحد عشر يوماً حيث رجع
يوم 13 من نوفمبر سنة 1950". وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت هذه الواقعة تعرض
لدفاع الطاعن فقال: "وحيث إن الدفاع عن المتهم أشار إلى أن سفر المجني عليه معه إنما
كان برضاء أهله وهو قول لا يمكن التسليم به، فإن والد الغلام سئل أمام المحكمة فنفى
أنه كان يعلم العلاقة التي بين المذكور وولده وإنما كانت أمه (أي أم الغلام) ترى ولدها
مع المتهم المذكور، كما أنه نفي علمه بسفر ولده، أما حديث الذهب فإنه علم به بعد الحادث"
ثم قال في موضع آخر: "وحيث إن الدفاع عن المتهم قال إن سفر المجني عليه إنما كان تحت
بصر أمه وليس أبعد عن الحقيقة من هذا القول فإن المجني عليه لم يذكر لأمه شيئاً يتعلق
بهذا السفر وهي إن علمت بعلاقة ابنها بالمتهم فهي على التحقيق لم تطلع على ما بيته
المتهم لابنها في الخفاء من إغرائه على الهرب، وليس صحيحاً أن هذه العلاقة كانت غير
خافية على والدي المجني عليه، فإن أباه لم يكن يعلم قطعا مدى تغلغل المتهم في علاقته
بابنه. أما القول بأن والد المجني عليه إنما أقدم على التبليغ لأنه لم ينل من سفر ابنه
فائدة فعبث لا يستحق أن يناقش فالثابت أن والد المجني عليه ذكر في بلاغه الأول أن المتهم
أخذ ابنه وهرب به وهذه العبارة الأخيرة تقطع في أن الرجل لم يكن راضياً عن تصرف المتهم
على أية صورة من الصور". ولما كان القصد الجنائي في جريمة الخطف يتحقق بتعمد الجاني
انتزاع المخطوف من بيئته وقطع صلته بأهله مهما كان غرضه من ذلك، فإن الواقعة التي أثبتها
الحكم على الصورة السالفة تتحقق فيها أركان جريمة الخطف، كما هي معرفة به في القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
