الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 391 لسنة 31 ق – جلسة 23/04/1962

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 13 – صـ 388

جلسة 23 من أبريل سنة 1962

برياسة السيد المستشار محمود حلمى خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى.


الطعن رقم 391 لسنة 31 القضائية

إجراءات المحاكمة "ما لا يبطلها".
شفوية المرافعة. طلب المحامى الحاضر مع المتهم بجنحة – بعد سماع شاهده – تأجيل الدعوى لحضور المحامى الأصلى أو حجزها للحكم. حجز المحكمة القضية للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات. لا إخلال بحق الدفاع.
إذا كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سمعت أقوال الشاهد الذى تمسك الدفاع بسماعه، ثم طلب المدافع عن المتهم "الطاعن" التأجيل لحضور المحامى الأصلى أو حجز القضية للحكم، فأجلت المحكمة القضية للحكم وصرحت بتقديم مذكرات، فإن مفاد ذلك ما انتهت إليه المحكمة من حجز القضية للحكم إنما كان بناء على طلب محامى المتهم الحاضر، ومن ثم فإن ما ينعاه هذا الأخير على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 18/ 12/ 1957 بدائرة قسم مصر الجديدة: تسبب عن غير قصد ولا تعمد فى قتل عادل أوهان وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قام سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر دون أن يستعمل آلة التنبيه فصدم المجنى عليه وحدثت إصاباته المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وقد ادعى إلياس يوسف أوهان (المطعون ضده الأول) بحق مدنى قبل المتهم وطلب القضاء له قبله ووزارة الحربية بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ سبعة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 12 يونيه سنة 1958 عملا بمادة الإتهام. أولا: فى الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ. وثانيا: وفى الدعوى المدنية إلزام المدعى عليهما فيها ضامنين متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدنى مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف ومع شمول الحكم بالنفاذ المؤقت وبلا كفالة. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته المسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1960 بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع. أولا: بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به فى الدعوى الجنائية. ثانيا: وفى الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية ضامنين متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدنى مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.


المحكمة

… حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى الإسناد والإخلال بحق الدفاع والقصور. وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أرجع ما استخلصه من أن السيارة الأجرة كانت تسير فى نفس اتجاه سيارة الجيش التى كان يقودها الطاعن إلى أقوال جميع شهود الحادث عدا النقيب عزمى عبد الغنى مع أن الشاهد بديع فام قرر أن السيارة الأجرة كانت تسير فى اتجاه عمودى على اتجاه السيارة الأخرى كما أن الشاهد صبرى سيد أحمد قد نفى أنه رأى واقعة اصطدام السيارتين فلم يكن هناك إجماع من الشهود على ما استخلصه الحكم من أقوالهم. وأن المحكمة الاستئنافية رفضت طلب تأجيل الدعوى لحضور المحامى الأصلى الموكل عن الطاعن وقررت حجز القضية للحكم وصرحت بتقديم مذكرات فلم تحقق شفوية المرافعة وأخلت بحق الدفاع، يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يبين علاقة السببية بين ما قاله من خطأ الطاعن الذى يتمثل فى سيره بالسيارة فى وسط الطريق وبين الحادث ولم يعن بالرد على ما دفع به الطاعن من أن سبب الحادث إنما هو جنوحه بالسيارة إلى يسار الطريق ولم يتعرض لدواعى هذا الجنوح أو السير فى وسط الطريق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إن الطاعن كان يقود سيارة بسرعة فائقة بين شريطى المترو فى غير المكان المرخص له بالسير فيه فاصطدم بالرفرف الأمامى الأيسر لسيارة أجرة كانت قادمة فى نفس الاتجاه وكانت قد التفت حول جزيرة فى ذلك المكان بعد إعطاء تنبيه لمن خلفها ثم توقفت عند قدوم الطاعن على هذه الصورة مما أدى إلى انحراف سيارة الطاعن بنفس سرعتها وصعودها على الرصيف والاصطدام بالمجنى عليه الخارج من مدرسته وقتذاك وإحداث إصابة به أودت بحياته ثم الاصطدام بحائط المدرسة الذى أوقفها. واستند الحكم فى إدانة الطاعن إلى أقوال الشهود وما ثبت من المعاينة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الثابت فى الأوراق من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها، وكان الطاعن لا ينازع فى أن ما أورده الحكم من أقوال كل شاهد ممن استند إليهم يطابق الأصل الثابت فى الأوراق، وكان من المقرر أنه لا يشترط أن ينبئ كان دليل من الأدلة التى استندت إليها المحكمة ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى إثبات اقتناع القاضى واطمئنانه لما انتهى إليه، وكانت الأدلة التى استند إليها الحكم صالحة فى مجموعها لأن تؤدى إلى ما استخلصه منها عن الصورة الحقيقية لواقعة الحادث كما ارتسمت فى وجدان المحكمة – وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه حين قال "ومن جميع شهود الحادث عدا النقيب عزمى عبد الغنى". إنما كان فى صدد بيان الأدلة التى استند إليها فى ثبوت الواقعة برمتها كما حصلها وليس للتدليل على اتجاه السيارة الأجرة فقط. لما كان ما تقدم، فإن ما يتمسك به الطاعن من أن أقوال بعض هؤلاء الشهود لا تدل على أن السيارة الأجرة كانت تسير فى نفس اتجاه سيارة الطاعن أو أن أحدهم نفى أنه رأى الحادث بصورة واضحة أن يكون فى غير محله. ولما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 24 من أكتوبر سنة 1960 أن المحكمة سمعت أقوال الشاهد الذى تمسك الدفاع بسماع أقواله ثم طلب المدافع عن الطاعن التأجيل لحضور المحامى الأصلى أو حجز القضية للحكم فأجلت المحكمة القضية للحكم وصرحت بتقديم مذكرات، وكان مفاد ذلك أن ما انتهت إليه المحكمة فى هذه الجلسة من حجز القضية للحكم كان بناء على طلب محامى الطاعن الذى كان حاضرا معه، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض لواقعة الدعوى فى بيان يتحقق فيه ظروفها وعناصرها القانونية وأدلة الثبوت فيها قال "وهذا يقطع بأن المتهم وحده قد ارتكب جملة أخطاء كانت السبب المباشر فى الحادث وهذه الأخطاء تتمثل فى سيره فى وسط الطريق وعلى شريط المترو إلى سيره بسرعة فائقة حددها بعض الشهود بحوالى 50 كيلو مترا فى الساعة وحددها البعض الآخر بحوالى 70 كيلو مترا، هذه السرعة الجنونية التى ما كان يجب أن يسير بها المتهم فى شارع آهل بالسكان وبأطفال المدارس على حد تعبيره فى أقواله. وقد تأكدت هذه السرعة من طول فرملة سيارة المتهم إذ ثابت من المعاينة أنها ثمانية أمتار", وكان ما أورده الحكم على هذا الوجه يوفر علاقة السببية بين خطأ الطاعن وبين وقوع الحادث، وكان ما يثيره الطاعن من أن سبب الحادث كان جنوحه بسيارته إلى اليسار لانشغال يمين الطريق بالصبية لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. وكانت المحكمة غير ملزمة بتتبع ما يثيره الطاعن من دفاع موضوعى فى كل شبهة يثيرها ما دام قضاؤها بالإدانة بناء على أدلة الثبوت التى أوردتها فيه معنى إطراح هذا الدفاع. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن من القصور يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات