الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعنان رقما 2089، 2375 لسنة 31، 33 ق – جلسة 26 /05 /1990 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون – العدد الثاني – (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) – صـ 1807


جلسة 26 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة والسيد عبد الوهاب أحمد – المستشارين.

الطعنان رقما 2089، 2375 لسنة 31، 33 القضائية

مباني – (ترخيص) (تنظيم مباني).
القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء – لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك – على الجهة الإدارية المذكورة أن تعرض أمر المباني المخالفة التي تقتضي الإزالة أو التصحيح على لجنة التظلمات المنصوص عليها في المادة – للجنة سلطة تقرير الإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة أو استئناف أعمال البناء – تصدر هذه اللجنة قراراتها مسببة – قرار محافظ القاهرة رقم 292 لسنة 1979 بحظر إدخال أي تعديل على جميع الأمكنة المخصصة لإيواء السيارات إذا كان من شأن هذه التعديلات إنقاص مساحة المكان أو تغيير التخصيص – في حالة مخالفة هذا القرار يتعين على الجهة المختصة بشئون التنظيم بالأحياء إعمالاً لحكم المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 إزالة المباني أو أجزاءها التي تقام بدون ترخيص لما يترتب على بقائها من إخلال بمقتضيات الصالح العام – إذا صدر قرار الإزالة من رئيس الحي دون العرض على اللجنة ودون اتباع الإجراءات الواردة باللائحة التنفيذية يكون قد صدر وشابه عيب جوهري يتعلق بالاختصاص والإجراءات بما يؤدي إلى بطلانه – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3/ 7/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن محافظ القاهرة ورئيس حي غرب القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2809 لسنة 31 ق ضد حسن بدراوي بدراوي أحمد في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 9/ 5/ 1985 في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وفي يوم الأربعاء الموافق 24/ 5/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن محافظ القاهرة ورئيس حي غرب القاهرة بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2375 لسنة 33 ق ضد فاروق عبد اللطيف بدر في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 2/ 4/ 1987 في الدعوى رقم 4794 لسنة 36 ق بانتهاء الخصومة في الدعوى وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرين في الطعنين ارتأت فيهما – لما ورد بهما من أسباب – الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وبرفضهما بشقيهما العاجل والموضوعي مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وحددت لنظر الطعن رقم 2809 لسنة 31 ق أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 1/ 2/ 1988 وتدوول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 4/ 4/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 23/ 4/ 1988 ونظرته المحكمة على النحو الثابت لمحاضر الجلسات.. أما الطعن رقم 2375 لسنة 33 ق فقد نظرته دائرة فحص الطعون بجلسة 2/ 1/ 1989 وقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 14/ 1/ 1989 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة ضم الطعن رقم 2375 لسنة 33 ق إلى الطعن رقم 2809 لسنة 31 ق للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد ونظرتهما المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 18/ 11/ 1989 إصدار الحكم بجلسة 6/ 1/ 1990 ومد أجل النطق بالحكم لجلسة 17/ 2/ 1990 ثم لجلسة 10/ 3/ 1990 لإتمام المداولة ثم أعيد الطعن للمرافعة لجلسة 24/ 3/ 1990 لتغيير تشكيل الهيئة وتقرر إصدار الحكم بجلسة 21/ 4/ 1990 ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين أُقيما في الميعاد القانوني مستوفيين سائر أوضاعهما الشكلية، ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن حسن بدراوي أحمد أقام ضد الطاعنين أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق بتاريخ 5/ 11/ 1981 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس حي غرب القاهرة رقم 7 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 14/ 10/ 1981 بهدم الحجرتين بالجزء القبلي والحائط المقام بجراچ العقار رقم 46 شارع بهجت بالزمالك طبقاً لقرار محافظ القاهرة بعدم تحويل (الجراچات) لنشاط آخر. ونعى المدعي على القرار المذكور مخالفته للقانون والواقع إذ أن الجراچ ما زال مستمراً في ممارسة نشاطه، وأن ما تم هو إعادة بناء دورة المياه وحجرة المكتب بالجراچ بعد أن تآكلت الحوائط بسبب تسرب المياه إليها نتيجة عمليات غسيل السيارات بالجراچ يومياً، وما تم لا يعد تغييراً لنشاط الجراچ، كما ذهب مصدر القرار المطعون فيه ويؤكد صحة استمرار الجراچ في ممارسة نشاطه المعاينة التي أجراها قسم الشرطة قصر النيل. ولما كان من شأن تنفيذ القرار المطعون فيه تعرض العقار بكامله للضرر، وهو ما يشكل خطراً جسيماً على المدعي وأمواله والسكان شاغلي العقار الكائن به الجراچ فمن ثم فقد أقام المدعي دعواه للحكم بطلباته سالفة الذكر. وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأنه ثابت من ملف الإزالة ومن تحريات شرطة الجزيرة ومعاينتها أن المدعي قام ببناء حجرتين بالجراچ الكائن أسفل العقار سالف الذكر، وقد أخطر بواسطة حي غرب القاهرة بإزالة تلك المباني ولكنه لم ينفذ ذلك مما دعا إلى إصدار القرار المطعون فيه بإزالتها لمخالفتها قرار محافظ القاهرة سالف الإشارة إليه، وأضافت الإدارة أن القرار المطعون فيه يجد سنده في المادة الرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء وطلبت الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 31/ 3/ 1983 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام حي غرب القاهرة بمصروفات ذلك الطلب، وبجلسة 9/ 5/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات تأسيساً على أن المستفاد من نصوص المواد 15 و16 و17 و18 و19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أن الشارع أوجب على الجهة الإدارية أن تعرض أمر المباني المخالفة على لجنة التظلمات المشكلة على النحو المبين في المادة 15 وخول هذه اللجنة وحدها سلطة تقرير الإزالة أو التصحيح أو استئناف أعمال البناء، وإذ قامت الجهة الإدارية باتخاذ قرار الإزالة بنفسها دون عرض على اللجنة المذكورة فإنه يكون قد شابه عيب جوهري يتعلق بالاختصاص والإجراءات مما يؤدي إلى بطلان ذلك القرار ويجعله خليقاً بالإلغاء. ويقوم الطعن في هذا الحكم (الطعن رقم 2809 لسنة 31 ق) على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ أن الطاعن الأول بصفته بما له من سلطة في إنشاء وإدارة المرافق العامة وحسن تنظيمها قراراً تنظيمياً عاماً يقضي بعدم جواز تغيير مأوى السيارات "الجراچات" إلى أية أنشطة أخرى. وبناء على ذلك ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده (حسن بدراوي بدراوي أحمد) وهو مالك العقار رقم 46 بشارع بهجت علي بالزمالك الذي يقيم بأسفله جراچاً قام باقتطاع جزء من سطح هذا الجراچ وأجره إلى المدعو فاروق عبد اللطيف بدر بعقد مؤرخ 1/ 6/ 1981 بعد أن أقام عليه حجرتين اتخذهما المستأجر المذكور شركة للسياحة وقد شرع في إقامة ديكورات هذا المكتب، وهذا ما دلت عليه التحريات الواردة لحي إسكان غرب القاهرة وأقوال المستأجر الثاني، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فلم يتبين حقيقة الواقع من الدعوى، ولم يتناول بالرد السبب الواقعي الوحيد الذي استند إليه القرار محل الطعن وقد ساقته هذه المخالفة إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يجعله جديراً بالإلغاء.
ومن ناحية أخرى فإنه يبين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 4794 لسنة 36 ق أن فاروق عبد اللطيف بدر أقام بتاريخ 12/ 11/ 1981 الدعوى رقم 3895 لسنة 81 أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة ضد الطاعنين طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإزالة الصادر من المدعى عليه الثاني (الطاعن الثاني) وإلزامه بالمصروفات والأتعاب تأسيساً على أنه استأجر من حسن بدراوي بدراوي أحمد جزءاً من بدروم العقار رقم 46 شارع بهجت علي بالزمالك لاستعماله مكاتب لشركته (شركة بدر للسياحة) وأراد تجديد مكاتب شركته إلا أن المدعى عليه الثاني حرر ضده محاضر بقصد إيقاف أعمال الإصلاح والصيانة، ثم نما إلى علمه بتاريخ 31/ 11/ 1981 أنه صدر قرار من المدعى عليه الثاني بإزالة الأعمال التي تمت والخاصة بمكاتب شركته والتي لا تتعدى أن تكون ديكورات وإصلاحات. وبجلسة 29/ 4/ 1982 قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وإذ أحيلت الدعوى إلى المحكمة المذكورة قيدت برقم 4794 لسنة 36 ق، وبجلسة 31/ 3/ 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم جواز نظر طلب وقف التنفيذ لسابقة… وبجلسة 2/ 4/ 1987 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن رقم 2375 لسنة 33 ق بانتهاء الخصومة في الدعوى وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات تأسيساً على أن القرار المطعون فيه في الدعوى رقم 263 لسنة 36 مقامة من مالك العقار حسن بدراوي بدراوي والدعوى الماثلة رقم 4794 لسنة 36 ق مقامة من مستأجر بدروم إلا أن الطعن الدعويين ينصب على قرار واحد هو قرار رئيس حي غرب القاهرة بإزالة المنشآت التي أقيمت في بدروم العقار المذكور "الجراچ" وقد قضى بإلغاء هذا القرار بالحكم الصادر بجلسة 9/ 5/ 1985 في الدعوى 263 لسنة 36 ق، ولما كانت دعوى، ولما كانت الخصومة في دعوى الإلغاء خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري ذاته استهدافاً لمراقبة مشروعيته، وإذ يترتب على الحكم بإلغاء القرار الإداري زوال هذا القرار من الوجود القانوني، فإنه لا يكون ثمة محل لإعادة الحكم بإلغائه في دعوى أخرى، ولا يغير من ذلك اختلاف المدعي في كل من الدعويين ما دام كل منهما قد اختصم ذات القرار، كما لا يغير من ذلك أن يكون الحكم الصادر بإلغاء القرار المطعون فيه قد طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا، إذ لا يترتب عليه وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك، ومن ثم يكون الطعن الماثل غير ذي موضوع طالما أن القرار المطعون فيه قد أصبح غير قائم قانوناً الأمر الذي يتعين معه الحكم بانتهاء الخصومة في طلب إلغاء القرار المذكور.
ويقوم الطعن في هذا الحكم (الطعن رقم 2375 لسنة 33 ق) على مخالفته للقانون إذ أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق لم يصبح نهائياً حتى الآن. كما أنه كان يجب الحكم بعدم القبول لسابقة الفصل في الموضوع وليس انتهاء الخصومة فضلاً عن أن الثابت من المستندات المقدمة في الدعوى أن المطعون ضده بالاشتراك مع مالك العقار قاما بتحويل الجراچ الخاص بالعمارة إلى شركة سياحية بالمخالفة للقرار الصادر من محافظ القاهرة بعدم جواز تحويل الجراچات إلى محلات تجارية أو أي غرض آخر ومن ثم يصبح من حق الجهة الإدارية إصدار القرار الخاص بالإزالة حتى ولو كان التحويل قد تم على جزء من الجراچ.
ومن حيث إن المادة 4 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء تنص على أنه (لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالمجلس المحلي أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون – ويسري هذا الحكم على كل من ينشئ أي مبنى أو يقيم أو يجري أي عمل من الأعمال المنصوص عليها في الفقرة السابقة سواء كان من الأفراد أو هيئات القطاع الخاص.. ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها في الفقرة الأولى إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تحددها اللائحة التنفيذية)..
وتنص المادة 15 من هذا القانون على أنه (لذوي الشأن التظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطارهم بهذه القرارات – وتختص بنظر هذه التظلمات لجنة تسمى لجنة التظلمات تشكل بمقر المجلس المحلي للمدينة أو الحي أو القرية.. ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من المحافظ المختص ويشترط لصحة انعقادها حضور رئيسها وثلاثة على الأقل من أعضائها من بينهم اثنان من المهندسين وتصدر قراراتها بأغلبية أصوات الحاضرين وعند التساوي يرجح الجانب الذي فيه رئيس اللجنة) وتبين اللائحة التنفيذية القواعد والإجراءات التي تسير عليها اللجنة في أعمالها وبما يكفل البت في التظلمات في المواعيد المحددة وكيفية إعلان قراراتها إلى ذوي الشأن والجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم (وتنص المادة 16 من القانون المذكور على أن يكون للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بقرار مسبب يصدر بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة أن تقوم بإزالة المباني أو أجزائها التي تقام بدون ترخيص بعد تاريخ العمل بهذا القانون إذا كان يترتب على بقائها الإخلال بمقتضيات الصالح العام، ولم يقم بهذا المالك بالتنفيذ خلال المدة المناسبة التي تحددها له تلك الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة موضوع الأعمال المخالفة التي تقتضي الإزالة أو التصحيح سواء اتخذ بشأنها إجراء الوقف وفقاً لأحكام المادة السابقة أو لم يتخذ..) كما يجوز لصاحب الشأن أن يلجأ إلى اللجنة المشار إليها وتصدر اللجنة قراراتها في الحالات المعروضة عليها بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة أو استئناف أعمال البناء.. ومع عدم الإخلال بالعقوبة الجنائية يجوز للجنة التجاوز عن بعض المخالفات التي تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك في الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية وتنص المادة 19 من القانون المشار إليه على أنه لذوي الشأن وللجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم حق الاعتراض على القرارات التي تصدرها (لجان التظلمات) المنصوص عليها في المادة وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بها أو من تاريخ انقضاء الميعاد المقرر للبت في التظلم بحسب الأحوال وإلا أصبحت نهائية – وتختص بنظر هذه الاعتراضات لجنة استئنافية تشكل بمقر اللجنة التنفيذية للمحافظة المختصة من….".
ومفاد هذه النصوص إنه لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال إلا بعد الحصول على الترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وقد أوجب المشرع على الجهة الإدارية المذكورة أن تعرض أمر المباني المخالفة التي تقتضي الإزالة أو التصحيح على لجنة التظلمات المشكلة على النحو المبين في المادة وخول هذه اللجنة وحدها سلطة تقرير الإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة أو استئناف أعمال البناء وأوجبت المادة 61 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه الصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 237 لسنة 1977 أن تصدر لجنة التظلمات قراراتها مسببة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجراچ الكائن أسفل العقار رقم 46 شارع بهجت بالزمالك أقيم به بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم حائط طولي وحجرتان بالجزء القبلي بخلاف الحجرتين المقامتين منذ إنشاء الجراچ وقد قام مالك العقار حسن بدراوي بدراوي أحمد (المطعون ضده في الطعن رقم 2809 لسنة 31 ق) بتأجير هذا الجزء من العقار لفاروق عبد اللطيف بدر (المطعون ضده في الطعن رقم 2375 لسنة 33 ق) في 31/ 5/ 1981 ليكون مكاتب لشركته السياحية وطبقاً لقرار محافظ القاهرة رقم 292 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 1/ 11/ 1979 الذي تنص مادته الثالثة على أنه (يحظر إدخال أي تعديل على جميع الأمكنة المخصصة حالياً لإيواء السيارات إذا كان من شأن هذه التعديلات إنقاص مساحة المكان أو تغيير التخصيص) وإعمالاً للمادة الرابعة منه التي تنص على أنه (في حالة ارتكاب مخالفة لأحكام هذا القرار يتعين على الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالأحياء إعمال حكم المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 (في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء) المشار إليه في إزالة المباني أو أجزائها التي تقام دون ترخيص لما يترتب على بقائها من إخلال بمقتضيات الصالح العام..) أصدر رئيس حي غرب القاهرة القرار المطعون فيه رقم 7 لسنة 1981 بتاريخ 14/ 10/ 1981 بهدم الحجرتين الموجودتين بالجزء القبلي بالجراچ المذكور طبقاً لقرار السيد المحافظ بعدم تحويل الجراچ إلى أي غرض آخر عملاً بحكم المادة 17 من القانون رقم 106 لسنة 1976 وقد ورد على قرار الإزالة المذكور إلى جانب توقيع رئيس الحي وبذات التاريخ عدة توقيعات مبهمة باعتبارها توقيعات اللجنة وليس هناك ما يدل على أن هذه التوقيعات خاصة بلجنة التظلمات المشار إليها بالمادة 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 وهي المختصة وحدها – وفقاً لحكم المادة 18 من القانون المذكور بإصدار قرار الإزالة، خاصة وأن رئاسة حي غرب القاهرة أفادت بخطابها رقم 800 المؤرخ 25/ 5/ 1985 بأنه بالنسبة لمحضر أعمال اللجنة وقرار تشكيلها الوارد بقرار رئيس الحي رقم 7 لسنة 1981 فلم يستدل عليها بمنطقة إسكان الحي. كما أن هذه اللجنة لها تشكيلها ولقراراتها شكل محدد ينبغي أن تصدر فيه وأهم هذا الشكل ما نصت عليه اللائحة التنفيذية للقانون في المادة 61 وما بعدها من ضرورة أن يكون قرار اللجنة مسبباً، وإعلان ذوي الشأن بالقرارات الصادرة تنفيذاً لأحكام هذا القرار، وإذا تعذر ذلك لأي سبب تودع نسخة من القرار بمقر المجلس المحلي المختص وقسم الشرطة أو نقطة الشرطة الواقع في دائرتها العقار، كما تلصق نسخة من القرار بموقع العقار موضوع المخالفة وليس في ملف الإزالة ما يفيد أن أياً من هذه الإجراءات قد اتبع مما يجعل المحكمة لا تطمئن إلى أن مجرد التوقيعات المبهمة الواردة على القرار يفيد بذاته اتباع هذه الإجراءات على النحو الذي قرره القانون ولائحته التنفيذية. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد شابه عيب جوهري يتعلق بالاختصاص والإجراءات بما يؤدي إلى بطلان ذلك القرار ويجعله خلقياً بالإلغاء.. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق إلى هذه النتيجة حيث قضى بإلغاء القرار المذكور فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن فيه بالطعن رقم 2809 لسنة 31 ق يكون على غير سند من القانون ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 2375 لسنة 33 ق في الحكم الصادر في الدعوى رقم 4794 لسنة 36 ق بانتهاء الخصومة في الدعوى استناداً إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق قبل أن يصبح هذا الحكم نهائياً للطعن فيه بالطعن رقم 2809 لسنة 31 ق وعدم البت فيه وأنه كان يجب الحكم بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل في الموضوع وليس لانتهاء الخصومة، فإنه لما كانت المادة 50/ 1 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه (لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك) بما مفاده وجوب تنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري حتى ولو طعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا ولا يجوز وقف تنفيذها إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذها. وعلى ذلك لا بأس على محكمة القضاء الإداري أن تستند إلى حكم صادر منها مطعون فيه ولم تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه، وإذ كان الثابت أن محكمة القضاء الإداري استندت إلى حكمها الصادر في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق بإلغاء القرار المطعون فيه رغم الطعن فيه بالطعن رقم 2809 لسنة 31 ق فإن هذا الاستناد يكون متفقاً وصحيح حكم القانون رغم وجود هذا الطعن طالما لم تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المذكور باعتباره واجب النفاذ قانوناً. ومن ناحية أخرى فإن الحكم بعدم جواز أو عدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها إنما يستند إلى ما تقضي به المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 من أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي به تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً – وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها بما مفاده إن ثمة شروطاً يلزم توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي وهذه الشروط كما يبين من المقارنة بين صدر النص وعجزه تنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بالحكم.. وقسم يتعلق بالحق المدعي به فيشترط أن يكون هناك اتحاد في الخصوم واتحاد في السبب وفيما يتعلق بالقسم الثاني من الشروط الخاصة بالحق المدعي به فإنه ولئن كان ثمة اتحاد في المحل وهو الطعن في القرار المطعون فيه واتحاد في السبب وهو النعي عليه بعدم المشروعية إلا أنه هناك اتحاد في الخصوم فالخصم في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق هو صاحب العقار الصادر بشأنه القرار المطعون فيه، والخصم في الدعوى رقم 4794 لسنة 36 ق هو مستأجر جزء البدروم محل القرار المذكور وبالتالي لا يحوز الحكم الصادر في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق حجية الأمر المقضي به في مواجهة المدعي في الدعوى الأخيرة.
ومن حيث إنه لما كانت الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته استهدافاً لمراقبة مشروعيته، ويترتب على سحب القرار بمعرفة الجهة الإدارية ما يترتب على إلغائه قضائياً إذ يعتبر القرار كأن لم يكن وتمحى آثاره من وقت صدوره وقد استقر القضاء على أنه استجابت الجهة الإدارية المدعى عليها إلى طلب المدعي في تاريخ لاحق لرفع الدعوى فإن الخصومة تبعاً لذلك ونتيجة له تصبح غير ذات موضوع ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطلب مع إلزام الحكومة بمصروفاته. وإذا كان ذلك ما يترتب على استجابة الإدارة إلى طلب المدعي بسحب القرار المطعون فيه فإن ذات النتيجة تترتب في حالة إلغاء القرار المطعون فيه بحكم واجب النفاذ في دعوى مرفوعة من مدعي آخر صاحب مصلحة في إلغائه حتى ولو لم يصبح هذا الحكم نهائياً وإذا كان الثابت أن القرار المطعون فيه قد ألغى في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق المرفوعة من مالك العقار حسن بدراوي بدراوي أحمد بجلسة 9/ 5/ 1985 بعد أن رفع فاروق عبد اللطيف أحمد دعواه رقم 3895 لسنة 1981 بتاريخ 12/ 11/ 1981 أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة التي أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت برقم 4794 لسنة 36 ق طالباً الحكم بإلغاء القرار المذكور وقبل أن يصدر حكم واجب النفاذ في الدعوى رقم 263 لسنة 36 ق فإذا ما حكمت المحكمة في الدعوى رقم 4794 لسنة 36 ق بانتهاء الخصومة في الدعوى فإن حكمها في هذا الشأن يكون متفقاً وصحيح حكم القانون. وبالنسبة لقرار الإزالة المطعون فيه فقد سبق في بحث الطعن رقم 2809 لسنة 31 ق أن القرار المذكور مخالف للقانون متعين الإلغاء ومن م يكون الطعن رقم 2375 لسنة 33 ق على غير سند من القانون، ويتعين الحكم برفضه وإلزام الجهة الإدارية بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بمصروفاتهما.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات