الطعن رقم 780 لسنة 48 ق – جلسة 14 /04 /1983
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 34 – صـ 964
جلسة 14 من أبريل سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد ضياء عبد الرازق، محمد رأفت خفاجي، محمد سعيد عبد القادر وماهر قلاده.
الطعن رقم 780 لسنة 48 القضائية
إيجار "إيجار الأماكن": "التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار".
الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار. ماهية كل منهما. حظر التأجير من الباطن أو
التنازل عن الإيجار بغير إذن كتابي. م 32/ ب قانون 52/ 1969، 31/ ب قانون 49/ 1977.
مؤداه. قصر الإذن على أحدهما. أثره. وجوب الالتزام بحدوده دون توسع فيه أو القياس عليه.
لا محل لأعمال المادة 594 مدني. علة ذلك.
المقرر قانوناً أن الإيجار من الباطن يختلف عن التنازل عن الإيجار، ففي الإيجار من
الباطن تبقي العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلي،
وتسري على العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن،
فلا ينشئ العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي – مالك
العقار – في حين أن التنازل عن الإيجار ينشئ مثل هذه العلاقة بينهما، مع ما يترتب على
ذلك من أثار قانونية، لما كان ذلك وكان القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن
وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين قد أجاز في المادة 32/ ب منه، والمقابلة للمادة
31/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 للمؤجر بأن يطلب إخلاء المكان المؤجر "إذا أجر المستأجر
المكان المؤجر من الباطن أو تنازل عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير أذن كتابي
صريح من المالك" مؤدى هذا النص أن الأصل في قانون إيجار الأماكن هو منع المستأجر الأصلي
من التأجير من الباطن أو التنازل عن المكان المؤجر أو تركه للغير إلا بإذن كتابي من
المالك، فإذا ما قصر المالك الأذن على التأجير من الباطن تعين الالتزام بحدود هذا الإذن
دون توسع فيه أو قياس على الحالة المأذون بها فيظل المنع الوارد بنص القانون سارياً
بالنسبة لغير ما أذن به، ولا يجوز للمستأجر الأصلي عندئذ أن يتنازل عن الإيجار للغير،
ولا يغير من ذلك ما تقضي به المادة 594 مدني من أن "منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن
يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس" ذلك أنه فضلاً عن أن هذا النص قد عرض
لحالة المنع من الإيجار من الباطن أو من التنازل عن الإيجار دون حالة الأذن بأيهما
فإنه قد ورد ضمن القواعد العامة للإيجار في القانون المدني، حيث الأصل ووفقاً لنص المادة
593 منه وعلى خلاف قانون إيجار الأماكن أن "للمستأجر حق النزول عن الإيجار أو الإيجار
من الباطن وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك" فلا محل للتحدي
به في هذه الحالة بالنسبة للعين التي تخضع لقانون إيجار الأماكن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3468 لسنة 1976 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهم
بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها له, وقال بياناً للدعوى أنه بموجب
عقد مؤرخ 16/ 2/ 1957 أستأجر المرحوم…. والد المطعون ضده الأول شقة النزاع من مالكها
السابق الذي تلقي عنه ملكية العقار، وأن المطعون ضده الأول قد تنازل عنها إلى المطعون
ضدهما الثاني والثالث بدون إذن كتابي منه. قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى. استأنف
الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 1230 لسنة 94 ق القاهرة، وبجلسة 25/ 2/ 1978 قضت المحكمة
الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة
العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من مغير ذي صفة استناداً إلى أن التوكيل
المقدم من محامي الطاعن قاصر على الطعن بالاستئناف دون النقض وأبدت الرأي في الموضوع
بنقض الحكم. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة وفيها التزمت النيابة
رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن في غير محله، ذلك أن البين من الاطلاع
على التوكيل المقدم من محامي الطاعن رفق صحيفة الطعن أن اشتمل في نصه المطبوع على توكيل
عام في الطعن بالنقض، وأنه وإن وردت به عبارة مكتوبة تفيد أنه خاص بالقضية رقم 1230
لسنة 94 ق، إلا أنه وقد صدور التوكيل عن الطاعن في 22/ 4/ 1978 بعد صدور الحكم الاستئنافي
المطعون فيه، فإن هذه العبارة لا يمكن حملها إلا على أن المراد بها تخصيص التوكيل للطعن
بالنقض في الحكم بالنقض في الحكم الصادر في هذه القضية.
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك
يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على سند
من القول بأن سلفه – الذي تلقى عنه ملكية العقار – قد أذن كتابي لوالد المطعون ضده
الأول في التأجير من الباطن، مما يجيز لخلفه التنازل عن الإيجار عملاً بمفهوم نص المادة
594 من القانون المدني التي سوت بين الأمرين، في حين أن الأصل في تشريع إيجار الأماكن
هو منع المستأجر الأصلي من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار إلا بإذن كتابي
من المؤجر فإذا ما أذن المؤجر للمستأجر الأصلي كتابة بالتأجير من الباطن تعين الالتزام
بحدود هذا الأذن ولم يجز التوسع فيه بجعله شاملاً للتنازل عن الإيجار بمقولة أن المادة
594 من القانون المدني قد سوت بينهما، وذلك أن هذه المادة لم تسو بين الأمرين إلا في
حالة المنع من أحدهما دون حالة الأذن به, مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر قانوناً أن الإيجار من الباطن يختلف عن التنازل
عن الإيجار، ففي الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة
لأحكام عقد الإيجار الأصلي، وتسري على العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن
أحكام عقد الإيجار من الباطن، فلا ينشئ العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من
الباطن والمؤجر الأصلي, في حين أن التنازل علن الإيجار ينشئ مثل هذه العلاقة بينهما،
مع ما يترتب على ذلك من أثار قانونية، لما كان ذلك, وكان القانون رقم 52 لسنة 1969
في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين قد أجاز في المادة 32/
ب منه، – والمقابلة للمادة 31/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 – للمؤجر أن يطلب إخلاء
المكان المؤجر "إذا أجر المستأجر المكان المؤجر من الباطن أو تنازل عنه أو تركه للغير
بأي وجه من الوجوه بغير أذن كتابي صريح من المالك" ومؤدى هذا النص أن الأصل في قانون
إيجار الأماكن هو منع المستأجر الأصلي من التأجير من الباطن أو التنازل عن المكان المؤجر
أو تركه للغير إلا بإذن كتابي من المالك، فإذا ما قصر المالك الإذن على التأجير من
الباطن تعين الالتزام بحدود هذا الأذن دون توسع فيه أو قياس على الحالة المأذون بها,
فيظل المنع الوارد بنص القانون سارياً بالنسبة لغير ما أذن به، ولا يجوز للمستأجر الأصلي
عندئذ أن يتنازل عن الإيجار للغير. ولا يغير من ذلك ما تقضي به المادة 594 من القانون
المدني من أن "منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار
وكذلك العكس" ذلك أنه فضلاً عن أن هذا النص قد عرض لحالة المنع من الإيجار من الباطن
أو من التنازل عن الإيجار دون حالة الأذن حالة الأذن بأيهما, فإنه قد ورد ضمن القواعد
العامة للإيجار في القانون المدني حيث الأصل – ووفقاً لنص المادة 593 منه وعلى خلاف
قانون إيجار الأماكن – أن "للمستأجر حق النزول عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك
عن كل ما استأجره أو بعضه ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك "فلا محل للتحدي به في هذه الحالة
بالنسبة للعين التي تخضع لقانون إيجار الأماكن. لما كان ما تقدم وكان الثابت في الدعوى
أن عقد الإيجار الأصلي لعين النزاع قد تضمن إذاناً كتابياً من المؤجر للمستأجر بالتأجير
من الباطن، فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه – إذ أقام قضاءه برفض دعوى
الطاعن على القول بأن هذا الأذن يجيز للمطعون ضده الأول التنازل عن الإيجار للمطعون
ضدهما الثانية والثالث مستنداً في ذلك إلى أن المادة 594 من القانون المدني قد سوت
بين الأمرين، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب
الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 1230
لسنة 94 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء عين النزاع..
