الطعن رقم 290 لسنة 16 ق – جلسة 13 /02 /1972
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972)
– صـ 200
جلسة 13 من فبراير سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي المستشارين.
القضية رقم 290 لسنة 16 القضائية
( أ ) عاملون مدنيون "ترقية".
وجود تقارير سرية عن العامل بتقدير كفايته بمرتبة ممتاز – يغني عن أن تعيد لجنة شئون
العاملين تقدير كفايته عند الترقية.
(ب) عاملون مدنيون "ترقية".
وضع شروط للترقية من بينها ترشيح العامل من الجهة التي يعمل بها – حكمة هذا الشرط هي
الاطمئنان إلى أن هذه الجهة تقدر صلاحية العامل للترقية – تقدير كفاية العامل في السنوات
السابقة على إجراء الترقية بأعلى مرتبة – يعتبر إفصاحاً عن صلاحية العامل يغني عن الشرط
المذكور.
1 – يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه اشتمل على التقارير السرية السنوية المقدمة
في شأنه عن السنوات من 1962 حتى 1966 وقد قدرت كفايته فيها جميعها بمرتبة "ممتاز" ومن
ثم فما كانت اللجنة التي نيط بها اختيار المرقين بالقرارين المطعون فيهما بحاجة إلى
إعادة تقدير كفايته.
2 – لا وجه للقول بأن الجهة التي كان المدعي يعمل بها لم ترشحه للترقية المطعون فيها،
إذ أن الحكمة من هذا الترشيح، هي الاطمئنان إلى أن هذه الجهة تقدر صلاحية العامل للترقية
وقد أفصحت الجهات التي عمل بها المدعي – خلال المدة من سنة 1962 حتى سنة 1966 – عن
رأيها في صلاحيته للترقية وذلك طالما أنها قدرت كفايته بأعلى مرتبة في كل تلك السنوات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتحصل – حسبما يخلص من أوراق الطعن في أن المدعي أقام
الدعوى رقم 49 لسنة 21 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم، بعريضة أودعت قلم كتاب
محكمة القضاء الإداري في 12 من أكتوبر سنة 1966، وطلب في هذه العريضة "الحكم بإلغاء
القرار رقم 38 المؤرخ 21 من يونيه سنة 1966 المتضمن تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة
وكيل مديرية تعليمية بالمحافظات وإلغاء القرار رقم 43 المؤرخ 6 من يوليه لسنة 1966
المتضمن تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مفتش عام بالوزارة، مع ما يترتب على ذلك
من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواه
في إنه تظلم في 25 من يوليه سنة 1966 ثم أقام الدعوى الراهنة في الميعاد تأسيساً على
أنه يفضل كثيراً من تخطوه أقدمية وكفاية وإنتاجاً، وذكر على سبيل المثال، السادة/ ……..
و…… و…… وقد أجابت الوزارة عن الدعوى، بأن الترقيات المطعون فيها تمت من بين
شاغلي وظائف المديرين المساعدين ونظار المدارس الثانوية ذات المستويات الكبيرة والمفتشين
الأوائل للمواد ممن تتوافر فيهم صفات خاصة تراعيها الوزارة عند الترقية للوظائف القيادية
مثل قوة الشخصية وسعة الاطلاع وحسن التصرف، وقد اختارت لجنة شئون الموظفين المرقين
للوظائف المذكورة ممن قدرت أنهم أكفأ العناصر الصالحة لشغلها بما اكتسبوه من خبرة في
وظائفهم السابقة واعتمد الوزير توصيات هذه اللجنة في هذا الشأن، وأضافت الوزارة أن
المرقين لا تحرر عنهم تقارير كفاية ومن ثم فقد حددت مرتبة كفايتهم عند الترقية بما
ورد في ملفات خدمتهم وبما أبداه رؤساؤهم عنهم من معنويات، وفي رد آخر على الدعوى ذكرت
الوزارة شروط أخرى للترقية إلى الوظائف محل الطعن وهي أن يكون المرقى قد أمضى في خدمة
التعليم 24 سنة على الأقل، ومقيداً على الدرجة الثانية على الأقل وأن يكون من المشهود
لهم بالكفاية الفنية وحسن السمعة، وأخيراً أن يكون مرشحاً للترقية من الجهة التي يعمل
بها، وأشارت الوزارة إلى أن المدعي لم يرشح من الجهة التي كان يعمل بها، وأنه كان يشغل
وظيفة مدير مساعد للابتدائي بالمنوفية في العام الدراسي 1963/ 1964 ونقل منها إلى وظيفة
مفتش أول للرياضيات بالمنيا بناء على شائعات أثيرت حوله وذلك حرصاً على سمعة رجال التربية
والتعليم، وعقب المدعي على هذا الرد بمذكرة أوضح فيها إنه رقي إلى وظيفة مفتش عام بالقرار
رقم 42 المؤرخ 2 من أغسطس سنة 1967 وطالب بتعديل أقدميته في هذه الوظيفة إلى تاريخ
أول القرارين المطعون فيهما وصمم على بقية طلباته الأخرى، كما ذكر إنه لم تثر حوله
أية شائعات وأن الوزارة لم تقدم أي دليل على ما قالته في هذا الشأن. وردت الوزارة على
هذا التعقيب بمذكرة رددت فيها دفاعها السابق بيانه، وبجلسة 15 من يناير سنة 1970 قضت
محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً" وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في وظيفة
مفتش عام إلى 21 من يونيه سنة 1966، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات
وأقامت قضائها على أن المدعي يسبق في أقدمية الدرجة الثانية وفي وظيفة مدير مساعد –
ومفتش أول للرياضيات، المعادلة لها – جميع المطعون عليهم وعلى أنه لا يبين من الأوراق
أنهم يمتازون عنه كفاية ومن ثم لا يجوز أن يتخطوه في الترقية بالاختيار إذا تساوى معهم
في الكفاية باعتباره أقدم منهم، وعلى أن الوزارة لم تقدم ما يثبت قيام شائعات حول المدعي
كما أن ملف خدمته قد خلا من وجود ما يؤيد قيام هذه الشائعات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه، قد أخطأ في تأويل بالقانون وتطبيقه،
ذلك لأن المدعي والمطعون عليهم جميعاً كانوا يشغلون الدرجة الثانية، ومن ثم فقد كانوا
لا يخضعون لنظام تقارير الكفاية، فقام مقام هذه التقارير تقرير لجنة شئون العاملين
التي نيط بها اختيار المرقين، فتخطت المدعي لأنه لم يرشح للترقية من الجهة التي كان
يعمل بها – وهو أحد الشروط الموضوعة للترقية – ولما ثار حوله من شائعات أدت إلى نقله
في سبتمبر سنة 1963 من وظيفة مدير مساعد بمحافظة المنوفية إلى مفتش أول للرياضيات بمحافظة
المنيا.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه اشتمل على التقارير السرية السنوية
المقدمة في شأنه عن السنوات من 1962 حتى 1966 وقد قدرت كفايته فيها جميعها بمرتبة "ممتاز"
ومن ثم فما كانت اللجنة التي نيط بها اختيار المرقين بالقرارين المطعون فيهما بحاجة
إلى إعادة تقدير كفايته، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن أوراق هذا الملف جاءت خالية
مما يشعر بقيام الشائعات المزعومة حول المدعي أو بتأثيرها على عمله أو إنتاجه.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بأن الجهة التي كان المدعي يعمل بها لم ترشحه للترقية المطعون
فيها، إذ أن الحكمة من هذا الترشيح، هي الاطمئنان إلى أن هذه الجهة تقدر صلاحية العامل
للترقية وقد أفصحت الجهات التي عمل بها المدعي – خلال المدة من سنة 1962 حتى سنة 1966
– عن رأيها في صلاحيته للترقية وذلك طالما أنها قدرت كفايته بأعلى مرتبة في كل تلك
السنوات.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن، أن المدعي يسبق جميع المطعون عليهم في أقدمية الدرجة
الثانية، وفي وظيفة مدير مساعد ومفتش أول – المعادلة لها كما أن كفايته مقدرة بمرتبة
"ممتاز" فهو يتساوى مع المطعون عليهم في مرتبة الكفاية.
ومن حيث إن المادة 21 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 تنص على
أن "تكون الترقيات بالأقدمية المطلقة لغاية الترقية إلى الدرجة الثالثة أما الترقيات
من الدرجة الثالثة وما فوقها فكلها بالاختيار للكفاية مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة
الكفاية "وينص قرار التفسير التشريعي رقم 5 لسنة 1965 في المادة 5 منه على أن "تكون
ترقية العاملين الشاغلين للدرجة الثالثة وفقاً لنظام التقارير السرية وأما العاملون
الشاغلون للدرجات الثانية وما يعلوها فيستهدى في تحديد مرتبة كفايتهم عند الترقية بما
ورد بملف الخدمة وما يبديه الرؤساء عنهم" وغني عن البيان أن الترقية موضوع الدعوى تنطوي
تحت حكم هذين النصين باعتبار أن الترقية إلى الوظائف التي تعلو بعضها بعضاًً في الدرجة
المالية الواحدة مما يؤثر مستقبلاً في الترقية إلى الدرجات التالية.
ومن حيث إن رقابة القضاء الإداري على سلامة القرار المطعون فيه تجد حدها الطبيعي في
التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً من
أصول تنتجها مادياً أو قانونياً، فإذا كانت مستخلصة من أصول غير موجودة أو لا تنتجها
أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها مادياً لا تنتج النتيجة التي يتطلبها القانون
كان القرار فاقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه تأسيساً على كل ما تقدم، يكون تخطي المدعي في الترقية بالقرار المطعون
فيه الصادر في 21 من يونيه سنة 1966 قد وقع على غير أساس سليم من الواقع أو القانون،
وهو ما انتهى إليه قضاء الحكم المطعون فيه، وبهذه المثابة يكون الطعن فيه على غير سند،
ولذلك فإنه يتعين رفضه مع إلزام الحكومة بمصروفاته.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بمصروفاته.
