الطعن رقم 2289 لسنة 30 ق – جلسة 20 /03 /1990
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون – العدد الثاني – (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990)
– صـ 1421
جلسة 20 من مارس سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد السيد يوسف وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد – المستشارين.
الطعن رقم 2289 لسنة 30 القضائية
( أ ) عقد إداري – الأثر المترتب على عدم كتابة العقد.
العقد غير المكتوب وسيله غير مألوفة في المجال الإداري بسبب جنوح الإدارة عادة إلى
إثبات روابطها العقدية بالكتابة إلا أنه لا يزال يؤدي دوراً مكملاً لبعض أنواع العقود
الإدارية – للإدارة التحلل من الشكل الكتابي للعقود إلا أنه في معظم الحالات تتضمن
خطوات التعاقد وثائق مكتوبة حتى ولو لم يفرغ العقد في النهاية في وثيقة مكتوبة – يستند
القضاء أحياناً إلى هذه الوثائق المتبادلة بين الإدارة والأفراد للقول بقيام الروابط
التعاقدية حتى ولو كانت طبيعة العقد تستلزم الصورة الكتابية – تطبيق.
(ب) عقد إداري – سلطة جهة الإدارة في إنهائه بإرادتها المنفردة (تعويض).
للجهة الإدارية حق إنهاء العقود الإدارية بإرادتها المنفردة إذا قدرت أن الصالح العام
يقتضي ذلك – ليس للطرف الآخر المتعاقد معها إلا الحق في التعويض إن كان له وجه – الحق
المخول للجهة الإدارية ليس مطلقاً بل إنه مشروط بشرطين: الأول أن يقتضي الصالح العام
أو صالح المرفق إنهاء العقد. والثاني: أن تتوافر لقرار الإنهاء كافة الشروط اللازمة
لمشروعية الأعمال المبنية على سلطة تقديرية أي ألا يكون القرار مشوباً بالانحراف بالسلطة
– تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 14/ 6/ 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة
قضايا الدولة حالياً) نيابة عن السيدين/ محافظ القاهرة ورئيس حي جنوب القاهرة – سكرتارية
المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2289 لسنة 30 ق ضد السيد/ علي
زيد نوار في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة
15/ 4/ 1984 في الدعوى رقم 678 لسنة 34 ق المقامة من المطعون ضده على الطاعنين والذي
قضى بإلزام المدعى عليه الثاني بصفته بأن يدفع مبلغ 500 جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون
ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 4/ 7/ 1984 تم إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن في موطنه المختار – وقدمت هيئة
مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً
وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة / / 19 إحالة الطعن إلى
المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة – وحددت لنظره أمامها جلسة / / 198 وتدوول
نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 30/
1/ 1990 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/ 3/ 1990 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات
لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات – وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 15/ 4/ 1984 وأقيم
الطعن الماثل بتاريخ 14/ 6/ 1984 أي خلال ميعاد الستين يوماً المقررة قانوناً، وإذ
استوفى الطعن سائر الأوضاع الشكلية الأخرى فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ
6/ 5/ 1984 أقام المطعون ضده الدعوى رقم أمام محكمة بنها الجزئية طلب في ختام صحيفتها
الحكم بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) بدفع مبلغ 250 جنيهاً كتعويض والمصاريف ومقابل
أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه أنه بناء على إعلان حي جنوب القاهرة فقد تقدم بعرض
للحي مؤداه التزامه بالقيام بكافة إجراءات الدعاية وبيع السلع والخدمات وخلافه، ورد
عليه الحي بكتابه المؤرخ 1/ 4/ 1973 بأنه تقرر قبول عرضه ويكلف باتخاذ اللازم نحو تأجير
المعدات المعلن عنها للحي والمحدد لها جلسات 2، 5، 8/ 4/ 1973 وما يستجد من جلسات حتى
يتم التأجير، وذلك لقاء أتعاب قدرها 5% من جملة الإيجار عن مدة منح الاستغلال، وبعد
أن هيأ المطعون ضده نفسه للعمل واتخذ الإجراءات العملية فوجئ بالحي برياسة المدعى عليه
الثاني (الطاعن الثاني) يخطره بكتاب مؤرخ 20/ 4/ 1973 بعدم القيام بالمزاد وبسحب التكليف
الصادر إليه.
وأضاف المطعون ضده في عريضة دعواه أمام محكمة بنها الجزئية بأنه لما كان العقد قد تم
بالإيجاب الصادر منه الذي لاقى قبولاً من المدعى عليه الثاني (الطاعن الثاني) فإنه
لا يجوز العدول عنه بالإرادة المنفردة، وأنه قد أصابه أضرار مادية وأدبية بسبب ذلك،
ولذلك فإنه يطالب بمبلغ 250 جنيهاً كتعويض عن هذه الأضرار، وهو مبلغ لا يتوازى إطلاقاً
مع ما أصابه من أضرار.
وبجلسة 5/ 10/ 1974 قررت محكمة بنها الجزئية إحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية
(جنوب) باتفاق الطرفين.
وبجلسة 14/ 3/ 1976 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها والإحالة إلى
محكمة عابدين الجزئية للاختصاص لأن قيمة الدعوى 250 جنيهاً وقيدت الدعوى بجدول المحكمة
الأخيرة برقم 335 لسنة 78 وبجلسة 30/ 5/ 1976 قررت المحكمة إحالة الدعوى للخبير لتحديد
خطأ المدعى عليهما والضرر الذي لحق المدعي، وأودع الخبير تقريره في هذا الشأن، وبجلسة
22/ 5/ 1977 أحيلت الدعوى إلى الدائرة 28 بمحكمة جنوب القاهرة وعدل المدعي طلباته أمام
المحكمة الأخيرة في مواجهة الحاضر عن المدعى عليهما طالباً الحكم بإلزامهما بالتضامن
معاً بأن يدفعا له مبلغ 1314 جنيهاً قيمة العمولة المستحقة بواقع 5% من العمليات التي
تمت بمعرفة المدعى عليهما خروجاً على العقد، ومبلغ 10000 جنيه عما أصابه من أضرار أدبية
مع إلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب.
وبجلسة 9/ 12/ 1979 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر
الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة وتنفيذاً لهذا الحكم وردت
الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بجدولها تحت رقم 678 لسنة 34 ق، وأودعت هيئة
مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بإلزام المدعى عليهما بدفع
التعويض المناسب للمدعي وإلزامهما بالمصروفات.
وقدم المدعي مذكرة بدفاعه طلب فيها إلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له قيمة العمولة
المستحقة له وقدرها 5% من إجمالي قيمة إيجار الثلاث معديات موضوع التكليف حسب ما ورد
بتقرير الخبير وحسب العقد المبرم مع المدعي ومجلس حي جنوب القاهرة وإلزام المدعى عليهما
بأن يؤديا له مبلغاً وقدره 20 ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب.
وبجلسة 15/ 4/ 1984 حكمت محكمة القضاء الإداري بإلزام المدعى عليه بان يؤدي للمدعي
مبلغ 500 جنيه والمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها تأسيساً على أن الثابت من الأوراق
أن المحافظة أرسلت إلى المدعي كتابيها المؤرخين 1/ 4/ 1973، 2/ 4/ 1973 كلفته فيهما
بموجب الكتاب الأول باتخاذ إجراءات تأجير المعديات بنفقات يتحملها مقابل 5% من جملة
الإيجار الراسي به المزاد، وقد أشار هذا الكتاب إلى العرض المقدم من المدعي ومن ثم
فإنه بالبناء على ما تقدم تكون ثمة علاقة تعاقدية بين طرفي الدعوى قد تمت، وأضافت المحكمة
أنه بالنسبة لعناصر التعويض فالثابت أنه قد تم الاتفاق على نسبة 5% من جملة الإيجار،
يبين أن المدعي لم يقم باتخاذ أية إجراءات نحو تأجير المعديات ولم ينفق أية مصاريف
للنشر والرد عليه، ومن ثم فإن المحكمة تقدر تعويضاً للمدعي بسحب التكليف الصادر إليه
باتخاذ إجراءات تأجير تلك المعديات وتفويت الفرصة عليه للحصول على عائد من هذه العملية
بمبلغ 500 جنيه يلزم بها المدعى عليه الثاني باعتباره صاحب الصفة في الدعوى.
وإذ لم يلق حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاما طعنهما
الماثل استناداً إلى الأسباب الآتية:
أولاً) مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المدعى
عليهما لم يصدر من أي منهما خطأ تجاه المدعي، حتى يمكن القول بمسئوليتهما عن تعويض
ما يزعمه من أضرار لحقته، ذلك أن تأجيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأجير المعديات محل
الدعوى قد جاء تحقيقاً وتوخياً للصالح العام وصالح المرافق، ومن ثم انتفى الركن الأول
للمسئولية الموجبة للتعويض، بالإضافة إلى ذلك فإن عنصر الضرر هو الآخر لا وجود له،
إذ واقع الدعوى أن المدعي لم يقم باتخاذ أي إجراءات بشأن تأجير المعديات، وأنه لذلك
لم ينفق أية مصاريف في هذا الخصوص وقد أثبت الحكم المطعون فيه ذلك، ومن ثم فإن ركن
الضرر هو الآخر يكون منتفياً شأنه في ذلك شأن ركن الخطأ، ومن ثم فإن مسئولية المدعى
عليهما تكون منتفية بالنظر إلى عدم توافر أركانها.
ثانياً) الفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم المطعون فيه استظهر خطأ وجود علاقة بين طرفي
الدعوى، والواقع أن مثل هذه العلاقة لا وجود لها ذلك أن المدعى عليهما لم يتخذ أي منهما
الإجراءات اللازمة التي نص عليها القانون للتعاقد، ولذلك فإن تعاقداً بين طرفي الدعوى
لم يتم، ولا ترقى الخطابات المتبادلة بين طرفي الدعوى إلى درجة القول بأن هناك إيجاباً
وقبولاً، فلا إيجاب من المدعي أو قبول من المدعى عليهما، ومن ثم فلا مجال للحكم بالتعويض
وقد انتفت كل علاقة تمت إلى العقد بصلة.
ثم خلص الطاعنان في ختام تقرير الطعن إلى طلب الحكم لهما بطلباتهما الواردة بصدر هذا
الحكم.
وبجلسة 30/ 4/ 1988 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودعت هيئة قضايا الدولة
مذكرة أولية بدفاعها خلصت فيها إلى التصميم على طلباتها الواردة في تقرير الطعن ثم
عادت وأودعت بجلسة 27/ 12/ 1988 مذكرة أخرى مماثلة وبجلسة 30/ 1/ 1990 أودعت الهيئة
المذكورة مذكرة ثالثة بدفاعها صممت فيها أيضاً على الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يتحدد في استظهار مدى قيام علاقة تعاقدية بين
المطعون ضده والجهة الإدارية.
ومن حيث إن العقد الإداري شأنه في ذلك شأن سائر العقود التي تخضع لأحكام القانون الخاص
ويتم بتوافق إرادتين تتجهان إلى إحداث أثر قانوني هو إنشاء التزام أو تعديله.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن العقد غير المكتوب وسيلة
غير مألوفة في المجال الإداري بسبب جنوح الإدارة عادة إلى إثبات روابطها العقدية بالكتابة
إلا أنه لا يزال يؤدي دوراً مكملاً لبعض أنواع العقود الإدارية.
ومن حيث إن للإدارة التحلل من الشكل الكتابي للعقود، إلا أنه في معظم الحالات تتضمن
خطوات التعاقد وثائق مكتوبة، حتى ولو لم يفرغ العقد في النهاية في وثيقة مكتوبة ويستند
القضاء أحياناً إلى هذه الوثائق المتبادلة بين الإدارة والأفراد للقول بقيام الروابط
التعاقدية حتى لو كانت طبيعة العقد تستلزم الصورة الكتابية.
( د. سليمان الطماوي الأسس العامة للعقود الإدارية، ودراسة مقارنة، الطبعة الرابعة
1984، صفحة 336 وما بعدها).
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم وإذ كان الثابت من الأوراق أن حي جنوب القاهرة كان قد
عهد إلى المطعون ضده باتخاذ اللازم نحو تأجير المعديات المعلن عنها بمعرفة الحي والمحدد
لها جلسات 2، 5، 8/ 4/ 1973 وما يستجد من جلسات حتى يتم التأجير على أن يتحمل هو (المطعون
ضده) مصاريف الدعاية والنشر، وأن يتقاضى أتعاباً قدرها 5% من جملة الإيجار عن مدة الاستغلال
يتحملها الراسي عليه المزاد، وعلى أن يوافي الحي بكافة الإجراءات التي يتخذها في هذا
الشأن في حدود قانون المناقصات وذلك بكتاب الحي المؤرخ 1/ 4/ 1973 والذي أشار إلى العرض
المقدم من المطعون ضده، وبتاريخ 2/ 4/ 1973 أي في اليوم التالي ورد للمطعون ضده كتاب
حي جنوب القاهرة الذي يخطره فيه بتأجيل جلسات مزاد تأجير المعديات سالف الذكر، ويطلب
منه عدم القيام بأية إجراءات، وقد تبين من تقريري الخبرة المرفقين بالأوراق أن السبب
في ذلك هو تأشيرة سكرتير عام الحي بتأجيل جلسات المزاد وإحالة أوراق المعديات جميعها
إلى الإدارة العامة بمحافظة القاهرة أسوة بما اتبع في مزايدات الكازينوهات للصالح العام،
ثم قام حي جنوب القاهرة بناء على طلب محافظة القاهرة بتأجير المعديات في جلسات 16،
18، 20/ 3/ 1973 بمبلغ إجمالي للمعديات الثلاث وقدره 26340 جنيهاً لمدة ثلاث سنوات.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن حي جنوب القاهرة قد أرسل للمطعون ضده كتابيه المؤرخين
1/ 4/ 1973، 2/ 4/ 1973 مما يثبت وجود علاقة بين الطرفين وأن هذه العلاقة تكاملت لها
عناصر العقد لأن الكتاب الأول المؤرخ 1/ 4/ 1973 والذي تم بمقتضاه تكليف المطعون ضده
باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأجير المعديات بنفقات على حسابه مقابل 5% من جملة الإيجار
يتحملها الراسي عليه المزاد، هذا الكتاب قد أشار صراحة في صدره إلى العرض المقدم من
المطعون ضده أي أنه ثمة إيجاباً قد صدر من المطعون ضده صادفه قبول من حي جنوب القاهرة
كما أن شروط التعاقد تضمنها الكتاب الذكور ومن ثم يكون قد توافر في المنازعة أركان
العقد الإداري.
ومن حيث إنه متى ثبت ما تقدم، فإنه يتعين بحث مدى مسئولية الإدارة عن إنهاء العقد بإرادتها
المنفردة، ومن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن للجهة الإدارية حق إنهاء العقود الإدارية
التي تبرمها بإرادتها المنفردة إذا قدرت أن الصالح العام يقتضي ذلك وليس للطرف الآخر
المتعاقد معها إلا الحق في التعويض إن كان له وجه، هذا مع ملاحظة أن هذا الحق المخول
للجهة الإدارية ليس مطلقاً، بل أنه مشروط بشرطين: الأول – أن يقتضي الصالح العام أو
صالح المرفق إنهاء العقد. والثاني – أن تتوافر لقرار الإنهاء كافة الشروط اللازمة لمشروعية
الأعمال المبنية على سلطة تقديرية (أي ألا يكون القرار مشوباً بالانحراف بالسلطة).
(د. سليمان الطماوي المرجع السابق صفحة 71).
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان قرار حي جنوب القاهرة بإنهاء التعاقد بإرادته المنفردة
مع المطعون ضده وقبل استنفاذ الغرض الذي أبرم العقد من أجله، لا تبرره ظروف الحال،
إذ اعتبارات المصلحة العامة التي تضمنتها تأشيرة سكرتير عام الحي لا شك أنها كانت قائمة
حينما أرسل كتابه الأول المؤرخ 1/ 4/ 1973 وإذا كان هناك ثمة خطأ في التقدير فيجب ألا
يتحمله المطعون ضده، وقد ترتب على ذلك ضرر أصاب المطعون ضده، إذ فوتت الإدارة بحسب
التكليف الصادر إليه الفرصة للحصول على عائد من هذه العملية وتوافرت لذلك علاقة السببية،
ومن ثم تتكامل أركان المسئولية الإدارية إلا أنه لما كان الثابت من تقريري مكتب الخبراء
أنه لم يلحق بالمطعون ضده أية أضرار خاصة وأنه لم يقم باتخاذ إجراءات نحو تأجير المعديات
ولم ينفق أية مصروفات ولما كان الثابت من الأوراق أيضاً أن المطعون ضده أقام دعواه
بداءة أمام محكمة بنها الجزئية طالباً الحكم بتعويض قدره 250 جنيهاً فقط عما أصابه
من أضرار مادية وأدبية ثم عاد وعدل طلباته بجلسة 18/ 4/ 1978 أمام محكمة جنوب القاهرة
الابتدائية (الدائرة 28 تعويضات) إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) بدفع
مبلغ 1314 جنيهاً قيمة أتعاب ومبلغ عشرة آلاف جنيه قيمة التعويض عن الأضرار المادية
والأدبية التي لحقته، ولما كانت طلبات المطعون ضده لم تتضمن الأسس التي يتم بناء عليها
رفع قيمة التعويضات لذلك فإن المحكمة ترى أن قيمة التعويض الذي يجبر كافة الأضرار المادية
والأدبية التي لحقت المطعون ضده نتيجة قيام حي جنوب القاهرة بإنهاء تعاقده معه بإرادته
المنفردة هو مبلغ 150 جنيهاً لاسيما وأن التزام المطعون ضده قبل جهة الإدارة لم يتجاوز
يوماً واحداً.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184/ 1 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 150 جنيهاً (مائة وخمسين جنيهاً) وإلزامها المصروفات.
