الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1 لسنة 30 ق – جلسة 17 /12 /1960 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 11 – صـ 643

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى فاضل رئيس المحكمة، وبحضور السيدين محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد نائبي رئيس المحكمة، السادة: صبحي الصباغ، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمد زعفراني سالم، وعادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن المستشارين.


الطعن رقم 1 لسنة 30 القضائية

محكمة جنايات. سقوط الأحكام الغيابية الصادرة منها في جناية: ماهية إعادة الإجراءات: هي محاكمة مبتدأة وليست تظلماً. أثر ذلك: سلطة محكمة الإعادة في الفصل في الدعوى بكامل حريتها. لها أن تشدد العقوبة في غير طعن من النيابة على الحكم الغيابي. المادة 333 أصول محاكمات سوري.
نقض. اختصاص الهيئة العامة للمواد الجزائية: سلطتها في الفصل في الدعوى المحالة إليها للعدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة. المادة 4 من قانون السلطة القضائية – في فقرتها الأخيرة.
[(1)] مفاد النص الصريح للمادة 333 من قانون أصول المحاكمات السوري أنه يترتب على حضور المحكوم عليه أو القبض عليه سقوط الحكم الغيابي حتماً وبقوة القانون، وعلة ذلك أن إعادة الإجراءات لم تبن على تظلم مرفوع من المحكوم عليه – بل هي بحكم القانون محاكمة مبتدأة، وترتيباً على ذلك جاء نص المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 مقصوراً على تخويل الطعن في مثل هذا الحكم للنيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها – كل فيما يختص به – وفي هذا يختلف الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية عن الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنح والمخالفات – فقد أجاز القانون المعارضة في الحكم الأخير، ولم يجز أن يضار معارض بناء على معارضة رفعها – أما الحكم الأول فلا يتعلق به حق للمتهم ولا يجوز له التمسك بقبوله – وإنما هو يسقط حتماً بحضوره أو القبض عليه، ومتى تقرر ذلك فإنه لا يقبل من المتهم الذي قبض عليه بعد حكم غيابي صادر عليه في جناية من محكمة الجنايات أن يتمسك بالعقوبة المقضي بها غيابياً – بل إن محكمة الإعادة تفصل في الدعوى بكامل حريتها – غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي، فلها أن تشدد العقوبة في غير طعن من النيابة على الحكم المذكور، كما أن لها أن تخفف العقوبة – وحكمها في كلا الحالين صحيح قانوناً – الأمر الذي ترى معه الهيئة العامة للمواد الجزائية [(2)] العدول عما يكون قد صدر من أحكام مخالفة لهذا النظر، والفصل في الدعوى المحالة إليها على هذا الأساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المتهم (الطاعن) وآخر بأنهما سرقا محل المجني عليه ليلاً بعد دخول منزل عصرية حسين ونقب جدار مشترك، ودخلا منزل عصرية حسين بدون إذنها. وطلبت إلى قاضي الإحالة بدرعا إحالتهما إلى محكمة جنايات درعا لمعاقبتهما طبقاً للمواد 625 و557/ 2 و204 من قانون العقوبات السوري، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات درعا قضت بتاريخ 22 سبتمبر (أيلول) سنة 1955 غيابياً للمتهم الأول (الطاعن) وحضورياً للمتهم الثاني بوضعهما بسجن الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن جناية السرقة وحبسهما ثلاثة أشهر عن جريمة دخول المنزل وإدغامها بالعقوبة الأشد عملاً بمواد الاتهام وتضمينها الرسوم البالغة سبعة وثلاثين ليرة سورية ونصف رسوم هذه المحاكمة بما فيه خرج التحقيق ونفقات الشهود، ولا حاجة لتضمينهما أجرة الكشف المدفوعة من المدعي الذي أسقط حقه الشخصي عنهما وتسطير كتاب للنيابة العامة بدرعا لتسليم المتهم عمر إلى السلطات القضائية في لبنان لإجراء محاكمته هناك بناء على وجود قرار بذلك بعد اكتساب الحكم لدرجة القطعية. ثم أعيدت محاكمة المتهم الأول (الطاعن) بعد أن قبض عليه فقضت محكمة الجنايات المذكورة بتاريخ 16 فبراير (شباط) سنة 1959 حضورياً (وجاهياً) بتجريم المتهم الأول بجناية السرقة والحكم عليه بسجن الأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات، ولأنه مكرر وعملاً بالمادة 248 من قانون العقوبات تقرر رفع العقوبة والحكم عليه بسجن الأشغال الشاقة خمسة عشر سنة. وبحبس المتهم ثلاثة أشهر عملاً بالمادة 557 من قانون العقوبات لدخول دار عصرية بدون إذنها، ونظراً لأنه مكرر وعملاً بالمادة 249 من قانون العقوبات تقرر رفع العقوبة إلى الحبس ثلاث سنوات وإدغام هذه العقوبة بالعقوبة الأولى الأشد عملاً بالمادة 204 من القانون نفسه، وللأسباب المخففة التقديرية تقرر تنزيل العقوبة إلى الحبس مع الأشغال الشاقة مدة سبع سنوات ونصف عملاً بالمادة 13 من المرسوم 85 في 28/ 9/ 1953 وحجزه وتجريده وعفوه من عقوبة منع الإقامة لعدم وجود محظور عملاً بالمواد 63/ 49/ 82 من قانون العقوبات و329/ 338 من الأصول الجزائية وتضمينه اثنا وأربعين ليرة سورية ونصف رسوم المحاكمة الأولية – وهذه نفقات الشهود. فطعن المحكوم عليه والنيابة في هذا الحكم بطريق النقض. فقضت المحكمة المذكورة بتاريخ 6 سبتمبر (أيلول) سنة 1959 بنقض الحكم بالنسبة للطاعن والإحالة وبرد طعن النيابة شكلاً. ومحكمة جنايات درعا قضت بتاريخ 24 أكتوبر (تشرين الأول) حضورياً (وجاهياً) بالإصرار على حكمها السابق الصادر منها بتاريخ 16 فبراير (شباط) سنة 1959 عملاً بأحكام المادة 333 من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري وتضمينه الرسوم الأولية وهذه البالغة اثنا وسبعين ليرة سورية ونصف. فطعن المتهم (الطاعن) بطريق النقض للمرة الثانية كما طعنت النيابة العامة، وفي 26 يونيه (حزيران) سنة 1960 قررت الدائرة الجزائية بمحكمة النقض (دائرة دمشق) عرض القضية على الهيئة العامة للمواد الجزائية… إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن أحمد عبده أبو صافي قد وقع بنفسه على أسباب الطعن خلافاً لما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى وجه الطعن المقدم من النيابة أن الحكم المطعون فيه اعتبر المحكوم عليه أحمد عبده أبو صافي عائداً (مكرراً) وضاعف عقوبته إلى حد تجاوز العقوبة المقضي بها غيابياً من محكمة الجنايات بحكمها الذي لم يتعرض لحالة العود (التكرار) ولم تطعن فيه النيابة العامة فاكتسب المحكوم عليه المذكور حقاً لا يسوغ معه تشديد عقوبته، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه – إذ شدد العقوبة – مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى العمومية على المتهم أحمد عبده أبو صافي وآخر حكم عليه حضورياً (وجاهياً) لأنهما بتاريخ 29 من نوفمبر سنة 1954 – أولاً – سرقا أشياء من محل تركي فوزي سرحان ليلاً بعد دخول منزل عصريه حسين ونقب جدار مشترك. ثانياً – دخلا منزل عصريه حسين بدون إذنها، وقضت محكمة جنايات درعا بتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1959 بمعاقبة المتهم أحمد عبده أبو صافي غيابياً بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن جناية السرقة وحبسه ثلاثة أشهر عن جريمة دخول منزل عصريه حسين وإدغام هذه العقوبة في العقوبة الأشد عملاً بالمواد 625 و557/ 2 و204 من قانون العقوبات السوري، ولما قبض على المحكوم عليه أحمد عبده أبو صافي أعيدت المحاكمة فقضت المحكمة المذكورة بتاريخ 16 من فبراير سنة 1959 بتشديد عقوبة الأشغال الشاقة وجعلها سبع سنوات ونصف – لما ثبت من أن المتهم عائد لسبق الحكم عليه بحبسه لمدة سنة في سرقة من محكمة جنايات درعا بتاريخ 25 من يونيه سنة 1950 تطبيقاً للمادة 248 من القانون المذكور.
