الطعن رقم 759 لسنة 35 ق – جلسة 27 /03 /1990
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون – العدد الثاني – (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990)
– صـ 1486
جلسة 27 من مارس سنة 1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد مينا وفاروق علي عبد القادر ومحمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي – المستشارين.
الطعن رقم 759 لسنة 35 القضائية
( أ ) عاملون مدنيون بالدولة – انتهاء الخدمة – الاستقالة الضمنية.
القرارات السلبية بالامتناع عن إنهاء الخدمة بسبب الاستقالة الصريحة أو الانقطاع عن
العمل ليست من القرارات الواجب التظلم منها – أساس ذلك: المادتان 10 و12 من قانون مجلس
الدولة.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة – انتهاء الخدمة – الاستقالة الضمنية.
يجب لإعمال قرينة الاستقالة الضمنية مراعاة إجراء شكلي حاصله إنذار العامل كتابة وإعلامه
بما يراد اتخاذه حياله من إجراءات بسبب انقطاعه عن العمل وتمكينه من إبداء أعذاره.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة – انتهاء الخدمة – الاستقالة الضمنية.
قرينة الاستقالة الضمنية لا تتحقق إذا ثبت أن جهة الإدارة قد اتخذت ضد العامل المنقطع
إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع – إذا تقاعست جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات
التأديبية قبل العامل المنقطع عن عمله خلال تلك المدة أو شرعت في اتخاذها ولكن بعد
فوات المدة قامت القرينة القانونية باعتباره مستقيلاً ويتعين من ثم إصدار قرار بإنهاء
الخدمة وإعطاؤه ما يفيد ذلك.
(د) عاملون مدنيون بالدولة – انتهاء الخدمة – الاستقالة الضمنية.
لا يشترط للقول باتخاذ الإدارة للإجراءات التأديبية حيال العامل أن تبلغ النيابة الإدارية
بذلك للتحقيق وإقامة الدعوى التأديبية – يكفي في ذلك إحالة العامل المنقطع إلى أية
جهة من جهات التحقيق سواء الجهة التي يتبعها العامل أو بالهيئة الرئاسية لها.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 13/ 2/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها
نائبة عن السيد/ محافظ الفيوم سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها
تحت رقم 759 لسنة 35 ق ضد السيدة/ إيمان محمد عبد السلام سليمان وذلك في الحكم الصادر
من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات أ) بجلسة 19/ 12/ 1988 في الدعوى رقم 854
لسنة 43 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة
بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعية اعتباراً من تاريخ انقطاعها عن العمل وإعطائها ما
يفيد خلو طرفها ومدة خبرتها وألزمت الإدارة مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة
مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم
في الدعوى على الوجه الآتي: –
أولاً – بصفة أصلية: بعدم قبول طلب وقف التنفيذ في القرار المطعون عليه.
ثانياً – بصفة احتياطية: رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ثالثاً – من قبيل الاحتياط الكلي: رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده في جميع الأحوال
المصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 13/ 12/ 1989 تم إعلان المطعون ضدها بتقرير الطعن في موطنها المختار بالطريق
الإداري.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت
فيه الحكم (أولاً) بقبول الطعن شكلاً (ثانياً) رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه
مع إلزام جهة الإدارة المصروفات (ثالثاً) وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض
طلب وقف التنفيذ المقدم من المطعون ضدها مع إلزامها المصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائر فحص الطعون التي قررت بجلسة 17/ 1/ 1990 إحالة الطعن
إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت أمامها جلسة 27/ 2/ 1990 وفي
هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/ 3/ 1990 مع التصريح بالاطلاع
وتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 19/ 12/ 1988 وأقيم
الطعن الماثل بتاريخ 13/ 2/ 1989 أي خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة
44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه
الشكلية المقررة قانوناً فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع النزاع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ
12/ 11/ 1988 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 54 لسنة 43 ق، بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة
القضاء الإداري (دائرة التسويات) طلبت في ختامها الحكم:
أولاً – بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمتها وإعطائها
ما يفيد خلو طرفها.
ثانياً – وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام
الإدارة المصروفات.
وقد تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضر جلساتها،
وبجلسة 19/ 12/ 1988 أصدرت المحكمة حكمها الذي يقضي بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة
بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعية (المطعون ضدها) ومنحها شهادة
تفيد هذا الإنهاء وخلو طرفها وإلزام الإدارة بالمصروفات.
وقد أقامت قضاءها استناداً إلى أن الثابت من ظاهر الأوراق دون التعرض لأصل طلب الإلغاء،
أن المدعية انقطعت عن العمل بدون إذن اعتباراً من 10/ 9/ 1988 ثم استمرت منقطعة عن
العمل عازفة عن الوظيفة وقد أكدت جهة الإدارة ذلك بكتابها المشار إليه بالوقائع ومن
ثم فإنها تعتبر مقدمة لاستقالتها من الخدمة وفقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47
لسنة 1978 كما أن جهة الإدارة لم تقدم ما يفيد اتخاذها أي إجراء تأديبي ضدها خلال الشهر
التالي للانقطاع ومن ثم فإن خدمتها تعتبر بحسب الظاهر منتهية من تاريخ الانقطاع وفقاً
لهذا النص وكان يتعين على جهة الإدارة إصدار قرار بإنهاء خدمة المدعية وإعطاؤها شهادة
تفيد ذلك وخلو طرفها ومدة خبرتها وأية بيانات أخرى يطلبها الموظف من ملف خدمته وفقاً
لحكم المادة 263 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات ويكون امتناع الإدارة عن ذلك
مخالفاًَ للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، وبالنسبة لركن الاستعجال
فقد أشارت المحكمة في حكمها إلى أن امتناع الإدارة عن إنهاء خدمة العامل الذي انقطع
عن العمل وانتهت خدمته واعتباره مستقيلاً وفقاً لحكم القانون دون مبرر قانوني يمثل
عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال ما دام الثابت من جواز سفره أو بطاقته العائلية
أو الشخصية أنه موظف بها إذ أن الأمر يحتاج إلى موافقتها على السفر كما يمنعه من تغيير
بيانات بطاقته العائلية أو الشخصية وكذا عدم إفادته من مدة خبرته السابقة في الوظيفة
الجديدة عند تقدمه إلى عمل آخر يتكسب منه وهي كلها أمور تقيد حريته وتشكل قيداً عليها
وتتعارض مع ما كفله الدستور من حرية الانتقال والهجرة والعمل في حدود القانون، ومما
لا شك فيه أن الاعتداء على الحريات وتقييدها بلا موجب هو أبرز الصور التي يترتب عليها
نتائج يتعذر تداركها.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولاً لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعياً على
الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية: –
أولاً – أن القرار المطعون فيه مما يجب التظلم منه قبل رفع الدعوى بإلغائه، ولم يثبت
أن المطعون ضده قد تظلم من هذا القرار.
ثانياً – أن قرينة الاستقالة الحكمية المقررة في قوانين التوظف المختلفة مقررة لصالح
جهة الإدارة فلا يترتب عليها إنهاء خدمة العامل المنقطع عن العمل إعمالاً لهذه القرينة
حتماً وبقوة القانون.
ثالثاً – وعن طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه استند الطاعن إلى أن تنفيذ هذا الحكم
من شأنه أن تترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وهو ما يحق معه طلب وقف تنفيذه.
وبتاريخ 15/ 8/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها خلصت فيها إلى التصميم
على طلباتها الواردة بتقرير الطعن، كما أودعت بجلسة 20/ 12/ 1989 وأثناء نظر الطعن
أمام دائرة فحص الطعون حافظة مستندات اشتملت على كتاب إدارة الشئون القانونية بمديرية
التربية والتعليم بمحافظة الفيوم رقم 1308 المؤرخ 5/ 12/ 1989.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرارات
السلبية بالامتناع عن إنهاء الخدمة بسبب الاستقالة الصريحة أو الانقطاع عن العمل ليست
من القرارات الواجب التظلم منها بحسب المستفاد من أحكام المادتين 10، 12 من القانون
رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة، ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن فإن
قضاء هذه المحكمة قد استقر كذلك على أن المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام
العاملين المدنيين بالدولة التي تناولت الاستقالة الضمنية للعامل تتطلب لإعمال حكمها
مراعاة إجراء شكلي حاصلة إنذار العامل المنقطع كتابة بعد انقطاعه عن العمل وتجاوزه
المدة المقررة قانوناً، وفي ذات الوقت إعلامه بما يراد اتخاذه حياله من إجراءات بسبب
انقطاعه عن العمل وتمكينه من إبداء أعذاره، وأن قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة
من انقطاع العامل عن العمل بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية أو أكثر من ثلاثين
يوماً غير متصلة في السنة لا تتحقق إذا ثبت أن جهة الإدارة قد اتخذت ضد العامل المنقطع
"إجراءات تأديبية" خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل إلا أنه متى تقاعست الجهة الإدارية
عن اتخاذ الإجراءات التأديبية قبل العامل المنقطع عن عمله خلال تلك المدة أو شرعت في
اتخاذ هذه الإجراءات ولكن بعد فوات المدة، قامت القرينة القانونية باعتباره مستقيلاً،
ويتعين من ثم إصدار قرار بإنهاء خدمته وإعطاؤه ما يفيد ذلك.
