الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 29 لسنة 59 ق “أحوال شخصية” – جلسة 11 /06 /1991 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 42 – صـ 1348

جلسة 11 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: أحمد نصر الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس، فتحي محمود يوسف وعبد المنعم محمد الشهاوي.


الطعن رقم 29 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

المسائل الخاصة بالمسلمين "التطليق" "الطاعة".
دعوى الطاعة. اختلافها موضوعاً وسبباً عن دعوى التطليق للضرر. الحكم في الأولى لا يمنع من نظر الثانية. علة ذلك.
(2، 3) دعوى الأحوال الشخصية "الإجراءات، الإثبات، الطعن في الحكم: النقض".
الإجراءات الشكلية في الإثبات في مواد الأحوال الشخصية. خضوعها لقواعد قانون الإثبات تقاعس الطاعن عن إحضار شهوده أو تكليفهم بالحضور رغم إمهاله لذلك. إحالة الدعوى إلى المرافعة إثر ذلك بغض النظر عن انتهاء أجل التحقيق، أو بقائه ممتداً، لا خطأ. م 76 إثبات علة ذلك.
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن الضرب الذي تدعيه المطعون ضدها يدخل في حدود حق التأديب المقرر شرعاً للزوج على زوجته. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
المسائل الخاصة بالمسلمين "التطليق".
الضرر. معياره. شخصي. تقديره. موضوعي متروك لقاضي الموضوع. اختلافه باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذي يحيطهما.
دعوى الأحوال الشخصية "الإثبات".
شهادة القرابات بعضهم لبعض. مقبولة. الإستئناء. الفرع لأصله والأصل لفرعه. مؤداه. قبول شهادة الأخ لأخيه.
دعوى الأحوال الشخصية "الطعن في الحكم: النقض".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بوجود مصلحة لدى شاهدي المطعون ضدها في الميل بشهادتهما لصالحها. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 – دعوى الطاعة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ومن ثم فإن الحكم الصادر في دعوى الطاعة لا يمنع من دعوى التطليق وجواز نظرها لاختلاف المناط في كل منهما.
2 – لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الإجراءات الشكلية للإثبات في مواد الأحوال الشخصية تخضع للقواعد المقررة في قانون الإثبات، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 76 من هذا القانون على أنه "إذا لم يحضر الخصم شاهده أو لم يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة أو القاضي المنتدب إلزامه بإحضاره أو بتكليفه بالحضور لجلسه أخرى، ما دام الميعاد المحدد للتحقيق لم ينقض فإذا لم يفعل سقط حقه في الاستشهاد به" يدل على أن المشروع هدف إلى عدم تمكين الخصوم من إطالة أمد التقاضي عن طريق تعمد استغراق مدة التحقيق كاملة دون مقتضى، فأوجب على المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق إذا لم يحضر الخصم شاهده بالجلسة المحددة لبدء التحقيق أو لم يكلفه بالحضور فيها أن يلزمه بذلك مع تحديد جلسة تالية ما دام أجل التحقيق ما زال قائماً فإذا لم ينفذ الخصم ما التزم به سقط حقه في الاستشهاد به وهو جزاء يتقرر بغض النظر عن انتهاء أجل التحقيق أو بقائه ممتداً. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن تقاعس عن إحضار شهوده أو تكليفهم بالحضور أمام القاضي المنتدب للإدلاء بشهادتهم رغم إمهاله لذلك بناءً على طلبه، فإنه لا تثريب على القاضي المنتدب إذا ما قرر إثر ذلك إحالة الدعوى إلى المرافعة، ولا على الحكم إذا وجد في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدته، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما تراه منها متى قام الحكم على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على سند مما استخلصه من أقوال شاهديها بتوافر المضارة الموجبة للتطليق، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
3 – النعي المتعلق بسبب قانوني يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض وكان ما يثيره الطاعن من أن الضرب الذي تدعيه المطعون ضدها يدخل في حدود حق التأديب المقرر شرعاً للزوج على زوجته لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، وهو دفاع قانوني يخالطه واقع فإنه لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 – المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن معيار الضرر في معنى المادة السادسة من المرسوم رقم 25 لسنة 1929 – شخصي – لا مادي وتقديره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك تقديره لقاضي الموضوع ويختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذي يحيطهما.
5 – المقرر في المذهب الحنفي قبول شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض – عدا الفرع لأصله والأصل لفرعه – مما تقبل معه شهادة الأخ لأخيه.
6 – لما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بوجود مصلحة لدى الشاهدين في الميل بشهادتهما لصالح المطعون ضدها، فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 233 لسنة 1982 أحوال شخصية كلي أسوان على الطاعن. للحكم بتطليقها عليه للضرر. وقالت بياناً لدعواها إنها زوجته بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وأنه دائم التعدي عليها بالقول والفعل، وإذ تضررت من ذلك، فقد أقامت الدعوى وبتاريخ 1/ 4/ 1986 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا (مأمورية أسوان) بالاستئناف رقم 38 لسنة 5 ق أحوال شخصية، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها حكمت بتاريخ 25/ 12/ 1988 بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض – قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن – عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفته لحكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي فيه صدر بين الخصوم أنفسهم وفى بيان ذلك يقول إنه سبق للمطعون ضدها أن أقامت الدعوى رقم 292 لسنة 1984 كلي أحوال شخصية أسوان على الطاعن للاعتراض على إعلان دعواه لها للعودة لمنزل الزوجية على أوجه منها عدم أمانته عليها نفساً لاعتياده الإساءة إليها بالسب والضرب، وقضى فيها لصالحه – بالرفض وتأيد الحكم بالاستئناف رقم 61 لسنة 5 ق وأصبح نهائياً وهو يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى الطلاق إذ لا يحكم برفض الاعتراض إلا إذا ثبت للمحكمة أمانة الطاعن على المطعون ضدها وعدم الإضرار بها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتطليق المطعون ضدها استناداً إلى أن الطاعن أضر بها، فإنه يكون قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن دعوى الطاعة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية بينما تقوم الثانية على إدعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ومن ثم فإن الحكم الصادر في دعوى الطاعة لا يمنع من دعوى التطليق وجواز نظرها لاختلاف المناط في كل منهما، لما كان ذلك، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى شاهدي المطعون ضدها، ثم أصدرت حكماً آخر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها عدم أمانة الطاعن عليها وصرحت له بالنفي وإذ لم تحضر المطعون ضدها شهودها فقد أحالت المحكمة الدعوى للمرافعة ورفضت طلب التأجيل لإحضار شهوده وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن الإجراءات الشكلية للإثبات في مواد الأحوال الشخصية تخضع للقواعد المقررة في قانون الإثبات، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 76 من هذا القانون على أنه "إذا لم يحضر الخصم شاهده أو لم يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة أو القاضي المنتدب إلزامه بإحضاره أو بتكليفه بالحضور لجلسه أخرى، ما دام الميعاد المحدد للتحقيق لم ينقض فإذا لم يفعل سقط حقه في الاستشهاد به" يدل على أن المشرع هدف إلى عدم تمكين الخصوم من إطالة أمد التقاضي عن طريق تعمد استغراق مدة التحقيق كاملة دون مقتضى، فأوجب على المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق إذا لم يحضر الخصم شاهده بالجلسة المحددة لبدء التحقيق أو لم يكلفه بالحضور فيها أن يلزمه بذلك مع تحديد جلسة تالية ما دام أجل التحقيق ما زال قائماً فإذا لم ينفذ الخصم ما التزم به سقط حقه في الاستشهاد به وهو جزاءً يتقرر بغض النظر عن انتهاء أجل التحقيق أو بقائه ممتداً، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن تقاعس عن إحضار شهوده أو تكليفهم بالحضور أمام القاضي المنتدب للإدلاء بشهادتهم رغم إمهاله ذلك بناءً على طلبه، فإنه لا تثريب على القاضي المنتدب إذا ما قرر إثر ذلك إحالة الدعوى إلى المرافعة، ولا على الحكم إذا وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما تراه منها متى قام الحكم على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على سند مما استخلصه من أقوال شاهديها بتوافر المضارة الموجبة للتطليق، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من ثلاثة وجوه يقول في أولها أن الحكم أخطأ إذ اعتبر الضرب ضرراً موجباً للتطليق في حين أنه لا يخرج عن حدود حق التأديب المقرر شرعاً للزوج على زوجته. وفى الوجه الثاني: أن الضرر يختلف باختلاف البيئة والثقافة ومكانة المضرور في المجتمع وأن المطعون ضدها من بيئة ريفية ولا تجيد القراءة والكتابة وأن بيئتها لا تتضرر من الضرب البسيط الذي لا يترك أثراً بالجسم فضلاً عن أنه غير ثابت في محاضر رسمية. وفى الوجه الثالث: أن شاهدي المطعون ضدها لهما مصلحة في الشهادة بغير الحقيقة لكون أحدهما شقيقها والآخر صديق لشقيقها الشاهد الأول فضلاً عن أن شهادتهما سماعية وقاصرة عن بيان ماهية الضرر الذي لحق بها وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقصه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في وجهه الأول ذلك أن النعي المتعلق بسبب قانوني يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض – وكان ما يثيره الطاعن من أن الضرب الذي تدعيه المطعون ضدها يدخل في حدود حق التأديب المقرر شرعاً للزوج على زوجته لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، وهو دفاع قانوني يخالطه واقع فإنه لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض – ومردود في وجهه الثاني ذلك أنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن معيار الضرر في معنى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 – شخصي – لا مادي وتقديره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك تقديره لقاضي الموضوع ويختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذي يحيطهما، وكان الحكم المطعون فيه استخلص من أقوال شاهدي المطعون ضدها اعتداء الطاعن عليها بالضرب والسب بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما ورفضها الصلح الذي عرضته المحكمة – وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي عليه بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض – ومردود في وجهه الثالث. ذلك أن المقرر في المذهب الحنفي قبول شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض – عدا الفرع لأصله والأصل لفرعه – مما تقبل معه شهادة الأخ لأخيه، وكان البين من شهادة شاهدي المطعون ضدها – وأحدهما شقيقها – أنهما شاهدا اعتداء الطاعن عليها بالضرب على مرأى من أهالي القرية – وتضررها من ذلك، فإن شهادتهما على الضرر تكون شهادة عيان توافر لها نصابها الشرعي، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذه البينة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بوجود مصلحة لدى الشاهدين في الميل بشهادتهما لصالح المطعون ضدها، فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات