الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1305 لسنة 38 ق – جلسة 11 /11 /1968 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 19 – صـ 945

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، ومحمود عطيفة، والدكتور/ أحمد محمد إبراهيم.


الطعن رقم 1305 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) ضرب. "عاهة مستديمة". "جريمة".
( أ ) متى يتحقق وجود العاهة المستديمة؟
(ب) نسبة العجز المكون للعاهة المستديمة. تقديرها متروك لقاضي الموضوع.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عاهة مستديمة. النزول بنسبتها إلى القدر المتيقن لا يستوجب لفت نظر الدفاع.
1 – لم يرد في القانون تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها بصفة مستديمة وبذلك فإن العاهة يتحقق وجودها بفقد أحد الأعضاء أو أحد الأجزاء وتقليل قوة مقاومته الطبيعية.
2 – لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوين العاهة المستديمة بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب، ومن ثم فإنه لا جدوى مما يجادل فيه الطاعن من أن الفتق الجراحي لا يعد عاهة ما دام أن ما انتهى إليه الحكم من ذلك إنما يستند إلى الرأي الفني الذي قال به الطبيب الشرعي وخلص منه إلى أن إصابة المجني عليه بهذا الفتق في منطقة السرة يجعل أحشاء البطن أكثر تعرضاً للصدمات البسيطة ولمضاعفات الاختناق والاحتباس المعوي وأنه حتى إذا أجريت له عملية جراحية فلا بد أن يتخلف لديه قدر من العاهة نتيجة ضعف في البطن والجلد الذي من وظيفته حماية الأحشاء.
3 – متى كان الثابت من مدونات الحكم أنه دان الطاعن عن ذات الواقعة التي أسندت إليه غير أنه نزل بنسبة العاهة إلى القدر المتيقن فيما لو أجريت للمجني عليه جراحة وتحسنت حالته كما قال بذلك الطبيب الشرعي، وليس في ذلك ما يستوجب لفت نظر الدفاع، فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة إذ نزلت بنسبة العاهة من 10% إلى 5% تكون قد عاقبته عما كان يحتمل أن يتخلف من عاهة بالمجني عليه إذا أجريت له عملية جراحية لإزالة الفتق وبذلك تكون قد عاقبته على عاهة غير التي رفعت بها الدعوى يكون على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8/ 7/ 1965 بدائرة بندر الزقازيق محافظة الشرقية: ضرب عمداً محمد نجيب عبد السلام فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقريرين الطبي والشرعي والتي تخلف من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فتق جراحي بمنطقة السرة والتي قدرت بحوالي عشرة في المائة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة، فقرر ذلك. وادعى عبد السلام عبد الحليم صالح بصفته ولياً طبيعياً على المجني عليه مدنياً بمبلغ 200 ج على سبيل التعويض قبل المتهم. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمادتين 240/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاعتداء العمد الذي تخلفت عنه عاهة مستديمة قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، ذلك بأن الفتق الذي تخلف ببطن المجني عليه لا يعد عاهة مستديمة لأنه من الممكن أن يزول إذا أجريت للمجني عليه عملية جراحية فقد قرر الطبيب الشرعي بمحضر الجلسة أنه إذا أجريت للمجني عليه عملية جراحية فمن الجائز أن يزول الفتق ومن الجائز ألا يزول ومن الممكن أن تتحسن حالته ومن الممكن أن تسوء وإذ كان الطبيب الشرعي قد ذكر أنه في حالة تحسن حالة المجني عليه بإجراء عملية جراحية فإنه تتخلف عاهة أخرى هي ضعف في البطن والجلد الذي وظيفته حماية الأحشاء وتنخفض بذلك نسبة العاهة إلى 5% وعلى هذا الأساس قضت المحكمة بإدانة الطاعن فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع إذ عاقبته على عاهة غير مؤكدة تخالف التي اتهم بها دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك كما أن الحكم انتهى إلى أن الاعتداء وقع يوم 6/ 7/ 1965 وليس يوم 8/ 7/ 1965 ولما كان المجني عليه لم يدخل المستشفى إلا يوم 9/ 7/ 1965 فإنه تكون قد مضت ثلاثة أيام بين تاريخ المشاجرة وبين اكتشاف أن المجني عليه مصاب بتمزق في أمعائه الأمر الذي يدل على أن المجني عليه أصيب في أثناء لهوه خلال الأيام الثلاثة المذكورة خصوصاً وأنه ذكر في محضر الشرطة أن الطاعن اعتدى عليه يوم 8/ 7/ 1965 بقالب طوب ولم تتخلف العاهة عن هذه الإصابة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاعتداء العمد المفضي إلى إحداث عاهة مستديمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي ولها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ودلل على توافر العاهة بقوله: "وحيث إنه ثبت من الكشف الطبي والتقرير الطبي الشرعي أن المجني عليه مصاب بالتهاب بريتوني نتيجة تمزق بالأمعاء الدقيقة من إصابة سابقة من الاصطدام بجسم صلب راض، وأثبت بأوراق علاجه أنه أدخل المستشفى يوم 9/ 7/ 1965 يشكو ألماً بالبطن على أثر ركلة وأجريت له عملية يوم دخوله لعمل شق بجدار البطن على يمين الخط المنصف حيث وجد التهاب بريتوني وثقب بالأمعاء الدقيقة وتجمع دموي بالمسارينا وخارج البريتون مقابل العامود الفقري. وتم إغلاق ثقب الأمعاء وقد تخلف عن هذه الإصابة بالبطن عاهة مستديمة هي فتق جراحي بمنطقة السرة مما يجعل أحشاء البطن أكثر تعرضاً للصدمات البسيطة كما يعرضها لمضاعفات الاختناق والاحتباس المعوي وتقدر هذه العاهة بحوالي عشرة في المائة 10% وقد قامت المحكمة بجلسة اليوم بمناقشة الطبيب الشرعي فأوضح أن المجني عليه تتخلف لديه عاهة مستديمة حتى لو أجريت له عملية جراحية وأنه في حالة إجراء هذه الجريمة فمن المحتمل أن تتحسن حالته ومن المحتمل أن تسوء ولكن هناك قدراً متيقناً هو تخلف عاهة إذا تحسنت أمورها فقد تنخفض نسبة العاهة إلى 5% بدلاً من 10% كما أوضح أن الإصابة المذكورة يحتمل أن تتخلف بالمجني عليه نتيجة الركل بالقدم ولو كانت القدم عارية وأن مثل هذه الإصابة يجوز ألا تترك أثراً خارجياً على ظاهر الجسم من الخارج كما أنها قد تستمر أياماً دون أن تصحب بأعراض خارجية ملفتة للنظر العادي كالنزيف مثلاً، كما أوضح أن الإصابة سببت قيحاً نتيجة مضاعفات الإصابة وبسبب التأخر أياماً في دخول المستشفى". لما كان ذلك، وكان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها بصفة مستديمة وبذلك فإن العاهة يتحقق وجودها بفقد أحد الأعضاء أو أحد أجزائه وبكل ما من شأنه نقص قوة أحد الأعضاء أو أحد الأجزاء وتقليل قوة مقاومته الطبيعية، كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب، ومن ثم فإنه لا جدوى مما يجادل فيه الطاعن من أن الفتق الجراحي لا يعد عاهة ما دام أن ما انتهى إليه الحكم من ذلك إنما يستند إلى الرأي الفني الذي قال به الطبيب الشرعي وخلص منه إلى أن إصابة المجني عليه بهذا الفتق في منطقة السرة يجعل أحشاء البطن أكثر تعرضاً للصدمات البسيطة ولمضاعفات الاختناق والاحتباس المعوي وأنه حتى إذا أجريت له عملية جراحية فلا بد أن يتخلف لديه قدر من العاهة نتيجة ضعف في البطن والجلد الذي من وظيفته حماية الأحشاء. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة إذ نزلت بنسبة العاهة من 10% إلى 5% فإنها تكون قد عاقبته عما كان يحتمل أن يتخلف من عاهة بالمجني عليه لو أجريت له عملية جراحية لإزالة الفتق وبذلك تكون قد عاقبته على عاهة غير التي رفعت بها الدعوى، فمردود بأن الثابت من مدونات الحكم أنه دان الطاعن عن ذات الواقعة التي أسندت إليه غير أنه نزل بنسبة العاهة إلى القدر المتيقن فيما لو أجريت للمجني عليه جراحة وتحسنت حالته كما قال بذلك الطبيب الشرعي، وليس في هذا ما يستوجب لفت نظر الدفاع. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم أنه رد الواقعة إلى أن إصابة العاهة حدثت من ركل الطاعن للمجني عليه في بطنه اعتماداً إلى أقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها، فإن ما يثيره الطاعن حول احتمال حدوث الإصابة أثناء لهو المجني عليه يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة قاضي الموضوع في تقدير أدلة الإثبات في الدعوى مما يستقل به بغير معقب ولا يجوز البحث فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات