الطعن رقم 2013 لسنة 32 ق – جلسة 17/12/1962
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثالث – السنة 13 – صـ 853
جلسة 17 من ديسمبر سنة 1962
برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبرى.
الطعن رقم 2013 لسنة 32 القضائية
تفتيش "حالة الضرورة" مأمورو الضبط القضائى. حكم "تسبيبه. ما يعيبه".
تفتيش المنازل. من إجراءات التحقيق. لا يجوز إجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق أو بأمر
منها. استثناء من ذلك: الأحوال التى أباح فيها القانون- على سبيل الحصر – لمأمورى الضبط
القضائى تفتيش منازل المتهمين.
دخول المنازل لغير تفتيشها. هو مجرد عمل مادى قد تقتضيه حالة الضرورة.
أحوال طلب المساعدة من الداخل والغرق والحريق المنصوص عنها فى المادة 45 اجراءات. تجيز
لرجال السلطة العامة دخول المنازل. هذه الأحوال لم ترد على سبيل الحصر. يضاف إليها
حالات الضرورة. مثال: تعقب المتهم بقصد تنفيذ أمر ضبطه وتفتيشه.
القضاء ببطلان تفتيش شخص المتهم فى منزله، لأن الاذن لم يشمل المنزل. خطأ فى تطبيق
القانون.
الأصل أن تفتيش المنازل إجراء من اجراءات التحقيق يقصد به البحث عن الحقيقة فى مستودع
السر، ولا يجوز اجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق أو بأمر منها، إلا فى الأحوال التى
أباح فيها القانون لمأمورى الضبط القضائى تفتيش منازل المتهمين والتى وردت على سبيل
الحصر. أما دخول المنازل لغير تفتيشها فلا يعد تفتيشا بل هو مجرد عمل مادى قد تقتضيه
حالة الضرورة. دخول المنازل، وإن كان محظورا على رجال السلطة العامة فى غير الأحوال
المبينة فى القانون، وفى غير حالة طلب المساعدة من الداخل وحالتى الغرق والحريق – إلا
أن هذه الأحوال الأخيرة لم ترد على سبيل الحصر فى المادة 45 اجراءات، بل أضاف النص
إليها ما شابهها من الأحوال التى يكون أساسها قيام حالة الضرورة بحيث يمكن أن يكون
من بينها تعقب المتهم بقصد عرقلة تنفيذ أمر ضبطه وتفتيشه. لما كان ما تقدم، وكان الأمر
قد صدر من سلطة التحقيق بضبط المتهم "المطعون ضده" وتفتيشه وقد اقتضت ضرورة تنفيذ هذا
الأمر تعقب رجل الضبط القضائى المأذون بضبطه فى مسكنه حيث قام بضبطه وتفتيش شخصه دون
مسكنه، فلم يجاوز مأمور الضبط القضائى حدود الإذن الصادر إليه، ويكون الحكم المطعون
فيه إذ قضى ببطلان التفتيش – إستنادا إلى أن الاذن لم يشمل منزل المتهم – قد أخطأ فى
تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 17/ 5/ 1960 بدائرة بندر الزقازيق محافظة الشرقية: أحرز جواهر مخدرة "حشيشا وأفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33/ 1 – جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 وبندي 1 و2 من الجدول. فقررت الغرفة ذلك. وأمام محكمة جنايات الزقازيق دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش تأسيسا على أن إذن النيابة لم يشمل تفتيش منزل المتهم. وبجلسة 16/ 1/ 1961 قضت المحكمة حضوريا ببراءة المتهم مما نسب إليه ومصادرة المواد المخدرة وأعفته من المصاريف. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون
فيه قضى بقبول الدفع الذى أبداه المطعون ضده ببطلان تفتيش منزله تأسيسا على أن إذن
التفتيش الصادر من النيابة العامة اقتصر على ضبط المتهم وتفتيشه دون أن يشمل تفتيش
منزله، فى حين أنه من المقرر أن تفتيش الشخص يستلزم القبض عليه فى أى مكان يوجد به،
ودخول المنازل لتنفيذ أمر ضبط المتهم لا يعد تفتيشا للمنزل بل هو مجرد عمل مادى اقتضته
حالة الضرورة وفقا للمادة 45 من قانون الاجراءات الجنائية، وأن المحكمة إذ قضت بقبول
الدفع وبراءة المطعون ضده تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إن ضابط مباحث بندر الزقازيق
علم من تحرياته أن المتهم "المطعون ضده" يتجر فى المواد المخدرة فحرر بذلك محضرا بتاريخ
15/ 5/ 1960 وعرض الأمر على السيد وكيل النيابة الذى أذن بضبط وتفتيش المتهم لضبط ما
يوجد لديه من مواد مخدرة وندب لذلك أحد السادة رجال الضبطية القضائية ببندر الزقازيق
أو من يندبه لذلك على أن يتم ذلك خلال سبعة أيام من تاريخ هذا الإذن الصادر فى 15/
5/ 1960 الساعة 8 والدقيقة 15 مساء. وبتاريخ 17/ 5/ 1960 انتدب السيد ضابط المباحث
الكونستابل الممتاز محمد عبد اللطيف الكتاتنى لتنفيذ هذا الإذن وتفتيش مسكن المتهم.
وتنفيذا لذلك انتقل الكونستابل إلى منزل المتهم ومعه المخبر عبد الغنى محمد عمر فوجد
الباب الخارجى مفتوحا فدخل مع المخبر وشاهد المتهم يجلس بمفرده في ردهة المسكن فأمسك
به وقام بتفتيشه فعثر فى جيب الصديرى الأيسر الذى يرتديه على جورب يحتوي على 13 لفافة
من ورق السلوفان تحوى مخدرا "حشيشا" ولفافة بها أفيون. وقد وافق المخبر عبد الغنى محمد
عمر السيد الكونستابل فيما قرره وأنكر المتهم ضبط المخدر معه، وتبين من تقرير المعامل
بالطب الشرعى أن المضبوطات عبارة عن حشيش وأفيون كما تبين أن جيوب صديرى المتهم خالية
من أثر أى مادة يشتبه فيها". ثم عرض الحكم إلى الدفع الذى أبداه المطعون ضده ببطلان
التفتيش تأسيسا على أن الإذن لم يشمل تفتيش المنزل، وقضى بقبول الدفع فى قوله "إنه
طبقا لنص المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية التى تحرم على رجال السلطة الدخول
فى أى محل مسكون إلا فى الأحوال المبينة فى القانون أو فى حالة طلب المساعدة من الداخل
أو فى حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك يكون التفتيش وقع باطلا خصوصا وأن التفتيش
المحظور على مأمورى الضبط القضائى إجراؤه إلا بترخيص من القانون أو بإذن من السلطة
القضائية هو الذى يقع فى منزل أو على شخص، أى الذى يتعرض فيه مأمور الضبطية القضائية
لحرية المساكن أو لحرية الأشخاص. ويبين من كل ما تقدم أن السيد الكونستابل قام بتفتيش
مسكن المتهم بدون إذن من النيابة فيكون هذا التفتيش باطلا". وانتهى الحكم إلى القضاء
ببراءة المطعون ضده إستنادا إلى خلو الأوراق من أى دليل آخر سوى الدليل المستمد من
التفتيش الباطل. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق
يقصد به البحث عن الحقيقة فى مستودع السر، ولا يجوز اجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق
أو بأمر منها، إلا فى الأحوال التى أباح فيها القانون لمأمورى الضبط القضائى تفتيش
منازل المتهمين والتى وردت على سبيل الحصر. أما دخول المنازل لغير تفتيشها فلا يعد
تفتيشا بل هو مجرد عمل مادى قد تقتضيه حالة الضرورة. ودخول المنازل، وإن كان محظورا
على رجال السلطة العامة فى غير الأحوال المبينة فى القانون، وفى غير حالة طلب المساعدة
من الداخل، وحالتى الغرق والحريق – إلا أن هذه الأحوال الأخيرة لم ترد على سبيل الحصر
فى المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية، بل أضاف النص إليها ما شابهها من الأحوال
التى يكون أساسها قيام حالة الضرورة بحيث يمكن أن يكون من بينها تعقب المتهم بقصد تنفيذ
أمر ضبطه وتفتيشه. لما كان ما تقدم، وكان الأمر قد صدر من سلطة التحقيق بضبط المطعون
ضده وتفتيشه وقد اقتضت ضرورة تنفيذا هذا الأمر تعقب رجل الضبط القضائى المأذون بضبطه
فى مسكنه حيث قام بضبطه وتفتيش شخصه دون أن يفتش مسكنه، فلم يجاوز مأمور الضبط القضائى
حدود الإذن الصادر إليه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان التفتيش – استنادا
إلى أن الإذن لم يشمل منزل المتهم – قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه والإحالة.
