الطعن رقم 909، 931 لسنة 49 ق – جلسة 06 /04 /1983
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 34 – صـ 904
جلسة 6 من أبريل سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.
الطعن رقم 909، 931 لسنة 49 القضائية
1 – مسئولية "مسئولية الناقل الجوي". تعويض.
مسئولية الناقل الجوي مناطها. مبناها خطأ مفترض من جانب الناقل له دفع المسئولية بإثبات
اتخاذ التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو استحالة اتخاذها. اتفاقية فارسوفيا المعدلة.
2 – استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
محكمة الاستئناف. ليس لها أن تفصل في أمر لم يعرض على محكمة أول درجة أو تسوئ مركز
المستأنف بالاستئناف المرفوع منه. م 235 مرافعات. مثال في تعويض.
1 – المستفاد من نصوص المواد 17، 20، 22 من اتفاقية فارسوفيا الدولية للطيران المدني
المعدلة ببروتوكول لاهاي الذي وافقت عليه مصر بالقانون رقم 644 لسنة 1955 – وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الناقل الجوى يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة
وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة
أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط، وهذه المسئولية مبنية على خطأ مفترض في جانب الناقل
ولا ترتفع عنه إلا إذا اثبت هو أنه وتابعيه قد اتخذا كل التدابير اللازمة لتفادي وقوع
الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها.
2 – الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور
الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط ومفاد نص المادة 235 من قانون المرافعات
أنه لا تقبل طلبات جديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها، فلا
يجوز إضافة أي طلب جديد لم يكن قد أبدى أمام محكمة أول درجة إلا أن يكون هذا الطلب
في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من تلك المادة، مما لا يجوز
معه لمحكمة الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر لم يكن معروضاً على محكمة أول درجة أو
أن تسوّئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه إذ لا يضار طاعن بطعنه. لما كان
ذلك وكان الطاعنون قد قصروا طلب التعويض أما محكمة أول درجة على ما أصابهم من أضرار
من جراء فقد مورثهم, وقضى الحكم الابتدائي بالتعويض الذي قدره جابراً لهذه الأضرار.
وإذ رفع الاستئناف من الطاعنين بطلب زيادة مبلغ التعويض المحكوم به وطلبوا أمام محكمة
الاستئناف تقدير التعويض الموروث عما أصاب مورثهم من جراء الحادث وقضى الحكم المطعون
فيه باعتبار المبلغ المحكوم به جابراً للأضرار التي أصابت الطاعنين وتلك التي أصابت
مورثهم ولم تكن محل طلب أمام محكمة أول درجة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أساء إلى
مركز الطاعنين باستئنافهم ذلك أن مقتضى الحكم المطعون فيه إنقاص مبلغ التعويض المحكوم
به عن الأضرار التي أصابتهم فيكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون
عليهم الثلاثة الأول في الطعن رقم 909 سنة 49 القضائية أقاموا الدعوى رقم 419 سنة 1975
مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين في الطعن المذكور بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين
بأن يدفعا لهم مبلغ 30000 جنيهاً وقالوا شرحاً للدعوى أن مورثهم المرحوم… كان ضمن
ركاب الطائرة التابعة للطاعنين التي سقطت بتاريخ 21/ 2/ 1973 بصحراء سيناء واحترقت
بمن فيها نتيجة خطأ قائدها التابع للطاعنين خطأً جسيماً أدى إلى وفاة المورث المذكور،
ولما كان الطاعنان مسئولين عن خطأ تابعهما عن مسئوليتهما باعتبارهما طرفاً في عقد النقل
الذي يلتزم الناقل بموجبه بتوصيل المسافر سليماً إلى جهة الوصول، فقد أقاموا الدعوى
بطلبهم سالف البيان. وبتاريخ 13/ 12/ 1976 اختصم الطاعن الأول الشركة المطعون عليها
الرابعة لإلزامها بما قد يحكم به عليه. وبتاريخ 3/ 12/ 1977 حكمت المحكمة بمبلغ 10000
جنيهاً للمطعون عليهم الثلاثة الأول وبعدم اختصاصها ًبنظر دعوى الضمان الفرعية. استأنف
الطاعن الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4611 سنة 94 ق مدني
واستأنفه الطاعن الثاني بالاستئناف رقم 104 سنة 95 ق مدني، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين
الأخير للأول حكمت بتاريخ 29/ 2/ 1979 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا
ا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 909 سنة 49 القضائية كما طعن فيه المطعون عليهم الثلاثة
الأول بالطعن رقم 931 سنة 49 القضائية، وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل من الطعنين
أبدت فيهما الرأي برفض الطعن الأول وفي الطعن الثاني بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض
الطعن الأول على هذه الدائرة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره
وأحيل إليها الطعن الثاني من دائرة أخرى وقررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول
والتزمت النيابة رأيها.
أولاً: عن الطعن رقم 909 سنة 49 القضائية:
حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون، وإذ لم يرتب الأثر القانوني للسبب الأجنبي الواقع من شخص متعمد لإعفاء
الناقل من المسئولية في هذه الحالة، فإذا نسب خطأ إلى قائد الطائرة آنفة الذكر لانحرافه
عن خط سيرها المقرر، فإن هناك خطأ آخر استغرق هذا الخطأ هو إسقاط الطائرة بقذائف المدافع
الإسرائيلية مع أنها طائرة مدنية، مما ترتب عليه احتراقها ووفاة مورث المطعون عليهم
الثلاثة الأول، وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المستفاد من نصوص المواد 17، 20، 22 من اتفاقية فارسوفيا
الدولية للطيران المدني المعدلة ببروتوكول لاهاي الذي وافقت عليه مصر بالقانون رقم
644 سنة 1955 – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الناقل الجوى يكون مسئولاً عن
الضرر الذي وقع في حال وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر
قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط، هذه المسئولية مبنية على
خطأ مفترض في جانب الناقل ولا ترتفع عنه إلا إذا أثبت هو أنه وتابعيه قد اتخذوا كل
التدابير اللازمة لتفادي وقوع الضرر أو كان من المستحيل عليهم اتخاذها، وإذا التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون – لما كان ذلك وكان لمحكمة
الموضوع تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وتقضي بما يطمئن إليه وجدانها
وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله, وكان حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم
المطعون فيه وأخذ بأسبابه بعد أن سرد وقائع الدعوى عرض لدفاع الخصوم ورد على دفاع الطاعنين
في هذا الخصوص فإنه تبين من تقرير الخبراء المودع ملف الدعوى أن قائد الطائرة أخطأ
خطأ جسيماً في قيادة الطائرة وتقاعس عن اتخاذ أي إجراء ليصحح مسار الطائرة رغم علمه
بانحرافها…. وأهمل إهمالاً جسيماً في تنفيذ القواعد الدولية المقررة أثناء الطيران
ولم يقم بواجبه المنوط به وكان من الممكن أن يتوقي سبب الضرر وأن يتلافى وقوعه فيما
لو استجاب إلى إنذار الطائرات الإسرائيلية وهبط حسب التعليمات، أما وقد أقلع ثانية
عندما لاحظ ابتعاد الطائرات المقاتلة، فترى المحكمة أن عناصر الخطأ وعدم الاكتراث قد
توافرت في حقه، وعلى فرض وجود خطأ الغير، فإن هذا الخطأ استغرق كل خطأ صادر من الغير…"
لما كان ما تقدم فإن محكمة الموضوع قد خلصت في حدود سلطتها التقديرية إلى وقوع خطأ
جسيم من قائدة الطائرة سالفة الذكر أدى إلى وقوع الحادث مما تتوافر به مسئولية الناقل
وقد أقام الحكم قضاءه في هذا الشأن على ما يكفي لحمله، ومن ثم فإن هذا النعي لا يعدو
أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام
محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ أعمل
شرط التحكيم الوارد بالعقد المبرم بين الطاعنين والشركة المطعون عليها الرابعة رغم
عدم اتصاله بالنزاع المطروح لأنه خاص بضمان التشغيل في الطيران المأذون به، والاتفاق
على منع اختصاص المحكمة التي تقع بدائرتها الجريمة والاتفاق على اختصاص المحكمة المذكورة
بالتعويض عن الجريمة قبل وقوعها غير جائز، كما لا يجوز تغيير اختصاص المحكمة بدعوى
الضمان، فتختص المحكمة التي يطرح عليها النزاع الأصلي بدعوى الضمان الفرعية، وإذا خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الطعن رفع بتاريخ 26/ 4/ 1979 قبل صدور القانون رقم 218
سنة 1980 الذي أوجب على قلم كتاب محكمة النقض طلب ضم ملف القضية بجميع مفرداتها ولم
يقدم الطاعنان صورة من العقد المبرم بينهما وبين الشركة المطعون عليها الرابعة والمتضمن
شرط التحكيم آنف الذكر فجاء هذا النعي مجرداً عن الدليل.
ثانياً: عن الطعن رقم 931 سنة 49 القضائية:
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان
ذلك يقولون أن محكمة أول درجة حكمت لهم بمبلغ 10000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية
التي لحقت بهم من جراء وفاة مورثهم آنف الذكر ولم تقض لهم بالتعويض الموروث، فاستأنفوا
هذا الحكم طالبين زيادة مبلغ التعويض المحكوم به ونعوا على الحكم الابتدائي عدم تقديره
التعويض عن الضرر الذي أصاب مورثهم غير أن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن المبلغ المحكوم
به يكفي لجبر كافة الأضرار الناجمة عن الحادث سواء ما أصابهم أو ما أصاب مورثهم فيكون
بذلك قد أساء إليهم باستئنافهم مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – فإن الاستئناف
ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف
بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط ومفاد نص المادة 235 من قانون المرافعات أنه لا
تقبل طلبات جديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها فلا يجوز
إضافة أي طلب جديد لم يكن قد أبدى أمام محكمة أول درجة إلا أن يكون هذا الطلب في حدود
الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من تلك المادة، مما لا يجوز معه لمحكمة
الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر لم يكن معروضاً على محكمة أول درجة أو أن تسوئ مركز
المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه إذ لا يضار طاعن بطعنه – لما كان ذلك وكان الطاعنون
قد قصروا طلب التعويض أمام محكمة أول درجة على ما أصابهم من أضرار من جراء فقد مورثهم
وقضى الحكم الابتدائي بالتعويض الذي قدره جابراً لهذه الأضرار, وإذ رفع الاستئناف من
الطاعنين بطلب زيادة مبلغ التعويض المحكوم به وطلبوا أمام محكمة الاستئناف تقدير التعويض
الموروث عما أصاب مورثهم من جراء الحادث وقضي الحكم المطعون فيه باعتبار المبلغ المحكوم
به جابراً للأضرار التي أصابت الطاعنين وتلك التي أصابت مورثهم ولم تكن محل طلب أمام
محكمة أول درجة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أساء إلى مركز الطاعنين باستئنافهم
ذلك أن مقتضى الحكم المطعون فيه إنقاص مبلغ التعويض المحكوم به عن الأضرار التي أصابتهم
فيكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث
باقي أسباب الطعن.
