الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 2624 لسنة 32 ق – جلسة 26/11/1962

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثالث – السنة 13 – صـ780

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى, وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركى.


الطعن رقم 2624 لسنة 32 القضائية

اغتصاب الأموال. نقض "أسبابه. ما لا يقبل منها". إثبات "اعتراف".
(أ) الحصول على صور فوتوغرافية للمجنى عليه فى وضع شائن. تهديده بنشر هذه الصور إذا لم يدفع مبلغا من المال. ذلك من شأنه تعطيل إرادة المجنى عليه وترويعه مما يحمله على تسليم المال إلى الجانى، وتتوفر به كافة عناصر جريمة المادة 326 عقوبات.
(ب) القول بأن الاعتراف كان وليد إكراه وقع على المتهم أثناء التحقيق. لا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1- إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن أنه تمكن خلسة من التقاط صور للمجنى عليه وهو فى وضع مناف للآداب ثم قابله بعد ذلك وهدده بنشر هذه الصور للتشهير به إن لم يدفع له مبلغ مائتى جنيه، فإن هذا يعد بيانا كافيا على أن الطاعن قد ارتكب الجريمة مع علمه بأنه يغتصب مالا لا حق له فيه قانونا مستوخيا فى ذلك تعطيل إرادة المجنى عليه بطريق التهديد بالتشهير به بما من شأنه ترويع المجنى عليه بحيث يحمله على تسليم المال الذى طلبه منه، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة المسندة إليه.
2- لا يقبل من الطاعن أن يثير أمام محكمة النقض لأول مرة أن الاعتراف المنسوب إليه قد صدر منه عن إكراه، ما دام لا يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن أو المدافعين عنه قد أثار أى منهم أن ثمت إكراها ماديا قد وقع فى أثناء التحقيق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 24/ 6/ 1961 بدائرة قسم عابدين: شرعوا فى الحصول على المبلغ المبين بالمحضر لـ…… بطريق التهديد، وأوقفت الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبطهم والجريمة متلبسا بها. وطلبت عقابهم بالمواد 45 و47 و326 من قانون العقوبات. وأمام محكمة عابدين الجزئية دفع المتهمون ببطلان إجراء القبض والتفتيش لعدم قيام حالة التلبس. وبتاريخ 4 فبراير سنة 1962 قضت المحكمة حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وكفالة 200 قرش لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. وقد ردت المحكمة فى أسباب حكمها على الدفع ورفضته. فاستأنف المتهمون هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 20 مايو سنة 1962 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 55، 56 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائى الذى قضى بادانة الطاعن بجريمة الشروع فى الحصول على مال بطريق التهديد قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال كما أخطأ فى الإسناد، ذلك بأنه لم يورد فى بيان كاف مؤدى الأدلة استند إليها فى ادانته مكتفيا بتأييد الحكم الابتدائى لأسبابه دون أن يشير إلى أقوال المجنى عليه وشاهد الإثبات اللذين سمعا فى مرحلة المحاكمة الاستئنافية وشهدا بعكس ما اسنده الحكم الابتدائى إليهما. كما أن الحكم لم يبين الواقعة المسندة إلى الطاعن والأركان القانونية للجريمة. هذا فضلا عن أنه اعتمد على أقوال المجنى عليه مع أن له ثلاث روايات مختلفة عن بعضها البعض فى التفاصيل الجوهرية، ولم يبين الحكم أيا من هذه الروايات هى التى عول عليها فى الادانة. كما أن ما استخلصه الحكم من عدم ثبوت صحة ما تضمنته التحقيقات الإدارية التى أجريت بناء على البلاغات التى تقدم بها الطاعن والمتهمان معه فى الدعوى ضد نائب مأمور قسم الموسكى والمحقق الذى تولى ضبط الواقعة بقسم عابدين لاتهام الأول بالتدخل فى التحقيق لصلة الصداقة التى تجمعه بالمجنى عليه واتهام ثانيهما بإثباته أقوالا على لسان المتهمين لم يدلوا بها – ما استخلصه الحكم من ذلك تحصيلا من المذكرة المؤرخة 3/ 9/ 1961 يخالف المثبت بها، إذ تضمنت أن كل ما ورد فى بلاغ الطاعن صحيح. فضلا عن أنه لا توجد بأوراق الدعوى مذكرة تحمل التاريخ الذى أشار إليه الحكم، بل إن المذكرة الخاصة بالتحقيقات الإدارية مؤرخة 16/ 7/ 1961، وقد تضمنت فى نهايتها رأى المحقق من إنذار نائب مأمور قسم الموسكى لتصرفه بما يجعله فى موقف الساعى لدى المتهمين للنزول عن شكواهم، ومجازاة عامل تليفون قسم الموسكى لمحاولة التنصل من ذكر الحقيقة. كما نسب الحكم إلى العريف أحمد الفولى جابر مندوب الشرطة العسكرية – الذى حضر التحقيق بمناسبة القبض على المتهم الثالث فى الدعوى – أنه قرر أن المتهمين، ومن بينهم الطاعن، اعترفوا للمحقق شفويا بواقعة وجود الصور التى نسب إلى المتهمين التقاطها للمجنى عليه فى وضع مناف للاداب، إلا أن المتهم الأخير عاد فأنكر لدى سؤاله تفصيلا إحرازه مثل هذه الصور فى حين أن أقوال هذا الشاهد تفيد أن إنكار حيازة الصور ينصرف إلى جميع المتهمين لا إلى المتهم الأخير فحسب. يؤيد هذا ما شهد به الشاهد أمام المحكمة الاستئنافية من نفيه اعتراف المتهمين بالتقاطهم صورا وهو ما أنكروه عند سؤالهم فى تحقيقات الشرطة. هذا فضلا عن اعتداء نائب مأمور قسم الموسكى عليهم بالضرب، الأمر الذى سجله المتهمون فى شكواهم التى قدموها إلى النيابة العامة. وإذ كان هذا الإكراه ثابتا فى الأوراق فإنه يجوز للطاعن أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان من المتعين على الحكم أن يبين عليه إطراحه إنكار الطاعن وتعويله على الاعتراف المنسوب إليه بعد عدوله عنه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما محصله أن المجنى عليه تعرف بالطاعن وباقى المتهمين معه فى الدعوى بمناسبة طلب أحدهم منه توصيلهم بسيارته إلى مصر الجديدة لانقطاع المواصلات، وتوطدت بينه وبينهم الصلة وتردد عليهم بمنزل الطاعن حيث احتفوا به وقدموا له فى إحدى المرات نساء وخمرا، واستقضوه خمسين جنيها مقابل ذلك وفى المرة الأخيرة تلقى دعوتهم وتناولوا جميعا الخمر حتى ثملوا وكان فى هذه الأثناء يسألهم عن النسوة اللائى وعدوه بإحضارهن. وفى آخر الليل شاهد امرأة دعته إلى حجرة النوم ولما لبى دعوتها اكتشف بعد خلع ملابسهما أنها غلام، وفوجئ بالمتهم الثانى يخرج عليهما من خلف مشجب بالغرفة ويلتقط لهما صورا وهما فى وضع مناف للاداب، فثار المجنى عليه ولم يتمكن من الحصول على آلة التصوير لهرب المتهم بها فغادر المنزل. ثم قابله المتهمون ومن بينهم الطاعن وهددوه بنشر الصور إن لم يدفع لهم مائتى جنيه وإلا أرسلوها إلى نقابة المهندسين التى يتبعها المجنى عليه وإلى أقاربه للتشهير به، فأيقن أنه وقع فى شراك عصابة لابتزاز ماله، وأبلغ بالحادث حيث تم ضبط المتهمين متلبسين. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن ومن معه أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه ومن ضبط النقود مع الطاعن بمجرد تناولها من المجنى عليه ومن اعتراف الطاعن وباقى المتهمين شفويا بالتقاطهم صورا للمجنى عليه فى وضع مخل. ذلك الاعتراف الذى أيد صدوره فى المتهمين العريف أحمد الفولى جابر مندوب الشرطة العسكرية الذى حضر التحقيق مع المتهم الأخير، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن فى بيان كاف إقدامه على ارتكاب الجريمة مع علمه بأنه يغتصب مالا لا حق له فيه قانونا متوخيا فى ذلك تعطيل إرادة المجنى عليه بطريق التهديد بالتشهير به بما من شأنه ترويع المجنى عليه بحيث يحمله على تسليم المال الذى طلبه منه، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى الأدلة التى عول عليها فى الإدانة، وليس هناك ما يمنع من أن يتخذ الحكم الاستئنافى أسباب الحكم الابتدائى أسبابا لما قضى به وعندئذ تكون هذه كأنها جزء من الحكم الاستئنافى. ولا يعيب الحكم المطعون فيه أن يلتفت عن أقوال الشهود الذين سمعوا أمام المحكمة الاستئنافية لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بقول للشاهد فى إحدى مراحل التحقيق ولو خالف قولا آخر له أمامها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من ركونه إلى أقوال المجنى عليه على رغم تعدد رواياته مردودا بأنه بفرض أن له عدة روايات فإن من سلطة قاضى الموضوع أن يجزئ أقوال الشاهد وأن يلتفت عما بينها من خلاف ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره. ولا يقبل من الطاعن معاودة الجدل فى ذلك أمام محكمة النقض طالما أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ فى الاسناد مردودا بأنه لا يجادل فيما أورده الحكم نقلا عن المذكرة المصاحبة للتحقيق الادارى من أنه لم يثبت صحة البلاغات التى قدمت ضد النقيب الذى قام بضبط الواقعة بل انه قصر منازعته على ما قال به من أن نائب مأمور قسم الموسكى قد رؤى إنذاره لما نسب إليه من تصرف ينطوى على السعى لدى المتهمين بالنزول عن شكواهم. وإذ ما كان الحكم قد التفت عن هذا الرأى بفرض قيامه فانه لا ضير عليه فى ذلك لبعد هذه الواقعة عن سياق اقتناعه، وعدم تأثيرها فى قضائه وفى النتيجة التى انتهى إليها. وبفرض ما يقول به الطاعن من عدم صحة تاريخ المذكرة كما أورده الحكم، فلا أثر لهذا على منطقه لكونه من قبيل الخطأ المادى الذى لا يعيبه. ولما كان ما أورده الطاعن فى خصوص ما استدل به الحكم من أقوال العريف أحمد الفولى جابر فى صدد تأييده صدور الاعتراف الشفوى من المتهمين فى محضر ضبط الواقعة بوجود الصور معه وقصره الانكار بعد ذلك على المتهم الأخير عند سؤاله تفصيلا – وما أورده من ذلك يتفق وما استظهره الحكم فلا تقبل المجادلة فى هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافعين عنه قد أثار أى منهم أن ثمت اكراها ماديا قد وقع عليه فى أثناء التحقيق معه فلا يقبل من الطاعن أن يثير أمام محكمة النقض لاول مرة أن الاعتراف المنسوب إليه قد صدر منه عن اكراه. ولما كان تقدير قيمة الاعتراف وقيمة العدول عنه من المسائل الموضوعية التى يفصل فيها قاضى الموضوع بلا معقب عليه، فلا حرج على المحكمة إذا هى آخذت الطاعن باعترافه الاولى فى محضر جمع الاستدلالات على رغم عدوله عنه بعد ذلك، ما دامت قد اطمأنت إليه وارتاحت إلى صدوره عنه. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات