الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 917 سنة 21 ق – جلسة 05/02/1952

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 3 – صـ 476

جلسة 5 من فبراير سنة 1952

القضية رقم 917 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.

المادة 41 من الدستور  مرسوم صادر بين دوري الانعقاد. عرضة على البرلمان في أول اجتماع له. بقاؤه نافذ المفعول إلى أن يقرر أحد المجلسين عدم إقراره.
إن المادة 41 من الدستور إذ نصت على أنه "إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد البرلمان ما يوجب الإسراع إلى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير فللملك أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون بشرط أن لا تكون مخالفة للدستور، ويجب دعوة البرلمان إلى اجتماع غير عادي وعرض هذه المراسيم عليه في أول اجتماع له فإذا لم تعرض أو لم يقرها أحد المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون" – فإنما ينصرف هذا النص إلى معنى واحد هو أن هذه المراسيم إذا عرضت على البرلمان في أول اجتماع له فإنها تظل نافذة المفعول إلى أن يقرر أحد المجلسين عدم إقراراها. ولا يؤثر في هذا النظر أن يكون قد انقضى على صدور المرسوم عدة سنوات عقدت فيها دورات مختلفة للبرلمان دون أن يصدر من أي من مجلسيه قررا في شأنه ما دام الدستور لا يشترط صدور قررا بتأييد المراسيم التي تصدرها السلطة التنفيذية بالتطبيق لنص المادة 41 من الدستور، وإنما هو يقضي باستمرار نفاذها ما لم يقرر أحد المجلسين عدم موافقته عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 – الدكتور شريف فتح الله حتاته، 2 – موريس البير بنيارة (الطاعن الأول)، 3 – مدام ناعوس كائيل، 4 – يوسف إيلي جاني 5 – السيد محمود عبد الكريم، 6 – محمد عبد الجابر خلاف (الطاعن الثاني) 7 – محمد كمال عبد الحليم بأنهم بدائرة قسم روض الفرح محافظة مصر أسسوا وأداروا في المملكة المصرية جمعية ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية لقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظاً في ذلك بأن نشطت هذه الجمعية للقضاء على طبقة الملاك والرأسماليين ولسيادة الطبقة العاملة وحكمها المطلق وإلغاء الملكية الخاصة بوسائل الإنتاج ونقلها للدولة، كل ذلك عن طريق خلق مجتمع مصري على غرار الوضع القائم في روسيا وبالأسلوب الثوري الذي اتبعه لينين وستالين في الثورة الروسية وبتحريض العمال على الاعتصاب والاعتداء على حق الغير في العمل وتحريضهم على بعض طائفة الملاك والرأسماليين تحريضاً من شأنه تكدير السلم العام. وطلبت معاقبتهم بالمواد 98/ 1 و98 هـ من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات مصر قضت بتاريخ 7 من أبريل سنة 1951 غيابياً للمتهم الأول وحضورياً للباقين أولاً – بإيقاف محاكمة المتهم الرابع يوسف إبلي جاني حتى يعود إليه من الرشد ما يكفي للدفاع عن نفسه، وبمعاقبة الدكتور شريف فتح الله حتاته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مائة جنيه مصري، وبمعاقبة مدام ناعوس كائيل بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمها مائة جنيه مصري، وبمعاقبة كل من موريس البير بنياره والسيد محمود عبد الكريم ومحمد عبد الجابر خلاف بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريم كل منهم خمسين جنيهاً مصرياً وذلك عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. وثانياً – بمصادرة المضبوطات. وثالثاً – منح المتهمين الثاني والثالثة والخامس والسادس المعاملة الخاصة بالفئة (أ) المنصوص عليها في لائحة السجون. ورابعاً – براءة المتهم الأخير محمد كمال عبد الحليم مما أسند إليه. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

… حيث إن الطاعن الأول، وإن قرر الطعن في الميعاد، إلا أنه لم يقدم لطعنه أسباباً، فطعنه لا يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن طعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن أول ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه طبق على واقعة الدعوى المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 الذي صدر بين دوري انعقاد البرلمان ولم يستكمل إلى اليوم الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادة 41 من الدستور تلك التي تقضي بزوال قوة المرسوم بقانون إذا هو لم يعرض على البرلمان أو لم يقره أحد المجلسين. ويقول الطاعن إن المادة المذكورة إذ استلزمت لاستمرار نفاذ المراسيم بقوانين أن يصدر قرار إيجابي بإقرارها من كلا المجلسين فإنه لا يجوز مطلقاً أن يحمل سكوت البرلمان في هذا المقام على معنى الإقرار، بل أنه إذا ما مضت مدة معقولة دون حصول الإقرار من أي المجلسين تحقق ذلك الشرط السلبي المقرر دستورياً لزوال قوة المرسوم بقانون، ولما كان قد انقضى على إيداع ذلك المرسوم الذي طبقه الحكم ست دورات متعاقبة دون إقراره وتخلل هذه الدورات انتهاء فصل تشريعي، وابتداء آخر جديد، ورغم ذلك لم يقره مجلس الشيوخ، فإن هذا المرسوم بقانون يكون قد فقد ما كان له من قوة القانون.
وحيث إن المادة 41 من الدستور إذ نصت على أنه "إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد البرلمان ما يوجب الإسراع إلى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، فللملك أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون بشرط أن لا تكون مخالفة للدستور، ويجب دعوة البرلمان إلى اجتماع غير عادي وعرض هذه المراسيم عليه في أول اجتماع له، فإذا لم تعرض أو لم يقرها أحد المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون" – فإنما ينصرف هذا النص إلى معنى واحد هو أن هذه المراسيم إذا عرضت على البرلمان في أول اجتماع له فإنها تظل نافذة المفعول إلى أن يقرر أحد المجلسين عدم إقرارها. ولما كان الطاعن لا ينازع في أن المرسوم الذي طبقه الحكم قد عرض على البرلمان وأن قراراً من أي من المجلسين لم يصدر بعدم إقراره، فإنه يكون قد ظل محتفظاَ بما له من قوة القانون. ولا يؤثر في هذا النظر ما يسوقه الطاعن من أنه قد انقضى على صدور هذا المرسوم عدة سنوات عقدت فيها دورات مختلفة للبرلمان دون أن يصدر من أي من مجلسيه قرار في شأنه ما دام الدستور لا يشترط صدور قرار بتأييد المراسيم التي تصدرها السلطة التنفيذية بالتطبيق لنص المادة 41 من الدستور، وإنما هو يقضي باستمرار نفاذها ما لم يقرر أحد المجلسين عدم موافقته عليها. وحيث إن الطاعن يضيف إلى ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد طبق المادة 98/ 1 المضافة إلى قانون العقوبات بالمرسوم بقانون سالف الذكر، وذلك رغم عدم توفر شروط انطباقها على الواقعة من حيث وجود جمعية ترمي إلى الأغراض المبينة بهذه المادة ومن ناحية أن استعمال القوة والإرهاب أو الوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظ في ذلك، أو أن الطاعن قد توافر له شروط الانضمام إلى جمعية من هذا النوع، وأن الحكم قد استند في ثبوت الواقعة عليه إلى ما وجد من مضبوطات في المنزل الذي يسكنه هو والمتهم الخامس وذلك دون أن يبين أيهما هو الذي أتي بهذه المضبوطات وعلى الرغم مما ثبت أمام المحكمة من شيوع حيازتها بينهما. كما استند إلى نتيجة تفتيش باطل ذلك أن إذن النيابة بالتفتيش قد اقتصر على شخص المتهم الخامس ومسكنه وصدر شفوياً دون كتابة ومع هذا فقد ثبت بالحكم أن التفتيش شمل شخص الطاعن ومسكنه رغم علم البوليس الذي قام به باستقلال المسكن المأذون بتفتيشه عن مسكن الطاعن – الأمر الذي لم يفت المتهم الخامس أن ينبه البوليس إليه وتنتفي معه كل شبهة تبرر الخلط بين المسكنين، هذا إلى أن القبض على الطاعن وتفتيش شخصه قد وقعا كذلك باطلين لعدم صدور إذن سابق بهما أو قيام أية حالة أخرى تبرر في القانون حصول هذا التفتيش بغير إذن. ويضيف الطاعن أن الحكم قد استند إلى تحقيقات تمت في ظل الأحكام العرفية وفي غير الأحوال التي شرعت لها تلك الأحكام قانوناً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجناية التي دان الطاعن بها وذلك بتطبيق لنص المادة 98/ أ من قانون العقوبات. فأثبتت وجود جمعية ترمي إلى تحقيق الأغراض المشار إليها بهذه المادة وأن استعمال القوة أو الإرهاب أو الوسائل الأخرى غير المشروعة كان ملحوظاً في ذلك كما أثبت أن الطاعن كان منضماً إلى تلك الجمعية عاملاً فيها، واستند في كل ذلك إلى أدلة من شأنها أن تؤدي في العقل والمنطق إلى ثبوت الواقعة قبل الطاعن. وتعرض لدفاعه ببطلان القبض والتفتيش المشار إليه بأسباب الطعن ورد عليه بما يفنده بأن أثبتت صدور إذن صحيح من وكيل النيابة المحقق بتفتيش المسكن الذي يقيم به المتهم الخامس مع الطاعن وأن هذا الأخير هو مستأجر المسكن برمته وباسم غير اسمه الحقيقي كما أثبت عدم قيام دليل على تخصيص جزء منه لأي من المتهمين وأنه قد ضبطت به أكداس من الأوراق الشيوعية آلة طباعة وأدواتها وأن بعض أوراق شيوعية للطاعن قد وجدت بالحجرة المقول إنها للمتهم الآخر وقال إن ضبط الأوراق والأدوات سالفة الذكر في المسكن المشار إليه وضبطه عند عودته إلى هذا المسكن بعد منتصف الليل متسمياً بغير اسمه الحقيقي بل باسم غير الذي تسمى به في عقد الإيجار كل ذلك مما يبيح القبض عليه لأنه مما يجعل الجريمة في حالة تلبس.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد قال عن التحقيقات الابتدائية "بأن الدعوى قد حققتها النيابة في حدود سلطتها الممنوحة لها بالقوانين المعمول بها وقت الحادث وقد أحيلت بعد ذلك هذه القضايا بحالتها إلى المحاكم العادية في حدود القانون أيضا على أن المحكمة قد تولت بعد ذلك كله تحقيق الدعوى من كافة وجوهها وسمعت فيها دفاع المتهمين بما لا يترك مجالاً للقول بانعدام التحقيقات السابقة أو بطلانها" وكان هذا الذي أثبته الحكم وقال به في صدد الرد على دفاع الطاعن صحيحاً في القانون ولا يجحد الطاعن أصله من الأوراق – فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً ويكون الطعن فيه بما تقدم على غير أساس ويتعين من أجل ذلك رفض هذا الطعن موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات