الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 507 سنة 21 ق – جلسة 15/10/1951

أحكام النقض – المكتب الفني- جنائي
العدد الأول – السنة 3 ـ صـ 51

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1951

القضية رقم 507 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا ورئيس المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك المستشارين.

اشتراك. المادة 40 من قانون العقوبات. لا تستلزم أن يكون للشريك علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي.
إن المادة 40 من قانون العقوبات لا توجب لعقاب الشريك أن تكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي للجريمة، بل إن كل ما توجبه أن تقع الجريمة بناء على تحريضه على ارتكاب القتل المكون لها أو بناء على اتفاقه مع غيره على ارتكابها أياً كان ذلك الغير ومهما كانت صفته، إذ الشريك إنما هو في الواقع شريك في الجريمة يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة المتهم الأول: اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسني النية هما: عبد العظيم إبراهيم النحراوي ومحمد إسماعيل مصطفى من موظفي إدارة تحقيق الشخصية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي (شهادة تحقيق الشخصية رقم 10359) حال تحريرها المختص بوظيفتهما وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن تقدم المتهم المذكور للموظفين سالفى الذكر وطلب استخراج شهادة تحقيق شخصية باسم المتهم الرابع محمد رياض أحمد منتحلا شخصيته ببصماته وبشهادته زوراً للشخص المنتحلة شخصيته فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. والمتهمون الثاني والثالث والرابع اشتركوا بطريقي الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق المتهم الثالث حامد عبد اللطيف مع المتهم الرابع محمود رياض على استخراج شهادة شخصية للآخر خالية من السوابق وقدمه للمتهم الثاني محمد حسن السيد الذي اتفق معه على استخراج الشهادة المزورة فحرض هذا الأخير بدوره المتهم الأول واتفق معه على أن يتقدم للموظف بإدارة تحقيق الشخصية لطلب الشهادة منتحلاً شخصية المتهم الرابع ومتسمياً باسمه وقد تمت الجريمة الموضحة بالبند الأول بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. والمتهم الرابع استعمل الورقة المزورة سالفة الذكر بأن قدمها لإدارة المطبعة الأميرية مع علمه بتزويرها. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 3 و41 و211 و213 و214 و225 من قانون العقوبات للأول والمواد 40/ 1 ـ 2 و41 و211 و212 و213 من نفس القانون للباقين فقرر بذلك. ومحكمة جنايات مصر قضت عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة إبراهيم محمد عيسى بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبمعاقبة كل من محمد حسن السيد وحامد عبد اللطيف بالحبس مع الشغل لمدة سنتين ومعاقبة محمد رياض أحمد بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض..الخ


المحكمة

… من حيث إن الطاعنين الأول و الرابع وإن قررا الطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، فطعنهما لا يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن الطاعن الثاني يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه قد دانه بالاشتراك وآخرين بالتحريض والاتفاق مع موظفين عموميين حسني النية في تزوير محرر رسمي في حين أن الفعل المنسوب إليه مع افتراض التسليم به لا يبلغ حد الاشتراك المعاقب عليه في القانون لا بالتحريض ولا بالاتفاق ذلك لأنه في واقعة الدعوى المطروحة لم تتحد نية الشركاء على ارتكاب الفعل المتفق عليه والمحرض على ارتكابه هذا إلى اعتماد الحكم في قضائه على اعترافات باقي المتهمين قبل الطاعن دون أن تكون هذه الاعترافات مؤيدة بما يعززها وعلى الرغم مما شابها من تخاذل واضطراب. ويضيف الطاعن أنه تمسك بهذا الدفاع الأخير أمام المحكمة كما تمسك بطلب ملف خدمته ولكن المحكمة أغفلت هذا الدفاع ولم ترد عليه.
وحيث إن الطاعن الثالث يبني طعنه بدوره على القول بأن مساهمته في الواقعة قد اقتصرت على تقديمه المتهم الرابع إلى المتهم الثاني فقام هذا الأخير بتحريض المتهم الأول وبالاتفاق معه على أن يتقدم هذا المتهم الأول إلى الموظف المختص بطلب الشهادة منتحلاً شخصية المتهم الرابع، وقد بدأت الجريمة في هذه المرحلة الأخيرة التي لم يكن للطاعن دخل فيها ومن ثم فإن نشاطه لم يكن إيجابياً في الجريمة ولا يكون من قبيل الاشتراك المعاقب عليه في القانون، ويزيد الطاعن أن الحكم جاء قاصراً عن استظهار نية الطاعن في الاشتراك في عملية التزوير ذلك أنه بفرض التسليم بأن الطاعن كان يعلم بأن المتهم الثاني كان سيسلك طريقاً غير مشروع في استخراج شهادة خالية من السوابق للمتهم الرابع فإنه لا يبين من الواقعة أن طريق المتهم الثاني إلى ذلك كان التزوير بالذات ولم يكن طريق الوساطة أو الرشوة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الثاني والثالث "بالاشتراك بطريقي التحريض والاتفاق مع المتهم الأول في الاشتراك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي" قد استند في ذلك إلى القول "وحيث بالنسبة للمتهم الثالث فإن التهمة ثابتة قبله من أقوال المتهم الرابع محمد رياض بأن هذا المتهم بعد أن عرف أن له سابقة هو الذي أفهمه بأنه يمكنه استخراج شهادة له خالية من السوابق وأنه أحضر إليه المتهم الثاني محمد حسن السيد وأنهم طلبوا منه نظير ذلك عشرين جنيهاً انتهت إلى عشرة وأن هذا المتهم حضر إليه يوم تسليم الشهادة مع المتهمين الأول والثاني وحضر دفع النقود إلى المتهم الثاني محمد حسن السيد، وقد تأيدت أقوال المتهم الرابع بأقوال المتهم الثالث نفسه. إذ قرر تأييدا لأقوال المتهم الرابع بأن محمد حسن السيد هو الذي أفهم المتهم الرابع أنه يستطيع استخراج شهادة خالية له وأنه هو (أي المتهم الثالث) وافق على أن يكون دفع المبلغ بعد استخراج الشهادة وأن محمد حسن السيد أحضر إليه الإيصال الدال على دفع المتهم الرسم ثم أحضر إليه ثلاثة إيصالات أخرى ثم حضر دفع المبلغ من أخي المتهم الرابع إلي المتهم الثاني ثلاثة وهي تصرفات تقطع جميعها في أنه كان لهذا المتهم دور مهم ومصلحة هامة في الدور الذي لعبه المتهم الثاني وتنفي أنه كان بعيداً عن هذه العملية لأنه لو كان بعيداً لما اشترك في شيء من هذا بل الواقع أنه كان صاحب الدور الرئيسي في هذه العملية إذ أنه كان يعرف الطريق الذي يسلكه المتهم الثاني في الحصول على الشهادات المزورة وأنه كان يساعده على ذلك بأن يحضر له أصحاب الحاجات ويتوسط بينهما ويساعدهما على نهو هذه العملية يؤيد هذا ما أثبته الضابط محمد عز الدين عبد المنعم أفندي أنه لما عرض عليه استخراج شهادة بيضاء لصديق له – له سوابق – عرفه أنه يمكن ذلك كما أمكنه استخراج شهادة وهو ما يؤكد أنه لم يكن بعيداً عن العملية كما يدعي. وحيث إنه عن المتهم الثاني فإن التهمة ثابتة قبله من أقوال محمد رياض بأن هذا المتهم هو الذي أفهمه أنه يستطيع استخراج شهادة بيضاء رغم علمه منه بأن له سابقة وأنه اتفق معه على أن يأخذ عشرة جنيهات نظير هذا العمل وأنه أخذه إلى إدارة تحقيق الشخصية وحصل منه على صورتين تركهما له وللمتهم الأول وانصرف وأنه أحضرها بعد ذلك وكان يرافقه وقتئذ المتهمان الأول والثالث وحصل منه على العشرة جنيهات، وقد تأيدت أقوال المتهم الرابع قبل المتهم الثاني المذكور باعتراف المتهم الأول بأن المتهم الثاني المذكور هو الذي أخذه لإدارة تحقيق الشخصية وأفهمه أنه يريد أن يستخرج شهادة باسم محمد رياض وأنه دفع الرسوم اللازمة لذلك وأفهمه أن يتسمى باسم محمد رياض أمام محرر الاستمارة وعامل البصمة فتقدم لها بهذا الاسم استجابة لرغبته، وتم تحرير الشهادة بناء على هذه الإجراءات وأنه حضر معه بعد ذلك وقت استلامه لمبلغ الأجر وتأيدت أقوال المتهم الرابع بأقوال المتهم الثالث بأن المتهم الثاني المذكور هو الذي عرض على المتهم الرابع استخراج الشهادة بيضاء رغم علمه بأن له سابقة وأنه هو الذي أحضر الشهادة خالية من السوابق بعد ذلك عليها صورة محمد رياض وأنه هو الذي حصل على مبلغ الأجر ولذلك فإنكار المتهم الثاني لا يفيده لأنه إن طعن على المتهم الأول بأنه يتحامل عليه لأنه رفض أن يزوجه من أخته فإنه لم يتقدم بطعن ما على أقوال المتهمين الثالث، والرابع". ولما كان يبين من ذلك أن اشتراك كلا الطاعنين في الجريمة قد تكون من أعمال إيجابية، وأن المحكمة قد استخلصت اتحاد نية الطاعنين على ارتكاب الفعل المتفق عليه كما استخلصت تحريضهما على ارتكابه استخلاصاً سائغاً في العقل وكانت المادة 40 من قانون العقوبات لا توجب لعقاب الشريك أن تكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي للجريمة بل كل ما توجبه أن تقع الجريمة بناء على تحريضه على ارتكاب الفعل المكون لها أو بناء على اتفاقه مع غيره على ارتكابها – أياً كان ذلك الغير ومهما كانت صفته وكان الشريك يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه، وكان الشريك إنما هو في الواقع شريك في الجريمة. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعتمد على اعتراف متهم على متهم متى اطمأنت هي إلى هذا الاعتراف ووثقت به ولو كان هذا الاعتراف غير مؤيد بدليل آخر بل ولو كان قد عدل عنه صاحبه وكان في تعويل المحكمة على اعتراف المتهمين الآخرين على الطاعن الثاني ما يتضمن بذاته الرد على ما دفع به الطاعن هذا الاعتراف، وكان الثابت بمحضر الجلسة أن الطاعن المذكور لم يتمسك بطلب ملف خدمته وإنما هو بصدد الإشارة إلى حسن سيرته قد ترك الخيار للمحكمة في طلب ملفه تحقيقاً لهذا الدفاع. لما كان كل ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً ويكون ما يثيره الطاعنان في طعنهما على غير أساس ويتعين من أجل ذلك رفض الطعن موضوع.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات