الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1178 لسنة 32 ق – جلسة 12/11/1962

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثالث – السنة 13 – صـ 729

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وأحمد موافى.


الطعن رقم 1178 لسنة 32 القضائية

(أ) رابطة السببية. قتل خطأ. حكم "تسبيبه. ما يعيبه".
الحكم بالإدانة فى جريمة قتل الخطأ. إغفال التدليل على قيام رابطة السببية بين إصابات المجنى عليه وبين وفاته استنادا إلى دليل فنى. قصور يعيب الحكم. ولو كانت العقوبة المقضى بها تدخل فى نطاق عقوبة الإصابة الخطأ ما دام توقيع هذه العقوبة أساسه ثبوت جريمة القتل الخطأ.
(ب) دعوى مدنية. تعويض. خطأ مشترك. استئناف. حكم "تسبيبه. ما يعيبه".
تعديل قيمة التعويض التى قضى بها الحكم المستأنف. الاستناد فى ذلك إلى القول بإسهام المجنى عليه فى الخطأ، على خلاف ما جرى به الحكم المستأنف مع الأخذ بأسبابه ودون بيان لمدى هذا الاشتراك فى الخطأ. قصور فى الحكم يستوجب نقضه.
1- إذا كان الحكم الابتدائى – المؤيد بالحكم المطعون فيه – وإن عرض لإصابات المجنى عليه من واقع أوراق علاجه والتقرير الطبى الموقع عليه قبل وفاته، إلا أنه حين دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ لم يدلل على قيام رابطة السببية بين تلك الإصابات وبين وفاة المجنى عليه استنادا إلى دليل فنى مما يصمه بالقصور الذى يعيبه. ولا يقدح فى هذا أن تكون العقوبة المقضى بها على الطاعن، وهى الحبس لمدة ستة أشهر، تدخل فى نطاق عقوبة الإصابة الخطأ، ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أوقع تلك العقوبة على أساس ثبوت مقارفة الطاعن جريمة القتل الخطأ ونزل بالعقوبة إلى هذا القدر لإعتبارات الرأفة التى إرتآها فوصل بذلك إلى الحد الأقصى لعقوبة الإصابة الخطأ المبينة بالمادة 244 عقوبات قبل تعديلها بالقانون رقم 120 لسنة 1962.
2- متى كان الحكم الابتدائى – الذى اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه – قد حصر الخطأ فى الطاعن وحده دون المجنى عليه، فان استطراد الحكم المطعون فيه – مع أخذه بأسباب الحكم المستأنف – إلى القول باسهام المجنى عليه فى الخطأ فضلا عن قصوره فى بيان مداه يكشف عن اضطراب فى بيان الواقعة بحيث لا يستطاع استخلاص صورة واضحة لها مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى ليلة 10/ 3/ 1958 بدائرة مركز الزقازيق: تسبب من غير قصد ولا تعتمد فى قتل محمد طلعت محمد مصطفى وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجنى عليه وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدنى كل من نعيمه متولى أبو العينين عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر واسماعيل محمد مصطفى حسب الله وطلبا القضاء لهما بمبلغ 8000 ج على سبيل التعويض قبل المتهم ووحيد الدين عبد الخالق بصفته المسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة الزقازيق الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 7 يوليو سنة 1958 عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة 2000 ألفى قرش لوقف التنفيذ وإلزامه مع المسئول بالحق المدنى متضامنين أن يدفعا للمدعية الأولى عن نفسها وبصفتها مبلغ 4000 ج وإلى المدعى الثانى مبلغ 100 ج وإلزامهما كذلك المصروفات ومبلغ 800 قرش أتعابا للمحاماة وشملت الحكم بالتعويض بالنفاذ المؤقت وبلا كفالة. استأنف كل من المتهم "الطاعن" والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعيين بها هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 15/ 1/ 1961 بقبول الاستئنافات شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وبإلزامه متضامنا مع المسئول بالحقوق المدنية بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية نعيمة متولى أبو العينين عن نفسها وبصفتها وصية مبلغ ألف وخمسمائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما وبإلزام المتهم متضامنا مع المسئول بالحقوق المدنية بأن يدفع للسيد/ اسماعيل محمد مصطفى حسب الله مبلغ خمسة وعشرين جنيها والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما وألزمت المدعيين بالحقوق المدنية مصاريف استئنافهما ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأعفت المتهم من المصاريف الجنائية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض … الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم الابتدائي القاضي بادانته بجريمة القتل الخطأ والزامه التعويض بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية قد شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن المدافع عنه تمسك بانقطاع صلة الإصابات التى نسب إليه أحداثها بالمجنى عليه بوفاته، ولكن الحكم ساءله عن هذه النتيجة دون أن يبين قيام هذه الصلة، كما أن الحكم بعد أن تبنى أسباب الحكم الابتدائى التى قامت على أساس حصر الخطأ فى الطاعن وحده عاد فسلم بأن المجنى عليه أسهم فى هذ الخطأ دون أن يبين نوعه أو مقداره على رغم أهمية ذلك فى الدعوى وأثره فى تحديد مقدار التعويض، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بينما كان الطاعن يقود سيارة "أمنيبوس" فى مساء يوم 10/ 3/ 1958 بدائرة بندر الزقازيق صدم المجنى عليه فأحدث إصاباته المبينة بالتقارير الطبية والتى نقل من أجلها إلى المستشفى حيث ظل بها تحت العلاج إلى أن أخرج منها يوم 23/ 3/ 1958 كطلب ذويه وتوفى فى اليوم ذاته، فصرحت النيابة بدفنه اكتفاء بالكشف الطبى الذى وقع عليه فى حال حياته، وخلص الحكم من ذلك إلى ثبوت خطأ الطاعن بتهوره وعدم حيطته وإسراعه بالسيارة فى مكان لا يصح الاسراع فيه وانتهى إلى إدانته بجريمة قتل المجني عليه خطأ. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن ردد فى مرحلتى التقاضى تمسكه بانقطاع الصلة بين الإصابات التى حدثت بالمجنى عليه وبين وفاته التى لم يعرف سببها وطلب قصر مساءلة الطاعن عن جريمة الإصابة الخطأ دون القتل الخطأ، ولما كان الحكم الابتدائى – المؤيد بالحكم المطعون فيه – وإن عرض لإصابات المجنى عليه من واقع أوراق علاجه والتقرير الطبى الموقع عليه قبل وفاته، إلا أنه حين دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ لم يدلل على قيام رابطة السببية بين تلك الإصابات وبين وفاة المجنى عليه استنادا إلى دليل فنى مما يصمه بالقصور الذى يعيبه. ولا يقدح فى هذا أن تكون العقوبة المقضى بها على الطاعن، وهى الحبس لمدة ستة أشهر، تدخل فى نطاق عقوبة الإصابة الخطأ، ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أوقع تلك العقوبة على أساس ثبوت مقارفة الطاعن جريمة القتل الخطأ ونزل بالعقوبة إلى هذا القدر لاعتبارات الرأفة التى ارتآها فوصل بذلك إلى الحد الأقصى لعقوبة الإصابة الخطأ المبينة بالمادة 244 من قانون العقوبات والسارية على واقعة الدعوى كما كان يجرى نصها قبل تعديله بالقانون رقم 120 لسنة 1962. لما كان ما تقدم، وكان الحكم حين عرض للدعوى المدنية قال "وحيث إنه بالنسبة للدعوى المدنية فإنه قد ثبتت الجريمة فى حق المتهم (الطاعن) فتكون الدعوى المدنية على أساس من القانون غير أنه فى مقام تقدير قيمة التعويض فإن المحكمة ترى مراعاة للظروف ولأن خطأ المجنى عليه قد ساهم بقدر فى وقوع الحادث تقدير التعويض بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه للمدعى الأول ومبلغ خمسة وعشرين جنيها للمدعى الثانى" وانتهى إلى تعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض على النحو سالف البيان. وإذ كان الحكم الابتدائى – الذى اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه – قد حصر الخطأ فى الطاعن وحده دون المجنى عليه، فإن استطراد الحكم المطعون فيه مع أخذه بأسباب الحكم المستأنف إلى القول بإسهام المجنى عليه فى الخطأ فضلا عن قصوره فى بيان مداه يكشف عن اضطراب فى بيان الواقعة بحيث لا يستطاع استخلاص صورة واضحة لها. لما كان ذلك، وكان العيب الذى أصاب الحكم المطعون فيه فى شقيه الجنائى والمدنى يتأثر به المسئول عن الحقوق المدنية – الذى لم يطعن فى الحكم – فإن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن يقتضى نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية معه لوحدة المصلحة ولحسن سير العدالة. لما كان كل ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن وإلى المسئول عن الحقوق المدنية وإلزام المطعون ضدهما المصاريف المدنية.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات