الطعن رقم 2606 لسنة 33 ق – جلسة 24 /04 /1990
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون – العدد الثاني – (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990)
– صـ 1665
جلسة 24 من إبريل سنة 1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد مينا حنا وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج – المستشارين.
الطعن رقم 2606 لسنة 33 القضائية
هيئة الشرطة – الترقية لرتبة اللواء.
المادة 19 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 – تكون الترقية إلى رتبة اللواء
بالاختيار المطلق ومن لا يشمله الاختيار يحال إلى المعاش مع ترقيته لرتبة اللواء إلا
إذا رأى المجلس الأعلى للشرطة لأسباب هامة عدم ترقيته – منح المشرع جهة الإدارة سلطة
تقديرية واسعة في انتقاء أفضل العناصر لتقلد المناصب القيادية بهيئة الشرطة تحقيقاً
للصالح العام – من لم يرق إلى هذه الوظيفة يحال إلى المعاش مع ترقيته لرتبة اللواء
– سلطة الإدارة في الحالة الثانية مقيدة بتوافر الأسباب الهامة – للقضاء الإداري وهو
بصدد بحث مشروعية القرار أن يراقب ركن السبب – تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 11/ 6/ 1987 أودع الأستاذ الدكتور أحمد ثابت عويضة المحامي
بصفته وكيلاً عن السيد/……. تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة في الحكم الصادر من محكمة
القضاء الإداري بجلسة 29 من يناير سنة 1987 في الدعوى رقم 3649 لسنة 38 ق المقامة من
الطاعن ضد المطعون ضده والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي
المصروفات، وطلب الطاعن في تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه وبإلغاء القرار موضوع الطعن وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الجهة الإدارية
بتعويض الطاعن عما لحقه من ضرر مادي وأدبي وبالمصروفات وأعلن تقرير الطعن بهيئة قضايا
الدولة بتاريخ 14/ 6/ 1987 وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن
اقترحت فيه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار
المطعون فيه فما تضمنه من إحالة الطاعن إلى المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وبأحقية
الطاعن في تعويض مناسب عن الأضرار المادية والأدبية الناجمة عن القرار المطعون فيه
وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 3/ 1988 وتدوول أمامها وبجلسة 15/ 6/ 1988
قررت الدائرة إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة وحددت
لنظره جلسة 11/ 10/ 1988 وبهذه الجلسة وما تلاها من جلسات سمعت المحكمة لملاحظات وإيضاحات
ذوي الشأن وأوجه دفاعهم على النحو المبين بمحاضر الجلسات وأرجأت النطق بالحكم لجلسة
اليوم وفيها صدر الحكم وتلى منطوقه علناً وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/……. (الطاعن) قد أقام الدعوى رقم
3649 لسنة 38 ق ضد وزير الداخلية بصفته بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
بتاريخ 16/ 4/ 1984 طلب فيها الحكم.
أولاً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك
من آثار.
ثالثاً: إلزام المدعى عليه بصفته بالتعويض عما لحقه من ضرر مادي وأدبي والمصروفات.
وأسس دعواه على أن السيد وزير الداخلية أصدر القرار رقم 149 لسنة 1984 بتاريخ 5/ 3/
1984 متضمناً ترقية المدعي إلى رتبة لواء مع إحالته إلى المعاش اعتباراً من 1/ 4/ 1984
وأنه تظلم من هذا القرار في المواعيد القانونية وإزاء عدم إنصافه فقد بادر بإقامة الدعوى
ناعياً على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون والانحراف بالسلطة، فضلاً عما ترتب
على القرار المطعون فيه من أضرار مادية وأدبية لحقت به، وطلب لذلك الحكم له بطلباته،
وقد قدم حافظتي مستندات تضمنتا صورة القرار محل الطعن وصوراً لبعض المكاتبات وصوراً
لبعض الشهادات التي منحت له وخطابات الشكر الموجهة له وصورة من التظلم من القرار المطعون
فيه ومذكرتين بدفاعه انتهى فيهما إلى طلب الحكم بطلباته، وقدمت الجهة الإدارية حافظتي
مستندات اشتملتا على ملف خدمة الطاعن وصورة من القرار المطعون فيه ومذكرة وزارة الداخلية،
كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين بدفاعها طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى استناداً
إلى الأسباب الموضحة تفصيلاً بهما.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 29/
1/ 1987 قضت بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وأقامت المحكمة قضاءها على أسباب محصلها
أن الحكمة التشريعية من وراء تخويل جهة الإدارة سلطة الاختيار المطلق في الترقية إلى
رتبة لواء عملاً بنص المادة 19 من قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971 مع إحالة من لا يقع
عليه الاختيار للترقية إلى المعاش هو ترك حرية الاختيار لجهة الإدارة فيتم تقليد المناصب
الرئاسية بحسب ما تقدره وتطمئن إليه من حيث توافر عناصر الكفاية والصلاحية وحتى ينفسح
المجال للترقي أمام عدد كبير من الضباط ابتغاء حسن سير المرفق العام، وتتميز هذه السلطة
التقديرية بأنها سلطة واسعة لا يحدها إلا عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها
وهذا العيب من العيوب القصدية التي يلزم إقامة الدليل عليها ولا يصح للقول بوجود دليل
على الانحراف بالسلطة أن المآخذ المأخوذة على الضابط لم تثبت بوجه قاطع، طالما أن ثمة
شبهات قوية تحمل الجهة الإدارية على الاعتقاد بعدم صلاحية الضابط للاستمرار في الخدمة
وقد أفصحت الجهة الإدارية عن سبب إحالة المدعي إلى المعاش في عدة مخالفات أوردها الحكم
تفصيلاً وأضاف أنه بالنسبة للمخالفة الأولى فإن الثابت من تقرير لجنة الفحص أن المدعي
هو الذي يقوم بتموين المقصف بالبضائع ويتحاسب على الأرباح مما يقطع بصحة الشكوى المقدمة
ضده بإدارة المقصف لحسابه الخاص، إلا أنه لم يبن من الأوراق اتخاذ أي إجراء فيما حواه
تقدير اللجنة من وقائع، وبالنسبة للوقائع الأخرى لم يثبت اتخاذ إجراء بشأنها، وبخصوص
الدعوى الماثلة فإن الجهة الإدارية قد استخدمت سلطتها التقديرية لاعتبارات قدرتها هي
ضعف شخصية المدعي وعدم نزاهته وتحقيق مكاسب شخصية خلال عمله وأنه لا يجوز الاحتجاج
في هذا الشأن بأن الجهة الإدارية لم تتخذ أي إجراء مع المدعي ولم تحقق معه لأن ذلك
لا ينفي أن ثمة وقائع معينة أعطت انطباعاً معيناً في سلوكيات المدعي ومن ثم تكون الجهة
الإدارية قد مارست سلطتها التقديرية في الحدود المرسومة بغير تعسف أو انحراف ويكون
طلب إلغاء القرار المطعون فيه غير قائم على أساس متعين الرفض.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم يقوم على مخالفته للقانون وما جرى عليه القضاء الإداري
من أنه متى أفصحت الجهة الإدارية عن أسباب قرارها فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء.
وإذ نسبت الجهة الإدارية إلى الطاعن وقائع جاءت مرسلة بغير دليل كضعف الشخصية وعدم
القدرة على التوجيه والإدارة وسايرها في ذلك الحكم المطعون فيه دون النظر إلى الوقائع
الثابتة التي تشهد بكفاءة الطاعن ونزاهته وتقاريره السرية الممتازة وحصوله على علاوات
تشجيعية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه
وبإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة قد نصت على
أن "تكون الترقية إلى رتبة لواء بالاختيار المطلق ومن لا يشمله الاختيار يحال إلى المعاش
مع ترقيته إلى رتبة لواء، إلا إذا رأى المجلس الأعلى للشرطة – لأسباب هامة – عدم ترقيته.
وتكون الترقية إلى الدرجات الأعلى بالاختيار المطلق "كما تنص المادة 20 من ذلك القانون
على أن "يصدر وزير الداخلية قرار ترقية الضابط بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة وتكون
الترقية نافذة من تاريخ صدور هذا القرار…. إلخ.
ومن حيث إنه يبين من المادة 19 أن المشرع أورد فيها نصاً يقضي بأن الترقية إلى رتبة
لواء تكون بالاختيار المطلق وهذا ينطوي على تخويل جهة الإدارة سلطة تقديرية واسعة في
انتقاء أفضل العناصر لتقلد المناصب القيادية بهيئة الشرطة، وأنه ولئن كان هذا الانتقاء
أو الاختيار يتم بين عناصر تتميز كلها بالصلاحية فإنه يتعين أن تجرى المفاضلة بين هذه
العناصر التي تتسم كلها بالصلاحية، وهذا هو ما تحتمه طبيعة الأمور أمام حشد من الضباط
ينتظرون الترقية لرتبة لواء ويتزاحمون على عدد محدود من الوظائف، وهنا لا بد من إجراء
المفاضلة بين هؤلاء المرشحين لاختيار أفضل العناصر التي يقع عليها الاختيار للترقية
وقد منح المشرع جهة الإدارة سلطة تقديرية واسعة في هذا الشأن تمارسها بهدف تحقيق الصالح
العام، ويتضح ذلك من مقارنة عجز المادة ذاتها التي تقضي بأن من لا يشمله الاختيار يحال
إلى المعاش مع ترقيته لرتبة لواء وبذلك قلب القاعدة التي كان منصوصاً عليها في المادة
17 من قانون هيئة الشرطة السابق رقم 61 لسنة 1964 والتي لم تكن تجيز ترقية الضابط المحال
إلى المعاش إلى رتبة لواء، وبذلك جعل المشرع ترقيته إلى رتبة لواء وجوبية إلا إذا كانت
هناك أسباب هامة يرى معها المجلس الأعلى للشرطة إحالة الضابط إلى المعاش دون ترقيته
إلى رتبة لواء، ففي هذه الحالة لا بد أن تكون هناك أسبابها وأن تكون هذه الأسباب على
درجة من الأهمية يرى معها المجلس الأعلى للشرطة عدم ترقيته ومن هنا يظهر الفارق بين
السلطة المخولة لجهة الإدارة في هذا الخصوص وهي سلطة مقيدة بتوافر الأسباب الهامة وبين
سلطة الترقية بالاختيار الرحبة التي تمارسها الإدارة بهدف تحقيق الصالح العام بانتقاء
أفضل العناصر لتولي المناصب القيادية بهيئة الشرطة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد نسبت إلى الطاعن المخالفات المالية
والإدارية الآتية:
1 – تشغيل مقصف وحدة العمليات الخاصة بإدارة الاحتياط المركزي لحسابه الخاص ومنع المتعهد
من تشغيله مما دفع المتعهد لتقديم شكوى بذلك.
2 – تقاضي مبالغ من هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية كحوافز لتأمين مبنى سنترال رمسيس
دون الحصول على موافقة سابقة من الوزارة.
3 – تقاضي مبالغ من اتحاد الإذاعة والتليفزيون على الرغم من سابقة رفض رئاسته لذلك.
4 – ارتكاب مخالفات مالية في ممارسة شراء شبكة وسلم ومجموعة من الحبال وخلافه.
5 – تكليف أحد مرءوسيه بإحضار كمية من الزلط اللازم لأعمال البناء من محجر والده دون
دفع ثمنها.
6 – عدم احترام مواعيد العمل بقيامه بالتدريس بمعهد أمناء الشرطة دون إخطاره جهة عمله.
7 – ضعف إشرافه على مرؤوسيه المسئولين عن أعمال المقاصف بمنطقة طره مما ترتب عليه صرف
مبالغ مالية من تلك المخصصة للترفيه على المجندين في أوجه صرف أخرى.
8 – أنه ليس قدوة حسنة وأنه يلزم مرءوسيه بتقديم هدايا له.
9 – مخالفته للتعليمات بعدم قيامه بتسليم جهازي لاسلكي عهدته لدى إخلاء طرفه من الإدارة
العامة لقوات الأمن المركزي.
10 – مخالفته للتعليمات لموافقته على قيام أحد الضباط بصرف مكافآت المجندين دفعة رديف
1/ 7/ 1983 بالرغم من أنه لم يكن مندوب صرف وأنه لا يجوز الإنابة في الصرف، هذا بخلاف
المعلومات الواردة من بعض أجهزة الوزارة والمدونة بمذكرة الدفاع والتي مفادها أن الطاعن
مشكوك في أمانته ولا يعد قدوة حسنة كما أنه معروف عنه عدم النزاهة بحصوله على هدايا
من مرءوسيه سواء الضباط أو الجنود ولو بالإكراه الأدبي وقد طلب من مرءوسيه بمصلحة السجون
إقامة حفلات وتقديم هدايا له مقابل منحهم تقدير امتياز في تقاريرهم السرية، وقد أقيم
فعلاً احتفال بمركز تدريب طره وقدمت له فيه ساعة حائط وقد نبه عليه مدير مصلحة السجون
بإعادة الهدايا – كما وردت معلومات تفيد أنه أساء استخدام الأخشاب التي يسحبها من مخازن
مصلحة السجون بطره لإنشاء ديكورات بمكتبه وأنه كثير الإلحاح في سحب أرباح مقاصف السجون
والتصرف فيها دون تقديم مستندات الصرف.
ومن حيث إن المحكمة – وهي بصدد بحث مشروعية القرار المطعون فيه – تلاحظ أنه بالنسبة
للمخالفة الأولى فقد ثبت أن السيد/……. متعهد تأجير مقصف وحدة العمليات الخاصة،
تقدم بشكوى ورد بها أنه لم يتمكن من القيام باستغلال هذا المقصف من تاريخ رسو المزاد
عليه حتى الآن، وتحقيقاً لهذه الشكوى شكلت لجنة قامت بالفحص والمعاينة وأعدت تقريراً
بنتيجة فحصها قدمته إلى مدير الإدارة العامة للاحتياط المركزي جاء به أنه ثبت من شهادة
المجندين الذين يديرون المقصف أن البضائع المعروضة للبيع بالمقصف مملوكة للطاعن وأنه
هو الذي يقوم بتموين المقصف بالبضائع ويتحاسب معهم على البيع بأرباح ونسب يقررها وخلصت
اللجنة في تقريرها إلى أن تلك الوقائع المنسوبة للطاعن تمثل مخالفات مالية، وإنها قامت
بتسليم المقصف للمتعهد، وإنه بالنسبة للمخالفتين الثانية والثالثة وهي حصوله على مبالغ
من هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية كحوافز لتأمين مبنى سنترال رمسيس، وحصوله على
مبالغ من اتحاد الإذاعة والتليفزيون كحوافز لتأمين مبنى الإذاعة والتليفزيون كل ذلك
دون الحصول على إذن مسبق من جهة العمل، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد حصل على
مبالغ من الجهتين المشار إليهما ولم ينكر ذلك وإن كان يبررها بجريان العادة في هذه
الجهات على صرف مثل هذه المبالغ وهو ادعاء لا يسبغ عليها المشروعية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المخالفات المشار إليها ثابتة في حق الطاعن ثبوتاً
قاطعاً مما يغني عن تعقب باقي المخالفات بالبحث والتحقيق إذ الحال ليس بصدد محاكمة
تأديبية عن مخالفات وقعت من الطاعن حتى يستتبع الأمر تقصي كل مخالفة وبحثها وتحقيق
أدلتها ووقائعها وبهدف الوصول إلى البراءة أو الإدانة، وإنما الأمر يقتصر هنا على النظر
لتلك المخالفات في مجموعها، وباعتبارها كافية لتكوين عقيدة جهة الإدارة واقتناعها بعدم
وقوع اختيارها على الطاعن للترقية إلى رتبة لواء وذلك حتى يمكن القول بأن قرار الإدارة
بعدم اختيار الطاعن للترقية إلى رتبة اللواء العامل كان قائماً على أساس سليم ومستنداً
إلى أسباب معقولة وتوخي الدقة في الاختيار وكان هدفه الصالح العام.
ومن حيث إنه وقد ثبت في حق الطاعن أن المخالفات المشار إليها والتي اعترف بها ودفع
الأولى بأن الفحص والتحقيق استند إلى شهادة الجندية وهي شهادة لا يعتد بها فترى المحكمة
أن العكس هو الصحيح ذلك لأن الجندي المجند لا يمكن أن يصدر عنه افتراء أو ادعاء غير
الواقع خاصة إذا كان ذلك متعلقاً بالطاعن وهو المدير المسئول الذي لا يتصور عقلاً أن
المجند يشهد عليه زوراً، كما أن جريان العادة على الحصول على مكافآت من هيئة التليفزيون
أو هيئة المواصلات السلكية لا يخول للطاعن الحصول على مقابل العمل المكلف به وهو الحراسة
وتأمين المباني وهو من صميم عمله، وإذ كانت هذه المخالفات ثابتة في حق الطاعن بالإضافة
إلى ما هو وارد بتحريات الوزارة من وقائع على النحو المشار إليه كل ذلك دعم اقتناع
جهة الإدارة – وهي بصدد إعمال نص المادة 19 من القانون رقم 109 لسنة 1971 – على عدم
اختيار الطاعن للترقية إلى رتبة لواء عامل ومن ثم صدر قرار إحالته إلى المعاش مع ترقيته
إلى رتبة لواء وتكون جهة الإدارة بذلك قد أعملت السلطة المخولة لها إعمالاً سليماً
وقام تقديرها على عناصر صحيحة وثابتة ولها أصل في الأوراق وهي عناصر كافية لتكوين عقيدتها
في عدم اختيارها للطاعن للترقية إلى رتبة لواء عامل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى هذا المذهب للأسباب الواردة به وخلص إلى رفض
طلب إلغاء القرار المطعون فيه، وإلى رفض طلب التعويض لمشروعية القرار محل الطعن فإنه
يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه ويكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض، وكذا رفض
طلب التعويض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلتزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
