الطعن رقم 1964 لسنة 32 ق – جلسة 08/10/1962
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثالث – السنة 13 – صـ 610
جلسة 8 من أكتوبر سنة 1962
برياسة السيد/ محمد متولى عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وحسين السركى، وأحمد موافى.
الطعن رقم 1964 لسنة 32 القضائية
محاكمة "إجراءاتها". دفاع. إثبات "شهود. خبرة". حكم "تسبيبه. ما
يعيبه".
(أ) اجراءات المحاكمة. خلو محضر الجلسة من بيان بعض ما تم أمام المحكمة من اجراءات.
اشارة الحكم إلى تلك الاجراءات. الحكم يكمل محضر الجلسة. مثال.
(ب) [] المنازعة فى قدرة المجنى عليه على الكلام بعد الحادث، وافضائه للشهود بأسماء
الجناة. ذلك دفاع جوهرى. يستوجب التحقيق. عن طريق المختص فنيا. ولو سكت الدفاع عن المطالبة
به صراحة. الالتفات عن هذا الاجراء. اخلال بحق الدفاع.
1- من المقرر أن الحكم يكمل محضر الجلسة فى اثبات إجراءات المحاكمة وما يتم أمام المحكمة
من إجراءات لم تذكر فى محضرها. فإذا كان يبين من محاضر الجلسات أن المدافع عن الطاعن
الأول دفع أمام المحكمة بعدم إمكان تصديق أن المجنى عليه تكلم إثر إصابته بالرغم من
سوء حالته ثم جاء الحكم حين عرض لهذا الدفاع فقال إنه صدر من الطاعنين، فإن ما ورد
فى الحكم من الجمع بين الطاعنين معا فى خصوص اثارة ذلك الدفاع يفيد تمسك الطاعن الثانى
به.
2- إذا كان الحكم قد استند من بين ما استند إليه فى إدانة الطاعنين إلى أن المجنى عليه
قد تكلم بعد إصابته وأفضى بأسماء الجناة إلى الشهود الذين نقلوا عنه واعتمد فى تكوين
عقيدته على أقوال هؤلاء الشهود دون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص
فنيا – وهو الطبيب الشرعى – فإن التفات الحكم عن هذا الإجراء يخل بدفاع الطاعنين، ولا
يقدح فى هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة. ذلك بأن منازعة الطاعنين فى
قدرة المجنى عليه على الكلام بعد الحادث بالرغم من سوء حالته، يتضمن فى ذاته المطالبة
الجازمة بتحقيقه أو بالرد عليه بما يفنده. ولا يرفع هذا العوار ما تعلل به الحكم من
رد قاصر، ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية
لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة،
ليست من المسائل الفنية البحت التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء
رأى فيها.
الوقائع
اتهمت العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 15 أغسطس سنة 1956 بناحية مسجد الخضر التابعة لمركز الباجور مديرية المنوفية: أولا – قتلا محمد السيد رحمه عمدا مع سبق الاصرار بأن عقدا العزم على قتله وأعدل لذلك سلاحين ناريين "بندقيتين" وتوجها إليه عند حظيرة أطلق كل منهما عليه عيارا ناريا بقصد قتله فأصابه أحد العيارين وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. ثانيا – المتهم الأول، ضرب ستيتة مرسى مصطفى عمدا على رأسها وساعدها الأيسر فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى إعاقة فى حركات المرفق والمعصم وأصابع اليد اليسرى. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للمواد 230 و231 و240 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعى أبو زيد محمد السيد رحمه وستيتة مرسى مصطفى "المطعون ضدهما" بحق مدنى قبل المتهمين متضامنين بقرش واحد على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا بتاريخ 17 من ابريل سنة 1961 عملا بالمواد 230 و231 و240 و32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول وبالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثانى مع تطبيق المادة 17 منه بالنسبة للاثنين بمعاقبة كل من المتهمين "الطاعنين" بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدنى مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض … الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم
أسبابا فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مما ينعاه هذا الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد
مع سبق الاصرار قد شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن المدافع عنه قد نازع فى قدرة المجنى
عليه على الكلام بتعقل عقب إصابته البادية السوء وطعن فى الأقوال التى نقلها عنه بعض
الشهود الذين إستندت إليهم المحكمة فى إدانة الطاعن. وكان من المتعين على المحكمة أن
تمحص هذا الدفاع الجوهرى بالاستعانة برأى المختصين من رجال الطب الشرعى ولو لم يطلب
الدفاع صراحة ندب خبير فنى، غير أنها لم تحفل بما أثاره الدفاع وردت عليه بأنه لم يثبت
فنيا أن المجني عليه كان عند إصابته في حالة تمنعه من مجرد ذكر اسم ضاربه. وهو رد قاصر
يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول قد
أثار "أن الثابت من الكشف الطبى الذى توقع على المجنى عليه فور وصوله أن نبضه غير محسوس
ولا يمكن استجوابه، وكان ذلك الساعة 11 و35 دقيقة، فاذا قرر الضابط الساعة 11 و50 دقيقة
أنه استجوب المجنى عليه فلا يمكن تصديقه. وقد قرر شيخ الخفر أن حالة المجنى عليه كانت
سيئة، وشيخ الخفر وصل قبل العمدة بمدة، فلا يمكن أيضا تصديق أن المجني عليه تكلم للعمدة".
ولا يبين من تلك المحاضر أن المدافع عن الطاعن الثانى قد أثار ذلك الدفاع إلا أن الحكم
المطعون فيه حين عرض إلى دفاع الطاعنين قال: "وحيث إن المتهمين (الطاعنين) أنكرا ما
نسب إليهما وقال الدفاع عنهما إن ما ورد على لسان الشهود نقلا عن المجنى عليه من رؤيته
للمتهمين أمر مشكوك فيه، ذلك أن حالته كانت سيئة فلا يعقل أن تصدر عنه أقوال يعتد بها
…" وإذ كان من المقرر أن الحكم يكمل محضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة وما يتم
أمام المحكمة من إجراءات لم تذكر في محضرها، فان ما ورد فى الحكم من الجمع بين الطاعنين
معا فى خصوص إثارة ذلك الدفاع يفيد تمسك الطاعن الثانى به. لما كان ذلك، وكان الحكم
قد رد على هذا الشطر من الدفاع بقوله: "وترى المحكمة أن الأمر الأول مردود عليه بأن
المجنى عليه نقل إلى المستشفى وظل على قيد الحياة إلى صباح اليوم التالى ولم يثبت فنيا
انه كان عقب اصابته فى حالة تمنعه من مجرد ذكر اسم ضاربه …" وكان الحكم قد استند
من بين ما استند إليه فى إدانة الطاعنين إلى أن المجنى عليه قد تكلم بعد اصابته وأفضى
بأسماء الجناة إلى الشهود الذين نقلوا عنه واعتمد فى تكوين عقيدته على أقوال الشهود
دون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص فنيا – وهو الطبيب الشرعى –
فان التفات الحكم عن هذا الإجراء يخل بدفاع الطاعنين. ولا يقدح فى هذا أن يسكت الدفاع
عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك بأن إثارة هذا الدفاع – فى خصوص الواقعة المطروحة
– يتضمن فى ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو بالرد عليه بما يفنده. ولا يرفع هذا العوار
ما تعلل به الحكم من رد قاصر، ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى
كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، إلا أن هذا
مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التى لا تستطيع المحكمة
بنفسها أن تشق طريقها لابداء رأى فيها – كما هى واقع الحال فى الدعوى المطروحة. لما
كان ذلك، فان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه فى هذا الصدد يكون فى محله ويتعين
لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون ثمت حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن فى
أوجه طعنه. ولما كان هذا العيب الذى شاب الحكم يتناول مركز الطاعن الأول الذى لم يقدم
أسبابا لطعنه فانه يتعين نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين معا عملا بالمادة 42 من القانون
رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والزام المطعون ضدهما
المصروفات المدنية.
[] يماثله الحكم الصادر فى الطعن رقم 1125 سنة 32 القضائية – جلسة 22/ 10/ 1962.
