الطعن رقم 1181 لسنة 31 ق – جلسة 31 /01 /1988
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون – الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 – أخر فبراير سنة 1988) –
صـ 813
جلسة 31 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان المستشارين.
الطعن رقم 1181 لسنة 31 القضائية
نيابة إدارية – أعضاؤها – ترقية – مفهوم لفظ "الجدارة" في الترقية
– اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958.
وضع المشرع قاعدة تقضي بأن تكون ترقية أعضاء النيابة الإدارية بالأقدمية من الجدارة
– مفهوم الجدارة لا يقتصر على كفاية العضو وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله وإنما يتسع
ليشمل مسلكه وانضباطه داخل نطاق العمل وخارجه – ما يأتيه العضو من سلوك مؤثم لا بد
وأن ينال من جدارته وأهليته للترقية – تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 28/ 2/ 1985 أودع الأستاذ….. المحامي وكيلاً عن الأستاذ….
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1181 لسنة 31 القضائية عن الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 1/ 1985 في الدعوى رقم 3505 لسنة 37 القضائية
المقامة من الطاعن ضد السيدين رئيس الجمهورية ووزير العدل الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً
ورفضها موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 17 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطيه
في الترقية إلى وظيفة وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة
الثانية) التي نظرته بجلسة 29/ 11/ 1987 وبعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات
ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه أودعت مسودة الحكم مشتملة على أسبابه
عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة على ما يبين من الأوراق تجمل في أنه بتاريخ 27/ 4/ 1983
أقام…… الدعوى رقم 3505 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات والترقيات
طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 17
لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة
وترقيته إلى هذه الوظيفة من 17/ 1/ 1983 – تاريخ صدور القرار المطعون فيه – على أن
يكون سابقاً في ترتيب الأقدمية على كل من…. و…. وصرف الفروق المالية المترتبة على
ذلك وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال بياناً لدعواه أنه حصل على ليسانس الحقوق في مايو سنة 1975 بتقدير جيد جداً وعين
في النيابة الإدارية في 1/ 8/ 1976 في وظيفة مساعد نيابة وفي سنة 1978 عين في وظيفة
وكيل نيابة إدارية وقد قامت إدارة التفتيش الفني بالتفتيش على أعماله بنيابة سوهاج
الإدارية في المدة من 1/ 3/ 1981 إلى 31/ 5/ 1981 وقدرت كفايته بمرتبة (دون الموسط).
وأشارت إلى أن تقديرها جاء بعد الاطلاع على كل من تقرير التفتيش المؤرخ 13/ 5/ 1983
والملف السري الخاص به وأنه تظلم من هذا التقرير وقررت لجنة الاعتراضات بإدارة التفتيش
الفني بتاريخ 23/ 10/ 1982 قبول تظلمه شكلاً وفي الموضوع برفع كفايته إلى مرتبة (وسط)
وقد أعقب ذلك صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 17 لسنة 1983 بتاريخ 17/ 1/ 1983 المطعون
فيه متضمناً تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة رغم أن
ترتيبه الثاني بين المرقين بذلك القرار البالغ عددهم ثلاثون عضواً.
وردت النيابة الإدارية على الدعوى بمذكرة جاء بها أن قواعد الترقيات في الوظائف الفنية
بالنيابة الإدارية قد وردت في المادتين 28، 31 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة
1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية وكذلك القواعد التي أقرتها
اللجنة الخماسية للنيابة الإدارية بجلسة 27/ 2/ 1980 وقد نصت المادة 28 من قرار رئيس
الجمهورية المشار إليه على أن تكون الترقية بالأقدمية مع الجدارة وبينت المادة من هذا القرار مراتب الكفاية وهي كفء – فوق المتوسط – وسط – دون الوسط ونصت قواعد الترقيات
التي وافقت عليها اللجنة الخماسية بتاريخ 27/ 2/ 1980 على أن تكون ترقية وكلاء النيابة
على أساس الأقدمية مع الجدارة وتحدد الجدارة بحصول العضو المرشح للترقية على درجة (وسط)
في أخر تقرير لكفايته كما نص البند الرابع من هذه القواعد على أنه "يشترط للترقية في
جميع الوظائف خلو ملف العضو مما يمس مسلكه أو يحول دون ترقيته" وأضافت المذكرة أنه
وفقاً لهذه النصوص تكون شروط الترقية إلى درجة وكيل نيابة إدارية من الفئة الممتازة
هي الأقدمية من الجدارة التي تحدد بحصول المرشح على درجة (وسط) في أخر تقرير لكفايته
من خلو ملف مما يمس مسلكه أو يحول دون ترقيته وأنه إذا كان المدعي قد توافر في شأنه
شرطي الأقدمية والجدارة بحصوله على تقرير كفاية بمرتبة (وسط) وفقاً لما ارتأته لجنة
الاعتراضات في 23/ 10/ 1982 فإنه قد تخلف في شأنه شرط جوهري آخر وهو خلو ملفه مما يمس
مسلكه أو يحول دون ترقيته إذ أن ملفه قد احتوى على ثلاث ملاحظات وقدرت معها اللجنة
الخماسية للنيابة الإدارية بجلستها المنعقدة في 17/ 11/ 1982 للنظر في شغل الوظائف
الشاغرة إنما تمس مسلكه وتشكل خروجاً على مقتضيات وظيفته وإخلالاً بكرامته وهيبتها
لذا قررت تخطيه في الترقية إلى الوظيفة المذكورة.
وأودعت النيابة الإدارية رفق مستنداتها مذكرة التفتيش الفني بها بشأن بيان حالات الأعضاء
المقترح تخطيهم في الترقية التي أوردت بياناً بالملاحظات التي نسبت إلى المدعي جاء
به أنه بتاريخ 12/ 9/ 1981 وجهت إليه ملحوظة لما ثبت قبله من أنه بتاريخ 3/ 4/ 1981
طلب الملف الفرعي للقضية رقم 240 لسنة 1980 نيابة سوهاج من سكرتارية النيابة وهي قضية
حققها عضو نيابة آخر وسمح لصاحب مصلحة في تلك القضية وهو قريب له بالاطلاع على الملف
ونسخ صورة طبق الأصل من مذكرة التصرف في القضية دون الرجوع إلى الوكيل العام للنيابة
الإدارية وبالمخالفة للتعليمات التي تنظم الحصول على مثل تلك الصور وبتاريخ 15/ 11/
1981 وجهت إليه ملحوظة ثانية لما ثبت قبله في التحقيق رقم 3 لسنة 1981 إدارة عامة (الشكوى
المسلكية رقم 1 لسنة 1981) من أنه ارتاد دار السينما بنجع حمادي مساء يوم 19/ 10/ 1980
دون دفع ثمن تذكرة الدخول وبغير تصريح له من مدير السينما مما كان سبباً في تقرير هذا
الأخير وإثارة القيلة حول مسلكه الأمر الذي دعا عضوين من النيابة العامة للتقدم بمذكرة
بالواقعة إلى الوكيل العام للنيابة الإدارية وبتاريخ 22/ 9/ 1980 وجهت إليه ملحوظة
ثالثة لانقطاعه عن العمل المدة من 16/ 8/ 1980 حتى 20/ 9/ 1980 في غير حدود الإجازات
المقررة قانوناً مع حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع.
وبجلسة 10/ 1/ 1985 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وأقامت قضاءها
على أن ما نسب إلى المدعي بالملاحظات الثلاث آنفة الذكر إنما ينال من استقامة مسلكه
وهو يتقلد وظيفته من النيابة الإدارية تفرض عليه الالتزام بمقتضياتها والامتثال لتقاليدها
الأمر الذي ينفذه شرطاً أساسياً للترقية وهو شرط الجدارة وذلك على الرغم من حصوله على
تقرير الكفاية اللازم للترقية لأن ما نسب إليه يتحدد بمسلكه إلى ما دون الجدارة للترقية
إذ استقر العرف القضائي في سائر الهيئات القضائية على أن الأهلية للترقية لا تشمل الكفاية
الفنية فحسب بل يشترط ألا يكون في سلوك العضو ثمة ما ينال من اعتباره نظراً لخطورة
العمل القضائي وما ينبغي أن يتمتع به شاغله من ثقة واحترام.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن
مناط الترقية هو الجدارة مع الأقدمية وقد توافرا للطاعن ولا وجه للتذرع في تخطيه في
الترقية بما نسب إليه من مخالفات مسلكية لأن ذلك قد أخذ في الاعتبار عند النظر في تقدير
كفايته وتم على أساسه تجديدها بمرتبة (وسط) مما لا يسوغ معه إعادة ترتيب آثار أخرى
بسبب تلك المخالفات عند الترقية.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية
قد نص في المادة بأن تكون الترقية بالأقدمية مع الجدارة ولا جدال أن مفهوم الجدارة
في تطبيق ذلك النص لا يقتصر على كفاية العضو وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله دائماً
يتسع ليشمل مسلكه وانضباطه داخل نطاق العمل وخارجه وما يأتيه العضو من سلوك مؤثم لا
بد وأن ينال من جدارته وأهليته للترقية.
وحيث إنه على هذا المقتضى فإن ما نسب إلى الطاعن من ملاحظات على النحو السالف بيانه
يشكل سبباً سائغاً لتخطيه في الترقية بالقرار المطعون فيه وتضحى دعواه فاقدة لسندها
حقيقة برفضها وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد وافق حكم صحيح القانون
لما قام عليه من أسباب تأخذ بها هذه المحكمة الأمر الذي يضحى الطعن فيه قائماً على
غير سند من القانون ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن
المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