ومن حيث إنه لا يشترط للقول باتخاذ الإدارة للإجراءات التأديبية حيال العامل المنقطع
أن تبلغ النيابة الإدارية بذلك للتحقيق وإقامة الدعوى التأديبية ضده، وإنما يكفي في
ذلك إحالة العامل المنقطع إلى أية جهة من جهات التحقيق المختصة سواء كانت هي إدارة
الشئون القانونية بالجهة الإدارية التابع لها العامل أو بالهيئة الرئاسية، أم كانت
هذه الجهة هي النيابة الإدارية إذ أن المعول عليه في هذه الحالة هو اتخاذ الجهة الإدارية
إجراء حيال العامل المنقطع ينبئ عن اتجاه إرادتها إلى التحقيق في أسباب الانقطاع ويستفاد
منها تمسكها باستمرار خدمة هذا العامل لديها ولا يشترط لنفيها قرينة الاستقالة الضمنية
أن تطلب الجهة الإدارية مباشرة إحالة العامل المنقطع إلى المحاكمة التأديبية، هذا هو
المستفاد من نص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 في شأن نظام العاملين المدنيين
بالدولة والتي تنص على أن "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية: –
1 – إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة
عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول… فإذا لم يقدم العامل أسباباً
تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 – إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة
في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة
الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية…" ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع
الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل
أو لالتحاقه بالخدمة في جهة أجنبية" ويبين من عبارة نص المادة 98 المشار إليها أنها
اكتفت لعدم إعمال قرينة الاستقالة الضمنية من جانب الجهة الإدارية، وهي قرينة مقررة
لصالح الإدارة، أن تتخذ هذه الجهة ضد العامل المنقطع عن عمله أي إجراء يدخل ضمن دائرة
الإجراءات التأديبية فقد وردت العبارة الدالة على ذلك في صيغة العموم ولم يرد بالنص
ما يخصصها ولم تشترط المادة أن يكون هذا الإجراء التأديبي بالإحالة إلى النيابة الإدارية
أو المحكمة التأديبية وإنما نصت على مجرد اتخاذ الإدارة "إجراءات تأديبية" أياً كانت
هذه الإجراءات، ويندرج فيها بلا شك إحالة العامل إلى التحقيق بمعرفة الشئون القانونية
للجهة التابعة لها أو رئاستها، وقد ورد النص على التحقيق كإجراء من الإجراءات التأديبية
في الفصل الحادي عشر من القانون رقم 47 لسنة 1978 في شأن العاملين المدنيين بالدولة
(المواد من 78 – 93) تحت عنوان (التحقيق مع العاملين وتأديبهم) ولم يفرق المشرع في
هذا الصدد بين تحقيق تقوم به الجهة الإدارية وتحقيق تجريه النيابة الإدارية.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم وإذ كان الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن المطعون
ضدها انقطعت عن العمل اعتباراً من 10/ 9/ 1988 واتخذت ضدها جهة الإدارة الإجراءات التأديبية
بإحالتها إلى التحقيق بمعرفة الشئون القانونية في 24/ 10/ 1988 أي خلال الشهر التالي
لمدة الانقطاع المتصلة ومقدارها خمسة عشر يوماً، فإنه من ثم تكون قرينة الاستقالة الضمنية،
وهي قرينة لصالح الإدارة كما سلف البيان، قد انتفت وبالتالي يضحي الطلب بإلغاء القرار
السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المطعون ضدها على غير سند من القانون، ويكون الحكم
المطعون فيه حين قضى بوقف تنفيذ هذا القرار السلبي قد وقع مخالفاً للقانون ومن ثم واجب
الإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184/ 1 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضدها المصروفات.