طعن المحكوم عليه والنيابة في هذا الحكم فقضت الدائرة الجزائية بمحكمة النقض بتاريخ 6 من سبتمبر سنة 1959 بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً وبقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه ونقض الحكم على أساس أن تشديد العقوبة المحكوم بها غيابياً أمر غير جائز قانوناً ما دام الحكم الغيابي لم يرد عليه طعن من النيابة ولم يتعرض لحالة العود، ويكون المحكوم عليه قد اكتسب به حقاً لا يجوز معه زيادة العقوبة، وقد قدمت القضية مرة أخرى لمحكمة الجنايات فقضت بتاريخ 24 تشرين أول سنة 1959 (24 من أكتوبر سنة 1959) بالإصرار على حكمها السابق المؤرخ 16 من فبراير سنة 1959، فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، فقررت الدائرة الجزائية بتاريخ 26حزيران سنة 1960 (26 من يونيه) بإحالة القضية على الهيئة العامة للمواد الجزائية لتقضي فيها وفقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية.
وحيث إن المادة 333 من قانون أصول المحاكمات السوري قد نصت على اعتبار الحكم وسائر المعاملات الجارية بعد القبض على المتهم الغائب ملغاة، ومفاد هذا النص الصريح أنه يترتب على حضور المحكوم عليه أو القبض عليه سقوط الحكم الغيابي حتماً وبقوة القانون، وعلة ذلك أن إعادة الإجراءات لم تبن على تظلم مرفوع من المحكوم عليه – بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة، وترتيباً على ذلك جاء نص المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 مقصوراً على تخويل الطعن في مثل هذا الحكم للنيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها – كل فيما يختص به – وفي هذا يختلف الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية عن الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنح والمخالفات – فقد أجاز القانون المعارضة في الحكم الأخير ولم يجز أن يضار معارض بناء على معارضة رفعها – أما الحكم الأول فلا يتعلق به حق للمتهم ولا يجوز له التمسك بقبوله، وإنما هو يسقط حتماً بحضوره أو القبض عليه، ومتى تقرر ذلك، فإنه لا يقبل من المتهم الذي قبض عليه بعد حكم غيابي صادر عليه في جناية من محكمة الجنايات أن يتمسك بالعقوبة المقضي بها غيابياً – بل إن محكمة الإعادة تفصل في الدعوى بكامل حريتها – غير مقيدة بشيء مما جاء في الحكم الغيابي- فلها أن تشدد العقوبة في غير طعن من النيابة على الحكم المذكور، كما أن لها أن تخفف العقوبة – وحكمها في كلا الحالين صحيح قانوناً. لما كان ذلك، وكانت الهيئة العامة ترى العدول عما يكون قد صدر من أحكام مخالفة لهذا النظر، وكانت محكمة الجنايات بحكمها الصادر بتاريخ 16 من فبراير سنة 1959 – إذ قدرت العقوبة بأشد مما سبق الحكم به غيابياً إنما كان ذلك منها في حدود سلطتها، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 4 من القانون رقم 56 لسنة 1959 قد خولت هذه الهيئة الفصل في الدعوى المحالة إليها، وكان الحكم الصادر من محكمة الجنايات بتاريخ 24 من أكتوبر (تشرين أول) سنة 1959 صحيحاً مطابقاً للقانون، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً – وقد صدر هذا الحكم بالإجماع.


[(1)] المادة 333 من قانون أصول المحاكمات السوري تقابل المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المصري – وقضاء النقض استقر بشأنها على ما انتهى إليه الحكم الحالي – الحكم في الطعن 369 لسنة 14 قضائية – (جلسة 28/ 2/ 1944) مج القواعد القانونية السنة السادسة قاعدة 308 صفحة 410 والحكم في الطعن 596 لسنة 29 قضائية – (جلسة 12/ 5/ 1959) – مج الأحكام – السنة العاشرة – قاعدة رقم 117 – صفحة 531.
[(2)] المبدأ المقرر بالقرارين 59، 561 الصادرين من محكمة التمييز بتاريخ 28/ 1/ 1958 و25/ 6/ 1958 – مجلة القانون الصادرة عن وزارة العدل السورية السنة التاسعة صفحة 107، 519 والحكم السابق صدوره من محكمة النقض (دائرة دمشق) بتاريخ 6 أيلول – سبتمبر سنة 1959.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات